ثورة «شباب مصر» تحاصر مبنى البرلمان وتتمسك بإسقاط مبارك وسليمان وتدعو إلى «جمعة التحدي»
جماعة الإخوان لـ«الشرق الأوسط»: نحذر من استخدام الجيش في انقلاب عسكري
القاهرة: محمد أبو شامة ومحمد عبد الرءوف ومحمد حسن شعبان وشعبان عبد الستار
حاصر المتظاهرون من شباب 25 يناير أمس مباني البرلمان والحكومة بالقاهرة، معلنين تمسكهم بإسقاط الرئيس المصري حسني مبارك، فيما قالت جماعة الإخوان المسلمين لـ«الشرق الأوسط» إنها تحذر من استخدام الجيش في انقلاب عسكري.
وواصل آلاف المتظاهرين المطالبين بتنحي مبارك اعتصامهم أمس، لليوم السادس عشر في ميدان التحرير بقلب العاصمة المصرية القاهرة، فيما واصلت آلاف أخرى جاءت من عدة محافظات مجاورة، محاصرة مقر البرلمان بمجلسيه (الشعب والشورى) ومبنى الحكومة بشارع قصر العيني على بعد نحو 200 متر من ميدان التحرير، مطالبين بإقالة حكومة الفريق أحمد شفيق التي لم يمض على تشكيلها بقرار من الرئيس مبارك سوى عدة أيام.
وقال شهود عيان إن المحتجين كتبوا على بوابات البرلمان إنه «مغلق إلى حين إسقاط نظام الرئيس المصري»، ما دفع إدارات مجلس الوزراء ومجلسي الشعب والشورى لصرف الموظفين ومنحهم إجازة مفتوحة، بينما قرر الفريق شفيق نقل اجتماعات مجلس الوزراء (الحكومة) إلى مقر وزارة الطيران المدني التي تقع قرب مطار القاهرة على أطراف العاصمة، حيث كان شفيق يتولى منصب وزارة الطيران قبل تشكيله الحكومة أخيرا.
ولم يفلح إعلان اللجنة، التي شكلها مبارك لتعديل الدستور، عن أنها اتفقت مبدئيا على تعديل 6 مواد بالدستور الحالي في تهدئة المتظاهرين الذين رددوا هتافات انتقدوا فيها عمر سليمان نائب الرئيس المصري بسبب تصريحاته الأخيرة التي قال فيها «كل شخص يؤمن بالديمقراطية، ولكن متى نطبقها؟ حينما يتعلم مجتمعنا ثقافة الديمقراطية».
وكان لافتا أمس أن عددا من المتظاهرين ارتدوا ما قالوا إنه أكفان في إشارة إلى استعدادهم للموت في ميدان التحرير، بعد تصريحات نائب الرئيس بأنه لا يمكن احتمال بقاء المتظاهرين في الميدان لفترة طويلة، وهو ما اعتبروه مؤشرا على إمكانية استخدام القوة ضدهم لفض الاعتصام.
وحشدت ذكرى المحتجين الذين قتلوا في الانتفاضة ضد الرئيس مبارك مزيدا من المعارضة في ميدان التحرير بوسط القاهرة، حيث تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن 300 شخص على الأقل قتلوا خلال الاضطرابات في أنحاء مصر. وفي تصعيد جديد دعا ناشطون على موقعي «تويتر» و«فيس بوك» إلى بدء التنسيق لحملة شعبية كبرى تهدف إلى «عدم دفع المواطنين لفواتير الكهرباء والماء والتليفون للمحصلين»، فيما يعد عصيانا مدنيا، من أجل الضغط على النظام للنزول على مطالب «الثورة»، وتحقيق أهدافها.
وقال محمود عزت نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين في مصر إن اللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية بدأ يكشف عن وجهه الحقيقي عندما أعلن أن البديل عن الحوار هو الانقلاب، واعتبر عزت أن هذا يدل على أن سليمان أغلق باب الحوار، مبررا ذلك بأن من يدخل حوارا يفترض فيه أن يكون لديه روح الاختلاف وتقبل الرأي والرأي الآخر، قائلا: «من يدخل حوارا يكون موقفه أنه لا بديل عن الحوار وإما الحوار أو الحوار وليس الانقلاب».
وأوضح عزت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن الجيش الآن أصبح على المحك، ودعاه إلى أن يكون له موقف ولا يتم استخدامه في التهديد بالانقلاب العسكري، محذرا من أن يتم استخدام أو توريط جزء من الجيش وعناصره سواء بالضغط أو بالإكراه أو الوعود في الانحياز لنظام سقط ولم يبق له أي شرعية، على حد قوله.
وحول الاتهامات للجماعة بأنها تقود عصيانا مدنيا من أجل الضغط على النظام في جميع المحافظات والمرافق، نفى عزت أن يكون «الإخوان» يخططون أو يريدون عصيانا مدنيا، معتبرا أن ما يحدث الآن من ثورة شعبية مصرية خالصة أقوى بكثير من العصيان المدني.
وحول موقف الجماعة من اللجان التي شكلها رئيس الجمهورية وبدأت فعليا أمس (الأربعاء) في مناقشة التعديلات الدستورية وكذلك لجنة تقصي الحقائق حول أحداث العنف ضد المحتجين يومي 28 و29 الشهر الماضي، والتحقيق مع رموز النظام ووزرائه، شدد عزت على أن كل هذه مسكنات ومحاولات للالتفاف على الشرعية الثورية، موضحا أن النظام سقط ولا بد أن يعترف بهذا وما بقي فهي بقايا نظام، متهما الرئيس مبارك بأنه فاقد للشرعية وأن أي قرار يصدره غير شرعي، قائلا: «النظام لن يستنسخ نفسه مرة أخرى».
وأشار عزت إلى أن «الإخوان» يريدون لهذه الثورة أن تحقق مطالبها بتضحيات وليس بخسائر وأن الشعب يستعد لتقديم التضحيات ولكنه لا يريد أن تكون هناك خسائر، خاصة في مؤسسات الدولة الحيوية، محذرا النظام من استخدام مؤسسات الدولة الحيوية في الضغط على المواطنين وإيهامهم بأن المتظاهرين أو فريقا ما من المواطنين هو السبب في تعطيل حياة المواطنين ومرافق الدولة، موضحا أن الشعب فطن إلى طرق النظام في إفشال الثورة، قائلا: «لن ينخفض سقف المطالب مهما تم الضغط أو الترهيب للناس وستبقى كما هي: تنحي الرئيس».
ورفضت حركة «شباب 6 أبريل» المعارضة، المشاركة في الحوار الذي دعا إليه نائب الرئيس المصري، وأدانت «الاستعانة بأحزاب كرتونية من صنع النظام للدخول في هذا الحوار لخداع الشعب دون تلبية مطالب المعتصمين في ميدان التحرير ومختلف أنحاء مصر»، قائلة في بيان لها أمس «إن المعتصمين في كل مصر ومن بينهم شباب 6 أبريل لن يقدموا أي تنازل، ومصرون أن يرحل هذا النظام فورا».
وقالت الحركة «إن دماء الشهداء التي سالت في ميدان التحرير وفى الكثير من الميادين تفرض علينا رفض هذا الحوار الهزلي الذي دعا إليه عمر سليمان ورئيسه»، مضيفة «أن أساليب عمر سليمان في التعامل مع المعتصمين في ميدان التحرير أصبحت غير مقبولة، والأمر سينقلب عليه سريعا، فالشعب المصري الذي يخرج من أجل التغيير والإطاحة بالطغاة، لا يعترف بخارطة طريق عمر سليمان، ويطلب رحيلا فوريا للسلطة، وإعادة الحق لأصحابه من أبناء الشعب المصري».
وفيما بدا استمرارا لاستجابة شرائح متنوعة من المجتمع المصري لحركة الشباب الاحتجاجية التي اجتاحت البلاد منذ يوم 25 يناير (كانون الثاني) الماضي، قررت نقابة المحامين المصريين تنظيم مسيرة حاشدة لأعضائها بالأرواب السوداء اليوم (الخميس)، فيما لم يتحدد بعد وجهتها. وأوضح نقيب المحامين حمدي خليفة أنه يوجد مقترحان إما أن تتحرك المسيرة للقصر الجمهوري بمصر الجديدة أو الانضمام للمعتصمين بميدان التحرير.
وأعلنت نقابة المحامين، إحدى أكبر النقابات المهنية في مصر، عن عزمها تشكيل لجان للادعاء بالحق المدني ضد المتهمين بقتل شباب ثورة 25 يناير منذ تفجرها الشهر الماضي. وطالبت النقابة التي يبلغ عدد أعضائها المشتغلين نحو 34 ألف محام في بيان لها أمس حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، بتحقيق كافة مطالب الشعب المصري من خلال ما فجره شباب 25 يناير من مطالب مشروعة وعادلة واتخاذ القرارات الهامة فورا نحو الإفراج عن كافة معتقلي الرأي، وتحرير وسائل الإعلام، وإلغاء قانون الطوارئ، وتعديل مواد الدستور بما يتفق مع مطالب الشعب وطموحاته.
وانقسمت النقابة بشأن موقفها من مطلب تنحي الرئيس المصري، ورفض حمدي خليفة نقيب المحامين (المقرب من النظام المصري والحزب الوطني الديمقراطي الحاكم بحسب انتقادات معارضين له داخل النقابة) مطلب تنحي الرئيس، مؤكدا ضرورة بقائه لضمان انتقال آمن للسلطة في البلاد.
وأقر خليفة بوجود انقسام داخل مجلس النقابة وجموع المحامين الذين دعوا للخروج في مظاهرة حاشدة لتأييد مطالب ثورة «25 يناير»، وقال: بعض أعضاء النقابة مع مطلب تنحي الرئيس، ومن المقرر تنظيم مسيرة غدا لكن ما زال هناك خلاف حول وجهتها، البعض يحاول دفع المحامين إلى التوجه للقصر الجمهوري، والبعض الآخر ينادي بالتضامن مع شباب ميدان التحرير والتوجه لاعتصامهم بالميدان.
وفي المقابل، أعرب مناوئون لنقيب المحامين عن رفضهم لتصريحات منسوبة لخليفة وصف فيها المحتجين بالميدان بـ«القلة المندسة». وقال عبد المنعم عبد المقصود محامي جماعة الإخوان المسلمين إن النقيب لا يمثل جميع محامي مصر وإنه لا يستطيع دخول مقر النقابة. وتوقع عبد المقصود أن تتجه مسيرة المحامين لميدان التحرير قائلا: إنه من الصعوبة بمكان أن يتم السماح للمتظاهرين بالتحرك نحو القصر الجمهوري.
من جانبه، أعلن الدكتور هاني هلال وزير التعليم العالي والدولة للبحث العلمي المشرف على وزارة التربية والتعليم، التي لم يعين لها وزير حتى الآن، رغم تشكيل حكومة جديدة، تمديد إجازة نصف العام للمدارس والجامعات لمدة أسبوع آخر لتجهيز المدارس التي أضيرت أثناء الاحتجاجات والانتهاء من أعمال التصحيح للامتحانات التي جرت قبل الأحداث الأخيرة.
إلى ذلك، فتح النائب العام المصري المستشار عبد المجيد محمود تحقيقا عاجلا أمس حول استشهاد أحمد محمد محمود الصحافي بجريدة التعاون التي تصدر عن مؤسسة الأهرام، والذي لقي مصرعه أثناء تغطيته الصحافية لأحداث احتجاجات 25 يناير الماضي برصاصة في عينه قرب مبنى وزارة الداخلية المصرية. وقرر المستشار ممدوح وحيد رأفت المحامي العام لنيابات جنوب القاهرة استدعاء نقيب الصحافيين مكرم محمد أحمد وزوجة الشهيد اليوم (الخميس) لسماع أقوالهم والاطلاع على قائمة الشهود تمهيدا لاستدعائهم لسماع أقوالهم.