عرمان يقدم افادة شاملة حول صراعات الاسلاميين والمحاولة الانقلابية

عرمان يقدم افادة شاملة حول صراعات الاسلاميين والمحاولة الانقلابية
 (حريات)
قدم الاستاذ ياسر عرمان الامين العام للحركة الشعبية افادة شاملة حول ما يجرى فى اوساط الاسلاميين ، ولاهمية الافادة ، فاننا نترك القارئ معها دون مقدمات او تلخيص ، ونرجو ان تثير حوارا واسعاً وسط قوى التغيير .
أي نوع من البريسترويكا والغلاسنوست تحملها مجموعة إصلاح المؤتمر الوطني
طلب منى الصديق العزيز الاستاذ الحاج وراق الإجابة على بعض الاسئلة حول التطورات الأخيرة فى دوائر حزب المؤتمر الوطنى ومؤتمر الحركة الاسلامية وما تمحض عنه  والمحاولة الانقلابية أو التخريبية على حد وصف النافذين فى النظام ، وبما ان هذه القضايا ليست وليدة اليوم اوالصدفة ولها جذور عكفنا على متابعتها يوم بيوم طوال سنوات مع العديد من المهتمين ومنهم الاستاذ الحاج وراق أود ان اقول الاتى :
ما يحدث الان نتاج لرفض ومقاومة الشعب السودانى لمشروع الحركة الاسلامية المسمى بالمشروع الحضارى وتارة بالإنقاذ ، ونتاج لما تمخض عنه من فشل ذريع ، وللصراع العنيف الذى يدور داخل أوساط الاسلاميين حول السلطة والثروة ،  والمعادلة المرتبكة بين اسلاميين يرتدون قبعتين هم العسكر والامنجية واسلاميين بقبعة واحدة خارج دائرة المؤسسة العسكرية والامن ، وظلت القبضة عند ذوي القبعتين وظل أهل القبعة الواحدة كومبارس يدورون ويستخدمون من قبل العسكريين ، والجديد إنتقال الصراع مؤخراً للمؤسسة العسكرية والأمنية على نحو مكشوف ، وهى مؤسسة أوسع وأكبر من الحركة الاسلامية،  وان بدت سيطرة الحركة الاسلامية ظاهرة للعيان .
كيف تنظر لما يسمى بالمحاولة الإنقلابية ؟
لانريد الخوض هل هى انقلابية ام تخريبية ام تصفية حسابات ، هذا نتركه لاطراف الصراع الذين يقع عليهم واجب الكشف عن الحقيقة للشعب السودانى الذى يتعاركون من اجل حكمه،  فاقله ان يقوموا باطلاعه بصدق عما حدث ، رغم ان تجاربهم  بعيدة عن الصدق ، ولكن اتيحت لنا معلومات اكثر من غيرنا بسبب تعرفنا فى الفترة الانتقالية لاتفاقية السلام على الموضوعات والشخوص الذين يديرون دفة الحكم والصراع فى الحكومة .
وكما تعلم فان المؤتمر الوطنى من تجاربه السابقة استطاع ان يوقع اتفاقيات عديدة ، واعتاد تمزيق الاتفاقيات ارباً وتمزيق صف القوى الموقعة ، وكانت تلك استراتيجيته معنا وتاكد من نجاحها برحيل الدكتور جون قرنق  ، وشرع منذ اليوم الاول فى تنفيذها بشراسة ،  ولعبت الاجهزة الحزبية والامنية والعسكرية والتنفيذية والتشريعية والاعلام القدح المعلى فى ذلك ، والمفاجأة ان الحركة الشعبية حافظت على وحدتها ولفظت كل من اقترب من خط المؤتمر الوطنى ، والمفاجاة الاخرى تمثلت فى ان الحركة الشعبية تعلمت كيف تتعامل مع تيارات المؤتمر الوطنى والصراع المحتدم بينها حول قضايا السلطة والجاه واتاح لنا ذلك التعرف على نحو لصيق ومفصل ومباشر على ما يجرى .
والخلاف الاخير ايا كان شكله اصلاح ام انقلاب لم يكن الاول ولن يكون الاخير  ، وله ما بعده ، وجاء فى وقت سقطت فيه كل اوراق التوت والحيل  والتخفى خلف لافتات الاسلام والشعارات والاخلاق ، واضحى صراعاً عارياً من اجل السلطة  ، تؤخذ فيه والدة على عبدالفتاح من قبل الاجهزة الامنية ، وتشن غارات ليس فى مناطق العمليات بل على  منازل من ضحوا من اجل المشروع مثل منزل على عبد الفتاح ، وياتى من يحدثنا عن تحرير الخلاف او تبريره كانما اراد ان يحرر شيكاً طائراً .
ويستخدم كل جناح من اجنحة النظام نفس الوسائل والاسلحة المشروعة وغير المشروعة فى محاولة للعيش فى الخريف القادم ، ولكن (ام جركم ما بتاكل خريفين ) ، بالأمس استخدموا سلاح سيف الاسلام ، والآن يريد بعضهم ان يستخدم سيف الإصلاح ، وسيف التغيير ، وسيف الربيع العربى ، ولكن سيوافهم صدئت.
 يريدون كل ذلك دون القيام بمراجعات رئيسية ، ودون حتى وقفة مع النفس ، وهذا استخفاف بعقولهم وبعقول الاخرين . وعلى من يقول انه يريد الاصلاح ، ولو عبر انقلاب ان يعقد محاكمة عادلة وعلنية . والاخرين الذين يريدون محاكمة خصومهم بدعوى الانقلاب (ان وجد )، فانه فى افضل الاحوال انقلاب ضد انقلاب ولا فضل لانقلاب على الاخر إلا بالأقدمية  ! وعلى من يقولون انه لم يكن بانقلاب اقناعنا بما تم خلف الكواليس بين مجموعات المصالح المختلفة التى تبيع وتشترى بنفس العملة . لكن نريد ان نوضح موقفنا من قضية واحدة : نحن مع حق كل الموقوفين والمعتقلين اياً كانت التهم الموجهة اليهم – حقهم فى المحاكمة العادلة والعلنية .
كيف تنظر لكيفية التوفيق ما بين المبدئية وبين المرونة اللازمة لإنجاح تغيير آمن نسبياً في الموقف من المنشقين عن المؤتمر الوطني ؟ بمعنى آخر ، هناك الموقف المبدئي حول أهمية المحاسبة على الجرائم والفساد والتخريب ، وهناك من جانب آخر أهمية فتح الباب للمنشقين بحيث تعزل الدائرة الرئيسية المصرة على الفساد والإستبداد ، بما يسهل التغيير ويجعلة أقل تكلفة ؟
هذا السؤال قديم وجديد، ينطلق من اقرار مبدئى بان الحركة الاسلامية السودانية ، بما لها وماعليها ،( وما عليها اكثر)  ، جزء لا يتجزأ من النسيج السياسي السودانى، رغم انها اكثر الحركات التى عملت على تدمير النسيج الوطنى ، وكأن لها ثأر وحقد مع الشعب السودانى ، وفى اعتقادى ، مربط الفرس ان رؤية الحركة الاسلامية تقوم على الاقصاء وعدم الاعتراف بالآخر وبالتنوع ،  وترفض التداول السلمى للسلطة ، وفضلت الوصول اليها عبر الانقلاب ، ولا تعترف بالتجارب الانسانية الحديثة فى الحكم ، التجارب القائمة على سيادة حكم القانون والفصل بين السلطات ، وهى رؤية تستخدم الاسلام السياسى القائم على فقه الضرورة والميكافيلية وان الغاية تبرر الوسيلة  لفرض رؤيتها مهما كانت التكاليف والفاتورة الانسانية ، وهو ما عبر عنه الزبير محمد صالح (ان كان نتاج هذا المشروع ان يبقى ربع الشعب السودانى فلا بأس ) ، وهذه جذور مشتركة لكل المشاريع الفاشية العالمية ، من هتلر الى بول بوت ، والنتيجة واحدة .
المطلوب من الاسلاميين القيام بمراجعات فكرية وسياسية لتجربتهم قبل تحرير اى شيكات طائرة جديدة ، وعلينا ايضاً التعامل مع ذلك بجدية ، و لا نعدم المجهودات التى مضت فى هذا الاتجاه ، فقد قام بعضهم بذلك ، سواء كان ذلك بشكل كامل او جزئى ،  ورائدهم الدكتور الطيب زين العابدين الذى رفض الانقلاب مبدأ ، والتجانى عبدالقادر وعبد الوهاب الافندى وخالد التجانى وآخرين .
 كذلك معلوم ان الدكتور الترابى وحزب المؤتمر الشعبى قد قدما مرافعة جديدة مرتبطة بالعمل ، رغم ان الدكتور الترابى يدلى بتصريحات احياناً عكس مراجعاته مما يلقى ظلالاً من الشك . ولكن لدينا تجرية عملية مع المؤتمر الشعبى وقادته مثل الدكتور على الحاج وبشير ادم رحمة والمحبوب عبد السلام وكمال عمر  والراحل محمد عثمان مكى ، ونريد ان نستمر فى ذلك ، مع التأكيد على ان المراجعات الفكرية والسياسية يجب الا تكون مبرراً للإفلات من العقاب للذين ارتكبوا جرائم ، كجرائم الحرب ، ولا مبرراً لعدم المحاسبة على الفساد ، هذا يجب ان يشملنا جميعاً ، ويجب ان نصل لرؤية لاقامة العدل .
ماهو رايكم فى مجموعة الاصلاح بالمؤتمر الوطني ؟
ما يهمنا ليس تحرير الخلاف داخل الحركة الاسلامية ، فهذا امر فى أفضل الاحوال لا يتعدى الحركة الاسلامية ، ما يهمنا المراجعات الفكرية والسياسية ، وتقديم رؤية جديدة يمكن ان تساعد فى اقامة حوار على اساس من المبدئية لا الإنتهازية السياسية .
دعنا نبدأ بأكبر حدثين شكلا طعنة نجلاء لحاضر ومستقبل السودان –  وكما تعلم ان الماضى دائما ما يعيش فى المستقبل تحت الرماد – ما هو موقف هذه المجموعة من الابادة الجماعية وجرائم الحرب فى دارفور وجبال النوبة والنيل الازرق ؟ ثانيا فصل جنوب السودان مع سبق الاصرار والترصد ، وعدم تقديم اى تنازلات فى موضوع الدولة المدنية واعادة هيكلة المركز ؟ ما موقف هذه المجموعة من هذه القضايا ؟
وماذا عن موقفها من إنتهاكات حقوق الانسان ؟ وتدمير المؤسسات الاقتصادية والوطنية ؟ وتخريب العلاقات الخارجية ؟ وماهى اجندة البريسترويكا التى يقدمها دكتور غازى صلاح الدين من داخل المجلس الوطنى ، هل تشمل غلاسنوست العلنية ، هل سينجزها مع عمر البشير وبرلمان احمد ابراهيم الطاهر ؟ لماذا دفع غازى بمذكرة العشرة ضد الترابى  وشارك فيما هو أسوأ بعد رحيل التربى ؟ هل هو إصلاح فى داخل المؤتمر الوطنى كنظام الملالي  وينتهى العزاء بمرسم الدفن ؟ وبالمناسبة ماهو موقفه من قانون الصحافة والمطبوعات الجديد وهو رئيس كتلة نواب حزبه فى المجلس الوطنى ؟ وما موقفه من العلاقات الاستراتيجية بين الشمال والجنوب ،  وقد ظل يزايد على التيارات الاكثر انفتاحاً فى التفاوض ويستحق عاطر الثناء من (منبر السلام ) ؟ ! وقد صرح أهل المنبر انه واحد من المؤسسين للمنبر فى بداياته ! وما موقفه من إنهاء الحرب ، ومن الحركات التى تعتمد العمل المسلح الجماهيرى ضد سياسات المؤتمر الوطنى ؟
وما موقفه ضد جمهورية التجار الاسلامية ومن التحالف الطفيلى الذى يسمى نفسه بالحركة الاسلامية ؟ ان الموقف من قضية العدالة الاجتماعية جوهرى ، وقد شخص الدكتور التجانى عبدالقادر طبيعة تحالف الاسلاميين الحاكم الحالى ، ولم نسمع من غازى  شيئا فى ذلك ، كما لم نسمع من محموعة الاصلاح ! ماذا يريدون من القطط السمان الذين يقودون جمهورية التجارة الاسلامية ، ويخدم عندهم المتعلمون فى الحركة الاسلامية ، هل يريدون تقديم عقولهم لمصلحة تحالف التجار والطفيلية ؟ ما موقفهم من مراجعات اسلامى كدكتور الطيب زين العابدين فى قضايا الديمقراطية وهى امر لازم لمشروع اسلامى وغير اسلامى .
على الاصلاحيين ان يدركوا بواقعية ان المراجعات السابقة قد رفعت سقف المراجعات عالياً ، وليس بامكانهم ان يبدأوا من مستوى دون ذلك أو ان يقدموا عرضاً أقل . هذه قضايا وأسئلة مهمة لكل من يرفع قضية الاصلاح والحوار مع الاخرين ، ونطرحها لأنها تشكل جوهر القضايا بين قوى التغيير ودعاة الاصلاح .
ان دعاة الاصلاح ليس بامكانهم الصلاة والإستطعام فى مكان واحد وخلف امام واحد ، ذلك مرتبط بالموقف من الإعتراف بالاخر . والبرنامج الذى استظل بظله الاسلاميون طوال (23) عاما لا يعترف بالاخر فى الممارسة العملية ، واذا اردنا بناء مستقبل جديد مشترك لابد من مغادرة المحطات القديمة – هذا النظام غير قابل للاصلاح .
اُخرجت الحركة الاسلامية ،  كقميص عثمان ، بعد ان صمت الرجال والنساء على وأدها سنوات طويلة ، والسؤال ما الغرض ؟ هل هو احياء الحركة الاسلامية ام الاستيلاء على السلطة بدعوى الاصلاح الذى لا يتعدى تغيير الوجوه ؟!
ان الذى شكل جسرا للحوار بين الدكتور التربى والاخرين ، هو انه مع تغيير واسقاط النظام والبحث عن بدائل جديدة ، و نحن لا نرى اى فائدة من اعتماد تكتيكات انقلابية من اى منبر جاءت من داخل النظام اوالمعارضة ، ولن نرهن قضايا التغيير للصراعات بين مجموعات المصالح بغرض إستحداث نسخة جديدة من الانقاذ، فهذه ليست مهمتنا ، ولذا ندعو من يرفعون شعارات الاصلاح الانضمام إلى صف الحركة الجماهيرية لاسقاط النظام فى عمل جماهيرى واسع لا يرهن نفسه للانقلاب ، وفى ظل برنامج إجماع وطنى بين كافة قوى المعارضة لا يتيح الافلات من العقاب ، أو تعبئة اللبن القديم فى زجاجات جديدة (وبالمناسبة اللبن الافضل هو الجديد ، وانتقينا اللبن لاصدقائنا الاسلاميين لاسلمة مثل الفرنجة ). وكذلك على مجموعة الاصلاح الا تفكر فى تحالفات جزئية من داخل المعارضة لاستخدامها فى تغيير محدود ، لو نجح ذلك لنجح على ايام التمكين ، فالشعب السودانى مصمم على اخذ حريته ، وهو ينهض مثل العنقاء من تحت الرماد لبناء مستقبل جديد ، وعلينا جميعا ان نرجع السلطة للشعب ليقول كلمته فى ظل نظام ديمقراطى ، ان لم يحدث ذلك ستتواصل المعركة التى لم تقم لمصلحة من تحكموا (23) عاماً وفشلوا ، وهذه التحالفات الجزئية  ايضا غير مفيدة للسوادنيين والأفضل ان ننتقل من الحرب الى السلام ومن الشمولية الى الديمقراطية .
ما حدث يمكن فهمه كمؤشر على إنعطاف في توازن القوى لصالح الجماهير الشعبية ، فهل هذا صحيح ؟ وكيف يمكن وضع الإنتفاضة على جدول الأعمال ؟
نعم يشكل انعطافا ، فحتى المتواجدون فى قلب أجهزة النظام يدركون استحالة الحفاظ على الوضع القديم ، والشعب السودانى يدرك ذلك قبلهم بل ان ادراكهم المتأخر ياتى لخوفهم من ردة فعل الشعب السودانى والرفض المتعاظم لنظامهم ، وهو السبب الرئيسى فى ارتفاع أصوات من داخل النظام رأت ان السفينة توشك على الغرق ، والمجتمع الاقليمى والدولى يدرك ذلك ، وعلى الراغبيين فى الاصلاح الحقيقى تمييز موقفهم من موقف النظام فى كافة القضايا وتقديم رؤية جديدة حول كيفية حكم السودان تتجاوز التجربة البائسة لـ(23) عاماً ، والانضمام الى صف العمل الجماهيرى الواسع ، هذا يزودهم بهواء نقى خارج دائرة احاكة المؤامرات بليل لاعادة انتاج النظام  ، واعادة انتاج النظام تعني اعادة انتاج الأزمة ، وتفادى ذلك يكمن فى عمل جماهيرى سلمي واسع مدعوم بسلاح منحاز للشعب والديمقراطية وليس لإحلال قمع او شمولية بديلة .
ان البندقية التى لاتحترم ارادة الشعب ترتد إلى حاملها ، علينا جميعاً ان نبنى تحالفاً تنحاز اليه كل البنادق الراغبة فى التغيير -فى القوات النظامية والحركات الثورية – دون فرض وصاية على الشعب  ، ولبناء دولة جديدة ، وذلك لن ياتى إلا باسقاط النظام  ، وليس عبر إصلاحه فهو غير قابل للإصلاح .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *