حقوق اللاجئين والنازحين وشروط العودة في القانون الدولي (2) هارون سليمان

حقوق اللاجئين والنازحين وشروط العودة في القانون الدولي (2) هارون سليمان
[email protected]
شروط العودة الطوعية:
إقرار بالأوضاع البائسة وغير المستقرة التي يعيش في ظلها ملايين اللاجئين والمشردين داخليا في أرجاء العالم ، كفل القانون الدولي لحقوق الإنسان وقانون اللاجئين الدولي والقانون الإنساني الدولي والمعايير ذات الصلة حق عودة اللاجئين والنازحين والمشردين في أوضاع مشابهة الذين فروا عبر الحدود الوطنية ولم ينطبق عليهم التعريف القانوني للاجئين كفل حق عودتهم  إلى ديارهم وأراضيهم الأصلية أو المعتادة السابقة عودة طوعية وآمنة وكريمة مستندة إلى خيار حر
ومطلع وفردي مع إتاحة معلومات كاملة وموضوعية ومستوفاة ودقيقة عن المسائل المتعلقة بالسلامة الجسدية والمادية والقانونية في بلد العودة وأماكن الإقامة الأصلية وإقرار تدابير ايجابية لضمان حقوق العائدين خاصة النساء والأطفال وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة وتمكينهم في استرداد حقوقهم (المساكن ، الأراضي ، الممتلكات ) علما بأن استرداد حقوق اللاجئين والنازحين وإقرار سيادة القانون عنصر أساسي في تسوية النزاعات ويناء السلم والعودة الآمنة والمستدامة بل عنصر أساسي من العدالة التعويضية ويسهم بفعالية في تلافي حالات التشريد في المستقبل.
إن عملية العودة الطوعية للاجئين والنازحين واستقرارهم في مناطقهم الأصلية من أهم المراحل التي تتطلب جهدا مشتركا بين الحكومات والمجتمع الدولي والمنظمات الطوعية ومنظمات المجتمع المدني وذلك لإنجاح العملية بطرق إنسانية وقانونية ومن الشروط الواجب توافرها لعودة اللاجئين والنازحين إلى مناطقهم الأصلية:ـ
1.    مشاركة اللاجئين والنازحين والمشردين في تنظيم عودتهم:  أي كفالة مشاركتهم في تخطيط وإدارة واتخاذ القرارات الهامة التي تؤثر على حياتهم ومستقبلهم وتنفيذ برنامج العودة وهذا يساعد على إنجاح عملية العودة الطوعية ويحقق مبدأ إشراك المستفيدين في كل مراحل العملية.
2.    تسجيل اللاجئين والنازحين والمشردين وجمع المعلومات اللازمة المتعلقة بمكان ووضع المسكن الأصلي للاجئ أوالنازح أو أرضه أو ممتلكاته أو مكان إقامته المعتاد.
3.    الاختيار وعدم الإكراه:  أي منع العودة القسرية حيث نصت عليه المادة (33) من اتفاقية جنيف لسنة 1951 لحماية اللاجئين والتي تمنع السلطات المحلية والحكومات من اتخاذ أي إجراءات من شأنها أن تجبر اللاجئين بالعودة إلى دولهم أو أي جهة أخرى حيث تهدد حياتهم وحرياتهم بالخطر والاضطهاد ويعتبر قرار العودة اختياريا حسب تعريف مفوضية الأمم المتحدة للاجئين بتوافر عنصران هامان هما :
العنصر الأول : حرية اتخاذ القرار وتعدد الخيارات وتعني غياب كل وسائل الضغط المادي والمعنوي وتوفر وسائل الحماية المحلية والدولية وتوفر المساعدات الإنسانية خاصة الغذاء والمأوى والعناية الصحية ويتوجب ذلك السماح الفوري وغير المقيد وإزالة المعوقات وتقديم التسهيلات اللازمة للمنظمات الدولية والإقليمية العاملة في المجال الإنساني لتقدم المساعدات للعائدين إلى جانب وزال الأسباب التي أدت إلى نزوح ولجوء هؤلاء الأشخاص .
العنصر الثاني : توفر المعلومات أي توفر المعلومات التي تمكن اللاجئين والنازحين من اتخاذ القرار المسند بالمعلومات الكافية عن الأحوال في مناطق العودة خاصة سبل الحماية والعيش والظروف الأمنية وتوفر المؤسسات التي تعمل على حماية سيادة القانون في تلك المناطق التي ينون العودة إليها والاستقرار فيها .
4.    الأمن والسلامة : ويشمل ذلك السلامة البدنية والقانونية والمادية .
أ‌)    السلامة البدنية : تشمل السلامة البدنية الحماية ضد التهديد بانتهاك حق الحياة والأمن الشخصي أي الحماية من الإعدامات خارج إطار القانون التصفيات الجسدية والحماية من الهجمات العشوائية والحماية من الاختطاف والتعذيب والاختفاء القسري و الاغتصاب والإكراه على البغاء وإزالة الألغام التي تهدد أمن وحياة الأفراد وغيرها من المهددات الخاصة بحياة الإنسان وأمنه الشخصي .
ب‌)    السلامة القانونية : وتعني ممارسة اللاجئ والنازح كافة حقوقه التي يكفلها القوانين الدولية والمحلية ومن عناصر السلامة القانونية : حق المساواة أمام القانون وحق التمتع بالحماية القضائية والأمنية وحق الحماية من الاضطهاد والتشريد والاعتقال التعسفي ..الخ
ت‌)    السلامة المادية : وتعني توفير الاحتياجات الأساسية باعتبارها من أهم العناصر لضمان الاستقرار وذلك بإعادة بناء القدرات الاقتصادية وتوفير السبل المناسبة لعيشهم وإيجاد السكن المناسب وتوفير فرص العمل …الخ
5.    الكرامة الإنسانية : إن الكرامة الإنسانية لا تتجزأ ولا يمكن اعتبار شخص ما أكثر إنسانية من الآخر والكرامة الإنسانية تعني معاملة اللاجئ والنازح بطرق إنسانية وعدم استعمال القسوة لإعادتهم لمناطقهم  التي لا تتوفر فيها شروط العودة الطوعية وإعطائهم حق في حرية التحرك بدون شروط وعدم إجبارهم على استخدام وسائل مواصلات معينة عند العودة أي احترام حقوقهم كاملة .
6.    استرداد المساكن والأراضي والممتلكات : أي معالجة المسائل القانونية والفنية ذات الصلة برد المساكن والأراضي والممتلكات التي انتزعت من اللاجئين والنازحين أو فقدوها أو تم إخلائهم بصورة تعسفية أو غير قانونية وتتم هذه العملية عبر مبادئ منها :
أ‌)    يحق لجميع اللاجئين والنازحين والمشردين أن يستعيدوا مساكنهم وأراضهم أو ممتلكات حرموا منها أو تم مصادرتها أو الاستيلاء عليها بصورة تعسفية وغير قانونية كإجراء تأديبي أو كوسيلة أو أسلوب حرب وأن يحصلوا على تعويض عن مساكن أو أراضي تم هدمها أو تدميرها وممتلكات يتعذر عليها إعادتها حسبما تخلص إليه محكمة مستقلة ومحايدة وفي حالة تعطل سيادة القانون أو عندما تعجز الدولة عن تنفيذ هذه الإجراءات على نحو منصف ينبغي للدولة المعنية أن تطلب المساعدة والتعاون التقنيين من الوكالات الدولية ذات الصلة بغية وضع أنظمة مؤقتة تتيح للاجئين والنازحين الإجراءات والمؤسسات والآليات الضرورية لضمان سبل الانتصاف فعالة فيما يتعلق باسترداد مساكنهم وأراضيهم وممتلكاتهم .
ب‌)    إنشاء مراكز ومكاتب ووحدات متنقلة لمعالجة مطالبات الاسترداد في مختلف المناطق  المتضررة وتيسير الوصول إلى المتضررين وضمان عدالة ومجانية إجراءات التظلم وجوانب المتعلقة بعملية مطالبات الاسترداد ومراعاة  العمر والفروق بين الجنسين .
ت‌)    إحاطة جميع الأشخاص المعنيين بإجراءات عملية مطالبات الاسترداد ووضع المعلومات المتعلقة بهذه العملية في متناول الجميع بما في ذلك في بلد المنشأ أو بلدان اللجوء .
ث‌)    على الدولة والجهات المعنية الأخرى أن تضع استمارة مطالبة استرداد بسيطة وسهلة الفهم والاستعمال وأن تكتب باللغة أو اللغات الأساسية للفئات المتضررة أو توفير مترجمين ومساعدين أكفاء ومحايدين لمساعدة الأشخاص على ملئ ما قد يلزم من استمارات وتقديمها .
ج‌)    على الجهات المعنية أن تحدد فترة زمنية كافية لتقديم مطالبات الاسترداد أو مطالبات التعويض ونشر هذه المعلومات على نطاق واسع وأن تكون الفترة طويلة بما يكفي لضمان حصول جميع المتضررين على فرصة مناسبة لإيداع مطالبات الاسترداد مع مراعاة الصعوبات التي قد تواجههم في جمع المعلومات والحصول عليها ونطاق التشريد والفرص المتاحة للفئات المحرومة والأشخاص الضعفاء والوضع السياسي في البلد أو مناطق العودة .
ح‌)    على الدولة أن تضمن عدم تعرض أي شخص للاضطهاد أو العقاب بسبب تقديم مطالبة الاسترداد وعدم إعاقة عملية مطالبة هذه الحقوق .
خ‌)    على الدولة أن تمتنع عن اعتماد أو تطبيق أي قانون تضر بعملية رد الأملاك والتعويض لا سيما قوانين التنازل القسري وقوانين التقادم التعسفية أو التمييزية أو المجحفة .
د‌)    ينبغي للدولة آلا تعترف بصحة أي معاملة تخص مساكن أو أراضي أو ممتلكات اللاجئين والنازحين المشردين بما فيها أي نقل لملكيتها بالإكراه أو استخراج أوراق في غياب المالك الأصلي أي شكل من أشكال القسر أو الإرغام سواء بشكل مباشر أو غير مباشر على نحو يتنافى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
ذ‌)    أن تعترف الدولة بما للجماعة التقليدية والسكان الأصليين من حقوق في حيازة الأراضي الجماعية (الحواكير) في أنظمة التسجيل المعمول بها .
ر‌)    ينبغي على الدولة والسلطات والمؤسسات الأخرى المسؤولة أن تضمن عدم إتلاف أنظمة التسجيل القائمة قبل النزاعات وحفظها في مكان آمن أي المستندات الخاصة بالمساكن والأراضي والممتلكات.
ز‌)    على الدولة أن تتخذ إجراءات وتدابير قانونية وكفيلة لاسترداد المساكن والأراضي والممتلكات من الشاغلين الثانويين أو المحتلين أو المستوطنين الجدد .
7.     إدراج الإجراءات والآليات في اتفاقات السلم واتفاقات العودة الطوعية : على الدولة والأطراف الأخرى  إدراج الإجراءات والآليات المتعلقة برد المساكن والأراضي والممتلكات وتعويض المفقودات والإجراءات الخاصة بالعدالة الانتقالية ( محاكمة مرتكبي الجرائم ضد اللاجئين والنازحين وتعويض الضحايا وإعادة إعمار مناطق العودة ..الخ) في اتفاقات السلم واتفاقات العودة الطوعية إلى الوطن وإصدار التشريعات الوطنية المتعلقة بهذا الشأن متوافقة مع هذه الاتفاقات .
8.    إشراف المجتمع الدولي على عملية العودة الطوعية : للمجتمع الدولي أن يعمل على تعزيز عملية العودة الطوعية وحماية العائدين وحقوقهم والمساهمة في استرداد مساكنهم وأراضيهم وممتلكاتهم والإشراف على عمليات التعويضات وإعادة الإعمار ومساعدة الأطراف على ضمان امتثالها لقانون حقوق الإنسان وقانون الدولي للاجئين والمشردين داخليا والقانون الدولي الإنساني والمعايير ذات الصلة ورصد تنفيذ البرامج والسياسات المذكورة .كما ينبغي لعمليات السلم الدولية في إطار تنفيذها مجمل المهام المسند إليها أن تقوم بواجبها في حماية حقوق العائدين من معسكرات اللجوء والنزوح وإدراج ومتابعة تنفيذ الاتفاقات المبرمة وأن تضمن  مجلس الأمن هذا الدور في ولاية علميات السلم والأمن الدوليين الخاصة بهذه العملية.
في الحلقات القادمة
العودة الطوعية :
1.    الإعداد للعودة
2.    أنشطة أثناء العودة
3.    التهديدات التي يتعرض لها العائدون
أ‌)    التمييز
ب‌)    الحياة والأمن الشخصي
ت‌)    الحرية الشخصية
ث‌)    الحقوق الاجتماعية
ج‌)    القيود على التنقل
ح‌)    متطلبات وثائق تحقيق الهوية
خ‌)    جمع شمل الأسرة
د‌)    اللغة والثقافة
ذ‌)    حرية التجمع
ر‌)    المشاركة في الشؤون الحكومية والشؤون العامة
ز‌)    الجماعات الضعيفة ( النساء ، الأطفال ، كبار السن ، ذوي الاحتياجات الخاصة )
5. أنشطة بعد العودة
الخاتمة
هارون سليمان يوسف
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *