المهام الإضافية في وظيفة الدولة ؛ سودان الجلابة تفوقت على السودان الانجلو-مصري
السودان ؛ارض تتوسط القارة الإفريقية ؛ عرف بالاسم بلد موضع القلب في إفريقيا ؛ أطلق مطلع القرن التاسع عشر على البلاد التي يتوسطها النهرين الكبيرين رافدي نهر النيل العظيم وجوبه وغربه تخوم الصحراء الإفريقية الكبرى حتى الساحل الغربي ؛ الاسم اشتق من لون بشرة سكان القارة الإفريقية النوبة/الزنوج ؛ والذين أسسوا أول الحضارات الإنسانية؛ ومن هنا مبتدأ تطور جنسنا البشري نحو التقدم (نظرية الخروج من إفريقيا بروفسير فان استريما). وشهدت أرض السودان الخطوة الأولى للإنسان ؛وهنا تطورت الأديان والعلوم والثقافات ومن النهر خرجت الديانات والمعارف.
وشمل موطننا الشعب الإفريقي/الزنجي/ النوبي /السوداني الأول الأرضي من لدن منبع النهر إلى مصبه شاملا الجبال والصحراء العظيمة (إفريقيا أصل الحضارة.حقيقة أم أسطورة: للشيخ أنتا ديوب) . فهنا صاغ أسلافنا من الطبيعة عيشهم ؛ ومع الطبيعة صنعوا الحياة وتكونت ثقافتنا تقاليدنا وتطورت إلى ميراث حضاري. ومن هنا تفرق شمل شعبنا وهاجر بعضه إلى غرب وجنوب ووسط القارة .آثار تلك حضارتنا الأولى شاهدة على ماضينا ؛ ماثلة في المعابد والتماثيل والأهرامات ؛والنقوش والكتابات في سلبقتا وبجراوية ومروي وفاشا تأكيد ؛ وفي المقابر والاحافير ما سيأتي من حديث .
وبقى من الشعب النوبي/الزنجي/السوداني بالسودان ممثلا للسكان الأصليين لهذه الأرض ارض البداية ؛ قبل وصول أمم أسيوية وأوربية مهاجرة وغازية بلد النيل ؛ ذلك قبل الألف السنيين من استيطان سكان غرب أسيا من العرب والبيزنطيتين شمال إفريقيا ؛ وأقوام أوربية أخرى(الأصل الزنجي للحضارة الفرعونية: الشيخ انتا ديوب) .
سوداني يعني انه نوبي/زنجي/ مترادفات لكلمة واحدة وصف الإفريقي ذو البشرة السوداء /البنية. واسم السودان الدولة التي عاصمتها الخرطوم اخذ من مدلول الإنسان من سكان الأرض الأصليين .ويعتبر هو البلد الوحيد الذي يدل اسمه على هوية سكانه ؛ ومعبر عن عمق حضارتهم .
لكن اليوم نحن الزنج من السكن الأصليين نواجه مصير الهنود الحمر سكان أمريكا الأصليين واقع تلك الشعوب ليس مصيرها ؛ إذ السوداني ليس هو صاحب الأرض وذو البشرة السوداء انه مميزا عرقيا بأمر الدولة يقاوم عوامل الفناء ؛ ودولة السودان المسمى من جلده لا علاقة لها بالسودانيين توفر أسباب الفناء لهم . وثمة تناقض رهيب بين الكيان السياسي القائم باسم السودان والإنسان في داخله .وليسال كل حامل للجنسية السودانية نفسه ماذا يعني أن يكون الإنسان سودانيا ؟ وليقارن الإجابة مع جنسيته ونفسه ليجب على سؤال آخر من هو السوداني ؟ سيجد أن هذا الكيان السياسي الذي تأسس منذ نصف قرن في ارض أجداده لا تخصه ولا علاقة بينهما. فالإنسان السوداني في وادي ودولته بوظيفتها وعملها في وادي آخر ؛ نؤجل ذلك لحلقة غدا نتابع اليوم تاريخ تطور هذا الكيان السياسي الغريب في أرضنا(دولة السودان).
دولة السودان التركي
في مطلع القرن الثامن عشر تأسس الكيان السياسي باسم (دولة السودان ) في هذه الأرض ؛ممتدا بين إقليم البرقو غربا إلى هرر شرقا؛ ومن حلفا شمالا إلى تخوم البحيرات جنوبا .دولة خلقت نتيجة لدواعي رأس المال ألأجنبي وتوازن القوى وليست نتيجة طبيعية لتطور الكيانات الاجتماعية السياسية النامية في داخلها وقتها . أنشاه محمد علي باشا حاكم مصر العثمانية (كميت ارض الغزوات المفتوحة وموطن الأكالة) لحاجة مصر الخديوية إلى المال والرجال العبيد؛ واتفق ذلك مع مصالح القوى الأجنبية الاستعمارية المتحالفة مع مصر العثمانية) .
إذن عام 1820 ف بداية تصميم دولة موحدة بأرضنا هدفها :
1.خدمة رأس المال الأجنبي المال والرجال .مد مصر بالعبيد لبنا مصر التركية .
2.القيام بدور محوري في عملية توازن القوى الدولي للامبريالية الكبرى النامية.
3. محو وجودنا عرقيا وثقافيا . وقمع أي تمرد أو ثورة سودانية تقاوم مشروع الأهداف أعلاه .
إذن لم تكن السودان من بدايته دولة في خدمتنا أو رعايتنا نحن سكانه الأصليين . وليس لمصحتنا سكان الأصليين من الزنوج وكان خصما على وجودنا وهويتنا (الصادق المهدي في أخر تجلياته: أبكر ادم إسماعيل) النتيجة كان القضاء على سلطنة دارفور وسلطنة سنار ؛ تباعا على نسق القضاء على الملكات الكوشية من قبلها بلا هدف على أيدي تجار الرق العرب المسلمين وتدمير الثقافة الإفريقية (الوحشية العربية وتدمير الثقافة الإفريقية: بروفسير هنري كلارك) .أرهقنا العبودية وتجارتها ؛ أرهقتنا الاستغلال والاستعلاء العربي المتوحش والتدمير الثقافي بالاسلمة وهم اكالة مهاجرون لاجئون يحملون برنامج بدونة كل الحضر الدنيا عقب استقلال جيليقيا (الأندلس ) من طمعهم ذلك قبل غزو العثمانيين(اتفاق البقط رد جميل إفريقيا الحبشية لاستقبال جعفر بن أبي طالب: محاضرة لهنري كلارك) .
وخلال ستين عاما قضاه الترك ومصريهم أي حتى سقوطهم على أيدي الثوار السودانيين في 1885 ف نفذت أهداف وجودها؛ لكن القوى الاستعمارية شيدت دولة لها بأرضنا ؛ وشيدت بنت بداخل الدولة طبقة الجلابة كيان طفيلي اجتماعي اقتصادي ؛ وهي طبقة اجتماعية ثقافية تشكله النخاسين المحليين المتعاونين مع الاستعمار في تنفيذ أهدافها الاستعمارية أعلاه .
السودان الانجلو مصر
ومصر الخديوية هي بنت مصر العثمانية ولمصر (ارض كميت )سبعة أشكال هكسوسية (أجنبية) من بعد انهيار حكم أخر الامباطرة/الفراعنة من سكانها الأصليين الزنج /النوبة/السودان في 333 ق.ف .
جاءت مصر العثمانية إلى السودان في 1899 ف مرة أخرى حليفة الإمبراطورية البريطانية ؛ مرة أخرى غزت ارض السود بغرض القضاء على الكيان السياسي السوداني المتمثل في الدولة المهدية؛ وتمثل الدولة المهدية أول دولة سودانية بعد انهيار المملكات الكوشية (داجو ؛تنجور ؛مروي؛ نبتة؛علوة؛ الفونج؛ الفور )على يد الغزو الهكسوسي الأسيوي و الأوربي في عمق القارة؛ بالبلاد اثر الغزوات الهكسوسية على ارض كميت(مصر) .
في نهاية القرن التاسع عشر نجحت مصر الخديوية وحليفتها انكلترا في مهمة الغزو ؛أسقطا الدولة السودانية الوليدة قتلوا حاكمها العظيم عبد الله التعايشي ؛ سحقوا إنسانها وتفقوا يمحون وجودنا وهي تجدد ترميم الكيان السياسي الغريب (الدولة السودانية ) تحت اسم السودان الانجلو مصري وفق الأهداف التالية :
1.خدمة رأس المال الأجنبي . مصانع الصناعية الانكلترية .
2.محو الثقافة الإفريقية وتزيف الحضارة والتاريخ الإفريقيين.
3. قيام بدور محوري في توازن قوى دولية للامبريالية .
4.قمع أي تمرد أو ثورة سودانية تقاوم مشروع الأهداف أعلاه .
استثمرت (الانجلو مصرية ) طبقة النخاسين السابقين في عملية ترميم الكيان السياسي الجديد . وما يجدر ذكره أن طوال ستين عاما أيضا فترة الاستعمار الانجلو-مصري في بلادنا كانت وظيفة طبقة الجلابة هي التجسس على السودانيين وفي خدمة الإدارة الأجنبية.
في منتصف القرن العشرين تم تحويلها من طبقة خدمية معاونة للانكليزي المصري إلى طبقة إدارية سياسية ليكونوا خلفاء لها في بلادنا ؛ وهكذا ظهر كيان الجلابة المتعورب ثقافيا إلى الوجود الفعلي. وساهمت الإدارة الاستعمارية في خلق وعيا شوفونيا للطبقة المشكلة للكيان الجديد؛ وعيا خليطا متناقضا بين التقاليد المتخلفة الموروثة من البيئات العربية ومنسوخات الإسلام ممزوجة بقوالب معاصرة مفروغة من مضامينها.و في برنامج أطلقوا عليه (السودنة) خالي من أي سوداني دربتهم الإدارة الاستعمارية على إدارة مؤسسات الدولة المتروكة لهم ليستعمروا شعبنا بها .
السودان الجلابي
و تركت لهم دولة لهم في أرضنا غنيمة ؛ وسلمى لهم شعبنا عبيدا في الأول من جانوير 1956ف مع التركة الفكرية والمفاهيمية المصممة باسم (دولة السودان) ؛ لم تتغير في دولة الكيان الأهداف بل زادت سؤا على النحو التالي :
1.خدمة رأس المال الأجنبي .مهمة تضخيم رأس المال الجلابي وإفقار السودانيين .
2.محو الثقافة الإفريقية وتزيف الحضارة والتاريخ الإفريقيين.وفرض الثقافة والسيادة العربية برنامج والاسلمة القسرية.
3. تطبيق سياسة التميز العنصري على أساس اللون والثقافة والعرق والدين .إفقار وتعويم الزنوج.
4. توسيع دائرة القمع ورفع مستواه إلى حد الإبادة الجماعية .التهجير القسري خارج البلاد.
5. ممارسة الخديعة والنفاق الديني والسياسي باسم الإسلام والعروبة و الوطن.
6. قمع أي تمرد أو ثورة سودانية تقاوم تلك الأهداف.فرض حرب إبادة مفتوحة ضد السكان الأصليين
في جانوير 1956 ف فقط تغير اتجاه أهداف الدولة ؛ وتغير رجل الدولة ؛ فبدل أوربا الرأسمالية الاستعمارية إلى العروبي الاسلاموي المشرقي في مؤخرة التاريخ . وبدل الخواجة ؛ والمصري الخديوي جاء التاجر/النخاس الجلابي ممسوخ الهوية المتعورب رجل دولة ؛ و كلاهما ضد إفريقيا الإنسان والحضارة والهوية . غادر المستعمر الأجنبي وواصل المستعمر الجلابي المتعرب مهمته في بلادنا ؛ يدير دولته في أرضنا ورغم انف شعبنا حتى تاريخ كتابة هذه السطور انه استعمار ينبغي مقاومته سودانيا حتى تحقيق الاستقلال.
منعم سليمان
مركز دراسات السودان المعاصر
الثاني من جانوير 2010ف
[email protected]