انا لست محررا

انا لست محررا
حسن اسحق
انا لست محررا في ميثاق حقوق الانسان والقانون الانساني الدولي ،وايضا اعلان حقوق الاشخاص المنتمين الي اقليات قومية او اثنية والي اقليات دينية او لغوية ،وانطلاقا من حرصها علي تعزيز حقوق الانسان الاساسية والمساواة بين البشر والامم ،وفق مبادئ الاعلان العالمي لحقوق الانسان والشرعية الدولية والاتفاقية والمواثيق والاعلانات الدولية ذات الصلة ،خاصة المادة السابعة والعشرين من العهد الدولي بالحقوق المدنية والسياسية ،المتعلقة بحقوق الاشخاص الاقليات،ولضمان مزيد من التفاعلية في تنفيذ تلك الصكوك ،اصدرت الجمعية العامة للامم المتحدة في الثامن من ديسمبر 1992 اعلان حقوق الاشخاص الي الاقليات ،قومية او اثنية والي اقليات دينية او لغوية ،وينص هذا الاعلان علي حق هؤلاء الاشخاص في التمتع بثقافتهم الخاصة ،واعلان ممارسة دينهم الخاص ،واستخدام لغتهم الخاصة سرا وعلانية ،بحرية دون تدخل او اي شكل من اشكال التمييز .وكذلك حقهم في المشاركة في الحياة الثقافية والدينية والاجتماعية والاقتصادية والعامة في مشاركة فعالة ،بصفة جماعية او فردية ،مع حقهم في انشاء الروابط والجمعيات الخاصة بهم.ويتضح من هذا الاعلان سعيه الجاد والحرص علي حماية حقوق الاقليات ،ايا كان نوعها ،من تسلط الاغلبية وسعيها الي لفرض عقيدتها او مبادئها علي الاقليات ،ايا كان نوعها مثل خيار الامة او توجهها الحضاري التي تفرض قسرا علي معتقدات وثقافات الاخرين بصور تعسفية ،وعلي المجتمع الدولي ان تتخذ التدابير التي تضمن ممارسة الاقليات لحقوقها الكاملة ،والتعبيرعن خصائصهم وتطويرها مالم تكن مخالفة للقانون الوطني والمعايير الدولية .تناول القانون الدولي الانساني ،رغم وضوحه في التفاصيل عن اوضاع حقوق الجميع ،لكن اذا نظرنا الي وضعنا في عهد حكومة الاستبداد ،الوضع يخالف ما تضمنته هذه المواثيق ، الا ان اوضاع سكان المناطق الثلاثة التي تستمر فيها الحرب واليات الابعاد اليومي في النيل الازرق وجبال النوبة ودارفور،والجنوب المستقل، ليسوا اقليات دينية او ثقافية ،بل هم جزء من تاريخ السودان القديم او الحديث ،وهذا التحول الكبير الذي طرأ في هذه الدولة المتهالكة ،سياسة السيطرة من قبل حكومات المركز ،والاصرار دوما علي ابراز وجه احادي ثقافي وديني،والتعمد من كل الحكومات علي ان هذا هو السودان.وهذه السياسة غير المدروسة ،فتحت طرق اخري لابناء المناطق علي حمل السلاح بعد الفشل الي حل يرضيها ،وحمل البندفية
لم يأتي من فراغ ،وجاء قرار التفرغ الي السلاح ،بعد اتضاح ان المركز سيطر علي الوضع الاقتصادي والاعلامي ،لنشر ثقافة ودين احادي،وهذا في حد ذاته عنصرية دينية ولغوية تحرسها الدولة بالقانون بمقاس سيطرها وحدها . الدولة بهذا الشكل مصيرها سيؤول الي الصوملة تحت اشراف رئيس يداه لطخت بدماء السودانيين تحت لافتة الشريعة الاسلامية التي سقط قناعها المقزز في الاونة الاخيرة ،وشعار العروبة والدولية الالهية التي طرحها البشير ،اثناء خطابه الجماهير في ولا ية القضارف،كان مدفوع الثمن ،وكونه مسؤول عن دولة غير محترمة ،ترأسها مؤسسة فاقدة لكل آليات الاحترام من تقدير للحقائق التي يفرضها واقعنا الاجتماعي والسياسي والاثني والديني وايضا اللغوي،ولن تستطيع لغة او دين ،مهما ادعت ،ان لها افضلية .ان واقع السوداني ،قد يشبه حقيقة انفصال بنغلاديش من باكستان عام 1971،قد يتساءل البعض، لماذا انفصلت بنغلا ديش علي الرغم من ان سكان باكستان قبل الانفصال ،كل الشعب يدين بديانة الاسلام؟ولماذا لم يكن عامل الدين ذات تأثير علي الوحدة؟ ان الدين وحده لن يكون عامل توحد ،في وجود التنوع والتعدد كواقع من المستحيل الهروب منه،ظنت باكستان انها ستسيطر علي اقليم البنغال وتهمش ثقافته اللغوية والتاريخية ،وفرض لغة الاوردو كلغة رسمية وتجاهل متعمد للغات البقية ،ان الحالة الباكستانية ،ماهي نموذج قريب لمشكلة السودان،والعقل الباكستاني يشبه عقل كل انظمة الحكومات التي حكمت السودان ،وكررت مسرحية اسلا م اباد في اسيا ،واستقل الجنوب ،بعد ان ادرك ان وطن تحكمه اقلية، ترفض للا خرين ان يكونوا ،يستحيل البقاء بين احضانها الطاردة والمحبطة . ان الشعوب في السودان التي رفعت سلا ح التغيير بالبندقية ،لم يحمل عبسا ،ليموت الابرياء،كاشاعة يروج لها اعداء الامل والتغيير ،لرعبهم من ازاحة حائط النفاق السماوي ،والابدية الاثنية. ويقول ارنستو تشي جيفارا المناضل الارجنتيني المولد ،الذي قتل في فنزويلا من اجل الكرامة الا نسانية ،واحدي مقولا ت جيفارا (انا لست محررا،المحررين لاوجود لهم،فالشعوب وحدها هي التي تحرر نفسها)،فشعوب السودان ،حررت نفسها من عبء الماضي الثقيل ، ورفع شعار التغيير ،ورسم لوحة ذات بعد تعددي . ولن تنحني هذه المرة ،حتي لا يمتطي ظهرها . ان الصمود كفيل بانجاح الرحلة الشاقة،من هذه الرحلة علينا نرفع راية التحية لكل رافض لهيمنة اللصوصية الدينية ،العديد من ابناء المركز ،اقتنعوا ان من هذا الزيف .
حسن اسحق
صحفي
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *