خلافات القوى المدنية السودانية هل سيلحق رمطان لعامرة بسلفه فولكر بيريتس?
..ام سيرتقي تلك القوى لهامة الوطن عوضا عن مصالها الذاتية
بقلم : حسن إبراهيم فضل
ظلت القوى المدنية السودانية خلال الأربع سنوات الماضية منذ الثورة الشعبية التي أطاحت بنظام عمر البشير ,ظلت هذه القوى عاجزة عن الفعل السياسي الذي يرقى لهامة تلك الثورة العظيمة التي مهرها شابات وشبان السودان وشيبه بدماء عزيزة وارواح غالية في سبيل البحث عن حياة كريمة ومستقبل مشرق للأجيال القادمة.
ما فتئت هذه القوى أسيرة لخلافاتها والانتصار لمصالحها الذاتية والحزبية بعيدا عن الاطروحات التي تخرج السودان من براثن الحروب وانعدام الامن و التخلف والبؤس وشظف العيش الذي يعاني منه المواطن ومؤسسات الدولة المختلفة.
لا يختلف اثنان ان الحرب التي تجري رحاها اليوم والتي خلفت الألاف من القتلى والجرحى والملايين من المشردين ,كانت نتاج طبيعي لحالة الاحتقان الحاد بين القوى السياسية وانعدام الرؤية والافق لحل المعضلة السودانية , ورهنت القوى المدنية التي تصدرت المشهد وكان المواطن السوداني يضع عليه امال عراض في ان يحافظ على ثورته, الا انها ما فتئت تجتر ذات الأدوات وذات الأساليب التي تنتهي الى ذات النتيجة والاخطاء الجسيمة المتكررة ,على الرغم من المبادرات الكثيرة ومن قوى مختلفة وهي مبادرات اتسمت بمضمون واحد ومتطابق مع عجز حقيقي في ابتدار حلول عملية يجمع السودانيين .
ابتدرت تلك القوى الاتفاق الاطاري واخواتها , واخرها اعلان اديس أبا أبا (تقدم )كمحاولات كانت يمكن لها ان تجمع السودانيين على الحد الأدنى من التوافق لإكمال الفترة الانتقالية ,الا ان الانانية والوصاية ساق السودانيين الى هذه الحرب فطفقت تلك القوى تجوب العواصم استجداءا للحل الخارجي في اعلان صريح عن العجز وانعدام الرؤية, ولما هبت تلك العواصم والتي بلا شك انها ليست جمعيات خيرية ,بل كل يبحث أولا عن موقع مصالحه في تلك العملية ,و على الرغم من صدق بعض اشقاء وأصدقاء السودان الذين بادروا منذ اليوم الأول مقدمين مبادرات للحل, لكن هذه القوى لم تترك عاداتها المجربة النتائج في التشكيك في كل شيء مالم تكون هي ناصية ذلك الفعل, ففشلت كل تلك المبادرات بخذلان تلك القوى.
في نوفمبر من العام الماضي عين الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وزير الخارجية الجزائري السابق رمطان لعمامرة مبعوثا شخصيا له إلى السودان، وذلك خلفا للألماني فولكر بيريتس الذي اضطر لتقديم استقالته في سبتمبر الماضي لتعذر أداء مهامه لرفض الحكومة السودانية وقوى عريضة في السودان له لأخطاء جسيمة ارتكبها الرجل خلال فترة عمله بالسودان.
لكن يبدو ان مهمة السيد/ لعمامرة سوف لن تكون سهلة خاصة مع المواقف والتصريحات التي اطلقها بعض قادة الحرية والتغيير المركزي حول الرجل ولقاءاته بالسودان خلال الأسبوعين الماضيين, والتي اتهمت فيه العمامرة صراحة بانه يحاول إعادة واجهات الإسلاميين للواجهة (يوجد عدد من الإسلاميين بتحالف تقدم) وقالت ان العمامرة التقى قوى سياسية ومجموعات مدنية متهمة بالوقوف خلال الحرب الدائرة في البلاد والعمل على تأجيجها، قلق القوى المدنية في السودان وأضافت ان هذه الامر سيكون عنصر أزمة في البلاد بدل حلّها وهي ذات الاتهامات التي كانت توجه للسيد فولكر بيرث المبعوث الاممي السابق.
لا ادري كيف يفكر بعض قيادات القوى المدنية خاصة أولئك الذين لديهم تاريخ طويل من الممارسة وكيف انها تنتقد من اجل النقد , والا فانه من بديهيات مهمة المبعوث الاممي ان يلتقي جميع الفاعلين في المشهد في بلد المهمة التي يتولاها وبالتالي فن لعمامرة مارس مهمته بمهنية في لقائه مع تلك القوى واكيد سيلتقي بالقوى الأخرى التي لم يلتقيها.
ان قوى الاتفاق الاطاري لم تستفد من أخطائها في ذلك الاتفاق الحريق!! وهي تصر ان أي عمل لا يبدأ بهم فبالتالي مرفوض وهذا نهج صفري النتائج ولم يفضي الى أي عرضية يجمع السودانيين.
وصدرت أبرز الانتقادات عن القيادي في تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية “تقدم” ياسر عرمان، الذي قال في منشور على منصة إكس إن “زيارة المبعوث الأممي صاحبتها ظلال من الشك في إمكانية أن تؤدي إلى توجه متوازن وخاصة الاجتماعات الواسعة التي عقدها في بورتسودان مع شبكة القائمين على أمر الحرب”وأضاف “إن لم يكن المبعوث الأممي حذرا فإن الأمور ستقوده إلى الدعوة إلى سلام روتانا الثاني ومكافأة الفلول على حربهم”. وأكد عرمان أن الأمم المتحدة لديها مواقف واضحة ضد الانقلاب والحرب وداعمة للمسار الديمقراطي وعودة الأمر إلى القوى المدنية الديمقراطية.
فهل سيخيب القوى المدنية السودانية الاسيرة لخلافاتها امال العمامرة الذي بدى متفائلا بمهمته التي اعرب عنها قبيل مغادرته السودان بإمكانية تحقيق السلام والاستقرار وإنهاء الحرب في السودان وعودة الحياة إلى طبيعتها بتضافر جهود السودانيين.؟
امام القوى السياسية السودانية المدنية فرصة لان يخرجوا هذا البلد من هذه الحرب اللعينة ويوقفوا شلالات الدماء والدموع التي تجري باسباب يتحمل المدنيون قسطا كبيرا منه, ولا يتأتى ذلك الا بتدارك البدايات الخاطئة التي ما فتئت تلك القوى تكررها بلا وعي بخطورة نتائجها.
امام القوى المنضوية تحت تحالف (تقدم ) والقوى التي خارج ذلك التحالف فرصة لان يوقفوا ههذ الحرب وان يبدأوا بداية عقلانية يعترف الجميع باخطاء الماضي سيما ما حدث في الاطاري والخطاب المبتذل الذي كان يتبادله القوى المختلفة المتباينة بينها والتي كانت تسيء اليهم جميعا وقد أعطت محمد احمد المسكين إشارة واضحة ان القبة فارغة وان (الفكي ) غادرها بلا رجعة الا .
امام (تقدم) فرصة ذهبية لولا اقحام الجند السياسي في اعلان اديس أبا أبا ولكن ما زالت الفرصة سانحة امامها لان يتحرر أصحابها من الوصاية وان يحرروا نصا خاليا من جينات (الاطاري) على ان يكون الجميع سواسية ندا بند في الحوار, لا( قوى انتقال – لا مؤمنون حقا) تلك العبارات التي لا معيار لتوصيفها او تحديدها بدقة وليس هناك من هو مؤهل او مكان ثقة بان يحدد من هم أولئك, وبالتالي نحن امام مسؤولية تاريخية واخلاقية بان نخرج هذا البلد من هذا الكابوس الذي ساهم كل منا بقدر فيها فلنرتقي الى هامة هذا الوطن وان نتواضع امام كل ما من شانه الحفاظ على مقدرات هذا الوطن بعيدا عن الانا القاتلة الدرة لاي سبب لان يلتقي أبناء الوطن والتراب والمصي الواحد حول كلمة سواء.
حسن إبراهيم فضل