الهامش و أمل التغيير – عبدالحميد إبراهيم \ أمريكيا
مصطلح التهميش ليس مبتدعاً أو جديداً في علم اللغات والتعبير عن أي ظلم. ولكن يندرج في الواقع السوداني المعايش بصورة مفجعة وبرز ذلك في السنوات الثمانية الأخيرة بعد تفجّر ثورة الهامش في دارفور وكردفان ووتيرة العنف في الشرق والشمال. و التهميش يعني وضع شخص أو مجموعة (سياسية, فكرية , إجتماعية أو عرقية …ألخ) علي هامش الإقصاء و العزل عن كيان و مكونات القومية بكل جوانبها و يتضح ذلك بالمسار السياسي و الفكري و الإقتصادي في الواقع السوداني منذ أمد تكوين الدولة السودانية بالصورة الحالية (بالتراضي). و لكنه برز وبخطابٍ سياسي واضح من مجموعة طفيلية سطت علي مقالد الأمور والسلطة بإنقلاب عسكري دبر في ليلٍ أغبر وتوشحت تلكم المجموعة بالصفات الإلاهية (و العياذ بالله).
فأصبح الكل مهمشين فتم العزل الإجتماعي والتغريب والتهجير وإزلال من تبقي بالداخل وتفريغ المجتمع السوداني من جميع مكوناته من عزل وتشريد وإفقار (الطرد من الخدمة أوكما يسمونه بالصالح العام) وطمس النخوة والعزة (ما يميزالشعب السوداني في السابق) والخطط الشيطانية بتدمير رأس المال الوطني التقليدي (التجارة, المشاريع الزراعية والخطط المبرمجة لأفقار الريف المنتج) الفتنة وتدمير النسيج الإجتماعي (قتل وسحل وإبادة جماعية) وذلك علي سبيل المثال وليس الحصر فالقائمة تطول.
نعود ونقولها داويةً (جميعنا مهمشين) وإن إختلفت السمات الدالة عل ذلك والمستوي التراكمي (كلنا في الهواء سواء) ولكنني أعتصر حسرةً علي عدم التلاقي بيننا في الحد الأدني (مُهمْشونْ و ضاربين طناش) وإن حلفت بالذي لا إلاه إلا هو أنك غير ذلك أدعوك بالوقوف أمام المرآة ومخاطبة نفسك متسائلاً: ( من انا؟ أين وطني؟ ماذا قدم لي ذلك الوطن؟ ماهو دوري فيه؟ وأ ين صوتي ؟ أهو مسموعاً؟ ماذا يعيبني؟ ماهي نظرة العالم لي “كسوداني”؟ وتم الباقي من عندك) تخريمة !!!
ليس قفزاً للنتيجية ولكن جاييكم (بالنجيضة) نحن شعبٌ معلق بين السماءِ والأرض (ما عارفين كوعنا من بوعنا) هويتنا ضبابية مسلوبي الإرادة لم نزق طعم الحرية والديقراطية والتي حبانا بها خالق السموات والأرض وعقولنا مكبلة بأغلال الطاغوت فإن أطلقناها كانت ضاربت في الهامش بعيداً عن الوطن وخدمة أهلنا (ألم أقل لكم كلنا مهمشين).
فإلي متي هذا التمترس والتشرزم والغلو. فالأمر بينٌ وواضح (فإن أكتشف الداء عُرفْ الدواءُ). فعلة ووطننا (حالياً) ذلكم النظام الحاكم وكلٌ مِنّا يعي ذلك ولكن بدرجاتٍ متفاوتة. فدعونا من الرومانسية والخيال الشاعري المبتدعة في عالم السياسة السودانية الحالي فالحقوق تأخذ ولا تعطي أما من العيب أن نري العالم من حولنا تنتفض شعوبه من أجل إسماع صوتهم ونحن لا نستثمر أي حراك سياسي في خدمة قضية الوطن.
فعصابة الإنقاذ (الدمار) تشدقت وقالت علي والملأ والأشهاد من أراد (الكرامة والحرية) فليأخذها بالسلاح. ولا أتعجب من ذلك فقبلهم كان فرعون وهتلر. ولكن من جعلهم كذلك كلكلب المسعور (إن إتيت عليه يلهث وأن تركته يلهث) نحن جعلناهم كذلك. فنعم هذا قدرنا ولكن الله ليس بظالم وحرم الظلم علي نفسه.
فهلم إلي التغيير. فالتغيير لا يأتي بالتمني والدعاء ولكن يريد العمل وبأقصي الدرجات فليد الواحدة لا تصفق فدعونا من الأنانية المزروعة فينا ونظرت الأنا الما بتخدم قضية. ونترك المحاصصات ونفكر وننظر للمعطيات بمنظور الواقع ونستثمرتنوعنا الفكري والسياسي والديني والعرقي كمصدر قوة وليس بمصدر ضعف ونتوشح بعبائةٍ واحدة تحمل ألوان السودان.
فنحن بين أمرين لا ثالث لهم أن نكون أو لا نكون. فمنا الغارق في أحلامه ومنا الغير مبالي وآخر في غيبوبة لا يدري ما بحوله وشق آخر من كثرة الضرب عليه وإزلاله آمن بفرعون النظام وسجد له طائعاً وصار كالدمية لا يعي ما يفعل فكان الأداة التي تحمي الجلاد. بالله عليكم أين أنتم يأحفاد كرري وشيكان و أم دبيكرات أين أنتم يأبطال أكتوبر فجر الحرية أين أنتم يأسود 1976 وأين أنتم صناع رجب\أبريل.
فالتتغيير آتٍ آتْ لا محال ولكن ليس بالفٌرجة و الشتات. فحدنا الأدني معروف وهو إزالت النظام والرمي به في مزبلة التاريخ فكلنا وعي الدرس و دفع الثمن غالياً وياله من ثمن. فمعاً لإسقاط النظام ومعا للبحث عن الحرية والكرامة و إنقاذ الوطن من التشرزم والفتتات و معا لرتق النسيج الإجتماعي وبناء التوافق.
وهذه دعوة لإستخدام العقل قبل العاطفة والتفكير تحت ضغط الخوف من ذلكم المستقبل المظلم. هناك مؤشرات موضوعية يجب النظر اليها حينما نتحدث عن ظاهرة التهميش والتي أصبحت المسبب الرئيسي لضياع السودان.
وهنالك التهميش الفكري وكبت الحريات والعزل الإجتماعي و في المقام الأكبر يأتي التهميش الجهوي وهو ركن أكثر من 75% من مكونات السودان تحت ظل الإقصاء والحرمان. وما يتعرض له أهم شرائح المجتمع السوداني خير دليل فواقع السياسيين والكتُّاب الصحفيين والطلاب الجامعيين ليس ببعد.
ونعود إلي السرد الواقعي لمكونات الشعب السوداني فنجد كل قطاعاته نالت نصيب مقدّر من الظلم. ولكن بعد بروز الثورة في دارفور وكردفان وعلو صوت الهامش وبروز الخطاب السياسي في ثورة الأقاليم علي المركز تحجر فكر بعض قطاعات الشعب السوداني وخاصةً الطبقات السياسية والمثقفين و أصبح جلهم إن لم نقل جميعهم يرون أن هذا الصوت نشاذ وغير مقبول وحتي الآن يري المتتبع لدهاليز ومنعرجات الشأن السوداني صوت المهمشين فكرياً وسياسياً موجّه ضد إخوتهم مهمشي ثورة الأقاليم ووجد النظام الحاكم ضالته في قلة واعي تلكم الطبقات والفهم الدقيق للخطاب السياسي لثورة الأقاليم. فقامت الحملة الإعلامية المنظمة لإفراغ الثورة من مضامينها ونتج عن ذلك خلق شرخ كبير في النسيج الإجتماعي لأبناء غرب السودان وكذلك تحريك كوامن الغبن مع بقية شرائح المجتمع السوداني وإشعال نار الفتنة بين العرقيات والإثنيات المختلفة. وإن لم يكن بصورة علنية كان بالصمت علي كل ممارسات السلطة الحاكمة فكأنما الذي يحدث لا يعنيهم بشئ و لعمري حتي الآن لا يعلم بعض السودانيين حقيقة مايجري في دارفور بصورة دقيقية و ذلك ليس من منظور خبري أوعام بل من معرفة حقائق الصراع فكأنما الذي يحدث لا يعنيهم بشئ سواء النعت بأن تلكم الأعمال ليست بغريبة علي النظام الحاكم. فصار الجميع في غيبوبة وحيرة في أمرهم حتي وصل الأمر بأن يكون الرئيس السوداني مطلوب من قبل العدالة الدولية وشريحة كبيرة من المغيبين فكرياً وسياسياً تقف إلي جانب مطلوبين القبض عليهم وإن ذكر البعض أنها (حالة من التعاطف الجهوي) فلنا في أحداث مظاهرات نيويورك وفلادلفيا وحالات المواجهات التي تمت بين فريقين من أبناء السودان.
الآن بلادنا تمر بمنعطف خطير لا يعلم مداه إلا الله فنحن في حالة (نكون أو لانكون) ودعوتي لتوحيد الهدف وهو إسقاط النظام ومن بعد ذلك سوف نساهم جميعنا في تضميض الجراح ولملمة الشتات وهنالك أطروحات عدة في هذا المجال ولكن علينا بتخطئ العقبة الحالية لسحات الحرية إسماع جميع أصواتنا. ولكن إسقاط النظام لا يأتي بالتمني والمراقبة كما يحدث الآن في الساحة السياسية السودانية ولكن يأتي بالعمل والتضحيات الجسام. وهنا يأتي دور ثورة الأقاليم فهم الكرت الرابح في هذه المعركة إن أحسنتم التعامل معها فبعد تجربة التجمع الوطني الديمقراطي وتحالف الأحزاب مع الحركة الشعبية مات الحلم بالذي أفضت إليه ( إتفاقية نيفاشا) وغياب الزعيم الراحل المقيم د. جون قرنق دومبيور دق المسمار الأخير في نعش حلم الوطن الجميل حلم السودان الجديد الذي يسع الجميع.
فدعوتي هنا للمهمشيين (سياسياً وفكرياً) لاتدعوا الزمن يفوّت علينا هذه الفرصة المؤاتية للإنقضاض علي النظام وإسقاطه بالقوة فهم فئة معزولة لا تملك إلا المال لشراء الزمم فأن طال الزمان أو قصر نأتي ونقول ما يؤخذ بالقوة لا يأتي إلا بالقوة ولكم عبرة في كل الطغاة علي مر التاريخ.
فهلم إلي التغيير. فالتغيير لا يأتي بالتمني والدعاء ولكن يريد العمل وبأقصي الدرجات فليد الواحدة لا تصفق فدعونا من الأنانية المزروعة فينا ونظرت الأنا الما بتخدم قضية. ونترك المحاصصات ونفكر وننظر للمعطيات بمنظور الواقع ونستثمرتنوعنا الفكري والسياسي والديني والعرقي كمصدر قوة وليس مصدر ضعف ونتوشح بعبائةٍ واحدة تحمل ألوان السودان.
فإن إتفقتم معي أوإختلفت وجهات نظرنا فلابد من مد جسور التوحد حول هدف واحد وهو السودان فالقارئ والدارس لمكونات القوي السياسية المعارضة المدنية والعسكرية لا يري إلا تعدد في مواجهة قطب أحادي متسلط و شكل خارطة البلاد يشكل معادلة 1% في مواجهة 99%.