زعيم «الشيوعي» فقدنا الثقة في مفوضية الانتخابات و المخالفات تتطلب احتجاجات تقود إلى السجن أو القبر
أعلن تحالف المعارضة السودانية والحركة الشعبية، المعروف بـ«قوى الإجماع الوطني – إعلان جوبا» تصعيد موقفها الرافض لما تسميه «التزوير» في كشوف سجلات الانتخابات في البلاد، المقرر إجراءها في أبريل (نيسان) المقبل. وقالت إنها بدأت في التحضير لموكب يتم تسييره في الأيام القبلة لرفع مذكرة إلى مؤسسة الرئاسة تطالبها فيها بوضع حد «لتزوير» الانتخابات، ووقف «انحياز» مفوضية الانتخابات لحزب المؤتمر الوطني الحاكم بزعامة الرئيس عمر البشير. وقدم التحالف، بالأرقام، ما اعتبره أدلة للتزوير في إجراءات الانتخابات، وقال إنه فقد الثقة، تماما، في مفوضية الانتخابات.
واقترح السكرتير العام للحزب الشيوعي السوداني المعارض «محمد إبراهيم نقد»، في غضب شديد، الخروج في موكب يسلم مذكرة لهيئة الأمم المتحدة والحكومة ترفض «تزوير إجراءات الانتخابات بالأدلة». وحرض نقد تحالف «المعارضة والحركة الشعبية» بالقول «علينا أن نخرج في هذا الموكب حتى لو قادنا إلى السجن أو القبر». وقال «السكوت على التزوير يكسبه الشرعية». فيما اعتبرت الحركة الشعبية مفوضية الانتخابات بمثابة «الدبابة الثانية» لحزب المؤتمر الوطني. وحذرت المعارضة بأن «الانتخابات إذا ما تمت وفقا للإجراءات التي تمضي الآن فسيحدث ما لا تحمد عقباه».
وخصص التحالف مؤتمرا صحافيا أمس في دار الحزب الشيوعي المعارض في العاصمة الخرطوم، لتصعيد موقفه حيال إجراءات الانتخابات، وشن ممثلوهم عبر المؤتمر الصحافي هجوما عنيفا على مفوضية الانتخابات، كما طال هجومهم حزب المؤتمر الوطني. وقال نقد في المؤتمر الصحافي إن التحالف «لا يتعامل مع قوى عقلانية ولا قوى حكم القانون.. وإنما نحن نتعامل مع مزورين»، وأضاف نقد أن «التزوير الذي يحدث في إجراءات الانتخابات يفترض أن يكون مركزا لنشاطنا الانتخابي في الوقت الحالي». وقال «إذا كان رؤساء أحزاب التحالف سيجتمعون في الفترة المقبل فإن أول قرار لهم يجب أن يكون الخروج في موكب لتسليم مذكرة للأمم المتحدة والحكومة وغيرها من الجهات بالتزوير الذي حدث مصحوبا بالأدلة»، وأضاف «ومن بعد يمكن أن نتحدث عن قيام الانتخابات من عدم قيامها». وتابع «ولكن لا يمكن أن نترك التزوير يكتسب الشرعية ويكون سابقة تاريخية». وشدد نقد على أنه من الضروري «تنظيف سجلنا السياسي من هذه الغفلة»، كما شدد على أن «هذه التجاوزات تتطلب القيام باحتجاجات تقود إلى السجن أو القبر لا يهم.. ولكن لابد منها».
من جانبه، وزع «المحامي فاروق أبو عيسى، القيادي في التجمع السوداني المعارض، اتهامات قاسية في اتجاه مفوضية الانتخابات والبرلمان السوداني، وقال في المؤتمر الصحافي إن القوى السياسية وافقت على أعضاء مفوضية الانتخابات «رغم معرفتنا بأنهم حزبيون، ولكن المفوضية صارت استجابتها لمطالب الأحزاب المعارضة ضعيفة، فيما تقوم بتسهيل أمور حزب المؤتمر الوطني.. لبن على عسل مع المفوضية». واعتبر موقف وأوضاع البرلمان في الفترة المقبلة يكتنفه الغموض. وقال إن البرلمان أصبح «مثل الوداعية»، أي المنجمة. وأضاف «لا يعرف ما إذا كانت الدورة المقبلة ستأتي أم لا»، واتهم أبو عيسى البرلمان بأنه فشل في إجازة قوانين التحول الديمقراطي وفي إلغاء أي قانون غير ديمقراطي». ومضى في هجومه على البرلمان يقول «إنهم يضحكون في وجهك ويخفون لك وراء ظهورهم سكينا». وقال «كما أننا فقدنا الثقة تماما في مفوضية الانتخابات».
وردا على أسئلة الصحافيين، كشف أبو عيسى أن اجتماع عقده رؤساء التحالف في منزل الصادق المهدي رئيس حزب الأمة بعد إجازة البرلمان قانون الأمن، المثير للجدل، أقر تسيير موكب إلى القصر الرئاسي لإلغاء القانون أو تجميده، وقال «الآن لجنة التعبئة تحضر لموكب يتم إنفاذه في الأيام المقبلة لرفع مذكرة لمؤسسة الرئاسة حول مطالب المعارضة. وردا على سؤال آخر قال أبو عيسى إن السجل الانتخابي الحالي «سجل مُزر لمصلحة المؤتمر الوطني إلى أن يثبت العكس»، وحذر «سنعطي مفوضية الانتخابات فرصة أخرى لتؤكد عدم انحيازها لحزب المؤتمر الوطني.. وتضع مساحة متساوية لكل الأحزاب». وفي المؤتمر الصحافي استعرضت مريم الصادق المهدي، القيادية في حزب الأمة بزعامة الصادق المهدي، تحركات للتحالف مع مفوضية الانتخابات «لجعل الانتخابات حرة ونزيهة»، وقالت «جلسنا مع المفوضية مرتين لنرفع لها التظلمات.. غير أن المفوضية تقول لنا إن تظلمات الأحزاب ترفع إلى مجلس الأحزاب» الجهة المسؤولة عن الأحزاب. وكشفت عن «اتفاق تم على تكوين شراكة ثلاثية بين المفوضية ومجلس الأحزاب والأحزاب لتمهيد أرضية لانتخابات حرة ونزيهة إلا أن ذلك لم يتم». وشددت «نطالب المفوضية بالجلوس إلى القوى السياسية، والتواضع على مذكرة تفاهم توضح دور المفوضية، كضامن لحرية الانتخابات، وقالت «ونطالب بأن تكون الرقابة الأساسية رقابة حزبية».
وكشفت مريم الصادق أن أحزاب «تحالف جوبا» لديها خطة تعبوية كاملة للعمل على دفع تنفيذ استحقاقات الانتخابات، تشمل تعبئة سياسية ودبلوماسية وميدانية، وقالت «اتفقنا مع حديث المؤتمر الوطني بأن الأمم المتحدة لا يحق لها مراقبة الانتخابات باعتبارها ممولة لها»، وأضافت «ولكن وجهنا دعوات للاتحادين الأوروبي والأفريقي ليكونا جزءا أصيلا من الرقابة».
وردا على الموقف النهائي للتحالف من حيث المشاركة في الانتخابات أو مقاطعتها، قالت مريم المهدي، إن أحزاب التحالف «تدرس في داخل أجهزتها الحزبية الموقف النهائي للمشاركة في الانتخابات من عدمها، وستعلنها في اجتماع لقادة هذه الأحزاب في مقبل الأيام»، بينما وصف كمال عمر المسؤول السياسي لحزب المؤتمر الشعبي بزعامة الدكتور حسن الترابي، المناخ السياسي في البلاد لأنه «مختلط بالتجاوزات والانتهاكات»، كما وصف مفوضية الانتخابات بأنها «غير أمينة لأداء رسالة الانتخابات»، وقال «لو ربطنا ما حدث في المفوضية والبرلمان في الفترة الماضية فإنه يشير إلى جملة تؤكد أن الحكومة غير جادة في إجراء الانتخابات الحرة النزيهة». وشكك في السجل الانتخابي، وقال هذا السجل الانتخابي «مضروب»، أي تالف، وحذر من أن الانتخابات «لو تمت في هذه الهيئة ستحدث ما لا تحمد عقباه». كما شكك ممثل الحركة الشعبية في المؤتمر الصحافي «بطرس قرنق» في عمل مفوضية الانتخابات، وقال إن إجراءات المفوضية «لا تبشر بانتخابات حرة نزيهة»، وأضاف أن ما يصدر عن المفوضية يجعلها «دبابة ثانية» لحزب المؤتمر الوطني. وقدم صديق يوسف، مسؤول الحزب الشيوعي للانتخابات جملة أرقام دلل بها على ما سماه تزوير إجراءات الانتخابات، وقال إن المفوضية من جملة 800 طعن قُدم لها في تحديد الدوائر الجغرافية، قبلت 200 وحتى الآن لم نسمع أي تغيير حدث في الدوائر الجغرافية التي قبلت فيها الطعون.
وقال إن مفوضية الانتخابات قالت إن نسبة التسجيل للسجل الانتخابي بلغت 80%، وأضاف أن هذا دليل على التزوير «لأن التجارب المشابهة الأفريقية والآسيوية تشير إلى أقل من ذلك» وقال إن نسبة التسجيل في آسيا بلغت «65%»، كما أن مركز كارتر للسلام قال إن نسبة التسجيل ضعيفة فكيف يكون ضعيفا وتصل النسبة إلى 80%. وكشف أن السجل الانتخابي للقوات النظامية كشف أن جزيرة توتي، وهي جزيرة في نهر النيل قبالة الخرطوم، على الرغم من أن بها قسم شرطة صغيرا، كشف السجل أن بها 1958 عسكريا، وقال إن «حي المطار الذي يسكنه الرئيس البشير ونائبه الأول سلفا كير وعدد من أساتذة الجامعات أظهر الإحصاء السكاني أن به 924 شخصا، فيما أظهر السجل أن به 1730 شخصا. وقال يوسف إن هذه الأدلة تؤكد أن السجل الانتخابي مزور. وقال إن تعداد السودانيين خارج السودان 6 ملايين شخص سُجل منهم 102 شخص فقط نتيجة للعراقيل التي وضعتها المفوضية أمام التسجيل في الخارج.
في الأثناء، شاعت تسريبات صحافية أن المكتب السياسي لحزب الأمة المعارض اعتمد ترشيح الصادق المهدي لانتخابات رئاسة الجمهورية المقبلة، وأكدت مصادر مطلعة داخل الحزب أن المهدي أرجأ إعلان هذه الخطوة إلى حين قراءة خارطة التحالفات مع القوى الأخرى خلال المرحلة القادمة. وقال الفريق صديق محمد إسماعيل، الأمين العام للحزب، عقب الفراغ من اجتماع المكتب السياسي للحزب، إن الحزب قرر خوض الانتخابات ومواصلة العمل لتحقيق مطلوبات النزاهة والحرية، وأضاف: تقدمنا بمقترح للمفوضية القومية للانتخابات بتكوين لجنة مشتركة من الجهات ذات الصلة تقوم بتهيئة المناخ الملائم للانتخابات، باعتبار أن خطوات الانتخابات فيها كثير من الممارسات المهددة لمبدأ الحرية والنزاهة، بيد أنه قال إنها لم ترد حتى الآن.
وقال بيان صادر عن مكتب الصادق المهدي، أمس، إنه لو أجريت الانتخابات في موعدها في أبريل (نيسان) 2010 ولم يوف بالاستحقاقات المطلوبة، فهنالك 3 خيارات إما المقاطعة، أو خوضها مهما كانت الظروف، أو خوضها بحد أدنى من الشروط، ونبه إلى أن الخيار الثالث مرهون بتجميد قانون الأمن، وإلزام أجهزة الدولة النظامية والمدنية بالابتعاد عن العمليات الانتخابية، وأكد أنه مهما كان رأيهم النهائي فسيواصلون خوض الانتخابات وتحديد مرشحيهم في كل مستوياتها دون تردد.
الشرق الاوسط