بُعد ومسافة …بنادق ليست للإيجار

*بُعْدٌ…و…مسَافَة*

*مصطفى ابوالعزائم*

*بنادق ليست للإيجار*

بعيداً عن الموَاقِفِ الشّخْصِيَّةِ والرّأي الخاص حول التّفاوُضِ الذي يجري منذ فترة بين وفد الحكومة و وفود الحركات المسلحة ، التي ناوأتْ النظام السابق ، وحاربته سنين عدداً ، وقريباً جِدًّا من ميادين الصِّراعِ السياسي من أجل تحقيقِ مكَاسِبٍ على الأرض ، سواءً كان ذلك على المستوى الإقليمي بالنسبة للحركات التي ترْفعُ شعارات الدفاع عن المهمّشين في غرب البلاد أو شرقها ، سيبرز بقوة صوتُ حركة العدل والمساواة السودانية ، التي يعتبرها مؤسسها الراحل الدكتور خليل إبراهيم _ رحمه الله _ وقادتها وضُبّاطَها ، وجنودها المِيدانيّون ، وكثِيرٌ من مُناصِريها في الداخل ، بل وكثِيرٌ من القُوى السّياسيّة الفاعلة في المشهد السياسي بالسودان ، يعتبرونها حركة وطنية لا ترْتبِطُ بإقليم بعينه _ دارفور _ بل هي حركة تُعبَّرُ عن إنسان السودان الذي يبحث عن الأمن والأمان والحُرّيةِ والعدل والمساواة في الحقوق والواجبات .
كانت للدكتور خليل إبراهيم مواقف مشهودة قبل أن يحمل السلاح ويخرج على نظامٍ لم يرَ فيه ما يمكن أن يحقق أهدافه المنشودة ، فخرج على النظام وحمل بندقيته وفي معِيّته مجموعةً من الخُلّص الذين آمنوا بما آمن به ، وكان من بينهم شقيقه الدكتور جبريل إبراهيم ، وقد كان الرجل وجماعته مُصنَّفين من قِبل النّظَام السّابِق كجماعة سياسية تسْتغِلُ قضايا الهامِش من أجل تحقيق مكاسب ذاتية ، وظلَّ هذا الأمر قائماً إلى لحظة سقوط النظام ، وقد إزداد العداء وتعمّقت الخصومة بعد ما عُرِف بعمليةِ الذراع الطويلة أو محاولة غزو أم درمان في آخر العشرية الأولى من قرننا الحادي والعشرين هذا ، والتي جعلت النظام يسعى بكُلِ ما لديه من قوةٍ ، وأجهزةٍ إستخباراتية ومساعداتٍ خارجية يتابع تحركات هذه الحركة المسلحة التي باتت تُشكِّل خطراً كبيراً على أمنه ، ومُهدِّداً حقيقاً لإستقرار أركان السلطة في كل البلاد .
تغيّرتْ مواقف النظام السابق تجاه الحركات المسلحة التي فاوضت أو صالحت لكن الموقف لم يتغيّر تجاه حركة العدل والمساواة ، لذلك كانت هذه الحركة أول من أعلن مشاركته العلنية في الثورة الشعبية على النظام ، وخرجت كوادرها للعلن
، في وقتٍ تردّد الكثيرون عن المشاركة الفاعلة ، وإكتفى البعض بإصدار البيانات المؤيدة للثورة ، وأنتظر قادة بعض الحركات المسلحة نتائج الثورة الشعبية إذ تصوّر بعضهم إن نهاية الهبَّة الشبابية الهادرة ستصل إلى نهايات مثيلتها التي حدثت في العام 2012 م ، لذلك كسِبتْ حركة العدل والمساواة السودانية سياسياً أكثر من غيرها ، وهو ما جعل البعض يتخوّف من مستقبله السياسي بعد نجاح الثورة ، فأخذ ذلك البعض يوجِّه الإتهامات في كل الإتجاهات نحو هذه الحركة ، وأولها أنها تناصر حركة” بوكو حرام ” وتقاتل في صفوفها ضِدّ الجيش التشادي ، وكأنما هؤلاء لا يقرأون التاريخ ولا الحاضر ولا يتطلعون إلى أفق واضح الملامح ، فرئيس الحركة كان قد زار العاصمة التشادية ” انجمينا ” آخر العام الماضي على رأس وفد كبير من الحركة ، وإلتقى الرئيس إدريس ديبي وكبار المسؤولين في دولة تشاد الشقيقة ، ولكن مواقف حركة العدل والمساواة السودانية الأخيرة من القضايا الأساسية والكبرى في منبر جوبا ، ومطالبة رئيسها بضرورة إجراء هيكلة جديدة لقوى الحرية والتغيير ( القحت) وقد وصفها بأنها أصبحت مختطفة من قبل قوىً سياسية معينة ، وموقف الحركة في كثير من القضايا فتح عليها نيران السخط والغضب من قبل الحركات الأخرى التي لا ينظر بعض قادتها أكثر من مواطئ أقدامهم .
ولنا أن نتساءل عن مصلحة حركة العدل والمساواة السودانية في الوقوف أمام العالم كله وضدّه ، لتساند الإرهاب ،وهي قد أعلنت مراراً وتكراراً أنها إنما نشأت من أجل إرساء قيم التسامح الديني ، والتعايش السلمي ، والمحبّة ، والعدل وحقوق الإنسان .
بدأت حرْبُ قِصارِ النظر على أصحاب المواقف المبدئيّة الذين أقسموا على ألّا يضعوا أيديهم في أيدي الإرهابيين ، ونحن ندرك الغاية من هذا الهجوم غير المنطقي ، خاصةً وقد تمّ الآن إتهام قيادات حركة العدل والمساواة بأنهم يستندون على قطر وتركيا في تحركاتهم ، وذلك مقصودٌ به هزّ الثقة في الحركة وقياداتها وسط الكيانات الأخرى … و لكِنّ الجميع يعْرِف موقف الحركات تجاه قطر وتركيا ويعرفون مواقف الحركات من منبر الدوحة .

*صحيفة الأخبار السودانية النسخة الإلكترونية*

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *