«سي آي إيه» تحذر من «الإبادة» في جنوب السودان

جنديان من قوات الامم المتحدة يراقبان معسكرا للنازحين في ابيي - رويترز
جنديان من قوات الامم المتحدة يراقبان معسكرا للنازحين في ابيي - رويترز

«سي آي إيه» تحذر من «الإبادة» في جنوب السودان
قالت إن الاشتباكات ستبدأ في منطقة أبيي الغنية بالنفط
واشنطن: محمد علي صالح
بعد تصريحات الرئيس باراك أوباما بأن عرقلة الاستفتاء المتوقع أن يجرى في جنوب السودان في يناير (كانون الثاني) المقبل ربما ستكون سببا في مجازر تقتل الملايين، نقلت مصادر أميركية على لسان مسؤول في وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) أن جنوب السودان «منطقة من مناطق العالم الأكثر تعرضا لخطر القتل الجماعي أو الإبادة الجماعية العام المقبل». وأن الاشتباكات ستبدأ في منطقة أبيي، على الحدود بين الجنوب والشمال، حيث آبار النفط المتنازع عليها بين الجانبين.

في الوقت نفسه، شن الممثل السينمائي الأميركي جورج كلوني، من قادة منظمات أميركية معادية للرئيس السوداني عمر البشير، الذي عاد مؤخرا من زيارة إلى جنوب السودان، وكان قابل الرئيس باراك أوباما بعد عودته، هجوما عنيفا على البشير، واتهمه بارتكاب «جرائم الحرب والإبادة الجماعية في دارفور». وقال إن البشير يقدر على أن يكرر الشيء نفس في جنوب السودان إذا قرر الجنوبيون الانفصال في الاستفتاء المقبل.

وقال كلوني إنه خلال زيارة وفده إلى جنوب السودان، «وجدنا أن نظام البشير يبذل كل ما في وسعه لتقويض الاستفتاءات، على أمل أن يؤجل أو يلغى».

وأشار مراقبون في واشنطن إلى أن الولايات المتحدة والمجتمع الدولي بدأ، في وقت متأخر جدا، العمل للحيلولة دون اندلاع حرب في جنوب السودان، مثل التي اندلعت في دارفور قبل خمس سنوات. في ذلك الوقت، قاد الممثل كلوني ومنظمات يتحالف معها الحملة التي أوصلت الرئيس البشير إلى محكمة الجنايات الدولية، التي أمرت باعتقال البشير.

كما قال هؤلاء إن مذابح دارفور يجب أن لا تكون مثل مذابح رواندا والصومال وإثيوبيا والكونغو وسيراليون. والآن، يقولون إنه لا بد من التحرك مسبقا حتى لا تقع مذبحة مماثلة في جنوب السودان.

وقال كلوني، في رأي كتبه في صحيفة «واشنطن بوست»، بالاشتراك مع جون برندرغاست، مدير مركز «إيناف» (كفاية) في واشنطن، الذي أيضا ظل يقود حملة ضد الرئيس البشير، وكان رافق الممثل كلوني إلى جنوب السودان: «الولايات المتحدة لديها فرصة فريدة لتجنب الحرب والفظائع». وقال إنه، بعد عودته من جنوب السودان، تحدث إلى عدد من زعماء الحزب الديمقراطي والجمهوري، وإن جميعهم وافقوا على وجوب بذل مزيد من الجهود لمنع مزيد من الصراع في السودان.

ونقل كلوني على لسان مسؤولين في وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) أن الوكالة تتوقع أن يكون جنوب السودان «منطقة من مناطق العالم الأكثر تعرضا لخطر القتل الجماعي أو الإبادة الجماعية في العام المقبل». وأن الاشتباكات ستبدأ في منطقة أبيي، على الحدود بين الجنوب والشمال، وحيث آبار النفط.

وكان كلوني ومرافقوه زاروا منطقة أبيي. وأشار إلى مقابلته لزعيم قبيلة الدينكا هناك، ووصفه لما سماه «هجوم الجيش السوداني والميليشيات المتحالفة معه قبل عامين على بلدة أبيي وحرقها كلها». وأشار كلوني إلى زيارة «مقبرة جماعية دفن فيها المئات من القتلى في أبيي». ونقل تصريحات لزعيم الدينكا هناك قال فيها: «نحن مستعدون للموت في سبيل أرضنا». وقول طالب جنوبي: «لقد عانينا كثيرا لفترة طويلة. والنفط هو هدية لمعاناتنا، ولا يمكن أن نعطيه لغيرنا. ونحن نريد النفط ونريد الحرية ولن تقدر أي قوة على منعنا من ذلك».

واتهم كلوني الرئيس البشير بالاستعداد لشن «حرب حقيقية، وليس هجوما خاطفا» في أبيي هذه المرة، وذلك بالاشتراك مع «قوات ميليشيا مثل التي استعملها في دارفور». وأشار إلى أن حاكم ولاية جنوب كردفان، حيث منطقة أبيي، هو أحمد هارون الذي أدانته محكمة الجنايات الدولية بتهم الإبادة وجرائم الحرب في دارفور.

وقال كلوني إنه حذر الرئيس أوباما من أنه «لفترة طويلة يوجد قلق وسط السكان الدينكا في أبيي من أن أصواتهم في الاستفتاء المقرر يمكن أن تغرق وسط أصوات الجماعات الشمالية (قبيلة المسيرية العربية) الذين يعاد توطينهم في المنطقة من قبل حكومة الخرطوم»، وإنه اقترح على أوباما «صفقة كبرى» نحو السودان، من شأنها أن تعالج كل القضايا، مثل احتمالات التقسيم، وشروط التصويت في الاستفتاء، وتقسيم الثروة النفطية، وترسيم الحدود، والمواطنة، والعلاقات المستقبلية مع الولايات المتحدة. وأن يكون ذلك بالتعاون مع الاتحاد الأفريقي والشركاء الآخرين.

وبطريقة ما، أثنى كلوني على الرئيس البشير، وقال: «البشير ورفاقه يريدون علاقات طبيعية مع الولايات المتحدة، وبعض عائدات النفط من الجنوب، ووضع حد للعقوبات ضد السودان، وقدرا من الحماية من اتهامات المحكمة الجنائية الدولية ضد البشير»، وأضاف كلوني: «النظام في الخرطوم ليس مثل الذي في طهران، ولا مثل الذي في بيونغ يانغ. يريد البشير القبول، ويريد الشرعية. ويمكن للولايات المتحدة وشركائها تكثيف التحركات الدبلوماسية للتأثير على حسابات البشير، في أن يشعل الحرب في جنوب السودان، ويعاقب أكثر، أو تقدم له إغراءات من أجل السلام في الجنوب، وأيضا في دارفور».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *