وسط حالة من الترقب والحذر تتطلع أنظار السودانيين إلى مدينة لاهاي الهولندية ليس انتظارا لسلسة ملاحقات جديدة لمن يطلق عليهم مطلوبي العدالة الدولية وإنما لمحكمة أخرى للعدالة والحكم بين الشمال والجنوب بأحقية أي منهما بمنطقة أبيي الغنية بالنفط التي خرجت عن اتفاق نيفاشا للسلام لتذهب إلى التحكيم الدولي.
ورغم إظهار التفاؤل من جانب الأطراف المتصارعة على المنطقة من قبائل جنوبية وأخرى شمالية تدعمها القوتان العظميان في البلاد وهما المؤتمر الوطني والحركة الشعبية شريكا السلطة، فإن الخوف من نتائج التحكيم يظل هو سيد الموقف بين الكافة.
وبينما بلغ الحذر ذروته من إمكانية الفشل في السيطرة على الأوضاع القبلية التي هيأت نفسها لأسوأ الاحتمالات، هددت بعثة الأمم المتحدة في السودان باستخدام البند السابع في فض النزاعات التي يمكن أن تنشأ بالمنطقة.
سلامة المواطنين
وقال ممثل الأمين العام للأمم المتحدة بالسودان أشرف قاضي إن بعثته لن تدع الأمن ينفلت في المنطقة، مشيرا إلى وضع الاحتياطات اللازمة لضمان سلامة المواطنين.
وأكد للصحفيين أن المجموعات المسلحة التي كانت ترابط خارج المنطقة والتي تنتمي للجيش الشعبي لتحرير السودان بدأت انسحابها من المنطقة قبل يومين من القرار القضائي حول ترسيم حدود هذه المنطقة المختلف عليها بين الشمال والجنوب.
وأشار إلى اتخاذ كافة التدابير لضمان إفراغ المنطقة من هذه العناصر، مبديا ثقة كاملة بأن قادة الجانبين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني متمسكان بتطبيق سلمي للقرار سواء كانا راضيين عنه أم لا، وعلى الرغم من ذلك فقد أُرسِلت تعزيزات أممية إلى المنطقة.
أما الحركة الشعبية فقد أكدت أن اتفاقا تم بينها وبين المؤتمر الوطني على تنفيذ القرار. وقال مالك عقار نائب رئيسها إن الجانين اتفقا على عدم السماح بانفلات الأوضاع في المنطقة مهما كانت نتيجة الحكم.
وكان الرئيس عمر البشير قد أكد في تصريحات صحفية أن أبيي ستظل مسرحا للتعايش السلمي وبوتقة للانصهار والوحدة و”أن السودان لن يؤتى من جهة أبيي”، مطالبا مواطني المنطقة بأن يجعلوا يوم صدور القرار يوما للسلام والتعايش والتصافي.
التزام بالقرار
وبدوره أكد غازي صلاح الدين مستشار رئيس الجمهورية أن قيادات من القبيلتين التزمت بما سيصدر عن المحكمة بحيث “لم يوجد بينهم أي صوت شاذ”. وقال للصحفيين إن القادة شددوا على تقديرهم لخطورة وحساسية القرار.
كما قال المبعوث الأميركي للسودان سكوت غريشن أنه تلقى تشجيعا بأن قيادات المنطقة ستقوم بحل أي خلاف يمكن أن يحدث سلميا، إلى جانب التزام طرفي الحكم بقرار المحكمة.
وأكد في تصريحات صحفية أنه سيغادر وهو على ثقة بأن قوات الطرفين ستكون خارج المنطقة حين صدور القرار، وأن عملية ترسيم الحدود ستستمر بالصورة المطلوبة.
وقال بيان صادر عن مفوضية وقف إطلاق النار إنها أرسلت رسالة واضحة بأن وقف إطلاق النار يجب أن يحترم من كافة الأطراف مهما كانت الظروف.
خطة جماعية
وقالت عقب اجتماع لها إنه تم الاتفاق بين الجيش الشعبي والقوات الحكومية وبعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام، على تنفيذ الخطة الموضوعة بصفة جماعية، كل فيما يليه واتخاذ كافة الخطوات والتدابير للتنفيذ الكامل للقرار ليتواءم مع اتفاق السلام الشامل.
من جهته أبدى المهندس آدم سالم أحد أبناء المنطقة خشيته من إمكانية فشل كافة الجهود في احتواء آثار القرار على الطرفين، ودعا المحلل السياسي محمد موسى حريكة وهو من أبنا المنطقة إلى إيجاد بدائل للاقتصاد التقليدي المعتمد على الرعي والزراعة لمساعدة القوميات الموجودة في أبيي.
ولم يستبعد أن تتعرض المنطقة لكثير من المشكلات أو الانفلات الأمني في كل الأحوال “لأن هناك أشياء ستفرض نفسها على الأمنيات الطيبة وربما فرضت طبيعة جديدة على العامة”.
الجزيرة نت