رئيس حركة تحرير السودان — جناح السلام لـ “الشرق”:نترقب من منبر الدوحة حلاً شاملاً لقضيتي دارفور ووحدة السودان
اتجاه استعجال الانتخابات أو تأجيل المفاوضات إلى ما بعدها يعقد الأزمة
دخول الاحزاب للانتخابات تكتيكي وإذا خسرت تتحجج بوجود فوضى وتزوير
الخرطوم ـ فتحي العرضي:
شدد إسماعيل الأغبش رئيس حركة تحرير السودان ـ جناح السلام على ضرورة شمولية الحل للوضع في دارفور، وان يكون منطلقا من ارض الواقع تجنبا للفشل الذي حدث في ابوجا. وقال في حديث لـ”الشرق”: إن مفاوضات سلام دارفور بالدوحة وفقا للمنهج الذي تنتهجه الآن في عملية التفاوض لن تقود الى حل اذا ما أصرت بعض الحركات على اقصاء الآخرين، محذرا من ان التفاوض الحالي ربما يستنسخ أبوجا ( 2 )، وان ابوجا تم توقيعها لمبررات محددة اقلها كان الحد الادنى للصراع الموجود في الاقليم. واضاف: إن ظروف ابوجا تختلف عن ظروف الوضع الحالي للحركات التي تتفاوض في الدوحة لسعيها اقصاء مجموعات دون الاخرى، وإن ذلك لن يفضي الى حل محذرا من الخطأ الذي تمضي فيه الحكومة، واكد أن الوسيط القطري قام بما عليه من استضافة ومن جهود وهو يسعى للحل مع الاطراف المعنية، ولكن غياب المنهجية للوصول الى الحل يصعب الامر حتى تصل المفاوضات الى السلام المنشود، وشدد على ضرورة ان اطراف الحل لا بد ان تشمل كل مجموعات الصراع في دارفور لأن الصراع في الاقليم سياسي فجرته مجموعة من الحركات المسلحة ونحن جزء منها لاننا حملنا السلاح للتعبير عن قضية سياسية لاقليم شأنه شأن الاقاليم الاخرى، التي تعاني من التهميش والتخلف.. هذه القضية في بدايتها كانت مشروعا سياسيا، الا ان هذا المشروع الآن انحرف، من مشروع سياسي الى مشروع قبلي، وإثني.. ساعدت فيه عوامل كثيرة جدا منها الحكومة التي ساعدت في ان يبقى المشروع قبلياً، وتمكنت من ان تضع يدها على الحركات وان تدير الصراع بقلبه لها.. واتهم الاغبش المجتمع الدولي في اطالة امد الصراع لأجندة تخصه، وقال: المجتمع الدولي ايضا يرغب في استمرار الصراع لوجود اجندة تخصه وان الحركات المسلحة أسهمت في ذلك. واستعرض الاغبش الصعوبات التي واجهت ابوجا ( 1 )، وقال: إن الحركات قبلت بالجلوس الى طاولة المفاوضات، وان الوساطة حينها كانت ترغب في الوصول الى حل بأي شكل من الاشكال، حتى يضاف الى رصيدها ويقال انها توصلت الى حل.. اي كان شكليا واصبح تعقيد القضية ناتجا من هنا، فأنت لا تستطيع ان تحدد من هم اطراف الصراع؟ ما هي القضية السياسية التي اصلا يتصارعون حولها؟. وقال: هناك مجموعات في الاقليم كانت تقف على الحياد هي ليست مع الحركات ولا مع الحكومة وفي لحظة من اللحظات وجدت نفسها في مواجهات، وانها لا بد ان تدخل الصراع للدفاع عن نفسها وان تكون موجودة اذا كانت استخدمتها الحكومة او قاتلت بطريقة او باخرى اصبحت هي جزءاً من الصراع، وحتى نستطيع أن نعالج الأزمة لابد لكل أطراف الصراع الذين أسهموا في خلق المشاكل الامنية ان يكونوا جزءاً من معادلة الحل لأن جذور الصراع في حد ذاتها معروفة وممتدة منذ بداية النهب المسلح امتدادا للصراعات القبلية والتأثرات القبلية والاحتكاكات التي تحدث هنا وهناك. كل هذه العوامل تم توظيفها توظيفا سياسيا لخدمة الحركات، سواء كان ذلك من قبل الحكومة او القوى السياسية التي كان لها دورها السالب ايضا. واكد الاغبش أن إعادة قضية دارفور بمحاورها الثلاثة ” السياسي والاقتصادي والأمني ” يتطلب إعادة ترتيب، اذا كانت الدوحة تريد ان يفضي السلام المقبل الى حل يصبح حلا لمشكلة دارفور وحلا لمشكلة السودان كله، واذا أردنا تحقيق وحدة السودان يجب ان ننظر الى قضية وحدة السودان من خلال حل قضية دارفور، فإن المنهج الذي يمضي الآن سيعقد الازمة لان هناك اتجاها في المسألة التفاوضية يميل الى التأجيل الى فترة ما بعد الانتخابات، وهذا بدوره يؤدي الى أزمة أكبر، غير معروفة ابعادها، اما الاتجاه الثاني فيرى القبول بأي اتفاق على عجل حتى يقطعوا بها خطوة الانتخابات، وقد تتجه الأطراف أو الحكومة الى التوقيع مع المجموعات مثل المجموعة الثورية في ليبيا او مجموعة ابوجا او مجموعة انجمينا، وإن كل إشراقة صباح تظهِر لنا مجموعة جديدة، وهنالك مجموعة طرابلس وهناك مجموعات تتجمع الآن في انجمينا للتوحد واللحاق بركب الدوحة، ومجموعات أخرى في أديس أبابا هي نفس المجموعة رجل هنا واخرى هناك، والغريب أنها ذاهبة في اتجاه واحد أي انها جميعها “مجموعة الفور” و”مجموعة طرابلس” تضم المجموعات الاخرى مثل المساليت والحركات العربية وغيرها، وهذا منهج خاطئ، والاتجاه الثاني يسعى الى توقيع اتفاق قبل الانتخابات ليقطعوا به مشروع الانتخابات، ونحن الآن وقعنا اتفاق ومشروعية انتخابات دارفور، وترضية هذه الحركات سواء أكانت بمناصب تشريعية او دستورية منهج خاطئ، فالاتجاهان اتجاه استعجال الانتخابات يعقد الازمة، واتجاه تأجيل المفاوضات الى بعد الانتخابات هذا ايضا يعقد الازمة، لأن الانتخابات وما بعدها ستشكل حكومة جديدة وواقع جديد وبعد ذلك سيكون هنالك استفتاء، وبذلك سيكون تأجيل القضية الى فترة بعد الاستفتاء. ونحن كانت رؤيتنا واضحة في كيفية الوصول الى القضية اولا، وقضية دارفور لابد ان تكون مربوطة بقضية السودان الكبرى وهي قضية السلام عبر اتفاقية نيفاشا التي جاءت بالانتخابات والاستفتاء وتقرير مصير السودان الواحد او دولتين، هذا بدوره مربوط بحل مسألة دارفور، وقضية الوحدة تؤدي الى ازمة وصراع نحن لا نتوقع ماذا سيكون شكل السودان.. لا نستطيع ان نتخيل سودانا صوماليا ام سودانا افغانيا ام سودانا عراقيا كل هذه السناريوهات ستكون مشكلة، لأنه سيكون هنالك وجه آخر للواقع اليومي في هذه المسألة، ونحن عندما نأتي لا بد ان يكون ذلك مربوطا بمسألة الانتخابات بالضرورة.. لا بد من تأجيل الانتخابات، وهذا لا يضير أن يتم تأج
يل الاستفتاء، وهذا يقودنا الى المحور الثاني، الانتخابات والاستفتاء بقضية دارفور وقضية الجنوب لان قضية الجنوب مربوطة الآن بقضية الانتخابات ومربوطة بالاستفتاء والتواريخ التي اقرها المجلس، أن يناير القادم هو استفتاء شعب الجنوب.. كل هذه القضايا مربوطة بعضها مع البعض،
الانتخابات لن تتم الا بعد اربع سنوات،
ــ مقاطعتكم هل تتوقع ان تحرم جزءا كبيرا من شعب دارفور في اختيار حكامه واختيار ممثليه في البرلمان؟
الآن اذا حسبتها بحسابات الناخبين.. الواقع الآن ان هنالك تغيبا لسببين: 70 % من أهل دارفور والموجودين في البرلمان.. الآن تمثيل لتوازنات أو اتفاقيات لمعالجة الوضع الاستثنائي، ونحن لا نقيس عليه ولكن نتكلم عن الوضع القادم الذي يقام عبر انتخابات حرة ونزيهة يتم فيها تمثيل حقيقي للشعب الحقيقي، لأن هنالك قوة حقيقية تمثل الحركات، هي الآن خارج ـ حتى حركة تحرير السودان بقيادة مني اركو مناوي ـ هي الآن لا تشارك في الانتخابات، وحركتنا “تحرير السودان جناح السلام” أيضا لا تشارك في هذه الانتخابات، والحركات الموقعة على الاتفاق”اتفاق أبوجا ” اذن لم تشارك وهي تتمتع بوجود قبول في الشارع، والسؤال كيف تتم معالجة هذه الاشكالية؟، هل ستكون معالجات معينة، وما هو شكل هذه المعالجات، هل ستكون بإخلاء بعض المقاعد ليتم تعيينهم، وهذا هو الخلل الذي سيتم.
ــ ماذا قدمتم لأهل دارفور بحملكم للسلاح، خاصة وأن الانسان الدارفوري الآن أصبح يستجدي طعامه من المعونات، بعد ان كان يداً عليا حفرت آبار علي لضيوف الرحمن، وقدمت سلطنة دارفور كسوة الكعبة؟
**القضية من بدايتها هي قضية سياسية الاقليم يعاني من التهميش والظلم سواء كان على مستوى تقسيم السلطة أم الثروة، هذا مشروع انحرف وتطرف، وأسهمت فيه عوامل كثيرة مثل المجتمع الدولي والحكومي وحتى قيادات الحركات انحرفت عن هذا المشروع. وهو الأمر الذي أزّم الاقليم وانسان الاقليم، واصبح الآن ليس هنالك مشروع سياسي يعبر عن انسان دارفور.
ــ ترددت أنباء عن فتح معسكرات لعرب دارفور، ما مدى صحة ذلك؟
** ليس هنالك معسكرات فتحت، والعرب في الاقليم ليسوا في حاجة لفتح معسكرات، وهم قوة موجودة في ارض الواقع، يستطيعون ان ينتزعوا حقوقهم، ولكن الحديث عن احتمال إقصائهم وتجاوزهم في كل منابر الحل والتفاوض، وعن تجاوزهم في وضع تصور لمحاور السودان، حينها ستكون لديهم الخيارات، لانه من غير الممكن ان يكونوا موجودين في وطن يمثلون فيه عمقا وثقلا تاريخيا واجتماعيا وسياسيا ويتم تجاوزهم. هذا التجاوز والإقصاء لا بد من ان يكون لديه مردود، وهذا المردود تحكمه الظروف والمعطيات في وقتها، ولكن أيا كان لا يستطيع ان يتجاوزهم.
ــ لماذا لم تتحولوا الى حزب سياسي، وإلى المشاركة في الانتخابات المقبلة؟
** حركة تحرير السودان قبل فترة أي قبل ان تتحول الى حزب سياسي، والحركات الدارفورية التي وقعت اتفاق “أبوجا” على مراحل، وانها جزء من الواقع لذلك الحديث بوضوح حتى تفضي الى حل حينما تم التوقيع على الاتفاقية والتي لديها محاور امنية محاور اقتصادية ومحاور سياسية. تم تنفيذ المحور السياسي فقط وهو متعلق بالسلطة وتم استيعاب كل هذه المجموعات في السلطة. أما فيما يتعلق بالمحاور الاخرى فلم يتم تنفيذها.. تحديدا المحور الامني، والترتيبات الامنية أسهمت الحكومة في عدم تنفيذها بجانب المجتمع الدولي، وبعض الحركات. بالاضافة للانقسامات، ونحن كحركات نتوقع ان هذه الانقسامات أسهمت في عدم الوصول الى حل، وحتى نحن لم نستطع ان نوفق اوضاعنا حتى على مستوى مجموعتنا، وهنالك مجموعة منا تم استيعابها ودمجها في حركات اخرى.. في مجموعات اخرى حاملة السلاح، هذه عوامل كثيرة جدا لم تمكنا من ان نتحول الى حزب سياسي، و نحن كحركة احتجاجية حملت السلاح لمشروع سياسي، ولم يتم توحيد هذه الحركات وإعادة توحيد الخطاب السياسي والمشروع السياسي.. حتى الحركات التي انشقت الآن ليس لديها مشروع سياسي.
ــ لماذا أسميت الانتخابات القادمة بالمهزلة؟
** رفضنا المشاركة في الانتخابات لأن هنالك خلافا حول السجل الانتخابي والتعداد السكاني بدءا من الحركة الشعبية مرورا بمجموعات النازحين واللاجئين ما تم تضمينهم، والاتفاقية في قانون الانتخابات ابعدوا اللاجئين، هذه واحدة خلقت ازمة، والثانية هنالك خلاف حول الدوائر الجغرافية والمرحلة الثالثة هنالك خلاف حول السجل الانتخابي.. كل هذه الخلافات ستقود الى فوضى.. وهذه الفوضى نحن لن نشارك فيها. وخلافات المؤتمر الوطني وخلافات الحركة الشعبية تزول مستقبليا.. صراعات قبلية وصراعات إثنية هذه كلها ستقود الى فوضى.. الانتخابات بشكلها ستؤدي الى انفصال الجنوب وستخلق ازمة.
ــ هل تتوقع أن تحدث فوضى خلال الانتخابات المقبلة؟
** المؤشرات بداية من النقاط الثلاث التي ذكرتها.. الخلاف حولها، والخلاف الثاني المنهجية، منهجية الاحزاب خاصة حزب المؤتمر الوطني فمنهجه في ترشيح عدد كبير جدا من قواعده وكوادره، بدليل ان عددا كبيرا منهم رشحوا كمستقلين بدفع من قبائلهم، يعني انهم تركوا انتماءهم الحزبي واتجهوا الى النظام القبلي.. ومعروف ان الاتجاه العرقي يؤدي الى ازمة. اما الاتجاه الثاني فإن الاحزاب في حد ذاتها لم تكن مستعدة لدخول الانتخابات، ودخولها المفاجئ هو دخول تكتيكي، فاذا خسرت فستقول: ان هناك فوضى، وتزوير وغيره، وستخرج الى الشارع وتخلق فوضى، بهدف دخولها للمفاوضات، ليس دخولا من اجل اجندة سياسية، لأنه دخول تكتيكي لخلق ازمة، وهو لا يرتضى، حتى الآن ليس هنالك تنظيم سياسي، أعلن انه سيلتزم بنتيجة الانتخابات.