·رواية شاهد عيان فى مؤامرة “ام جرس” المسمى بالاجتماع التحاورى للزغاوة برعاية الرئيس التشادى
موسى يعقوب جارالنبى
ام درمان
ختمنا الحلقة الماضية بوصولنا الى مدينة “ام جرس” مساء يوم الجمعة 24 اكتوبر 2013 م ، وانزالنا فى الفندق المُعد لاستقبال الضيوف ، وقد زارنا الرئيس دبى للتحية والمجاملة بعد صلاة العشاء وودعنا بعده مباشرة ذاهبا الى قصره بالمدينة وخاصة وهو الاخر قادم من السفر من انجمينا العاصمة ، حيث وصل الى ام جرس فى حوالى توقيت وصولونا نحن من الخرطوم ، على وعد باللقاء مع الرئيس فى اليوم التالى فى فاتحة اعمال المؤتمر .
فى صبيحة اليوم التالى (25/10/2013 ) تم نقلنا بالعربات الى مقر المؤتمر خارج الفندق وهو قاعة كبيرة فى احدى المرافق الحكومية الهامة ، ربما رئاسة المحافظة ، وبعد اكتمال وصول وجلوس كل الوفد بالقاعة ، بما فى ذلك بعض القيادات القبلية من الجانب التشادى ابرزهم الوزير محمد على ارض الشام والطاهر محمد قاسى وآخرين ، وعدد من جنرالات الجيش التشادى ، قدم رئيس هيئة شورى الزغاوة خطبة مقتضبة شكر فيها الرئيس التشادى لتقديمه الدعوة لنا لحضور هذا المؤتمر ، بعده قدم الوزير محمد على ارض الشام الرئيس دبى لمخاطبة المؤتمر ، وحى الرئيس الحضور وجلس فى الكرسى المعد له مسبقا ، وبدأ حديثه بلغة الزغاوة ، وشخصيا اذهلنى بحديثه المرتب وببلاغته وفصاحته بهذه اللغة .
تحدث الرئيس فى مواضيع شتى كلها تتمحور حول مشكلة الحرب فى دار فور ودور قبيلة الزغاوة السودانية فى هذا الحرب ، وكيفية انهاء هذا الحرب وفرض الامن ومن ثم خلق الاستقرار لصالح مواطنى المنطقة والذين يهمه امرهم جدا باعتبارهم اهله وعشيرته ، وخاصة بعد فشل كل المساعى السابقة من قبله بالتنسيق مع حكومة السودانية لغرض ايقاف هذا الحرب . وهنالك امر هام قبل مواصلة السرد ، وهو ان الرئيس قال ان (بعض الاهل) هم الذين اشاروا اليه للقيام بهذه المبادرة لدعوة الاهل والتفاكر معهم فى سبيل ايقاف الحرب فى دار فور ، دون ان يشير الى جنسية الاهل ، هل هم اهله الزغاوة التشاديين ام السودانيين .
من غير التقيد بالترتيب الذى اتبعه الرئيس دبى فى حديثه ، يمكن ايجاز حديثه فى المواضيع التالية :
افتتح الرئيس حديثه قائلا انه من اصعب الاشياء (مسايسة ) الزغاوة او ادارتهم فهم قوم يصعب جدا ادارتهم وتجربته الخاصة ملئ بالعبر فى هذا المجال ، وقد ضرب امثالا من البيئة للتدليل على صعوبة ادارة الزغاوة ، ليس من اللائق ذكرها هنا ، وخاصة وهو نفسه لا يقصد بالتأكيد الاساءة الى اهله بقدر ما كان غرضه توصيل ما يقصده بالدقة المطلوبة .
تحدث الرئيس عن ضرورة وحدة صف الزغاوة وضرورة تقوية هيئة الشورى وكذلك تمكين وتقوية الادارات الاهلية بالمنطقة ، وفى اطار وحدة الصف قال الرئيس ان انتساب الناس لاحزاب او جهات سياسية مختلفة من المفترض الا تأثر على وحدة الصف القبلى لان مثل هذه الانتماءات يمكن ان تتبدل او تنتهى ولكن لا يمكن تغيير القبيلة ومن الصعوبة قطع الارتباط بها .
عرج الرئيس للحديث عن موضوع الحركات المسلحة وما ارتبط بها من غياب الامن وعدم الاستقرار والنزوح من المنطقة بالتفصيل الممل باعتباره الموضوع الاساسى ، وقال انه من المبتدأ كان ضد قيام الحرب (الثورة ) لعلمه المسبق عن تداعيات الحرب بشكل عام ، ولعلمه ايضا باختلاف الظروف فى السودان وتشاد ، لان فى بال الناس انه هو شخصيا قد خاض حربا مشابهة وصل بها للسلطة ، لان حسب تجربته الحرب لو تجاوز السنتين ، فانها تكون مثل الجلابية القديمة تتآكل (تتقطع وتتمزق ) ، ويقصد التدمير الذى يسببه الحرب فى جميع نواحى الحياة . وقال ايضا انه بمجرد عودته من لقاء الفاشر بعد اندلاع حرب دار فور ، قضى 12 يوما فى الطينة التشادية يجرى فيها الاتصالات مع قادة الحركات من ابناء القبيلة السودانيين لاقناعهم بعدم الاستمرار فى الحرب والجنوح للسلم بالاتفاق مع الحكومة باى طريقة ، ولكنه فشل فى ذلك . وتعرض ايضا لادواره المختلفة التى لعبها فى عمليات الوساطة وتقديم النصح للاخوة قادة الحركات ورعاية جولات التفاوض بدءً بابشى (1) وابشى (2) ثم انجمينا ، وثم انتقال التفاوض الى ابوجا . وتعرض ايضا الى مفاوضات الدوحة الاخيرة وتوقيع الاتفاق من قبل المرحومين محمد بشر واركو سليمان مع الحكومة السودانية ودخول العدالة والمساواة الفصيل الرافض للاتفاق الى الاراضى التشادية واغتيال مجموعة محمد بشر ، حسب حديثه . وسرد الرئيس ايضا دوره للوساطة بين المرحوم الدكتور خليل والحكومة السودانية ونجاحه الاولى بجمع المرحوم الدكتور خليل والدكتور غازى صلاح الدين ممثل الحكومة ، الا انه قد تفاجأ فى اليوم التالى اذ اتاه الدكتور خليل غاضبا وقال له ، انك يا الريس قد بعتنى “بيعة رخيصة ” للحكومة السودانية ، وقال الرئيس وبعدها قلت لخليل خلاص رتب نفسك وامشى قطر وفاوض الحكومة السودانية عشان يعطوك اكثر ، لكن بشرط الا ترجع مرة اخرى الى تشاد فى حالة فشلك من توقيع اتفاق مع الحكومة السودانية ، ولكن تفاجأت حسب الرئيس ، بخليل بمطار انجمينا ، امرت فورا بعدم استقباله وارجاعه الى حيث اتى . وادلى الرئيس بهذا الخصوص بمعلومة ربما يقولها لاول مرة علنا ، وهو ان الدكتور خليل لم يأت من تلقاء نفسه فقط فهنالك بعض المسئولين فى الدولة ، قالوا له تعال وسيبك من كلام ادريس ” ادريس البلد ما حقو براه ) ، وهولاء الناس ليسوا ببعيدين عنكم هم هولاء الجالسين امامكم ، واشار الى الجنرالات الموجودين فى القاعة ، وقال انتم الزغاوة فى السودان وكذلك هنا فى تشاد هم الذين يدعمون الحركات المسلحة ، وهذه واحدة من مشكلاتنا . وقال انه بوجود الامن والاستقرار فى المنطقة فان الحدود فى هذه المنطقة لا معنى له فان الناس تتواصل وتتجول ببهائمها على طرفى الحدود بدون اى قيود وبدون حتى اعتراف بهذه الحدود ، واستدل بتجربته الشخصية ، وقال هو مولود بهذه البلدة “ام جرس” وقد انتقل اهله الى شقيق كارو بدارزغاوة فى السودان وعاش فترة هناك ، وقد اُدخل بمدرسة فوراوية الصغرى ثم انتقل الى كرنوى الاولية ومن هناك انتقل الى تشاد مرة اخرى وواصل تعليمه واستقر بها .
وبخصوص فرض الامن بالمنطقة وضرورته ، قال الرئيس ان هنالك الان قوة مشتركة من الحكومتين السودانية والتشادية تعمل على فرض الامن بجانبى الحدود قوامها 2000 جندى ، ويمكن تعزيز هذه القوة ورفعها الى 10 الف جندى لفرض الامن فى المنطقة . وبخصوص التنمية قال الرئيس ان تشاد يمكن ان تساهم فى تنمية منطقة دار فور المتضررة من الحرب ، ولكن حتى يتم ذلك لا بد من فرض الامن بشكل كامل لتنعم المنطقة بالاستقرار ، لان التنمية لا تقوم الا باستتاب الامن ، وقد ضرب الرئيس مثلا بمدينة “ام جرس ” حيث ينعقد المؤتمر الان ، قائلا انه عندما زائر المنطقة عام 2007 ، فقد نزل تحت شجرة لعدم وجود منازل ، وكيف انها الان اصبحت مدينة حديثة ، وقال الرئيس ان التنمية فى وجود الامن والاستقرار امر ليس بالصعب وخاصة المتطلبات التنموية لمنطقة مثل دار زغاوة ليست كبيرة او معقدة ، وقال : على فكرة قيمة آلة حربية واحدة قد تحدث بعض التنمية المعقولة بالمنطقة .
وتحدث الرئيس ايضا بضرورة إعمال التعايش السلمى فى المنطقة وبناء جسور التعايش مع القبائل الاخرى فى دار فور ، وانهاء اى رواسب سببتها الحرب والنزوح بالمنطقة ، وقال الرئيس ان التغيير هو سنة الحياة وهو قادم فى السودان كما فى تشاد ، ولا بد من بناء العلاقات بين شعوب المنطقة لان مصالحهم مشتركة اما الافراد فهم زائلون .
وختم الرئيس حديثه حاثا المؤتمرين بالتحاور والنقاش فى المواضيع التى تطرق لها فى خطابه وتقديم توصيات للمؤتمر ، والتى ستكون ملزمة له من حيث التنفيذ بالتعاون مع الحكومة السودانية او اى اطراف اخرى ، بعدها طلب الرئيس من المؤتمرين بتعيين ادارة للمؤتمر والاستمرار فى التحاور والنقاش للوصول الى التوصيات ليتم الرفع له واستأذن الحضور للانصراف
فى الحلقة القادمة :
– ترشيح رئيس للمؤتمر
– تكوين اللجان لمناقشة خطاب الرئيس وتقديم توصيات
– الجلسة الختامية واجازة التوصيات
– تسليم التوصيات للرئيس واختتام المؤتمر
– دعوة العشاء الرئاسية للمؤتمرين بحدائق الفندق
– مكرمة الرئيس للمؤتمرين (المظاريف الدولارية )
– الرجوع للسودان برحلة مباشرة للفاشر
– استقبال الوالى كبر للمؤتمرين وتنوير كبر من المؤتمرين
– مواصلة السفر الى الخرطوم