أبيي.. اليوم الفصل
تعزيزات أممية من القوات الكينية والهندية والزامبية تحت الفصل السادس لحماية المدنيين بأبيي
الحركة الشعبية تتوقع أن يصدر القرار في صالحها وتدعو إلى ترسيم الحدود فور صدوره
اليوم تنهي محكمة العدل الدولية الجدل القانوني المثار حول تبعية منطقة أبيي عبر قرار حاسم أعلن فيه شريكا الحكم المؤتمر الوطني والحركة التزامها به. في وقت أعلنت فيه إدارية أبيي عن تسلمها خطة أمنية محكمة تحت الفصل السادس لحماية المدنيين من أى انفلاتات متوقع حدوثها عقب إعلان القرار.
لا حديث للناس في أبيي سوى قرار التحكيم وتبعية المنطقة شمالاً أو جنوبا، فساحات أندية المشاهدة على قلتها ازدحمت بالمتابعين للقنوات الفضائية وما تبثّه عن الأمر، وبدأت المدينة يوم أمس وبحسب مواطنين استطلعتهم “أجراس الحرية” هادئة إلا من بعض التحركات غير الكثيفة لقوات الشرطة وقوات الأمم المتحدة التي تتحرك من منطقة دفرا شمال أبيي والمدينة، فالحياة تسير بشكل عادي، السوق الشعبي يفتح أبوابه، والمحال التجارية تعمل وتقدم خدماتها للمواطنين، الأحاديث التي يتجاذبها المواطنون
في سياق القرار المرتقب تنم عن حالة هدوء هي الأخرى بعد إعلان القرار، المدينة لم يبرحها أهلها كما حدث في أوقات سابقة بل على العكس من ذلك توافد أبناؤها هو سيد الموقف. واستقبلت المدينة التي بدأت حتى عصر أمس هادئة وقانعة بما سيصدر عن هيئة التحكيم بلاهاى والمقرر أن يتلوه القاضي بروفيسور روبوي الفرنسي الجنسية رئيس المحكمة قراره امام ممثلين عن كل من الحركة الشعبية والحكومة بالاضافة إلى جمع غفير من أبناء المنطقة. ممثلون لبعثة اليوناميد والمنظمات الانسانية ومبعوث الريئس الأمريكى سكوت غرايشن الذي وصل وبصحبته وزير الخارجية دينق الور والقيادي من الدينكا بالحركة الشعبية إلى المنطقة بجانب ممثلي بعض الدول الصديقة والمهتمة بالوضع في السودان وقيادات من المؤتمر الوطني. وتشهد المدينة كذلك توافداً كبيراً لكافة أجهزة الإعلام المحلية والعالمية، هذا إلى جانب توافد عدد من الدستوريين والرسميين إلى المنطقة بجانب عدد مقدر من ابناء دينكا نقوك في بلاد المهجر. وقال الناطق الرسمي باسم الحركة الشعبية بالمنطقة وور مجوك لـ”أجراس الحرية” إن عملاً كثيفاً قامت به الحركة الشعبية بمشاركة المؤتمر الوطني والمجتمع المدني بين الموطنين ساعد على استقرار الأوضاع، وفك حالة الشد التي كانت بين المواطنين خاصة بعد التصريحات الأممية القاضية بتحريك قوات بالمنطقة، وقال إن ثلاث لقاءات جماهيرية بمشاركة رجالات الإدراة الأهلية أعادت الأمور إلى نصابها، وأتت بنتائج جيدة. فيما أبدى وزير شؤون الرئاسة في حكومة جنوب السودان القيادي في الحركة الشعبية دكتور لوكا بيونق استياءه من رفض الحكومة دفع تكاليف سفر أعضاء الحركة وأبناء دينكا نقوك لحضور صدور قرار المحكمة الدولية حول أبيي الذي سيصدر اليوم في لاهاي . وقال بيونق في تصريحات صحفية قبل صدور القرار إن الحكومة ستقوم بترحيل (50) من أبناء المسيرية وقيادات من المؤتمر الوطني وصحفيين ورفضت ترحيل سلاطين دينكا نقوك وعددهم (15) شخصا إلى لاهاي لحضور مراسم صدور القرار، معتبراً أنّ ذلك سيكون له أثر سلبي في المستقبل، وقال إن التفكير يجب أن ينصب في ما بعد القرار لكي تستفيد القبيلتين من المنطقة. و وصف الأوضاع عامة بالمستقرة ولكن أيضاً هناك توتر شديد وترقب وتوقعات بأنّ شيئاً ما سيحدث حال صدور القرار، وقال إنّ القرار طبعاً هو قبول المحكمة أو رفضها لتقرير لجنة الخبراء الدوليين حول ترسيم حدود أبيي، وحول مستقبل المنطقة بعد صدور القرارقال دكتور لوكا نحن ركزنا في اللقاءت الأخيرة التي جمعت الحركة والمؤتمر الوطني والأمريكيين أن يكون هناك تنفيذا فوريا لقرار المحكمة، من جانب الحركة فإنها ملتزمة تماماً وبدأت خطواتها في تهيئة السكان هناك، وقد اتفقنا أن نصدر بياناً مشتركاً من المؤتمر الوطني والحركة يوم صدور القرار نؤكد دعمنا والتزامنا بتنفيذه بنوايا حسنة، وسيصل ممثلون من سلاطين الدينكا والمسيرية إلى لاهاي وآخرين إلى أبيي، وتمّ تشكيل فريق مشترك للتوعية بالقرار، كذلك أن يتم ترسيم الحدود في المنطقة بعد صدور القرار مباشرة حتى لا تترك شكوك. نتوقع أن تحدث انفلاتات أمنية من هنا أو هناك وإذا لم يوضح المؤتمر الوطني نواياه الحقيقية تجاه قرار التحكيم الدولي فإنّ ذلك سيضع شكوكاً كبيرة في تنفيذه، لذلك ندعو المؤتمر الوطني وهو الذي طلب اللجوء إلى التحكيم الدولي وليس المؤتمر الوطني ان يمتثل لقرار المحكمة، وإن كان القرار في غير صالحنا فإننا ملتزمون به وقدمنا الضمانات في ذلك. وبثت إدارية أبيي تطمينات للمواطنين تفيد باستقرار الأوضاع الأمنية بالمنطقة عقب طواف قامت به لمناطق شمال وجنوب منطقة أبيي أكد من خلاله المواطنون التزامهم بإشاعة الأمن والطمأنينة في كافة المناطق مع تجديدهم للعهد بعدم التعامل مع القرار بأي ردود فعل سالبة . وأكّد نائب مدير إدارية أبيي رحمة النور عبد الرحمن في تصريحات صحفية أنّ البعثة الأممية تسلّمت الخطة التأمينية الخاصة بها وعملت على تنفيذها بالتنسيق مع البعثة الإدارية التي تعمل على تلافي أي ردود أفعال سالبة تحدث بسبب قرار محكمة العدل الدولية. ومنعت الغرفة حسب نائب مدير إدارية أبيي التجمعات بالمنطقة ودخول أي فرد مسلح، مشيراً إلى أنّ أهم ملامح الخطة الأمنية تنحصر في نشر قوات هندية وزامبية شرق وغرب ووسط منطقة أبيي بالاضافة إلى نشر قوات كينية في الناحية الجنوبية مبيناً أنّ القوات المشار إليها تقوم بتسيير عملها في شكل دوريات مستمرة وأضاف قائلاً:(جميع هذه القوات تعمل تحت البند السادس من ميثاق الأمم المتحدة الخاص بحماية المدنيين فقط). وكشف رحمة النور عن استضافة منطقة أبيي لوفود كبيرة من الشمال والجنوب وتمثل الحركة بوفد عال المستوى يقوده وزير الخارجية دينق ألور فيما يمثل المؤتمر الوطني بوفد مماثل يقوده وزير الداخلية إبراهيم محمود وأكدا اكتمال كافة الترتيبات الخاصة باستقبال الوفود وأضاف قائلاً 🙁 أبيي مستقرة أمنياً بفعل وعى أبنائها ونؤكد بأنّ قرار المحكمة سينزل برداً وسلاماً على كافة مكونات المجتمع بالمنطقة سواء كان من المسيرية أو الدينكا أو المؤتمر الوطني أو الحركة الشعبية. ودعا حزب الأمة القومي أهالي أبيي لمقابلة قرار التحكيم بهدوء وعقلانية دون أن يفاخر الطرف الكاسب فرحاً ولا يظاهر الطرف الخاسر غضباً، وأن يحدد الطرف المتضرر من قرار التحكيم تحفظاته ويحدد المصالح التي يريد تأمينها ليتم تحقيق ذلك. واقترح الحزب في بيان صادر أمس تحصلت عليه (أجراس الحرية) تكوين
آلية قومية لرسم خريطة للتعايش والتنمية بصورة استباقية على طول مناطق التمازج، على أن تقوم تلك الآلية بوضع خطة لما ينبغي عمله في حالة الانفصال للمحافظة على مصالح كافة السكان. وطالب البيان القوات المسلحة والشرطية المشتركة أن تواصل التعاون مع القوات الدولية للحيلولة دون أية انفلاتات أمنية. وشدد البيان قائلاً: على الحزبين الشريكين الاعتراف بأنّ المسألة تهمهما كما تهم غيرهما من مكونات السكان السياسية والقبلية، ويوافقان على عقد ملتقى جامع لمكونات السكان سياسياً، ومدنياً، وقبلياً للاتفاق على برنامج تعمير وتعايش للمنطقة. وناشد الأمة القوى السياسية كافة بدعم هذا التوجه لجعل قرار التحكيم فرصة للتراضي والوفاق الوطني لا التنازع. وخاطب البيان أهالي منطقة أبيي وما جاورها: (إنّ عقولنا وقلوبنا معكم وأنتم تواجهون قرار هيئة التحكيم الدولية حول الأمور المختلف عليها بينكم). وجدد موقفه في حصر حل المشكلة في حزبي الاتفاقية وعدم الاحتكام لجهات أجنبية لا تدرك كافة مقومات الواقع وعدم الإسراع بالقرار حتى تهدأ النفوس وتصير أقرب للتراضي ثم يترك الأمر لممثلي سكان المنطقة المنتخبين فإن شاؤوا اتفقوا وإن شاؤوا لجأوا للتحكيم. وقال البيان إنّ اتفاقية السلام حصرت الأمر في الحزبين الشريكين في الاتفاقية وهما قرار الاحتكام لهيئة الخبراء ثم الاحتكام للتحكيم الدولي. وصارت قضية أبيي ركنا مهماً لاتفاقية السلام، وهي ركن هام لسلامة العلاقات بين قبائل البقارة والقبائل النيلية على طول خط التمازج من حدود السودان الغربية إلى حدود السودان الشرقية. ونتيجة للتحكيم الدولي صارت القضية حلقة مهمة في علاقات السودان بالمجتمع الدولي. وعلى صعيد ذي صلة رحّب وزير الدولة للشؤون الخارجية البريطانية اللورد مالوك براون بالتزام الحركة الشعبية لتحرير السودان وحزب المؤتمر الوطني باتفاق السلام الشامل حول حدود إقليم أبيي، والقبول بالقرار الذي ستصدره محكمة التحكيم الدائمة في لاهاي اليوم حول ذلك الإقليم. وقال براون في بيان بثته الخارجية البريطانية امس ” إن تسوية الخلاف حول إقليم أبيي يمثل جزءاً أساسياً من اتفاق السلام الشامل، وسيكون هذا القرار خطوة مهمة تجاه إحلال السلام والاستقرار في هذا الإقليم”. وافاد البيان أنّ بريطانيا تناشد كلاً من الحركة الشعبية لتحرير السودان وحزب المؤتمر الوطني بضمان تطبيق القرار كاملاً دون تأخير، وبشكل لا يؤدي لتصعيد التوتر أو التسبب بالصراع. ورحّبت بريطانيا وفقاً للبيان بالتواجد القوي لبعثة قوات الأمم المتحدة في السودان والدور الأساسي الذي تلعبه هذه البعثة في المساعدة بتوفير الأمن. واكدت التزامها بالسلام والاستقرار والتنمية في أنحاء السودان، والتعاون مع جميع الأطراف لأجل الإسراع في تطبيق العناصر العالقة من اتفاق السلام الشامل وتحقيق السلام والعدالة في دارفور.