تقسيم السودان فضيحة تاريخية وجريمة القرن الواحد وعشرين تمت على يد مجموعة الشقاق حكومة الجعليين المتأسلمين المستعربين
يسجل التأريخ بالخزي والعار لأولئك الذين يقطعون الآرحام بحجج واهية لا عروبة هي أصل فيهم ولا دين خلص لله وكلمات نقولها من أجل تأريخ السودان السياسي والفكر الأحادي الضيق ولا الإسلام والمسيحية ولا الوثنية والإفركانية ولا العروبية كل هذه ليست الأسباب الرئيسية التي كونت معضلة النزاع السوداني وأدت إلى تقسيمه وكان بمكن تداركها وعلاجها في إطار المناخ الوطني لو أن الأنظمة الحكمية استخدمت الحكمة في تعاملها مع المكون السوداني ومنحت الشعب هامش من الحرية ليعبر عن مكنوناته الفكرية بصدق وأمانة ولكن معظم الحكومات التي استولت على الحكم في السودان كانت قمعية بالدرجة الأولى واستبدادية ودكتاتورية وفي الغالب كانت منقادة إلى أفكار خارجية دون التبصر في حقيقة الوضع في الوطن.
ولقد توج هذا النهج حكومة المؤتمر الوطني وبرعت في استخدام العقلية الجاهلة والفكر العروبي التعصبي الذي يقوم على الأستعلاء والتشبث بالسلطة إلى الأبد وكذلك عدم العدالة سمة لصيقة من جهة الشمال والتي تتمثل في الأنظمة الحكمية الجائرة والتي عملت دائما على تهميش وهضم حقوق الأخرين في التنمية والتوزيع العادل لموارد الدولة وهذا بالطبع ولد الغبن في نفوس الشعوب المهمشة وتعاظمت عندهم الروح الثورية ضد المركز وتسعت الهوة بين جميع الشعوب السودانية كما عم التصدع كل مكونات الدولة السياسية الاقتصادية والاجتماعيةوالثقافية .
ثوران الأطراف اصبح يغطي مساحة كبير من السودان حتى بعد انفصال الجنوب وهذا الشيء زرع في قيادات لمركز الخوف بشدة وعدم التسليم لمتطلبات المجموعات الأخرى الأمر الذي يؤدي بدوره إلى تعزيز فكرة الانشطارات من الجسم الواحد كما هو الحال في أنفصال الجنوب عن الشمال أو كما هو العمل التي قامت به حكومة المركز لفصل الجنوب عن بقية الوطن .
فأن مركز التحكم الفكري في الشمال يقوم على العنصرية واضطهاد الأخرين وحرمانهم من حقوقهم المشروعة وإذا تفحص المرء تأريخ النظام الحاكم وأمعن النظر في صفحاته لأكتشف أن البرامج التي أعدها هذا النظام منذ بدايته كلها تهدف إلى تعميق فكرة تمزيق عرى الأخوة بين الشعب الواحد وعملت في ذلك الكثير من أجل وأجهاض كل القيم الجميلة وسمات التسامح والصفات الحميدة التي كان يتمتع به الشعب السوداني وساقت الشعب السوداني إلى ابشع صور الاجرام والفساد والنفاق والضلال يستطيع أي إنسان أن يشهد ذلك بوضوح على الجيل الذي تربى في كنف نظام البشير ومن تلك هنالك عوامل رئيسة ساهمت في تعزيز تقسيم السودان ومنها الخطاب السياسي الأحادي التوجه وممارسات الظالمة التي يقوم بها النظام ضد الأخرين وحتى خارج القانون فأن أنفصال الجنوب هو أختلاق من ذات الفكر العنصري وقد حقق للأنفصاليين حلمهم.
ولكن يمكننا إعتبار هذا الانفصال سياسي في المقام الأول لأنه ارتبط بتدافعات سياسية ونزاع سياسي تركز من ناحية الجنوبيين على مطالب مشروعىة في حق المواطنة بينما كان الجانب الحاكم في المركز يفرض الاعترلف بذلك وفي نهاية المطاف هذا النزاع افضى إلى ابرام مواثيق دولية ممثلة في اتفاقية السلام الشامل وحتى هذه لم تجد القبول من جانب حكومة المركز ولقد تعاملت معها كمكسب تأريخي فوائده عظيمة منها إطالة بقاء النظام الحاكم في السلطة مما يمكنه ذلك تمرير الكثير من مخططاته عبر بوابة ملامسة بنود الاتفاقية دون تحريكها حتى لا تتقق المقاصد المرجوة منها بذلك نجح النظام الحاكم الاحتفاظ بالسلطة وتحقيق مصالحه دون أن يترك للأخرين فرصة
والأن أنفصل الجنوب رغم أنفه لطالما ظل شعبه يناضل منذ زمن بعيد من أجل حقوقهم ولم يجدوا إلا النكران من قبل الشمال وهذا الحدث السياسي الذي ادى إلى انفصال الجنوب لقد أبقى على روح الوحدة بين الشعبين تنبض داخل المكون التأريخي للسودان بحيث أن كل شعوب وقبائل الجنوب امتزجت بقبائل الشمال كما لقبائل الشمال نفس القدر من التمازج العرقي تمت مصاهرات بين كافة شعوب السودان على نطاق واسع وهذا جدير بالاهتمام مما يعني وأن الانفصال لن يبارح مكنه كونه عمل سياسيا يمكن علاجه فيما بعد وخصوصا بعد زاول النظام الحاكم بقيادة المؤتمر الوطني
تقسيم إلى الشمال والجنوب خلق مشكلة ليس لها أساس وأثرت على السودانيين داخليا وخارجيا ونفسيا في علاقتهم ببعض ونجد أن نبرة التمييز بدأت تظهر ضد السودانيين في الدول العربية خاصة في الخليج ومصر والشام حتى قبل أن يتم عمليا فصل الجنوب عن شماله مما يعني ذلك إعداد نفسي خطير يحطم عرى الأخوة بين أبناء الوطن الواحد ونعتبر هذا العالم بجملته جاهل ويجهل السودان تماما إذا أن الشعب المصري لا يعرف عنالسودان غير مجرى النيل وبعض أغاني الفنان الراحل سيد خليفة ما بالك بالأخرين .
االسودان في مخيلة أي سوداني ستبقى بلد المليون ميل مربع شماله ملتحم بجنوبه وشرقه بغربه روحا وجسدا لأن الجنوب لن يكون دولة إفريقية خالصة كما يتصورها البعض لأن فيها الشوايقة والجعليين والدناقلة والمحس ونوبة وفور وشعوب النيل الأزرق وبني عامر وعرب الجزيرة وعرب غرب السودان ( البقارة والأبالة ) وعدد كبير من الأصول الشمالية علاوة على اللغة العربية للتفاهم المشترك بين شعوبه المختلفة الأعراق والدين الإسلامي حيث تنتشر المساجد في كافة الولايات الجنوبية بأعداد كبيرة ويرتفع فيها صوت الأذان في الصلوات الخمس بذلك لا يمكن للجنوب أن يصبح دولة إفريقية صرف وكذلك الشمال لا تصلح فيه مثلث حمدي ولا يمكن أن يصبح دولة عربية وإسلامية صرف كما يحلم صناعها لأن الغالبية العظمى فيها من الأصول الإفريقية النوبة والمحس والدناقلة والفور بجانب عدد كبير من قبائل الجنوب مثل الدينكا والنوير والشلك والزاندي وغيرهم المتصاهرة مع الشماليين كما يوجد في الشمال سودنيين شماليين مسيحيين وكنائس كبيرة يؤمها الطوائف المسيحية في صلواتهم كل يوم أحد وهنالك لم نستطيع أن نقول حققت السياسة انفصالا سياسيا للأهداف المعلومة بينما بقيت وحدة الشعبين كامنة تحت خيمة الظروف المذكورة آنفا
م/ توتو كوكو ليزو
مع التحية
Osman .N. Habila
[email protected]