يقال في الماضي إن وباء الكولرا تفشي في السودان بصورة كبيرة واصبح الذهاب إلي قضاء الحاجة ” الخلا” هم ومعضلة، فكان الرجل يبتهل بالدعاء قبل “الخلا” حتي يسلم من الوباء القاتل ويقول: (يا ابو مضوي قوي)، فإن لم يكن كذلك فيقول : ( أفو مات راجل)
هذا حالي وحال الكثيرين عندما اريد ان افتح جهاز الكمبيوتر في الصباح وتصفح الأخبار فأستدعي ابو مضوي والبرعي والمكاشفي والشريف محمد الامين و.. و.. وكل اولاياء الله الصالحين، لكي لا اسمع من الاخبار التي لا تشبه شعبنا وامتنا من قتل وإغتصاب ونهب و..و..
لفت إنتباهي خبر الشاب الذي اقدم علي الإنتحار بسبب إنتقال لاعب الهلال بكري المدينة إلي صفوف المريخ، وهو مؤشر خطير يؤكد حالة الإنفصام التي يعيشها الشباب وبعدهم وعدم تفاعلهم مع قضاياهم الحقيقية والملحة في العيش الكريم والعمل والحرية.
نعم لا يجب ان نسقط هذا المشهد علي كل الشباب، فالمأسىاة مدبر لها فهناك جهات تعمل جاهدة لتدمير عقول الشباب وإلهائهم وإبعادهم عن التفكير، وحمل هموم الوطن، وتجريف العقول وإعادة تشكيلها حسب ما تتطلبه ضرورات مصالحهم الخبيثة وفكرهم الضال الذي يري في التنوير وتشبع الشباب بالقيم وإنتاج الافكار والعلم خصم عليهم وعلي سطوتهم و بهذا يصعب عليهم الهيمنة وفرض الوصاية علي الامة بكاملها.
كنت اتمنى ان اسمع بمحاولة إنتحار شاب ليلة إعادة ترشيح البشير لولاية جديدة، بدلاً عن إنتقال بكري المدينة، وفي تقديري إن حدث ما تمنيته في تلك الليلة كان يمكن ان يغيير البشير من رأيه ويبر بوعده حين قال انه لم يعد رئيساً للسودان في 2015 .
يمكن لأحد أن يسألني لماذا انت لم تقدم علي الإنتحار؟ فأقول : لم ينعم علي المولي عز وجل بنعمة هذا الإحساس العالي والمرهف لدرجة فقدان الوعي والإقدام علي الإنتحار برغم انه جريمة لا ابررها بالإحساس لأن الإحساس هو التفاعل الإيجابي والمنتج بدلاً عن الهروب لأنه تكريس لليأس والإحباط.
و اقول لو وجدت هذه النعمة ولا بد منها يجب توجيهها وتوظيفها وعدم إهدارها عبثاً ويكون هذا التوجيه بمجهود منظمات المجتمع المدني وعلماء المجتمع والمثقفين، ومن المؤسف اصبح صراعنا من اجل السلطة يعماينا جميعاً عن المجتمع وشبابه، فيجب ان نعي الخطر ونتسابق لإصلاح المجتمع والأخذ بيد الشباب وتوظيف طاقاته الهائلة في البناء.
بلا سواعد الشباب لا يمكن لأي امة ان تنهض.
واخيراً مرحب باللاعب بكري المدينة في صفوف نادي المريخ …
خليل محمد سليمان
[email protected]