حمّلوا الشعب السوداني أكثر من 40 مليار دولار ديون تتزايد تلقائياً
..وتبخرت شعارات – الرد الرد السد السد – الاعلان رسمياً في السودان عن فشل مشروع سد مروي..
خالد ابواحمد
صعب للغاية على المرء عندما يكون مقتنعاً بأن مشروعاً فاشلاً تضخ فيه الموارد المالية القومية الضخمة وتصر الحكومة على المضي فيه، لا بل اهدار المال العام في الترويج له وتفويج الضيوف المحليين والآتين من الخارج بالطائرات والصرف البذخي في الضيافة، والصرف الاعلامي لمؤسسات اعلامية بعينها لإعداد حلقات اسبوعية قيمة الحلقة الواحدة منه بقيمة انتاج عشرون برنامجاً، وتحل الكارثة بعد سنوات عندما تظهر الحقائق الدامغة والمثبتة بفشل المشروع وانكشاف الحقيقة التي كان أصحاب الأقلام الوطنية يكتبون عنها لكن قادة النظام من اللصوص والقتلة قد عتوا عن الحق واستكبروا، وكان نهاية أمرهم الخسران المبين.
هذه هي قصة سد مروي..!!.
وما أدراك ما سد مروي..ومنطقة مروي نفسها وما جاورها بسبب هذا السد اللعين دخلت باب الصراع السياسي من أوسع ابوابه،وصرفت فيها ما صرف من أموال الشعب الكادح والمشرد، وهذا أمر يعرفه الجميع، لكن.
اليوم أعلنت الحكومة السودانية صراحةً عن فشل مشروعها – سد مروي- الذي أطلقت عليه عشرات الألقاب وأكثرها شهرة (سد القرن) لما أولته من اهتمام فاق كل تصور حيث أعلنت الشركة السودانية لنقل الكهرباء عن اتمام ربط الخطوط الناقلة للامداد من دولة اثيوبيا، وجاء في متن الخبر بأن مدير الشركة جعفر علي البشير قد أكد أمس “اكتمال ربط شبكات الكهرباء بين السودان واثيوبيا”، مشيراً إلى “اكتمال ربط الشبكات مع مصر العام المقبل”، واعلن لدى اجتماعه مع وفد جامعة السودان انه في العام المقبل ستصل شبكات الكهرباء الى كل من بابنوسة ووادي حلفا، وأبان أن” العمل مستمر في مشروع خط بابنوسة عديلة الضعين الفاشر، وخط الدمازين كام كام، ومن ثم الى الكرمك” واكد البشير ان اهداف الشركة تقضي بتغطية جميع ولايات السودان بشبكات الكهرباء قبل العام 2020 م.
والقارئ الحصيف يدرك بأن اعلان هذا الخبر ذو الأهمية الاستراتيجية جاء وسط كلام للاستهلاك اليومي الذي اعتادت الحكومة السودانية على بثه كل يوم عبر وسائطها الاعلامية التي اشتهرت بالكذب والتلفيق، وقبل عامين من الآن نُقل عن جهات خارجية عن اتفاق الحكومة السودانية مع رصيفتها الأثيوبية على مدّ بلادنا بالكهرباء، وعندما نُشر الخبر في المواقع السودانية المعروفة كتبنا كأقلام وطنية عن الخبر وتداعياته وحقيقته المُرة وكعادة مرتزقة النظام الفاشل امطرونا بالسب والشتم ودمغونا مشكورين بالعمالة والارتزاق للخارج، والتي هي بالنسبة لنا تأكيد منهم بأننا وطنيون ُشرفاء لم نسكت عن الحق ولم نرتزق من اجل ضياع الوطن الغالي كما يفعلون.
مشروع سد مروي لم ينفع السودانيين بشئ غير أن الجهات الرسمية أهدرت المليارات من الدولارات في مشروع فاشل، ثم قامت بتهجير جماعات عديدة من أهل المنطقة الأصليين، ولا تزال العائلات تعاني من ظروف معيشية سيئة في انتظار باقي التعويضات التي وعدت بها الحكومة، وقد قاسى أهل المنطقة كثيراً من الخسائر التي لحقت بهم، وفي الحقيقة لم يتأثر المواطنون في هذا المناطق فحسب بل امتد التأثير والخراب سكان منطقة المناصير شمال البلاد من تهجير وخسائر، وهي منطقة تعد على حد قول أبنائها الأكثر تضرُراً من سكان المناطق التي اقيم على أرضهم هذا المشروع حسب التقرير الأخباري الذي نشرته فيه ذلك الوقت قناة (فرنسا 24)، ولئن اختار بعضهم تحدي السلطة والبقاء على ضفاف بحيرة المناصير رغم خطر الفيضانات على حياتهم وأمنهم، فإن مجموعة كبيرة من السكان امتثلت لأوامر الحكومة وشدت رحالها جنوبا. ورغم ذلك، لم يحظ هؤلاء المهجرون إلا بقطع أرض صغيرة تكاد لا تفي باحتياجاتهم، ولا تزال غالبيتهم تنتظر أن تفي السلطات بوعدها وتدفع لهم التعويضات العادلة.
بدأت الحكومة السودانية في التخطيط للمشروع منذ 2003م وقد مارس في بداياته وزير السدود اسامة عبدالله محمد المتزوج من شقيقة الرئيس عمر البشير والمُحمّل بصلاحيات غير مسبوقة في تاريخ السودان ولا تاريخ الديكتاتوريات في العصر الحديث، مارس قلة أدب مقطوعة النظير مع أهالي المنطقة من رجال الحل والعقد، وحدثني أحد العالمين بالأمور من داخل المؤسسة الحاكمة بأن الوزير اسامة عبدالله أرسل مجموعة من صبية الحزب الحاكم لأهالي المنطقة للاجتماع بهم، وفيهم رجالات لهم وزنهم في المنطقة بل في السودان، وجاء الصبية وكما هو معروف لدى كوادر الحزب الحاكم من قلة ذوق وأدب مارسوا شكلاً من أشكال التعالي أغضب رجالات المنطقة فطردوهم فطلبوا من الوزير بماكينة رئيس جمهورية أن يأتي إليهم شخصياً للتفاكر في هذا الأمر الجلل الذي يعني مغادرتهم منطقة الإجداد ومسقط الرأس، فرفض الوزير اسامة بعنجهية وقال لهم حسب محدثي “عليكم بالرضوخ والتفاهم من الشباب الذين ارسلتهم إليكم”..
رفض الأهالي الانصياع لعديل السيد الرئيس..فراحوا أبعد من ذلك فأرسلوا رسالة وصلت للسيد الرئيس عمر البشير شخصياً وقالوا له مفاده “أن الشهيد الفريق الزبير محمد صالح كان يأتي إلينا ويجلس معنا على الأرض ويأكل معنا ويسمع كلامنا، فلماذا ترسل لنا الغلمان الذين لا يراعوا الأصول”، فأخبر الرئيس عمر البشير عديله بأن يتعامل بشكل أفضل مع أهل المنطقة.
وطيلة فترة المفاوضات بين الطرفين الأهالي من جهة وأسامة عبدالله من الجانب الرسمس مورست أقبح الأفعال التي تنم عن سوء الخُلق وقلة الأدب وتجاوز كل المحرمات في الأدب الاجتماعي السوداني المعروف، لكن الامر الذي يعرفه كل أهالي الولايات الشمالية بأن المواطنون في المنطقة عانوا معاناة لم تكن في الخاطر ولا في البال من قسوة قادة النظام الحاكم، فيما منعوا عنهم التعويضات المجزية لكنهم دفعوا أضعافها في الدعاية والترويج السياسي والاعلامي، مما زاد من وتيرة التعالي والاستكبار وعدم الرضوح لحلول لمشاكل السودان المتأزمة، وكانت وفود المرتزقة تترى على بلادنا بدأ من المحامين العرب وتأيدهم الأعمى للنظام الحاكم ومساعدته اعلامياً وقد رأينا المخاطبات الهتافية في قاعة الصداقة المؤيدة لمسيرة القهر والدماء والظلم، رأيناهم في موقع المشروع وهم يهتفون باسم البشير والحزب الحاكم..!!.
ثالثة الأثافي..إجازة القروض الربوية المتلتة..!!.
لم يحدث في تاريخ السودان البتة أن انهالت القروض الربوية على بلادنا بهذا الشكل وهذا الكم، فقد اقنع دهاقنة الحزب الحاكم وكبار عبقرياته في الكذب والتلفيق قاعدة الحزب الجماهيرية وخدعوهم وخدعوا كل السودانيين وقالوا لهم هى مشروعات قومية ووطنية، فهللوا وكبّروا ثم رقصوا وتمايلوا وعرضُوا، ورفعوا الأصابع والأكف بعلامات النصر والقوة والمنعة، ولم يدري هؤلاء الجهلة والهتيفة بأن كل شعب السودان سيتحمل أكثر من 40 مليار دولار ديون تتزايد تلقائياً بسبب العُمولات جراء تأخير السداد وتبقى عبئاً ثقيلاً على كاهل الأجيال السودانية المقادمة من رحم الغيب، والأكيد الذي نعرفه أن غالبية هذه المشروعات لم تنفذ بالصورة الصحيحة لأن ميزانيات التنفيذ قد سرقت وتقلصت، بسبب الفساد المالي والاخلاقي، كما تم تحويل أجزاء منها في الصرف على الآلة الحربية وسرق بعضها قبل أن يصل السودان..!!.
وكان مجلس الوزراء السوداني في اجتماعه برئاسة الرئيس عمر البشير قد أجاز فتوى وتوصيات ندوة تمويل مشروعات الدولة بالقروض والتي قدمها محافظ بنك السودان محمد خير الزبير بمشاركة رئيس مجمع الفقه الإسلامي عصام أحمد البشير، وقال عصام أحمد البشير للصحافيين عقب اجتماع المجلس إن الندوة شارك فيها علماء من داخل السودان وخارجه واستعرضوا خلالها 19 بحثاً حوت فقه الشرائع وفقه الوقائع.
وأبان أن الفتوى أكدت أن الاقتراض بالربا من الكبائر والموبقات غير أن الدولة إذا وقعت في ضرورة أو حاجة عامة فإنه يجوز لها الاقتراض بالفائدة شريطة استنفاد كل الوسائل في الحصول على مصادر تمويل مقبولة شرعاً، مؤكداً أن الضرورة تقدر بقدرها زماناً ومكاناً دون تعد أو زيادة وألا يترتب على القرض ضرر مساوٍ للضرر الأصلي أو أكبر منه، وفي الاجتماع أجاز المجلس مقترحات الندوة بتكوين آلية لدراسة اتفاقيات القروض كل على حده، والقروض تتمثل في الآتي:
1-سد مروي قرض مشترك من عدة دول
2-مطار مروي تابع لقرض سد مروي
3-خطوط نقل الكهرباء من سد مروي تابع لقرض سد مروي
4-مشروع امري الزراعي تابع لقرض سد مروي
5-طريق مروي الملتقى قرض تابع لقرض سد مروي
6-مشروع مياه القضارف قرض البنك الاسلامي للتنمية+قرض صيني
7-مشروع تعلية خزان الرصيرص قرض مشترك من عدة ممولين
8-مشروع سكر النيل الابيض قرض مشترك من عدة ممولين
9-مشروع مجمع سدي اعالي عطبرة و استيت قرض مشترك من عدة ممولين
10-كوبري الصداقة “كريمة” منحة صينية
11-طريق عطبرة بورتسودان هيا قرض “الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي”
12-مشروع مطار الخرطوم الجديد قرض مشترك من عدة ممولين
13-طريق القضارف دوكة القلابات قرض “الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي”
14-مشروع كهرباء الخط الدائري(الخرطوم) قرض هندي
15-خط الكهرباء الناقل سنجة القضارف قرض هندي
16-مشروع كهرباء …تي قرض هندي
17- خط الكهرباء الناقل القضارف القلابات قرض هندي
18-مياه عطبرة والدامر قرض ايراني
19-مشروع سندس الزراعي قرض صيني
20-كهرباء الجيلي قرض صيني
21-كهرباء الجيلي شندي عطبرة قرض صيني
22- محطة كهرباء قري 2 قرض صيني
23-مياه نيالا قرض صيني
24-مياه الدالي والمزموم قرض صيني
25-مشروع صومعة ربك قرض صيني
26-كوبري رفاعة قرض صيني
27-كوبري الدويم قرض صيني
28-توسعة كهرباء الخرطوم بحري الحرارية قرض صيني
29-مياه الفاشر قرض صيني
30-مياه بورتسودان قرض صيني
31-مياه دنقلا قرض صيني
32-مياه المتمة قرض صيني
33-مياه مدني قرض صيني
34-مياه …تي قرض صيني
35-كهرباء دنقلا قرض صيني
36-كهرباء وادي حلفا قرض صيني
37-مشروع كهرباء الفولة قرض صيني
38-مشروع طريق النهود ام كدادة قرض صيني
39- مشروع طريق زالنجي الجنينة قرض صيني
40-طريق الدبيبات ابو زبد الفاولة قرض صيني
41-مشروع كوبري سنار قرض صيني
42-مشروع كوبري توتي بحري قرض ايراني
43-مشروع محطة مياه ابو سعد قرض ايراني
44-طريق طوكر قرورة قرض”الصندوق العربي للانماء الاقتصادي”
45-طريق سمسم القضارف ام الخير قرض”الصندوق العربي للانماء الاقتصادي”
46-طريق كسلا كركون مامان قرض”الصندوق العربي للانماء الاقتصادي”
47- مشروع كهرباء الشرق قرض”الصندوق الكويتي”
48-عدد 4 محطات تحلية مياه “ولاية البحر الاحمر” قرض”الصندوق العربي للانماء الاقتصادي”
49-جسر سيدون على نهر عطبرة قرض”الصندوق العربي للانماء الاقتصادي”.
يوماً بعد يوم تتكشّف للشعب السوداني الحقائق التي حاول الاعلام المرتزق اخفائها، ومع افتضاح أمر العُصبة الحاكمة، والتردي في الأوضاع في البلاد وارتفاع أصوات السلاح في الفاشر وجبال النوبة، وزيادة الضغوط على المواطنين بسبب الضوائق المعيشية، ووضع السودان في دائرة الاستهداف الخارجي ومشاركة بلادنا بشكل واضح وجلي في الحرب الباردة والساخنة على السواء، وتسليم مقاليد أمورنا للحركة (الاخوانية) العالمية وارتفاع معدلات الهجرة من السودان للخارج للكفاءات الوطنية.
إن الاعلان الحكومي عن قيام أثيوبيا بمد السودان بالكهرباء وبهذا الحجم المعلن يعني اعتراف الحكومة السودانية ضمنياً بفشل مشروع سد مروي الذي دفعنا فيه دم القلب لا بل سنتحمل وأجيالنا لثلاثين عاماً مقبلة هذا الفشل، و يدخل السودان الآن مرحلة جديدة في تاريخه الضارب في القدم مرحلة صعبة للغاية وقد نبهنا لذلك منذ عامين أو أكثر وصدق حدسنا في كل التوقعات ذلك لأن القراءة بالنسبة للأحداث في السودان واضحة للغاية، لكن يتواصل دعاء الوطنيين والأحرار والشرفاء بأن يحفظ الله بلادنا من مخططات هذه الطغمة الحاكمة، وأن يرينا فيهم يوماً أسوداً إنه نعم المولى ونعم النصير.
الاثنين 19 نوفمبر 2012م
الساعة الثالثة والنصف عصراً