دارفور .. تمرُد بين قوات بحر أبوقردة في الميدان

دارفور .. تمرُد بين قوات بحر أبوقردة في الميدان

حامد حجر ـ الميدان ـ كوندوبي ـ الأراضي المحررة

النصيحة الغالية التي أسداها الأميركي مستر بايتون ، للأخ ( ه .ع ) ، أحد المقربين من السيد / بحر أبوقردة ، والمنسق الإداري مع الجيش ، بين هلالين طبعاً لأن لا جيش فعليا هناك ، نصيحة في غاية الأهمية ، نصيحة بدات بصيغة سؤال ، لماذا لا تقاتلون؟ ، ثم أسهب المستر بايتون في شرح أهمية القتال وضروراته لجهة تدوير الزوايا لمكاتب العلاقات العامة مع الشركات الغلوبال ومنظمات المجتمع المدني للدعم المادي والدبلوماسي لحركتكم .

بمعني يجب أن تكون لك قوات لتقاتل ، وبالتالي من خلال المساحة الأعلامية التي توفرها سير هذه المعارك تتضح صورة المستقبل  السياسي لكم ، ومن هنا يأتي الدعم ، عندما لا تقاتلون فإن مستقبلكم السياسي يكون مجهولاً ، وبالتالي لا اعتقد بأن أحداً ما يتجرأ للإستثمار في بيئة لا تعود لمنظمته أو شركته من فوائد مستقبلية ، أي بعد مرحلة ما بعد الحرب ، تلك التي يسمونها مرحلة السلام العادل ، الأخ ( ه .ع ) ، رجل فطنٌ فهم مقصد صديقه المستر بايتون ، ونقل وجهة نظره إلي السيد بحر أبوقردة ، فرد الأخير بصراحة : ( نحن لا نستطيع الحرب لان ، ” حاجاتنا شوية ! “، وممكن يكملوا في معركة واحدة بعدين نعملوا شنو؟ ) ، تسَمر الأخ ( ه .ع ) ، في مكانه من هول الصدمة ، وسأل نفسه أي حركة هذه التي لا تستطيع ان تقاتل ولو لمعركة واحدة ؟ ، ومنذ ذلك الحين تيقن بما لا يدعوا مجالاً للشك ، بأن السيد بحر أبوقردة قد ورط أقرباءه بعناده وإنشقاقه عن الدكتور خليل ابراهيم زعيم ثورة الهامش الكبير لا مبرر له ، والدكتور خليل لم يوفر أية سانحة وإلا طلب من الناس بضرورة عودة أبوقردة إلي صفوف حركة العدل والمساواة السودانية ، وبالتالي وحدة قوي المقاومة في السودان ، فأمر ثورة الهامش اكبر من ان تستوعبها قبيلة أو عشيرة او فخذ او أسرة أو حتي إقليم بحاله .

هذا ليس بمثابة ، خبر عاجل ، لأن المهتمين بشأن ثورة الهامش في دارفور وكردفان يتابعون مثل هذه الأخبار بإهتمام منقطع النظير ، فكل ما هناك هو أن للسيد بحر أبو قردة والجنرال عبدالله بندة ، بضعِ عربات مسلحة تسليحاً خفيفاً وتتخذ من وادي ( سيرا ) ، مرآب دائم لهذه القوة الصغيرة التي هي أقل من ملاك حربي لكتيبة من كتائب جيش حركة العدل والمساواة السودانية ، هذه العربات بقيادة عبدالله بندة ومحمد صالح منقو ، عثمان جفاف ، عيسي ورا، حسين هاشم أنو ، دكو وحسن كموقي وصادق فرنسا، قبل هروب ثلاث الأخيرين ، دكو وصادق فرنسا وحسن كموقي للأنضمام إلي جيش حركة العدل والمساواة السودانية في وادي هور هذا الأسبوع ، هناك ما يشبه بالتمرد وسط هذه القوة وخاصة عند إلتماسها عدم نية القيادة في القتال أو التوحد للقتال مع جيش العدل والمساواة .

ما ورد أعلاه مهم لجهة إستيعاب وتفسير سبب هرولة كل من الدكتور التيجاني سيسي وتاج الدين نيام إلي طاولة الدوحة ومحولتهما التوقيع علي أية وريقة خالية الوفاض من حقوق شعبنا في دارفور والهامش ، وبالتالي القبول بأي منصب مع حكومة حزب المؤتمر الوطني في الخرطوم ، وكما أكد السيد تاج الدين في جلسة عائلية مع أقرباء له في انجمينا ـ مرجان دفق ـ في مطلع ديسمبر الحالي ، أسَرَ لهم بأنه سيتم تسميته بعد التوقيع علي الإتفاقية في الدوحة يوم 19/12/2010 م ، وزيراً للمالية ، أي والله وزير للمالية مرة واحدة ، من دون أن يقول مستوي هذه الوزارة ، ولائية أم مركزية ، وترك مستمعيه في حيرة من أمرهم ، كما ذكّر الدائنون بأن يكونوا علي أهبة الإستعداد في الأسبوع الأول بعد التوقيع لإستلام مبالغ ديونهم فوراً وعن دائرة المَليم .

أما الجنرال عبدالله بندة ومنذ فصله من القيادة العامة لجيش حركة العدل والمساواة السودانية في يوم الثاني عشر من يوليو 2007 م ، وهروبه إلي وادي أندور ، فإنه لم تمر به مثل هذه الظروف الحالية من قلة أفراد الجيش ، الشؤون الإدارية الرديئة ، والإتهام بتجفيف المال عن العسكريين من قبل السيد / أبو قردة ، بدأ الجنرال يشتكي إلي المقربين منه ، وخاصة أولئك اللذين في إنجامينا ، لذلك هو شخصيا يرقب أيه إتفاق للتخلص من هذه الأعباء ، فالجيوش تزحف علي بطونها.

سياسياً نستطيع قراءة بيان السيد / محمد آدم فاشر ، مسئول العلاقات الخارجية بحركة التحرير والعدالة ، المنشور بتأريخ العشرون من ديسمبر الحالي ، بعنوان ، الدكتور/ التجانى سيسي يستجيب لمشروع الشراكة للسلام قبل التوقيع الاتفاق والذى يعنى تصفية الثورة ثم الاتفاق ، ويقول السيد فاشر في صلب بيانه ، كان دخول التفاوض مع الحكومة عملا دبلوماسيا لا غنى عنه كضرورة اقليمية ودولية وان الموقف التفاوضى المقدم  لحكومة الخرطوم تصورا جادا وعادلا لمشروع الدولة السودانية  في حالة الموافقة عليها كما حدث في جوهانسبرج ليس ما يمنع وقف الحرب  ولا مبررا لاخرين للاستمرار في الحرب وان لم يكونوا طرفا في التفاوض ، بيد ان الخرطوم لم تراوح مكانها مع ذلك يري البعض جهلا غياب الاخرين مكسبا وكان ثمنه الدخول في شراكة السلام مع الخرطوم قبل توقيع الاتفاق كما صرح به الامين حسن عمر علنا في تلفزيون الجزيرة الاسبوع الماضى ، والمقصود بهذه الشراكة هي تصفية الثورة مقابل توقيع الاتفاق ولدينا ما يؤكد تورط البعض حتى في التزوير وتعديل المواقف التفاوضية بدون علم لجان التفاوض ، وما هو مؤكد ان السلطة في الخرطوم تحاول استثمار موقف الدكتور التجانى في الاختناقات السياسية المتوقعة جراء تقسيم البلاد ولذلك يتطلب من شعب دارفور وبل الشعب السودانى الوقوف بالصلابة امام المشروع المسفيد الاول والاخير النظام في الخرطوم ، ان الدفاع المستميت الذى تقدمه السلطة  في الخرطوم لدكتور التجانى دليل الصدق علي ما ذهبنا اليه ومبررا علي ما نحن فيه.

وبدلا من الهرولة الاعمى الى الخرطوم ، الاستمرار علي النهج الثورى وحركة التحرير والعدالة قوية  ولكن اكثر القوة مع الاخرين وهم اقوياء بنا ، معا نستطيع صناعة الامل في السودان بالتشاور والتنيسق مع اي جهد سودانى خالص علي نحو الذى يحفظ حقوق الاخرين ومواقف كل اعضاء الحركة ونحن لا نريد ان نترك احد خلفنا ولا نريد ان نتقدم علي احد بل معا للهدف وكل شيئ دونه يهون .

والان لقد تم الاتصال بمعظم القوى الثورية والسياسية بشأن الترتيبات اللازمة حول توحيد الجهود لمواجهة التحديات وامامنا جهدا لا بد القيام به لتوضيح مراحل ميلاد هذا التنظيم العملاق ومواقفها التفاوضية والعرض المقدم من الحكومة والمحصلة النهائية وضرورة الجبهة العريضة عبر سلسلة من الندوات ابتدأ من ولاية بنسلفانيا ونيويوك وواشطن ومين وانديانا وكلورادو ، تكملة للجهد الذى يقوم به  ريئس الحركة السيد / محجوب حسين في اوربا والغرض منه الحشد للمساهمة في بناء التحالف الذى يوفر اسباب القوة ولا ضرا لاحد الا الظالمين ، والتجارب الطويلة اكدت لنا أن لا شئ يمكن ان يستقيم دون وحدة الصف والله من وراء القصد.

في زيارته الأخيرة للدكتور التيجاني سيسي لأنجامينا ، لم يستطع القائمون علي امر تنظيم لقاءاته مع المقاتلين الموالين للتحرير والعدالة من جمع خمسين شخص ، وقد لاحظ هو ذلك ، لكنهم تعللوا بسبب سوء الحوال الجوية والأمطار في إنجامينا ماليزي ، والعبرة هي أن من يبحث عن أرضية سياسية من الأفضل له البحث عنها في داخل السودان ، وعلي المستوي العسكري مطلوب مواقف توافقية مع حركة العدل والمساواة السودانية ، طالما الهدف واحد ، وحتي يستقوي كل طرف بالطرف الآخر ، لأن في الإتحاد قوة.

قصدنا من هذا المقال التأكيد ، بأن رغبة التوافق والتوحد علي الأرض بين العسكريين في التحرير والعدالة متوفرة ، وعلي السيد / بحر أبوقردة إتخاذ الموقف التأريخي الصحيح والتملص بعيدا عن ما يجري ترتيبه من قبل الدكتور سيسي والسيد / تاج الدين نيام ، فإنهما قد يقبلان بأية شيئ ليعودا إلي الخرطوم ، رغم أنهما يدركان بعدم قدرتهما علي فعل شيئ ذا بال للمهمشين من اهلهم ، لأن حزب المؤتمر الوطني الحاكم في الخرطوم ، سيأخذ بشماله ما توقعه بيمينه في الدوحة يوم 19/12/2010 م ، إن صح نبوءة السيد / تاج الدين نيام ، كبير مفاوضي الدكتور سيسي ، والسيد بحر أبوقردة يعلم بأن الشباب في وادي سيرا ، في حاجة إلي وحدة مع رفاقهم في وادي هـَور ، عملاً بالقاعدة ـ كفانا تشرزماً ـ فهو كقائد عليه أن يسَتجيب لصوت العقل والسياسة ، التي هي فن الممكن ، وإلا فإن الأزمة والإختناقات السياسية التي توقعها بيان السيد / فاشر ، تكون مثل الأواني المستطرقة سيكون لصداها صداً في وادي سيرا ـ الميدان ـ والبداية بتمرد الجنرال حسن كموقي الذي أنضم إلي جيش العدل والمساواة السودانية هذا اليوم ، والبقية تأتي ، فمرحلة الكسب بالعواطف قد انتهت وإلي الأبد ، وهو في حاجة إلي تبرير منطقي لموقفه السياسي ولكل خطوة يخطوه مستقبلاً ، خاصة إن المرحلة تتطلب وحدة جهود المهمشين في دارفور وكردفان .

حامد حجر / 18/12/2010 م / [email protected]


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *