عباقرة الكذب يواصلون كذبهم..دعوة لإقامة انتخابات موازية بالاستفادة من تقنية المعلومات لكشف زيف النظام
خالد ابواحمد
الفترة الماضية كنت قد انقطعت عن الكتابة نسبة لظروف العمل وزيادة الأعباء الحياتية لكن كان الهم الوطني يزحم ذهني كثيرا، وفي هذه الفترة فكرت كثيرا في مواجهة أكاذيب قادة الحزب الحاكم في تصريح د. ابراهيم غندور، ود. عبدالرحمن الخضر بان عضوية الحزب الحاكم 6 مليون مواطن، وفي رواية 10 مليون مواطن سوداني، وكان عندها لغة الاستفزاز واضحة للعيان، لكن مع التطورات الكونية في ثورة الاتصالات والتواصل بات من السهولة بمكان وضع الامور في نصابها الصحيح وتكذيب الحزب الحاكم بالأرقام وذلك من خلال اقامة انتخابات الكترونية باستخدام الوسائط الالكترونية والتواصلية بالتعاون مع خبراء دوليين في هذا المجال، والغرض الحقيقي ليس تكذيب النظام فحسب بل جعل المواطن السوداني يعبر عن رأيه لأول مرة بحرية تامة بعيدا عن صناديق الخج.
والانتخابات التي اعنيها ليس التصويت الالكتروني كما يحدث في البلاد المتقدمة ذلك لأن النظام الحاكم لا يُمكن من ذلك بطبيعة الحال، لكن فهمي أن تكون هناك لجنة في خارج السودان تشرف على هذه الانتخابات وتعمل على استلام نتيجة التصويت عبر الوسائل المختلفة، وليس وسيلة واحدة وهي البريد الالكتروني والرسالة النصية (SMS) والاتصالات الهاتفية ويشارك في هذا التصويت السودانيين في الداخل والخارج، على أن يكون التصويت بالاسم رباعي مع العنوان ورقم الهاتف الشخصي، ولا اعتقد بأن المسألة صعبة إن تبادر لذهن القارئ الكريم.
اولا يمكن أن يكون هناك تصويت حقيقي مباشر في دول الاتحاد الاوربي مقره (لندن) وفروع بكل عاصمة اوربية يتم من خلال صناديق الاقتراع العادية، وفي الولايات المتحدة الامريكية في كل الولايات، وفي استراليا وفي الدول الآسيوية، أما من السودان والدول العربية التي يصعب فيها التصويت يمكن المشاركة في هذه الانتخابات عبر الرسائل القصيرة (SMS) أو بالاتصالات الهاتفية، وبمراقبة دولية من منظمات حقوقية، ويكون سؤال التصويت (هل تريد بقاء حكم (الانقاذ) في السودان؟) والاجابة بنعم أو لا..
وفي الحقيقة لا يغامرني شك بأن السودانيين الشرفاء الوطنيين الذين لا يشك أحد في وطنيتهم قادرون بإذن الله تعالى على وضع هذا الاقتراح موضع التنفيذ، وذلك لوضع العالم في حقيقة ما حدث في السودان من دمار طال كافة مجالات الحياة، وأن الحاكمين لا يبالون ألبتة في مصير الشعب السوداني.
مؤتمر الحزب الحاكم
مياه كثيرة جرت تحت جسر الاحداث في السودان من آخر مقال كتبته قبل أشهر وقد حالت ظروف العمل الضاغطة دون أن اتطرق إليها ولو أن الاحداث تكررت كثيرا في الربع قرن الماضي من حكم هذه العصابة المتفلتة، لكنها أي الأحداث تختلف في الكم والكيف وقوة التأثير، لكن الثابت في كل الاحوال أن العصابة واصلت الكذب والتعنيت والقتل والاعتقالات التنكيل بالشرفاء والوطنين الاحرار، فلازالت السجون والمعتقلات تكتظ بالمعتقلين نساء ورجالا، كما لا زالت العصابة تواصل نهبها لأموال الناس بالباطل ما تبقى من مقدرات البلاد، لكن الشاهد في كل هذه الاحداث أن الكذب دائما هو سيد الموقف، كذلك الاستخفاف بعقول الناس وكأن المولى سبحانه وتعالى لم يخلق لنا عقولا نهتدي ونعقل بها.
ومن الكذبات التي راجت طيلة سنوات حكم العصابة والتي تفنن قادة الحزب الحاكم في بثها للناس التي تقول “أن جماهير الحزب هي التي تمول الأنشطة من فعاليات وانتخابات قاعدية وقيادية”، وهذا كله كذبا وتدليسا، وأن الذي أعرفه هو أن الحزب وقاعدته الجماهيرية والقيادية كلهم يرتزقون من الخزينة العامة والكثير من القيادات الوسيطة والكبيرة يعرفون ذلك جيدا، يريدون ان يصوروا للآخرين بأنهم وّرعيين وشفافييّن ونزيّهيين، وقد أثبت السنوات الـ 26 الماضية عكس ذلك تماما.
وفي التسعينات الأولى كانوا قد بدوا هذه الكذبة عندما أقاموا مهرجانات ضخمة بمناسبة الاحتفال السنوي بعيد الانقلاب المشؤوم في 30 يونيو وكانت مظاهر الصرف البذخي واضحة في جلب القواعد من ولايات السودان المختلفة بالقطارات والبصات والطائرات والاقامة في الفنادق والاستراحات الحكومية، وفي بعض المرافق الرسمية، ولم يسألهم أحد عن كلفة الاحتفالات لكن أحدهم ذكر في معرض حديث للصحافة بأن الخيريين والوطنيين قد ساهموا في تغطية كلفة الاحتفالات.
حدثني الصحفي ياسر فؤاد المفتي (عضو اتحاد الصحفيين) حاليا والزميل سابقا بأن حسين خوجلي رئيس تحرير صحيفة (ألوان) كان قد ابتعثه وزميل آخر معروف في الاوساط الصحفية اسمه أسامة يوسف وآخرين لعدد من ولايات السودان (1993-1994) ولولاية (الجزيرة) تحديدا حاملين معهم خطابات من مجلس قيادة (الثورة) تدعو فيه الجهات الرسمية هناك للتبرع للاحتفالات بـ(عيد ثورة الانقاذ الوطني)، وكان من بينها إدارة مشروع الجزيرة، واللجان الشعبية ومسؤولي الحزب الحاكم هناك، ووعدهم حسين خوجلي بنسبة يـأخذونها من المبالغ التي يتحصلون عليها، بالفعل ذهبوا لعدد من الولايات وجمعوا ما فيه النصيب، لكن الشاهد هنا حسب حديث الزميل أن كل الجهات التي تبرعت كانت جهات رسمية وليس (خيريين) كما زعمت وتزعم دائما قيادات الحزب الحاكم، لكن الامر العجيب والتفنن في الكذب وغش الناس، كان المتحصلين للمال يذكرون للمتبرعين بأن هناك فوائد كثيرة ستعود عليهم بأشكال مختلفة، وقد فهم منها هؤلاء البسطاء بأنهم موعودون بوظائف كبيرة وترقيات وما إلى ذلك، وهو ما يعني أيضا بالنسبة للمتبرعين بأن عدم التبرع أيضا له ثمن..!!.
أحد القيادات الكبيرة في ديوان الزكاة الاتحادي لا أتذكر اسمه الآن كان قد اعترض على تخصيص مبالغ كبيرة خارج نطاق المصارف المعروفة للزكاة، وتم تهديده بالسكوت وإلا سيوقف عن العمل ويبعد عن (الجنة وسقطها)، والحقيقة أن مبالغ كبيرة وضخمة جدا كانت تصرف بتعليمات من جهات عليا لتسيير (المؤتمر الوطني) وهذه حقائق لمعروفة للجميع داخل دهاليز العصابة الحاكمة.
وهذا يعني..أن المواطن المسكين المغلوب على أمره أيا كان موقعه تاجرا مغتربا استاذا مهندسا طبيبا تؤخذ أمواله بالقوة الجبرية لدعم نشاط الحزب الحاكم على مستوى الولايات جميعها، وقد بات معلوما كل أهل السودان بأن ليس هناك مبادئ وطنية يرجوها الذين ينضمون للحزب الحاكم، وأن هذه الخطوة لا يقدم عليها إلا ميتي الضمير والذين غلبت عليهم شقوتهم والذين فشلوا في حياتهم لجهلهم لأنهم عديمي الموهبة والمهنة ووجدوا في الانضمام للمؤتمر (الوطني) الفرصة السانحة، لما يوفره الحزب من امتيازات ولا سيما وأن ما يرجوه الحزب ليس أمرا صعبا ولا يحتاج لخبرات علمية او معرفية او ثقافية وانما أجساد بلا أرواح وهندام جميل ولسان سليط ينطق بالكذب وبما يتوافق ومصالح الحزب، ومن خلال صراعنا معهم عبر المواقع الالكترونية وجدنا العشرات من هذه الشاكلة التي تنشر القئ والبغضاء والعنصرية وتفضح سياسات الحزب الحاكم، وكل ما جاء الاسلام بتحريمه وابعاد الناس عنه.
المؤتمر العام للحزب الحاكم الذي انعقد مؤخرا ولا زالت تداعياته مستمرة على أرض الواقع مثل ايقونة لكل ما هو سيئ، وعكس الصورة الحقيقية لأسوء تجربة حكم مرت على السودان والمنطقة العربية والاسلامية في العصر الحديث، ويكفي أن نتائج هذا المؤتمر وما خلص إليه قد عبر عنه أمين حسن عمر، وهذا لا يمنعنا من أن نميط اللثام عن أهم وأخطر ما خرج به وتأثيره المحتمل على السودان، ومن أهم هذه المخرجات ما برز حول وحدة (الاسلاميين) وقد تابعت المؤتمر في يومه الأهم الذي تحدث فيه د. حسن الترابي، وتابعت ورصدت الفرحة في وجوه وعيون المؤتمرين، وقد عانق بعضهم بعضا فرحا بحديث الترابي الدال على أن وحدة الطرفين قد أصبحت واقعا على الارض..!!.
ومن خلال متابعتي بأكثر من قناة تواصلية ومن داخل قاعة المؤتمر ساعة بساعة زادت قناعاتي أكثر فأكثر بأن هؤلاء القوم جل تعبهم وكدهم واجتهادهم لصالح أنفسهم وشخصوهم، وليس للسودان أي مصلحة في انعقاد هذا المؤتمر، برغم أن الأوراق والتوصيات والأحاديث المرسلة والكلمات الرنانة ذكرت اسم السودان كثيرا، لكنهم يكذبون.. وفي الوقت الذي كانوا في اجتماعهم وفرحتهم كانت طائرات الانتنوف تزرع الرعب في مناطق جبال النوبة ثم قصفت المنطقة، وتم تصوير القصف بالفيديو وكان الضحايا مثل كل مرة من النساء والاطفال،..ليس هذا فحسب بل أن هؤلاء الذي طبع الله على قلوبهم وأصم آذانهم يعتقدون اعتقادا جازما وبثقة عجيبة بأن وحدتهم (وطني+شعبي) هي صمام أمان السودان، وهي الكفيلة بحل أزمة البلاد..!!.
لا يساورني أدنى شك بأن أي طفل سوداني لا يتعدى عمره الـ 10 سنوات يعرف بأن السودان يعاني من أزمة حُكم لان كل صور الحياة اليومية في المجتمع تقول ذلك في مجالات الصحة والتعليم والسياسة والاقتصاد والوضع المعيشي، وانتشار الفساد كل أنواع الفساد والموبقات، ثم يتحدثون عن (الوحدة) ولا ينظرون للدماء العزيزة التي أريقت ولا إلى الأمهات الثكالى، ولا إلى النساء الأرامل ومعاناتهم في بلد لي فيه أنظمة اجتماعية ترعى الاسرة التي فقدت معيلها، يتحدثون بفرحة عن وحدة (الاسلاميين) وقد انتهكوا العروض في مناطق كثيرة من البلاد، حتى داخل العاصمة الخرطوم واعتداءات افراد الامن على بنات دارفور في الداخليات وقصص العنف والاغتصاب وهي متاحة لمن يريد سماع صوت الضحايا، وقد ظلت اجهزة النظام تستهدف أبناء وبنات دارفور في الجامعات والمعاهد العليا بشكل عجيب وغريب، ومارست فيه ما لم يفعله جنود الاحتلال الصهيوني في فلسطين..وهذا الرابط يعكس الحقيقة المؤلمة..
http://www.alrakoba.net/news-action-show-id-168140.htm
صور الضحايا والقتلى بعيدة عن مخيلة (المؤتمر الوطني)
أحد قادة الحزب الحاكم كان يتحدث في تلفزيون السودان قبل يومين بسعادة غامرة عن النتائج (الباهرة) التي خرج بها المؤتمر، وعن التفاعل وعن الحضور الكبير وعدد آلاف المؤتمرات القاعدية وعن المستقبل المشرق للسودان في ظل قيادة الرئيس -المطلوب للجنائية الدولية- هؤلاء القوم لأنهم أكلوا المال الحرام وامتلئت به كروشهم وأفئدتهم، ولأنهم ظلموا الناس قتلا وتشريدا وتآمرا وكذبا، ولأنهم زرعوا ثقافة الكراهية واستهانوا بالآخرين من أبناء الوطن لأنهم اختلفوا معهم في الرأي فاستخفوا بوجودهم وفرطوا في حقوقهم وحقوق الشعب كله بل تطاولوا على الشرفاء والوطنيين الاحرار فسلبوا منهم الحق في الحياة، لذلك كله لم يهتدوا لما فيه الخير، ولم يوفقهم الله للوصول بالسودان لبر الأمان، وهم يعتقدون أصلا بأن السودان يمر بأزمة هي الأسوء في تاريخه الطويل، وقد أصبحت معلومة لجميع سكان الكرة الأرضية.
لكنهم مشغولون بوحدتهم حتى يقوا على ضرب المعارضين ايا كانت وجهات الاختلاف بينهم، وهذه قمة البلاهة وسوء المنقلب، والانسان السوي صاحب الضمير الحي يمكن أن يتصور بأن مؤتمر الحزب الحاكم كان بامكانه أن يخرج بتوصية تعنى بتسوية قضية دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق وإحداث تسويات انسانية ومعنوية ومالية في حق شهداء سبتمبر، والاعتراف بقتلهم وبقتل ضحايا دارفور وجبال النوبة وتقديم الفاعلين للقضاء، ومن ثم التواضع للجلوس مع القوى السياسية جميعها لايجاد حل لمشكلة السودان، لكن دائما العقول المتحجرة والقلوب القاسية التي اعتادت على اراقة الدماء بشكل شبه يومي لا يمكن أن تفكر تفكيرا ايجابيا يحقن الدماء ويرجع الحقوق لأصحابها، في الحقيقة هم لا يرون بأن الذين قتلوا في مجازرهم الكثيرة بشرا، ولا يرون أصلا أن لهم الحق في الحياة مثلما هم يعيشون ويتنعمون .!!.
والله غالب على أمره لكن أكثر الناس لا يعلمون..