أبيي (السودان) (رويترز) – نجا نيوك جالواك بحياته عندما بدأ وابل من القذائف والرصاص من جيشي السودان الجنوبي والشمالي يتساقط على ورشته لاصلاح اطارات السيارات في بلدة أبيي النفطية المتنازع عليها في مايو أيار الماضي.
والان وبعد أكثر من عام عاد الى كوخه في وسط المنطقة التي توجد بها اثار المعارك والتي يطالب بها كل من شمال السودان المسلم والجنوب الذي يغلب عليه المسيحيون. وهو يعد نفسه لمواجهة المزيد من المتاعب.
ويستعد سكان أبيي لسماع الاعلان عن حكم مثير للانقسام حول حدود هذه المنطقة من المتوقع ان يصدر يوم الاربعاء من هيئة قضائية في محكمة التحكيم الدائمة في لاهاي.
ومنذ عام تفجرت المطالب المتعارصة بالمنطقة في صورة عنف. واتفق كل من الخرطوم والمتمردين الجنوبيين السابقين الجيش الشعبي لتحرير السودان على قبول الحكم الذي سيصدر يوم الاربعاء برحابة صدر.
غير ان هذا التأكيد لم يكن له أثر يذكر على تهدئة التوتر. وقال احد موظفي الامم المتحدة طلب عدم الكشف عن هويته “البلدة تبدو هادئة ولكن الخوف يكمن تحت السطح.”
إلا ان المستقبل يحمل في جعبته الكثير مما يتجاوز السياسات المحلية وترسيم الحدود المحلية.
تقع أبيي في وسط منطقة رعوية منتجة للنفط في وسط اكبر الدول الافريقية من حيث المساحة وتتاخم الحدود غير الواضحة بين الشمال والجنوب.
وكان وضع المنطقة وحدودها من بين اكثر القضايا حساسية التي تركت دون حسم في اتفاق السلام الشامل بين حكومة الخرطوم والمتمردين الجنوبيين.
وينظر كثيرون الى التنافس بين الشمال والجنوب الذي مازال مستعرا بشأن أبيي على انه عالم مصغر من الانقسامات الخطيرة التي تظل في قلب البلاد بعد اربع سنوات من توقيع الاتفاق التاريخي وهي انقسامات لا يزال يمكنها ان تهدد اتفاق السلام وصناعة النفط في البلاد والمنطقة ككل.
ولن يقرر حكم الاربعاء ما اذا كانت أبيي تذهب الى الشمال ام الى الجنوب لان هذا القرار سيتخذه سكان أبيي انفسهم في استفتاء سيجرى في يناير 2011.
وسيحدد الحكم بدقة مساحة الارض التي تغطيها أبيي. ويقول الجنوب الذي يعول على التصويت بالايجاب في الاستفتاء ان الحدود الشمالية لمنطقة أبيي تمتد شمالا الى مسافة بعيدة من بلدة أبيي لتضم حقول النفط واراضي المراعي الرئيسية. ويأمل الشمال في نتيجة مختلفة.
وقال جالواك وهو عضو من جماعة الدنكا العرقية في ابيي وهي جزء من الدنكا في جنوب السودان “لا نعرف ما الذي سيحدث بعد القرار. ولكن هذه المرة سأظل هنا.”
واضاف في اشارة الى البدو العرب الشماليين الذي رعوا مواشيهم في المنطقة على مدى سنوات “أبيي بلدتنا.”
غير ان شجاعة جالواك الظاهرية لم تحل دون اتخاذه احتياطات فهو مثل الاخرين انتقل الى أبيي جزئيا فحسب ومازالت اسرته تعيش خارج البلدة.
والمسلك الحذر واضح في كل مكان. وما زالت أبيي مدينة اشباح مقارنة بماضيها حيث يعتقد ان ثلاثة الاف فقط يعيشون في البلدة والقرى المحيطة بها في حين كان عددهم 50 الف شخص قبل قتال مايو أيار.
وتشعر قلة بالثقة في المستقبل بحيث تستثمر في المنطقة. وتم سد الثقوب التي احدثتها القذائف الكبيرة كما تم اصلاح بعض اسقف المنازل وتطهير الالغام. غير ان الاطفال مازالوا يسيرون الى جانب الدوائر السوداء للاكواخ المحترقة بينما ترى مبان بأكملها في البلدة خالية تغطيها القمامة.
وقال أروب مايوك رئيس أدارة أبيي الشمالية الجنوبية المشتركة “لم يتغير شيء في أبيي خلال العام المنصرم. لا أحد مستعدا لاقامة كوخ ناهيك عن ان يقيم مبنى ملائما.”
ويتوقع بعض الناس اندلاعا فوريا للعنف يوم الاربعاء. والموسم المطير الحالي ليس هو انسب وقت لتحركات الجنود. وفي اقل القليل سوف يستغرق الامر بعض الوقت كي ينتشر الحكم الجديد.
كذلك تعهد زعماء الشمال والجنوب ان يكونوا على الارض يوم الاربعاء لتهدئة اي اضطرابات.
غير ان المخاوف من الاضطرابات التي تلوح في الافق مازالت قائمة.
وفي مطلع الاسبوع قالت الامم المتحدة ان جنودا جنوبيين شوهدوا جنوبي أبيي بالمخالفة لاتفاق للانسحاب من المنطقة بعد مايو ايار 2008.
وقال مارك رتجرز رئيس بعثة الامم المتحدة في المنطقة “ليس هناك احساس كبير بخطر وشيك. ولكن الناس يتذكرون مايو وقد تملكهم الخوف.”
من أندرو هيفنز