تحديات الحرب مع دولة الجنوب

المعارضة السودانية وأزمات الجمهورية الثانية
وتحديات الحرب مع دولة الجنوب
بقلم / حماد صابون – القاهرة

ان الحرب  الدائرة فى السودان منذ عام 1955م الى تاريخ اللحظة 2012م  هو هدف استراتيجى لدى كافة  الحكومات التى تعاقبت على حكمها  لانها من دونها لا تستطيع تحقيق اهداف الاستراتيجية منها  ضمان الاستمرار فى السلطة  من اجل  بناء قصور  لأولاهم واحفادهم  ثانيا   السيطرة على مناطق الانتاج فى اقاليم الهامش لرفاهية انفسهم ، ثالثا فرض الهوية الاحادية ، وهم يعتبرونا ان  هذه قضايا مصيرية يجب من اجلها  ان تتحول المساجد الى منابر  التحريض لقتل من يعترض على تنفيذ هذه الاهداف التى سميت بالسيادة الوطنية  اى القضايا الوطنية التى اشعلت الحرب ومازالت مستمرة  لتحقيقها بقتل الاطفال والنساء .
مفهوم الوطنية لدى الاباء المؤسسين للحركة الوطنية السودانية  قبل الاستقلال  وعلى سبيل المثال ( قائد اللواء الابيض ) على عبداللطيف كان مثالا فى تحديد مفهوم الوطنية انزاك والتف السودانيين حول هذا الهدف  لتحقيق معانى التحرير والانتقال الى التعمير الذى تحول لجحيم  ، وإن أستغرابى  من موقف المعارضة السودانية ومفهومها لمصطلح الوطنية  فى اطار علاقاتها مع حزب الموتمر الوطنى  الذى يمنع ويقمع جماهيرها التى ترغب فى الخروج لتعبر عن  مطالبها المتمثلة  فى ( السكر والشاى والدواء ) وغيرها من متطلبات الحياة اليومية وكذلك تقوم باعتقال قادة المعارضة وتصفية  بعضهم  وتحريم بعضهم من المشاركة فى ادارة البلاد  وتستهتر بهم وتقول ان المعارضة إلا تستورد شعبية من الخارج  لتغير النظام  وغيرها من السلوك التعالى والاستهتارى بها وتمارس  سلوك اعتقال نساء وبنات احزاب المعارضة  وتعذببهم  وتضرب بارض الحائط لأى مبادرة وطنية من الاحزاب  تقدم لهم كمقترح لحل القضايا الوطنية  ، وبجانب وصف المعارضة بانهم عملاء واصحاب  اجندات خارجية ومرتدين عن دين الامة وغيرها من الشتائم الذى استقبلة ( الصادق المهدى )  ، ومع فشل المعارضة لاحداث تغير لنظام عبر جماهيرها ، قد   قررت الحركة الشعبية فى الشمال تجميع قوى الهامش المسلحة لمساعدة المعارضة لتغير النظام بقوى السلاح وكانت موقف الاحزاب رافضة لعملية التغير بالسلاح رغم علمهم ان هذا النظام جاء عبر نافذة السلاح ورئيسها قال من يريد التغير او حقوقه  ياتينا بالسلاح  ومع ذلك المعارضة  ترى نفسها اقرب للحكومة بحجة ( مفهوم القضايا الوطنية  والاستهداف الخارجى ) وما علمنا بان  مسالة الثوابت الوطنية معروف بتم تحديدها  فى موتمر دستورى جامع لكل السودانيين ومن خلاله يتم تحديد معيار  القضايا الوطنية التى يجب عدم تجاوزها  ويصبح جزء من مناهج التربية والتعليم  الوطني فى المراحل الدراسية حتى يكون معلوم لدى كل طفل سودانى وهذا النداء اطلقه  الحركة الشعبية طيلة الفترة من اجل تحيديد الثوابت الوطنية والاجابة على سؤال كيف يحكم السودان ، ولكن فشل قيام هذا الموتمر الدستورى السودانى بسبب  تقاطع وتقدم ( الثوابت العرقية والدينية على الوطنية )، ولذلك فى اعتقدى نحن كسودانيين لم نحدد الثوابت الوطنية حتى الان ولذلك المصطلحات المداولة حول هنالك خط احمر تسمى بالقضايا الوطنية يعنى به    مصالح المعارضة مع حزب الموتمر الوطنى .
فيما يتعلق بازمات الجمهورية الثانية الداخلية وتحديات الحرب مع دولة جنوب السودان إن المعادلات العسكرية والسياسية الاقتصادية  مختلفة بين الدولتيين ، اولا الجمهورية الثانية  فى الشمال تعانى من ازمات داخلية ضخمة  فى بنية المؤسسة العسكرية التى لم تكن مؤهلة معنويا اى نفسيا للمشاركة  فى حرب بدافع وطنى  مع دولة جنوب السودان لان الحرب الذى اندلع فى اقليم جبال النوبة  فى 5يونيو 2011م الماضى احدث هزة  ومتغير باين داخل المؤسسة العسكرية التى ظلت تقدم مذكرات الرفض للحرب وكذلك انحياز عدد كبير من ابناء الهامش فى المؤسسة العسكرية  لقضايا اهلهم والدليل على ذلك رئيس الجمهورية صرح بذلك بقولة ( إن هنالك طابور خامس  فى الجيش ) وهذا يؤكد فقدان الثقة فى المؤسسة العسكرية وتمرد المجاهدين على مشروع الحرب بناءا على تجارب حرب الجهاد السابقة التى لم تكن لها صلة بمسالة ( الجنة وغيرها من فوائد ما بعد الحرب فى الدنيا والاخيرة ) ، والتحدى الثانى ان الجيش السودانى منذ الاستقلال لم يقود اى حرب مع جيش دولة منظمة وطيلة الفترة يقوم بمهام قتل وابادة السودانيين خارج مدن مثلث حمدى  وهذه اول تجربة لها و سنقف لها حكام متفرجين لجيشين مختلفتان  فى توزانات القوى والدوافع   ( جيش وطنى و جيش حزبى ) .
اما على الصعيد الاوضاع السياسية ان الشمال فيها اضطراب سياسيى لم تكن مستقرة هنالك جبهات حرب فى دارفور  وجبال النوبة والنيل الازرق  وبجانب الحراك الداخلى المدنى من الطلاب واضطراب الاطباء  وغيرها التى لم تاهلها الوقوف امام التحديات  الخارجية  .
اما على الصعيد الاقتصادى معروف ومعلوم  ان السودان بعد أنفصال الجنوب دخل فى ازمة اقتصادية باينة  لا شك فى ذلك ولم يكن هنالك اى حلول او معالجات وبدائل للازمة الاقتصادية وهذا انعكس بشكل  مباشر على اوضاع المرافق الصحية اى مستشفيات  العاصمة والناس تموت بسبب ( انبوبة اكسجين ) وبجانب  مؤشرات المجاعة الناتجة بسبب الحروب الدائر فى مناطق الانتاج الذى لم يمكن المواطن على الزراعة   وزيادة على ازمة مشروع الجزيرة ومعدلات الفساد المستشرق حتى داخل كافة مؤسسة الدولة ( المدنية والعسكرية ) .
اما دولة الجنوب دولة حديثة ياتى اولويات امورها بناء جيش وطنى قوى قادرة على حماية الوطن والمواطن  وبالفعل خلال الفترة السابقة استيطع الجنوب  عن يمتلك جيش وطنى  مؤهل لحماية الدولة مواردها ولم يكن هنالك اى انشقاقت ولا مذكرات رافضة للحرب لان حكمة القيادة الجنوبية استمعت لمطالب حاملى السلاح قبل وبعد الانفصال  واعترف بمطالبهم  واستجاب له وانهاء اطاءلة الحرب وبناء  ( جيش وطنى موحد ) وعكس البشير والذين سبقة لم يعترفوا بحقوق الاخرين الذى اطال عمر الحرب المستمر فى الشمال حتى بعد انفصل الجنوب واحدث استقرار سياسى وامنى  لشعبه .
سياسيا لم يكن هنالك اشاكاليات سياسية يمكن يهدد الاستقرار السياسيى  فى دولة الجنوب  وهنالك توافق وطنى  تم وحتى الجنوبيين الذين كانوا فى السابق فى الموتمر الوطنى اصبحوا وزراء واساسين فى مشروع الدولة الجنوبية  ولهم دافع وطنى جنوبى يؤهلهم  لدفاع عن وطنهم وبجانب وحدة الجبهة الداخلية من الطلاب والشباب والنساء  ولم يكن هنالك اى تمييز  عنصرى بين هؤلاء الفئات لا فى التعليم ولا امام القضاء الذى يشتم الناس فى الشمال على الاساس العرقى ( كلكم حرامية وعبيد ) (ان امراض السودان القديم لم تكن موجودة فى الجنوب ) .
اقتصاديا دولة الجنوب لديها موارد بترولية وغيرها تكفى عن حاجة سكانها والمجتمع الجنوبى لم يعتمد على الحكومة فى توفير لقمة عيشة وهى تقف خلف قيادتها وتعطيها فرصة بناء الدولة ومؤسساتها العسكرية والتعلمية  والصحية والاقتصادية  لمستقبل الاجيال القادمة وليس هنالك مشكلات امنية تهدد مناطق الانتاج الزراعى  والحيوانى  وليس هنالك حرب داخلية يمكن ان يستنزف موارد دوله الجنوب .
من خلال هذه المعادلة نجد ان ليس هنالك ازمات داخلية سوء ان كانت سياسية ام واقتصادية  داخل الجنوب وهى مؤهلة لمواجهة اى ظروف تفرضها التوترات الجارية بينها وبين الشمال عكس دولة الشمال التى تعانى من عدة مضعفات اصابت مراكز المخ والاعصاب ويمكن يؤدى الى انهيار الجسد ، لان منهج الحماقة هى منهج انتحارى غير مضمونة النتائج ، لان الجنوب فيه مؤسسة عسكرية وطنية له دوافع تؤهلة للحرب اما المؤسسة العسكرية فى الشمال هى مؤسسة حزبية مليشية تنقصها الدافع الوطنى ولذلك التفوق الجنوبى وارد فى هذا الميدان .
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *