اما يستحي والي شمال دارفور ليأتي بالدورة المدرسية في ولاية اكثر من ثلثي طلابها نازحين وبلا مدارس؟

لقد ثبت علميا بان بعض الحيوانات الاليفة منها والمتوحشة تُظهر شيئ من المواساة لبعضها البعض عندما يموت احد افراد القطيع . وقد شاهدنا مرارا كيف ان الجواميس والغزلان بعد ان تتم مطاردتها من قِبَل الاسود واصطياد احد افرادها تظل واجمة برهة من الزمن ويبدو عليها الحزن والاسي للفراق الاليم ,وتختفي من علي مسرح مراتعها كل علامات البهجة والسرور , فلا فحولها تقرب اناثها , ولا صغارها تتقافز وتجري لهوا وطربا.

ولكن في زمان انعدام المروءة والنخوة وموات الاحساس في عهد الانقاذ هذا , عشنا لنري كيف ان الذين لا تهمهم الا انفسهم  وكم سيكون نصيبهم المادي من أي مشروع او مهرجان او احتفال , تجمدت احاسيسهم وانعدمت تجاه بني جلدتهم  فاتوا باحتفالات الدورة المدرسية الي حاضرة الولاية من غير أي حياء ولا وجل دون مراعاة الي ان جميع تلاميذ المدارس التي دكتها قنابل الحكومة واحرقتها مع مساكنهم ومزارعهم , هم الان يفترشون الارض علي بعد خطوات من الاستاد او دار الرياضة الذي فيه تجري فعاليات هذا الجرح النازف لاموال الولاية , متخذين من اكياس الدقيق والارز التي جادت لهم بها منظمات الاغاثة الاجنبية المطرودة منها والباقية ظلا !!. , ودون الاهتمام لما قد يسببه هكذا احتفال من اثارة مشاعر الحزن والاسي لمن فقدوا فلذات اكبادهم من تلاميذ وتلميذات ذبحا وطعنا علي ايدي الجنجويد , او تفجيرا وحرقا بقنابل طائرات الحكومة التي يقودها اباء بعض من الذين يشاركون في هذه الدورة من طلاب الولايات التي يحتكر مواطنوها قيادة الجيش والشرطة والمليشيات وجميع الوظائف العليا بالبلاد كما جاء مفصلا في الكتاب الاسود سواد قلوب تجار الدين هؤلاء.

ونحن نعلم بان بعضا من الحريصين علي اقامة هذه الدورة بهذه الولاية المنكوبة والمغلوبة علي امرها انما يسعون الي تحقيق مكاسب شخصية بحتة لانهم  يعرفون جيدا كيف يخرجون من المولد بحمص كثير ولمزيدا من العمارات وزيادة في اصفار الحسابات في بنوك البلاد وخارجها.اما كان الاجدر  صرف ما تم اهداره  من اموال للنازحين الذين يعانون الجوع والعطش والعري والمرض  والجهل وامراض اخري لا تُوجد الا في مثل هذه البيئة , امراض نفسية واجتماعية تتفاخم وتتفاقم بتوالٍِ هندسيٍ مع الزمن ؟. اليس من المسؤولية بمكان التركيز علي تعليم هؤلاء المشردين الذين شردتهم الدولة وبناء مدارس ومساكن لهم ولأهليهم بدلا من اهدار هذا المال في لهو ولعب لا طائل منه ولايفيد طلاب الولاية حتي الذين لهم مدارس داخل المدن الرئيسة فهي بلا معلمين الذين  هجروا التعليم لانعدام الرواتب وامتهنوا اشغال اخري لا تمت الي التعليم بصلة من تجارة وسياسة ,حتي ان منهم من صار واليا . اما كان الاجدر انفاق هذا المال لدفع رواتب من بقي من المعلمين في ما بقي من مدارس بدل تبذيره في هذا الهرج والمرج بلا طائل؟

ولكن من كان بلا حياء وبلا ضمير فلا ترجو منه خيرا البتة. وحقا ,الاختشوا ماتوا.

محمد احمد معاذ
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *