دور تشاد المتنامي في الساحة الاقليمية

دور تشاد  المتنامي  في الساحة الاقليمية

مفيد جدا ان ينظر الأنسان الي الماضي كي يأخذ منه الدروس والعبر ومفيد جدا ان يتأمل الأنسان هذه الدروس ويتعظ من هذه العبر كي يحدد معالم المسيرة بوضوح أكثر ولكي يوطد العزم علي تحقيق أهدافه بإرادة لا تغلب .  دور تشاد في الساحة الاقليمية والذي نحن بصدد الحديث عنه ,نود  برفقة  القاريء في نزهة  قصيرة حول تاريخ تشاد الحديث, كيف كانت هذه الدولة ؟ وكيف صارت اليوم؟.   عرفت تشاد لغاية نهاية التسعينات من القرن الماضي  كانت  بؤرة المشاكل  ومادة  دسمة جدا في وسائل الاعلام وعلي كافة  المنابر الدولية والاقليمية ولم يخلو مؤتمرا دوليا والأ كانت تشاد  حاضرة, ومشاكلها علي طاولة, وعانت هذة البلاد  من حروب طاحنة  وصراعات قبلية مدمرة علي السلطة وظهرت جماعات وفرق مشاغبة كثيرة, وهي كانت ضحية في الصراع الدولي وهنالك اسباب كثيرة ولكن السبب في تقديري  عجز القوي الوطنية التي آلت اليها امور البلاد بعد الاستقلال عن أداء دورها التاريخي لأن الذين كانوا في السلطة أمثال جبرائيل ليزت وأنقرتا تمبلباي وفلكس مالوم وكوكوني ودي وحسين حبري لم يفكروا أبدا في كيفية إنهاض البلاد أقتصاديا وأجتماعيا وحل قضايا الأنسان, بقدرما فكروا كيف يوضع الشعب التشادي في قبضتهم وذلك بسبب قصورهم الذاتي او بسبب التضارب ما بين سلوكهم الجهوي القبلي الضيق. الي أن أشرق   فجر جديد وظهر شاب من وسط الجماهير  ومن معاناة الشعب وهو  العقيد الطيار ادريس ديبي  الذي  ثار ضد الطغيان ونجحت الثورة   وتولي  علي السلطة في نهاية ديسمبر عام 1990 بعد فرار من كانوا في السلطة كالحمر مستنفرة فرت من قسورة.  وبدأ بصورة جادة في مواجهة كافة  التحديات التي تواجه بلاده  بوضع الأولويات  وسياسات رشيدة وحكيمة  وسرعان ما تحققت إنجازات أقتصادية في الأرض , ساعدته في معركة محاربة قضية التخلف الاجتماعي والأقتصادي وضرورة أجراء التحول المطلوب بأسرع السبل وأكثرها عطاءا من حيث إشاعة العدالة الأجتماعية وتأكيد أنسانية الأنسان بعيداعن الجهوية والمحاباة  ومنذ ذلك الحين تعافت تشاد من مشاكل التي كانت تواجها واصبح الرئيس إدريس ديبي اتنو  رمز الامة الذي تعقد عليه آمالها وتطلعاتها والذي ترتبط  به الجماهير برباط وثيق من الثقة والمحبة والأقتناع بقدرته علي جمع شمل كافة طبقات الشعب في وحدة وطنية وسار بهم في طريق الحرية وقبول الرأي الآخر والتعددية الحزبية والديمقراطية والتنمية المتوازنة . ثم محاربة الثالوث الجهل والمرض والفقر وذلك بإنشاء آلاف المدارس والكليات والمستشفيات وربط تشاد بشبكة الطرق ومنح قروض متيسرة لشرائح الفقيرة في المجتمع لمجابهة ظروف الحياة .و وقف ضد  ممارسة القبلية السياسية والجهوية. وبدأ في تطوير ورعاية  مجتمع ديمقراطي رشيد يكون بمنزلة القدوة لكثير من الدول النامية الأخري , وإقامة مجتمع ناضج حر متسامح يحيا فيه التشاديون من كل لون وعقيد ة ويتمتعون بممارسة عاداتهم واعرافهم وثقافاتهم ومعتقداتهم بمنتهي الحرية مع شعورهم بأنهم ينتمون الي نسيج أمة واحدة . وفجر ما في الأرض من الكنوز كالنفط والذهب ومعادن  نفيسة أخري , وطورت ونمت اقتصادها  وإمتلكت تشاد  قرارها عملا بمبدأ ( من لا يملك قوته لا يملك قراره)  وقد ظهر ذلك جليا للأعيان عام 2006 م حينما تم طرد كبري شركات البيترول(  شيفرون وبتروناس واكسون)   لأنهم لم يتقيدوا بقوانين الضرائب  السارية وحصص  الانتاج . وقال الرئيس ادريس ديبي يومها ( اذا لم توافقوا شروط  تشاد غادروا البلاد فورا  نحن سوف نعيش بدون نفط كما عاش آباؤنا واجدادنا من قبل)  وفي نهاية المطاف عادت  الشركات  الي تشاد بصورة خجولة  والتزمت بشروط التي فرضتها تشاد  ودفعت لها  ملايين الدولارات تعويضا لخسائرها والتزاماتها المالية المستحقة لها.  القاريء يعرف ان هذه الشركات وما  وراءها من القوي الاستكبار اذا  لم تمتلك تشاد قرارها لا تستطيع  المساس بمصالحها  .  وهكذا إستطاعت تشاد بفضل رئيسها ان ترفع رأسها   وتتحرر من التبعية الأقتصادية . وتحسنت اوضاعها المالية  وتم توظيفها في مجال  التنمية والبناء , هذه بعض أنجازات التي تحققت   في الأطار الوطني .
أما دوره  في الأطار  الجوار الأقليمي فهي كثيرة قد لانستطيع حصرها في مقالة واحدة  فقط  أشير بعض  منها وخصوصا   مساهماته في أفريقيا الوسطي وبفضله صارت هذه الدولة تعيش اليوم   في أمن وسلام وأستقرار . ومشاركته المجموعة الأفريقية في حفظ الأمن في جمهورية الكنغو( زائير سابقا ) حيث شاركت تشاد بقوات كثيرة من أجل أستقرار هذا البلد وما زالت قواتها موجودة فيها . كما لاينطلي القاريء   دوره المحوري في قضية دار فور منذ ايامها الاولي بدءا من مفاوضات ابشة الاولي والثانية ثم أنجمينا وكادت ان تنتهي القضية  بمعاهدة السلام  ولكن القوي الكبري اختطفت هذة القضية من يد تشاد من أجل تدويلها بعد نفخها أعلاميا  حتي أوصلوها الي اروقة الامم المتحدة ثم الي محكمة الجزاء الدولية في لاهاي حتي خرجت القضية من أطارها المحلي وأصبحت ذاث بعد عالمي وأصيبت أطراف القضية بخيبة أمل , وتشرزمت الحركات  المسلحة في دارفور الي عدة فرق وظهرت منها جماعات  مشاغبة , كثيرالكلام  وقليل الفعل يحاربون عدوهم من خلال شاشات التلفزة ومن وراء الابواب المؤصدة في فنادق ذاث خمسة نجوم يكررون كالببغاء نفس الكلام  , كلهم  يريدون مكسبا بلا ثمن وانتصارا بلا تضحية ومجابهة بلا اذي وظهرت ايضا فئات انتهازية ذات الدوافع الشخصية المصلحية وباتت القضية في مهب الريح وتأكد للجميع ان مايسمي بالمجتمع الدولي لايرد الحقوق بقدرما هي مجرد ظاهرة أعلامية . وفي هذه الأجواء الغامضة أستطاع الرئيس ادريس ديبي  تحريك ملف قضية دار فور  وقرر ان يجد لها الحل طالما الظروف أصبحت مهيئة وخصوصا بعد التطور المفاجيء الذي طرأ علي العلاقات السودانية التشادية بعد طوي البلدان صفحة قاتمة من تاريخ الصراع بينهما   ولذلك تقدم  الرئيس ادريس ديبي بمبادرة   للمرة الثانية وتولي  ملف القضية بصورة جادة  وفي سبيل ذلك أستدعي أطراف القضية الي أنجمينا  وتحرك  بدور مهم  ومحوري في تقريب وجهات النظر بين الحكومة السودانية وقيادة حركة العدل والمساواة , وقد ساهر سيادته عدة ليالي متجولا بين فريقي النزاع حتي استطاع  أن يوصلهم الي الأتفاق الاطاري الذي يقضي بوقف أطلاق النار ويمهد الطريق الي مفاوضات بين الطرفين لأنهاء الأزمة ,ووقع مبدائيا في أنجمينا وتم تتويجه  في الدوحة وتوقيع عليه بحضور الدولي والاقليمي  . وقد كنت أحسب أن جميع أبناء دارفور سوف يباركون ويؤيدون هذا الأتفاق ويشكرون الجهات التي ساهمت في أقناع الأطراف علي التوصل لهذا الأتفاق ولكن مع الأسف ذهب البعض الي رفض هذا الأتفاق بل أعتبروه صفقة سرية تحت طاولة .بل وجدت بعض الكتاب غيروا أسم أنجمينا الي ( تعبنا ) وهذا يوضح تباين ملامح المشهد السوداني مابين الشعور بالأمل وخيبة أمل ولكن نأمل ونرجو من الاخوة خصوصا قادة   الحركات المسلحة ,  ان حرب دار فور ليست اول حروب العالم وأن فجر السلام آت مهما طال أمد الحرب وأن الحوار البناء هو السبيل الوحيد وأقصر الطرق لتسوية القضية وان شعب دار فور يملك الأرادة الكافية للنهوض مرة أخري وان ما يجمع بينه أكثر مما يفرق وأنه قادر علي البناء مهما كان حجم الدمار والخراب , والعيش في وئام وانسجام مهما كان الخصام , ومن سار علي الدرب وصل ……قيل قديما ( مالا يدرك كله لايترك جله ) والامم العظيمة صعدت بعد حطام والجبل في الأصل قطعة حجر صغيرة … والمحيط الهادر مجرد قطرة ماء ومن تحت الركام تنبت ألف زهرة ومن مخيمات اللاجئين والنازحين يكتب ميلاد الجيل جديد ويرسم مستقبل لشعب عظيم  . حاولوا توحيد انفسكم وتنبذو ممارسة القبلية السياسية  ليزداد  قوتكم,  ليس المهم من يحكم دار فور ولكن المهم كيف يحكم ومن الخطأ معالجة النتائج وأهمال الأسباب لأن ذلك يقيد الجريمة ضد المجهول. ونحن اليوم في هذه المرحلة في حاجة  الي رجل عنيد كالدكتور خليل ابراهيم  ليمسح دموع اليتامي وأعادة البسمة علي شفاة  أهل دار فور ….أما المتآمرون الذين يعدون المسرح لتقديم الفصل الأخير من المسرحية  الدامية فإن جبين الأنسانية سيبقي ملطخا وستظل أرواح الشهداء وصرخات الأطفال والأرامل تلاحقهم الي الأبد  لتقضي مضاجعهم فإن الله يمهل ولا يهمل . وكفي تشرزما .وسوف تشرق الشمس علي الجميع .



آدم  كردي شمس

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *