حزب«الأمة» و«العدل والمساواة» يوقعان اتفاقا يؤيد إحالة جرائم دارفور إلى لاهاي ورفض نتائج الإحصاء السكاني

لندن: مصطفى سري
وقع حزب «الأمة» السوداني المعارض بزعامة رئيس الوزراء السابق الصادق المهدي، وحركة ««العدل والمساواة» المتمردة في دارفور بزعامة الدكتور خليل إبراهيم، اتفاقا في العاصمة المصرية القاهرة للعمل على تشكيل حكومة انتقالية جديدة في خطوة ستثير غضب الخرطوم. والاتفاق هو الأول بين الطرفين منذ أن قامت الحركة بهجومها على أم درمان في مايو (أيار) العام الماضي الذي انتقده المهدي مما خلق أجواء متوترة وقطيعة بينهما

وقالت حركة العدل والمساواة إن الاتفاق هو عبارة عن «إعلان مبادئ» وأفكار مشتركة لا يصل إلى تحالف سياسي أو عسكري. لكن مشهد جلوس أعضاء حزب الأمة بقيادة الصادق المهدي مع المتمردين سيقلق بشدة الرئيس السوداني عمر حسن البشير الذي تلاحقه سلسلة من الأزمات السياسية.

واتفق الطرفان على رفض اعتماد نتائج الإحصاء السكاني باعتبار أن عليه اختلافا ولا يمكن اعتماده أساسا لأي إجراءات سياسية، وأيدا قرار مجلس الأمن الدولي 1953 الذي أحال بموجبه الجرائم التي ارتُكبت في إقليم دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية، ودعيا إلى عدم الإفلات من العقوبة دون الإشارة إلى طلب المحكمة اعتقال الرئيس السوداني عمر البشير، وأكدا على أن السلام خيار استراتيجي للأطراف وأن حزب «الأمة» يسعى إلى تحقيق الأهداف بالوسائل المدنية في حين ترى حركة «العدل والمساواة» مشروعية كل الخيارات بما فيها الثورية لتحقيق ذات الأهداف.

وأبلغ سليمان صندل قائد العدل والمساواة «رويترز» أن الجماعة ستواصل صراعها ضد الخرطوم لكنها مهتمة أيضا بإيجاد السبل للإطاحة بالحكومة من خلال القنوات السياسة. وقال: «اتفقنا على أن بلدنا في خطر في ظل كثير من المشكلات، وأن هذه المشكلات يجب أن يكون لها حل وطني». وأضاف: «ما زلنا منظمتين منفصلتين. نعمل لتحقيق هدف استراتيجي واحد، لكن هناك اختلافا في الوسائل. الهدف الواحد هو العمل ضد الحكومة».

وقال فضل الله برمة ناصر نائب رئيس حزب «الأمة» لـ«رويترز» إن هذا سيخلف «فراغا دستوريا يمكن التعامل معه فقط من خلال حكومة وطنية». وأجلت الانتخابات الموعودة في السودان إلى أبريل (نيسان) عام 2010. وقبل كل من حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان التأجيل وقالا إن حكومتهما يجب أن تبقى حتى التاريخ الجديد للاقتراع.

وقال ناصر إنه لا داعي لأن يقلق رئيس السودان بسبب الاتفاق. وأضاف: «كل ما فعلناه هو أن جلسنا معا. هذه ليست اتفاقية للحرب. إنها اتفاقية للسلام». «مشكلات السودان أكبر كثيرا من أن يحلها أي فرد أو حزب. يجب أن نفتح الباب للأشخاص كافة الذين يحملون أسلحة. يجب أن نجلس معهم. لا يمكننا أن نهمل حركة العدل والمساواة».

وطالب طرفا الاتفاقية بتشكيل حكومة قومية تؤسس على إجماع وطني، خصوصا أن الحكومة الحالية تنتهي دستوريا وفي كل مستوياتها في التاسع من يوليو (تموز) الجاري. ودعا الطرفان إلى أن تقوم الحكومة القومية المقترحة بإجراء انتخابات ديمقراطية نزيهة ومراقبة إقليميا ودوليا، تحقيقا للتبادل السلمي للسلطة، وإلغاء جميع القوانين المقيدة للحريات، وتحقيق السلام في مناطق النزاع حتى تصبح الانتخابات عامة في كل أرجاء البلاد، وحذرا من أن عدم الإيفاء بتلك الشروط هو إضرار بالبلاد تجب مقاطعته.

إلى ذلك، قال مسؤول سوداني كبير إن الرئيس الأميركي باراك أوباما يفتح صفحة جديدة في علاقات الغرب المضطربة مع السودان، بتبني مقاربة أكثر إيجابية. وقال السماني الوسيلة وزير الدولة السوداني للشؤون الخارجية في مقابلة مع «رويترز» إن إدارة أوباما تظهر استعدادا لتجاوز الماضي. وأضاف قائلا على هامش قمة للاتحاد الإفريقي في ليبيا: «نحن نشهد عهدا جديدا مع مجيء أوباما إلى السلطة، وهو الآن يبدأ الحديث عن التفاهم والاحترام والدعم، وهذا لم يكن موجودا من قبل».

وعين أوباما الجنرال المتقاعد بسلاح الجو سكوت غريشن ـ وهو من مستشاريه المقربين ـ كمبعوث خاص إلى السودان، واستضافت الولايات المتحدة الشهر الماضي مؤتمرا لمسؤولين من شمال وجنوب السودان لمحاولة الإبقاء على اتفاقهما للسلام في مساره. وهاجم الوسيلة السياسات الغربية بشأن السودان على مدى الأعوام القليلة الماضية قائلا إن بلاده المنتجة للنفط تقيدت بالمطالب الدولية بشأن دارفور، وأنهت القتال ضد المتمردين في الجنوب، لكنها لم تحصل على مكافأة. وقال: «عندما وقعنا اتفاق السلام (مع متمردي الجنوب) تلقينا وعودا برفع العقوبات وتخفيف أعباء الديون». وأضاف قائلا: «ما تحقق في أربع سنوات ينبغي أن يقابل بمكافأة. هذا هو ما نحتاجه، التشجيع لا العقوبات والاتهامات والضغط».

وسُئل الوسيلة عن تصريحات لمسؤولين غربيين بأن الاتفاق بين الشمال والجنوب في خطر فقال: «كل من قال هذا يجب أن يسأل نفسه ما الذي فعله لتنفيذه؟». وأضاف قائلا: «التزام زعيمَي الشمال والجنوب هو أنه لا عودة إلى الحرب، وسنفعل هذا بالطريقة التي نعرفها وفقا لمواردنا وقدراتنا. إذا كان الآخرون مستعدين لمساعدتنا فإننا يمكننا تسريعه».

الشرق الاوسط

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *