تجربة حرب 57 عاما لم تنجاح فى القضاء على الحركة الشعبية
حماد صابون – القاهرة
اصبح هدف القضاء على الحركة الشعبية لتحرير السودان ونهب ثروات الاقاليم لصالح احزاب بيوتات اهل المركز ومحاولات فرض الطاعة وبجانب فرضيات الهوية والدين الاسلامى على الاخرين بقوة السلطة وتامين وامن المركز قد اصبحت هدف استراتيجى وقاسم مشترك لدى كل الحكومات التى تعاقبت على حكم السودان ونخب مثلث حمدى وكان هدف القضاء على الحركة الشعبية فى قائمة الاولويات لضمان تنفيذ الاهداف الاخرى لمنظومة المصالح المشترك فى المركز ، ولذلك استمر الحرب 57 عام تم فيه أستنزاف موارد الشعب السودانى ( المادية والبشرية ) دون ما تحقق هدف القضاء على الحركة الشعبية لتحرير السودان التى فسرت بانها ضد عالم العروبة والاسلام بالرغم باعترافها بكل التعدد السودانى ( الدينى والعرقى ) .
إن كل هذه الفرضيات غير وارده نجاحها فى عالم الوعى المتطور بشكل يومى لدى هذا الجيل المعتنق ثقافة المفاهيم الثورية التحررية الراسخة فى اذهان المومنين بمشروع الحركة الشعبية ولهم القدرة والرصيد الكافى المتنامى لمواجهة تحديات استهداف الحركة الشعبية التى تحمل تطلعات هذا الجيل الذى لا يرى مستقبل لجمهورية الثانية إلا من خلال افكار مشروع التحرير الذى يحمل ماركة وديباجة ( الحركة الشعبية لتحرير السودان ) .
من غير المعقول والمنطق تبقى لدولة القضى على حركة مطلبية هدف استراتيجى لتحقيق المصالح الايدلوجية والعرقية والدينية فى غياب الاجندة الوطنية ، وان اهداف محو للحركة الشعبية مفهوم خاطئى وغير ممكن فى ظل معطيات تفكير هذا الجيل لان هى ليست جماد او كتلة يمكن ضربها يودى الى هدمها وموتها وبها ينتهى الامر واعلان موت المفاهيم والافكار ذات الصلة بالاستمرارية ، ودليل حركة التاريخ باينة على صفحاتها ، منها ان الاباء المؤسسين لحركة الحقوق السياسية المطلبية فى الجنوب منذ عام 1955م كميلاد لحروب السودان قد رحلوا من الدنيا ولم ترحل معهم الفكر وكذلك فى جبال النوبة قادة مفجرى فكر التنوير عن قضايا التحرير منذ الستينيات ومرور بالثمانينيات لم يكن احد منهما من الاحياء اليوم ( الاب فيليب غبوش والقائد/ يوسف كوة ) كل هؤلاء الاباء رحلوا من الدنيا ولم تنهار منظومة التحرير ولم يكن موتهم مهددا لانقراض الفكر بل تطورت نحو الاتجاهات الايجابية واكسبت مناعة ساعدت فى مسيرة الاستمرارية نحو تنمية الفكر التحررى من خلال (تواصل الاجيال) على مرجعية الأباء فى عالم مشروع الحركة الشعبية التى تتجة نحو حتمية الانتشار من غير اى ارهاب امنى كما يمارسة الموتمر الوطنى الذى اجبر الكثيرون متعاونين ومعتنقين فكرة خوفا من بطشة ،
ولذلك من الخطأ ان يتجدد فكر القضاء الحركة الشعبية رغم تجارب الفشل من الفترة ( 1955 – 1972 من 1983 – 2005 والى تاريخ اللحظة 2012م ) لم يكن هنالك اى تراجع من فكر الحركة الشعبية بل بدل ما كانت محصور فى اطار الجغرافى الجنوبى وتوغلت داخل كافة اقاليم السودان وهذا يعنى ان الحرب لم يكن مهددا لانتشار واعتناق فكر الحركة الشعبية لدى اجيال الشعب السودانى ، وان الحرب الاولى لم تحقق اى واحدة من اهدافها غير انها فصلت الجنوب وجعلت الحركة الشعبية تاسس دولة بنضالاتها وتقدم خدمات انسانية لشعب السودانى فى الشمال ، وكذلك نموذج الحرب فى دارفور لم تسجل التاريخ بان الموتمر الوطنى خلال حربها مع الحركات السودانية فى دارفور قضت على حركة واحدة رغم امكانيات الدولة الارضية والجوية لان كل محاولات محو الحركة الشعبية او حركات التحرر الوطنى فى الاقاليم المختلفة كلها ساعدت فى خدمة اتجاهات تنمية الفكر التحرر وأستنزاف موارد الدولة وتجويع المواطنيين .
واستمرار هذا الحرب ذات المبررات الدينية وتارة مبررات حماية العروبة اليوم افرزت وجود طلاب فى الجامعات وناطقة باسم هذه الحركات التحررية كاكؤادر علمية مدركة لطبيعة الصراع فى السودان وكذلك جعل عدد كبير من ابناء ذاك الاقاليم داخل المؤسسات العسكرية تقدم خدمات معلوماتية تساعد على تحقيق اهداف الحركات وهذا يدل على ان حرب القضاء على الحركات المطلبية اصبحت عامل مساعد فى تمدد فكر الحركة الشعبية داخل البيوتات السودانية .
وبنفس العقلية وذهنية الحرب قررت تكرار التجربة الفاشلة ورغم علمها ان الحرب الاولى ماتت فيها ملايين من البشر والقادة العظماء المؤسسين للمنظومات الثورية وما ذلك عدت الحكومة اسباب تعطيل تنفيذ بنود برتكول جبال النوبة والنيل الازرق وتمردت على الترتيبات الامنية واجراءت ترتيبات امنية لتصفية قيادات الحركة الشعبية ظننا منها موت القادة هو موت الحركة الشعبية ومع علمها ان الجماهير هى عماد التنظيم والقائد وهو فرد ، واليوم فى جبال النوبة طيلة فترة السلام من الفترة ( 2005 – 2011م ) لم يتمكن الموتمر الوطنى احتراق نفوذ الحركة الشعبية الجماهيرية لتغير ما تم اعتناقة طوعا ، والان فى الحرب الاخيرة الدائرة حاليا فى جبال النوبة ليست للموتمر الوطنى اى وجود فى اى قرية من قرى جبال النوبة والخريطة ( موجودة امامنا ) توضح القرى والمحليات عدا ( مدينة الدلنج وكادوقلى ) ، إن هذا الانهزام العسكرى والسياسى اجبر الموتمر الوطنى استهداف المدنيين المومنيين وغير المومنيين بعقيدة فكرة الحركة الشعبية فى قرى جبال النوبة وهذا الامر جعل المواطنيين الغير المومنيين امنوا بما انزل من وحى فكر الحركة الشعبية وتعاهدوا بمناصرتها من غير اى اغراءت وظيفية ولا مادية لشراء الذمم ، وإن هذه الحالة اوجدت منهجا تربويا ساهلة الاستعاب لكل الاجيال من الاطفال الصغار المحاصريين داخل الكهوف والمتواجدين داخل المعسكرات والاطفال اللاعبين حول الخنادق هم غدا سيكبرونا ويتعلمونا ويتخرجونا ويصبحونا اساتذة فى هيئات التدريس فى المؤسسات العلمية ( المحلية والعالمية ) وسيوثقونا هذه المسيرة الماساوية لامهاتهم فى ظل ذاكرة التاريخ لممارسات الموتمر الوطنى وان هذا الطفل لا يحتاج لمن يحدثة لما حدث له ولغيره من قومة ومن الطبيعى سيكون عالما انسانيا يتطلع الى حماية الاطفال من بطش الطغاء وسيقدم محاضرات عن تجربة فريدة ( سوداء ) عاشة السودان من الفترة ( 1989 – 2012م ) فى ظل نظام منطلق بمنطلقات دينية وقبلية و يستورد أسلحة كيماوية لإبادة شعبة ، وكل هذه الازمات خلقتها عقلية القضاء على الحركة الشعبية التى لم تحظى بتحقيق ذلك الهدف الغير ممكن فى عالم الحسابات المنطقية والموضوعية حسب سجل تاريخ الثورات وسقوط الحكومات الاستبدادية التى لا تعرف ولا تحترم العقد الاجتماعى الذى بينها وبين الشعوب .
واليوم الحركات التحررية المسلحة فى أقاليم السودان المختلفة بدعوة من الحركة الشعبية قطاع الشمال التى تمثل ام الحركات التحررية قد اتحدت فى اطار مسمى ( الجبهة الثورية السودانية ) كمشروع تنظيم وطنى موحد لأسقاط النظام و بناء دولة مواطنة مدنية علمانية تعبر عن التنوع السودانى ، ولكن السؤال المنطقى كيف يمكن ان يحسم الموتمر الوطنى الحركات المتحدة فى بعد ما فشلت فى حسم حركة منفردة طيلة الفترة ؟
ولذلك اهداف الحرب للقضاء على الحركة الشعبية من خلال ( 57 عام ) فشل ولا اعتقد يمكن للموتمر الوطنى ان يكون لديها بعض الفرص المتاحة بعد الامكانيات التى تلقتها من حلفاءه الفارسين ( عالم التخصيب اليورنيوم ) واتفاقيات الدفاع المشترك ، وفى ظل متغيرات وترجعو ذهنية هؤس الجهاد من اجل جنة بضمانات وحى الموتمر الوطنى ، ولذلك من الضرورة ان تتراجع فكرة القضى على الحركة الشعبية لان هنالك اطفال من مواليد 1955وان اجدادهم واباءهم هم مؤسسى هذه الافكار وهؤلاء الاطفال هم اليوم كانوا وزراء فى حكومة الشراكة ، وقدموا استقالات من وزراءت اتحادية رافضين ثقافة الفرضيات وطاعة ( امير المومنين الفاسد ) ولذلك من الصعب ان تجبر طفلا نشاة فى احضان والدية وبلغ تحت رعايته م وتربي على نهج الفكر التحررى وتجبرة ان ينكر عقيدة أسرتة ويعتنق ( عقيدة فجر الاكاذيب والنفاق ) ، اكرر فى ختام مقالى هذا بقناعة منى وتجارب سجل تاريخى فى حركة الشعوب نحو الفكرى التحررى لا يمكن باى حال من الاحوال يمكن احداث تغير فى بنية فكر هؤلاء والعودة بهم الى ماضى الخمسينيات بقوة استخدام السلاح والتجويع والتهجير والموت
@ قال الشاعر :
مضى عهدا ومضى ليلا وشق الصبح استارا لا زلا ولا قيدا يكبلنا ولا عارا
ونصونا لأرضنا استقلالها ولها نعيش احرارا .
[email protected]