تظاهرات الخرطوم تشتعل بدخول مناطق أمبدة والحاج يوسف والكلاكلات بكثافة

يومية جمعة شذاذ الآفاق 6 يوليو 2012
تظاهرات الخرطوم تشتعل بدخول مناطق أمبدة والحاج يوسف والكلاكلات بكثافة
  علاء الدين أبومدين
       بإنقضاء جمعة (شذاذ الآفاق) في السودان أمس، تكون الثورة السودانية قد تجاوزت منعطفاً خطيراً يتصل بإقتصار حراكها بشكل كبيرعلى أوساط النخب المُسيسة وغير المُسيسة داخل وخارج قطاع الطلاب في قلب ولاية الخرطوم. فقد اشتركت جماهير غفيرة من كافة أحياء ومدن ولاية الخرطوم في تظاهرات البارحة، لا سيما من مناطق أمبدة والحاج يوسف والكلاكلات ذات الكثافة السكانية العالية. فقد خرجت جماهير الكلاكلات من خمس مساجد دفعة واحدة مما شل تحركات الأجهزة الأمنية. كما خرج السالكين في الطريقة (التيجانية)، وهي طريقة صوفية معروفة، بقيادة شيخهم من مسجد بمنطقة (الشجرة) القريبة من سلاح المدرعات بالخرطوم. وخرج المصلون أيضاً من مسجد (السيد/علي الميرغني) بمدينة بحري، وهو مسجد رئيسي لطائفة صوفية أخرى شهيرة اسمها طائفة الختمية، ويقودها السيد/ محمد عثمان الميرغني، رئيس الحزب الإتحادي الديمقراطي الأصل، المُشارك في الحكومة الحالية، والمنافس الرئيسي لحزب الأمة القومي الذي يتزعمه السيد/ الصادق المهدي، إمام طائفة الأنصار (الصوفية) والذي كان قد حزم أمره منادياً بإسقاط حزب المؤتمر الوطني الحاكم متأخراً عن أحزاب الإجماع الوطني ونتيجة لضغوط مباشرة من التيار الشبابي بداخله. وتُعتبر تلك المدن والأحياء المذكورة آنفً الأكثر شعبية في ولاية الخرطوم التي يقطنها حوالي ثلث سكان جمهورية السودان بعد انقسام البلاد لدولتين عشية استفتاء عام 2011.
       وتأتي تسمية جمعة (شذاذ الآفاق) إثر حديث للرئيس السوداني، عمر البشير، وصف فيه المتظاهرين بأنهم شذاذ آفاق وقلة لا تُعبر عن شعب السودان. وقد جاء هذا الوصف عقب الجمعة الثانية المُسماة (جمعة لحس الكوع) في 29 يونيو الفائت ، والإسم تعبير سوداني للدلالة على صعوبة الأمر واستحالته كان قد استخدمه مساعد رئيس الجمهورية السوداني/ نافع علي نافع، في إطار سُخرية مُرة قد اشتُهِّر بها في خطاباته ضد المعارضة السودانية. وقد سبقت هاتان الجمعتان جمعة أخرى في يوم 22 من يونيو الماضي كان اسمها (جمعة الكتاحة)، وهو تعبير سوداني آخر للدلالة على العاصفة التُرابية الخفيفة التي غالباً ما يعقبها تغيير مفاجئ في الأجواء.
        ومنذ اندلاع التظاهرات وحتى الآن جرت عمليات اعتقال واسعة داخل العاصمة الخرطوم والمدن الرئيسية الأخرى في أرجاء البلاد المختلفة. وقد شملت الإعتقالات عضوية القوى الشبابية من شباب وشابات: 30 يناير، حركة قرفنا، شباب من أجل التغيير، تجمع شباب السودان الحر، بالإضافة لقيادات حزبية أخرى. وبلغت أعداد المعتقلين في ولاية الخرطوم بمدنها الثلاث منذ بدء التظاهرات وحتى الآن حوالي ستة آلاف معتقل (حسب ناشطين في الخرطوم). وبعض المعتقلين الذين قُدِّموا لمحاكمات هم من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين الثانية عشر والسابعة عشر من العمر، وبينما ما زال أغلبهم قيد الإعتقال بدون محاكمة، فقد حُوكم بعضهم فعلاً بالسجن والجلد والغرامة.
      ورغم أن الأجهزة الأمنية قد واجهت تلك التظاهرات بعنف منذ بداياتها الأولى، يُلاحظ أن هنالك تزايداً في وتيرة ونوعية العنف المُستخدم ترافق مع إزدياد رقعة التظاهرات وعديدها. حيث استخدمت القوات النظامية الهروات والغاز المُسيل للدموع، ثم بدأت في استخدام الرصاص المطاطي ونوعية جديدة من الغاز المُسيل للدموع تتسبب في الإصابة بحالة من الإختناق والشلل.
       الجدير بالذكر أن تلك التظاهرات قد بدأت بتظاهرة لطالبات في إحدى داخليات البنات بجامعة الخرطوم، وأدى القمع الشديد الذي تعرضن له لإشتعال التظاهرات في جامعة الخرطوم ووصولها لحدائق القصر الجمهوري بالخرطوم عدة مرات، واندلعت بعدها تظاهرات أخرى وجدت تجاوباً متصاعداً من مواطني عاصمة البلاد، كما شملت جامعات أخرى. وفيما تواصلت التظاهرات ليلاً ونهاراً في معظم أنحاء العاصمة بتكتيك مقصود يستهدف إنهاك النظام، فقد شملت التظاهرات المذكورة كافة المدن الرئيسية في عموم البلاد، لا سيما، العاصمة الخرطوم.
    علاء الدين علي أبومدين محمد، كاتب ولاجئ سياسي بمصر.
[email protected]
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *