زعيم أول تمرد جنوبي لـ «الشرق الأوسط»: إمبراطورية «كتشنر» انتهت الآن
كارتر يلتقي البشير.. ومبيكي: سنقبل الدولة رقم 54
جوبا: مصطفى سري
قال نائب الرئيس السوداني الأسبق، وأول من قاد حركة تمرد في جنوب السودان (أنانيا) جوزيف لاقو، إنه سعيد للغاية لقرب يوم التصويت على الدولة الجديدة، مشيرا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن الوحدة بين الجانبين يمكن أن تحدث يوما ما، لكن ذلك رهين بما يخطوه الشمال نحو الجنوب. وبينما أشاد الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر بعمل لجنة الاستفتاء وتغلبها على «الصعوبات الكبرى» التي واجهتها في الإعداد للاستفتاء المقرر غدا الأحد بشأن حق تقرير مصير جنوب السودان، أكد رئيس جنوب أفريقيا السابق ثابو مبيكي أن الاتحاد الأفريقي سيقبل الدولة رقم 54 إذا قرر الجنوبيون التصويت للانفصال.
من جهته، قال لاقو إن السودان القديم لم يتم بناؤه بشكل جيد، حيث لا مساواة ولا عدالة. وتابع «هذه هي نهاية إمبريالية كتشنر (قائد بريطاني في السودان) الذي جاء إلى السودان بقوات بريطانية ومصرية، واستوعب بعض القبائل العربية في السودان». وقال لاقو الذي قاد التمرد الأول في فترة الستينات إن الحكم البريطاني قسم السودان إلى ثلاث مجموعات على أساس اللون، المجموعة الأولى الإنجليز وهم المحتلون، المجموعة الثانية المصريون وكانوا مع الغزاة لاحتلال السودان، والمجموعة الثالثة الشماليون الذين تم استيعابهم مع الغزاة في الوظائف وتجنيدهم في الجيش». وتابع «أما بقية السودان من أمثالنا فلم يحسبهم كتشنر، وورث الحكام الوطنيون تركة المستعمر بذات الاستعلاء. والاستفتاء نهاية للورد كتشنر وأتباعه». لكنه رهن عودة السودان متحدا على الشماليين. وقال إن الجنوبيين مستعدون لعلاقات جيدة مع الشمال، وهم جيران مثل دول أخرى تجاور الجنوب. وأضاف «زوجتي شمالية من ناحية والدها، وأمها جنوبية، وكان هذا جزءا من الاندماج بين الشمال والجنوب». وقال إن الدولة الجديدة في الجنوب لها مستقبل كبير، وإن الجنوبيين يستطيعون بناء دولتهم حتى ولو من الصفر. وأضاف «المستعمر عندما خرج من السودان لم تكن هناك طرق في الخرطوم نفسها، والطريق الرئيسي الذي يربط الخرطوم والجزيرة وسط البلاد من فترة الحاكم عبود». وقال لاقو إنه لن يترشح إلى منصب رئيس الجنوب بعد الانفصال في الانتخابات، وسيصبح داعما للدولة الجديدة بنصائحه وخبراته. من ناحيته، قال وزير التعاون الإقليمي في حكومة الجنوب دينق ألور، لـ«الشرق الأوسط»، إن مشاعره لتنفيذ الاستفتاء كبيرة وعظيمة. وأضاف أن الاستفتاء نتيجة نضال وصراع طويلين، وتابع «نتمنى أن تأتي نتيجة الاستفتاء لصالح المواطن الجنوبي حسب اختيار الأغلبية، والمهم أننا توصلنا إلى هذه المحطة بغض النظر عن النتيجة».
من جهته، قال ريك ماشار، نائب رئيس حكومة الجنوب، في تصريح صحافي أمس الجمعة، إن كل شيء بات جاهزا لإجراء «استفتاء سلمي وتاريخي». وأضاف ماشار الذي كان من أوائل القادة الجنوبيين المنادين بالاستقلال «حانت الساعة التي ستتيح للجنوبيين ممارسة حقهم في تقرير المصير عبر هذه العملية الديمقراطية».
ويحظى هذا الاستفتاء باهتمام عالمي واسع، خصوصا من قبل الولايات المتحدة التي أرسلت السيناتور جون كيري الذي أعلن من الخرطوم الأربعاء الماضي أن تصريحات الرئيس السوداني «مشجعة جدا». وكان من المتوقع أن يصل أمس الجمعة إلى الخرطوم الموفد الخاص إلى البيت الأبيض سكوت غريشن.
وسيشارك مراقبون من هيئات الأمم المتحدة والجامعة العربية والاتحاد الأفريقي وهيئات مجتمع مدني في مراقبة الاستفتاء، خصوصا من مركز جيمي كارتر. وأشاد الرئيس الأميركي الأسبق كارتر أمس بعمل مفوضية الاستفتاء، وقال بعد لقائه رئيسها محمد إبراهيم خليل، ورئيس جنوب أفريقيا السابق ثابو مبيكي «لقد واجهوا صعوبات كبرى مع تأخر اختيار الأعضاء ومع مشكلات في التمويل. لذلك نسعد بتهنئة الدكتور خليل وفريقه». وردا على سؤال عن إمكانية تجدد العنف إذا ما اختار جنوب السودان الانفصال، قال كارتر إن التصريحات الأخيرة للرئيس السوداني عمر البشير أشعرته بالاطمئنان. ومن المقرر أن يلتقي كارتر البشير اليوم قبل توجهه إلى جوبا غدا. وقال كارتر «قبل شهر كنا نشعر بقلق شديد. إلا أن التطورات الأخيرة كانت مشجعة جدا، خاصة تعليقات الرئيس البشير»، مضيفا أن «تقديراتنا الحالية لعملية الاستفتاء إيجابية جدا».
وكان مجلس الأمن الدولي رحب ليلة الخميس – الجمعة بإعلان الرئيس السوداني ورئيس حكومة جنوب السودان أنهما سيعملان على ضمان إجراء الاستفتاء.