أكد مدعي المحكمة الجنائية الدولية أنه يملك ما يكفي من الأدلة لطلب إصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني عمر البشير بتهمة ارتكاب إبادة، وذلك بعد أن أصدرت المحكمة في الرابع من آذار مذكرة اعتقال مماثلة بحق البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم بحق الإنسانية.
في هذا الوقت، اعتبرت منظمة العفو الدولية قرار الإتحاد الافريقي عدم الاعتراف بمذكرة الاعتقال الدولية بحق البشير «إهانة لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان في إقليم دارفور»، على حين أدانت بوتسوانا قرار الاتحاد الإفريقي قائلة: إن القرار لم يناقش بشكل لائق خلال القمة التي عقدت الأسبوع الماضي.
وكتب المدعي لويس مورينو اوكامبو في وثيقة سلمت أمس الثلاثاء إلى غرفة الاستئناف في المحكمة الجنائية «على غرفة الاستئناف أن تعتبر أن ثمة دوافع منطقية للاعتقاد أن الرئيس البشير مسؤول جنائياً عن ثلاث تهم بارتكاب إبادة»، مؤكداً أنه وفريقه قدم أدلة مفصلة على استخدام «كل جهاز الدولة السودانية» بهدف القضاء على قسم أساسي من ثلاث مجموعات إثنية في كل منطقة دارفور طوال أكثر من ستة أعوام.
واعتبر أوكامبو في مذكرته أن قضاة محكمة البداية «ارتكبوا خطأً» عندما أصدروا أمر اعتقال ضد البشير بتهمتي ارتكاب جرائم حرب وجرائم بحق الإنسانية، لكنهم لم يأخذوا بتهمة ارتكاب إبادة التي طلب أوكامبو توجيهها، وطالب غرفة الاستئناف بتصحيح هذا الخطأ.
ويقول مورينو أوكامبو إن البشير مسؤول عن مقتل ما لا يقل عن 35 ألف مدني من ثلاث إثنيات بين العامين 2003 و2005 وعن طرد واغتصاب مئات الآلاف من هؤلاء، وهو الأمر الذي ينفيه السودان بشدة ويتهم المحكمة بتسييس قضية دارفور لخدمة أجندات خارجية تريد الضغط على السودان «من أجل سرقة ثرواته».
وكان النظام السوداني رفض مذكرة التوقيف التي صدرت بحقه سابقاً وعمد إلى تحدي المحكمة الجنائية الدولية عبر القيام برحلات عدة إلى الخارج.
ورفضت قمة الاتحاد الإفريقي التي انعقدت في ليبيا نهاية الأسبوع الماضي التعاون مع المحكمة الدولية في إطار قضية البشير، ورحبت الخرطوم بالقرار واعتبرته انتصاراً لها، وقالت: إن القرار يسمح للبشير بالتنقل في إفريقية دون تعرض لاعتقال.
لكن منظمة العفو الدولية انتقدت بشدة يوم الإثنين قرار الاتحاد الإفريقي وقالت في بيان لها: إن القرار ينتهك تعهدات الدول الإفريقية بالتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية بموجب تشريع روما، وأضافت: إن دول الاتحاد الإفريقي كانت تعهدت بأن تدعم بقوة إنشاء المحكمة الجنائية الدولية لتكون المرجع الأخير لضمان إحقاق العدالة لضحايا الإبادة الجماعية والجرائم بحق الإنسانية وجرائم الحرب وتعويضهم حين تكون دولهم غير قادرة وغير مستعدة للتحقيق بهذه الجرائم ومحاسبة المسؤولين عنها أمام العدالة.
وقال مدير برنامج إفريقية في منظمة العفو الدولية، إروين فإن در بورغت: إن قرار الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي «يستخف بالناس الذين عانوا من انتهاكات صارخة لحقوقهم الإنسانية ويقلل من مكانة الاتحاد الإفريقي كهيئة دولية».
على حين أدانت بوتسوانا قرار الاتحاد الإفريقي قائلة: إن القرار لم يناقش بشكل لائق خلال القمة وقال مومباتي ميرافهي نائب رئيس بوتسوانا في كلمة نشرت على موقع الرئاسة على الإنترنت أمس: «لم تسمح الرئاسة بنقاش كبير في هذا الأمر ومن ثم لم نحصل على فرصة لطرح وجهة نظرنا».
وهذا الانتقاد هو الأقوى من دولة افريقية منذ صدور القرار لمصلحة البشير خلال القمة التي رأسها الزعيم الليبي معمر القذافي.
ويقول الاتحاد الإفريقي المؤلف من 53 دولة: إن قرار المحكمة الجنائية الدولية بصدور أمر اعتقال بحق البشير يقوض جهود إحلال السلام في دارفور مضيفاً: إنه يريد إرجاءه. وهو موقف الجامعة العربية نفسه، إلا أن المنظمتين الإقليميتين لم تستطيعا حتى الآن الضغط في مجلس الأمن الدولي لإرجاء القرار لعام واحد على الأقل.