عبد الله الاشعل :الجامعة العربية والمستثمرين العرب والدول العربية يجب أن يتبنوا موقفا واضحا وهو مساندة مبادئ القانون الدولي وليس مساندة السودان العربي ضد السودان الأفريقى؛

الجامعة ومعضلة جنوب السودان /عبدالله الاشعل

يتابع المراقبون بقلق بالغ ما يحدث بين جوبا والخرطوم، ولكننى أشك أن الرأي العام العربي قد اهتدى إلى الموقف الذى يجب أن يتخذه من هذه المشكلة، وأعتقد أن مهمة الإعلام هى تقديم المعلومات اللازمة التى يبني عليها الرأي العام موقفه، بالإضافة إلى مختلف التوجهات فى هذا الملف مع ملاحظة أن التوجهات فى كثير من الأحيان تقدم الرواية للأحداث التى تبرر هذا التوجه أو ذاك مما يختلط على المواطن البسيط. وهذه الملاحظة هى التي سادت فى الإعلام العربي لدرجة أن ما كان مطلقا فى كثير من الأمور أصبح الآن نسبيا بسبب تضارب التوجهات فما هي الفكرة أو التوجه الذى نريد للرأي العام العربي أن يأخذه فى الاعتبار عند تحديد موقفه من الصراع الدامي بين السودان وجنوبه؟

والحق أن الجامعة العربية والمستثمرين العرب والدول العربية يجب أن يتبنوا موقفا واضحا وهو مساندة مبادئ القانون الدولي وليس مساندة السودان العربي ضد السودان الأفريقى؛ لأننا لا نعترف بهذا التقسيم، ونرى أن جنوب السودان يجب أن يتأهل لكي يعيد الوحدة مع الشمال، وأن يسعى جديا مع الشمال بذلك ومن باب أولى لا يجوز للجنوب أن يكون بؤرة صديدية للإضرار بالجسد السوداني وهذا أمر يجب أن يجمع عليه العرب والأفارقة ولذلك أراد السودان أن تدعمه الجامعة باعتباره دولة عربية تم الاعتداء عليها، ولكن الجامعة سارت وراء موقف مجلس الأمن الذي دعا الطرفين إلى ضبط النفس وهذا موقف سلبي وكان يتعين على الجامعة أن تدين جنوب السودان ليس لأنه اعتدى على دولة عربية ولكن لأنه أرتكب عدوانا بصرف النظر عن الضحية لأن مناصرة السودان لأنه دولة عربية سوف يؤدي إلى مناصرة الأفارقة لجنوب السودان لأنه دولة أفريقية وهذا يؤدي إلى صراع عربي أفريقي لا معنى له.

وننصح الجامعة أن تسعى مع الاتحاد الأفريقي لتأكيد أطيب العلاقات بين الشمال والجنوب ولا يليق بالجامعة أن تكتفي بالمناشدة بضبط النفس بينما أسباب الحرب تلوح كل يوم ولابد أن تخرج الجامعة عن مواقفها التقليدية، وأن تقدم مبادرة عن الحوار العربي الأفريقى، وأن تتجاوز تداعيات الثورة الليبية فى الإطار الأفريقى. وهذا هو التوجه الذي يجب التركيز عليه من الناحية الرسمية والذى يجب أن يفهمه الرأى العام العربي. فالسودان الواحد كان عربيا أفريقيا مثل بقية الدول العربية الأفريقية ولكن الشق الذى يغلب عليه الطابع الأفريقى من الناحية العرقية قد أصبح دولة مستقلة وهذا هو الذى يصنفه ضمن الدول الأفريقية غير العربية وهذا أمر لا يدعو مطلقا إلى العداء وإنما يجب أن ينظر الطرفان إلى روابط التاريخ والمصالح وما يجمع ويوحد ويدفع للتعاون أكثر مما يدفع إلى دق طبول الحرب.

عكاظ 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *