شعـــبنا لا يريــد الرجــوع للـوراء
من بيده المال والسلطة والاعلام والقوانين القمعية لا بد له ان يفوز
جبهـــة قـــادة جبهـــة الشــرق يلتزمــون الصــمت
د. ابومحـــمد أبوامـــنة
تعج الساحة السياسية السودانية بكثير من الاحداث الساخنة ولعل اهمها الحوار الدائر حول شرعية سلطة الانقاذ بعد 9 من يوليو الجاري. تحركت كل الاحزاب واتخذت مواقفا واضحة تنادي بعدم الشرعية بعد هذا التاريخ, الا قادة جبهة الشرق لزموا الصمت المطبق, فهم في ولاء تام للسلطة, ولا ينوون حراك اي شيئ يعكنن مزاج الحليف, الذي اخدق عليهم الاموال, فنسوا حتي مطالب اهل الشرق الذين اتوا بهم لهذه المناصب التي يتبوؤنها الان. نسوا الدماء التي سالت علي طول الحدود الشرقية, نسوا الشهداء الذين سقطوا حاملين السلاح, رافعين راية العزة والكرامة الي عنان السماء, نسوا سنين التضال والتضحيات والعطاء. الاحداث التي تهز كل الكيانات السياسية تمر وهم يلوزون بالصمت المطلق ارضاء للسيد الذي لم يقصر في مدهم بالعطاء. هم يظنون ان النظام باقي للابد ولكن الايام ستكشف ان ساعتهم قد دنت.ـ
النظام جاء منذ استيلائه علي السلطة فبل عشرين عاما فاقدا للشرعية. فالمجرم البشير، انتزع دفة الحكم عن طريق انقلاب عسكري دموي، وخلف حكمه هذا ملايين من الأرواح في كافة مناطق السودان شرقا وغربا، جنوبا وشمالا حيث شنت ولا زالت تشن حربا لا هوادة فيها علي المواطنين الابرياء بالجيش والمليشيات لملاحقة كل المناضلين والرافضين للحكم الاجرامي,ـ فتقع فيهم تقتيلا وتعذيبا واغتصابا وحريقا.ـ
بدأ في تزوير الانتخابات قبل ان تبدأ, وسيكون هو المرشّح وهو المصوّت وهو المنتخب وكيف ولا والبلاد تمارس فيها القوانين القمعية ويتم فيها علنا شراء الذمم, وقادة جبهة الشرق خير مثال, ويتعرض المواطنين للارهاب والقتل والتصفيات والجلد, والامن يفرض السيطرة على الإعلام ويتم التضييق على العمل الحزبي والنقابي, ليواصل المجرم حكمه الي ما لانهاية.ـ
من بيده المال والسلطة والاعلام والقوانين القمعية لا بد له ان يفوز.ـ
لقد توحدت كلمة الاحزاب في عدم شرعية النظام ونادت بالتغيير وبالحكومة القومية وفي حالة عدم الاستجابة كمطالبها هددت باللجوء للشارع.ـ هذه خطوات جريئة في مواجهة دولة الطغيان والجبروت. كان يجب مواصلة مخاطبة الشارع منذ استيلاء عصابة الانقاذ علي الاوضاع وحثه علي المقاومة, لكن الشارع موه بان التحرير قادم من الخارج, وطالت السنين والنظام يكسب قوة فوق قوة علي مر السنين ونجح في تحويل الكثيرين من المعارضين الي اتباع ومتوالين ومتراضين. مخاطبة الشارع كان مصيرها التجميد لسنين طويلة.
مخاطبة الجماهير هي خطوة ايجابية لا شك في ذلك. الا ان الجماهير لا تريد العودة للوراء, الي فترة ما قبل فترة الانقاذ, فقد طرأت مستجدات علي الساحة السياسية السودانية منذ منتصف القرن الماضي, لا بد من استيعابها ووضع وزن لها. فقد قامت حركات الهامش التحررية طارحة برنامج متطورة للغاية لبناء الوطن تتمثل في التطلع لنظام حكم يتم فيه الالتزام بالنظام الديموقراطي العلماني الفيدرالي الذي يمكن أهل الاقاليم من حكم أنفسهم بانفسهم وإدارة شئونهم ولا مجال فيه لاستغلال الدين في المناورات السياسية وزرع بذور الفتن. ويلتزم باحترام حقوق الانسان والحريات المنصوص عليها في العهود والمواثيق الدولية, ويضمن مشاركة كل الاقاليم في السلطة والتوزيع العادل للثروة، ويحقق لأهل الاقاليم المختلفة إدارة شؤون مناطقهم، وذلك بتوسيع اللامركزية, وان تتم التنمية مع الاخذ في الاعتبار موضوع التمييز الايجابي للمناطق المتخلفة حتى تتم مساعدتها للوصول الى مستويات مواكبة للمناطق الاخري, ويتم فيه حل النزاع في الشرق والغرب وكل المناطق، حسب تطلعات أهلها المشروعة.
لتحقيق اهدافها حملت الحركات التحررية السلاح ودخلت في معارك ضارية ضد سلطة الانقاذ, مما اضعف السلطة وهز كيانها, مما اجبرها للجلوس للتفاوض لتوقيع اتفاقيات السلام المتعددة. وجود الحركات الاقليمية علي الساحة السياسية كقوي فعالة لا يمكن تجاهله, وعليه لابد من اشراكها في كل الخطوات التي يراد فيها توجيه الضربة القاضية للنظام الاجرامي.
شعـبنا لا يريد الرجوع للوراء.
صحيح ان السودان يمر بازمة سياسية متصاعدة وصلت الي قمتها عند استيلاء الحركة الاسلامية علي السلطة. وشعبنا ينشد السلام والاستقرار والتنمية والوحدة والحياة الكريمة، ويتطلع الي التغيير ودفع عجلة التحول الديمقراطي والسلام والاستقرار الي الامام.ـ
يستوجب هذا تحرك جماهيري مصادم, يضم كل فئات شعبنا من احزاب ونقابات وطلاب ومثقفين و قوي وحركات مسلحة, يضمهم برنامج الحد الادني يلتزم فيه ببناء الوطن علي الاسس الديموقراطية وتحترم فيه حقوق الانسان كما في المواثيق الدولية وتضمن فيه مشاركة الاقاليم في السلطة المركزية والاقليمية كل حسب كثافته, ويتم اقتسام الثروات علي اسس سليمة تلقي رضاء جماهير الاقاليم المختلفة.
يجب ان نستفيد من تجارب ثورة اكتوبر وانتفاضة ابريل حتي لا نصاب بنكسة مماثلة, يجب منذ البداية تحديد البرامج الملزمة, يجب اشراك كل القوي الحديثة والحركات المسلحة حتي لا يجد المندسون الفرصة لجرنا للوراء.ـ
يجب ان نقدم البرامج الواضحة الملزمة, حينها سينتفض الشعب ويكنس هذا النظام الجائر.ـ