المرأة المصرية حصلت على المساواة في الميدان
وقفت جنبا إلى جنب مع الرجل في تحد صارخ للشرطة والحكومة و«البلطجية»
القاهرة: كاثي لالي*
تختلف السيدات المصريات بقدر اختلاف ما يرتدين من ملابس، لكنهن اتفقن على شيء واحد وهو أن هذه هي لحظتهن التاريخية التي من المستحيل أن يتركنها تفلت من بين أيديهن.
خلال الـ18 يوما من المظاهرات من أجل الحرية والديمقراطية، كان الرجال والنساء يتوجهون إلى ميدان التحرير كل على حدة، حيث يتم تصنيفهم على أساس النوع أثناء مرورهم بنقاط التفتيش. وكان الرجال يخضعون للتفتيش على أيدي رجال والنساء على أيدي نساء. لكن كان عدد الرجال الذين يقفون في صفوف أكبر من عدد النساء بكثير.
وبعد عبور نقاط التفتيش، كانت تذوب الفوارق، حيث يقفون جنبا إلى جنب في تحد صارخ للشرطة والحكومة و«البلطجية» الذي يلقون عليهم بقنابل «المولوتوف». وهناك نساء لقين حتفهن بجانب رجال دون تردد من أجل الحرية والديمقراطية. الآن وبينما يغادرن الميدان، يسعين إلى استخدام القوة التي أظهرنها في مواجهة الأشكال المختلفة لعدم المساواة المستمرة، ولضمان الخروج بالمساواة التي حصلن عليها في ميدان التحرير إلى الحياة اليومية.
تقول مروة فاروق، ناشطة سياسية: «كان من المذهل أن نرى الرجال والنساء معا عندما خرجنا إلى الشارع للتظاهر. كل الكثيرون يقولون إن ميدان التحرير هو مستقبل مصر حيث يناضل الرجال والنساء معا من أجل الحصول على الحرية. والآن علينا أن نترجم هذا إلى أفعال وتغيير».
وتقول سها عبد العاطي، نائب مدير المبادرة المصرية لحقوق الإنسان، إن المصريين يبنون دولة جديدة وعلى النساء أن يتصدرن المشهد حتى يصبحن مناضلات يدافعن عن حقوقهن. وأوضحت أنها متفائلة، لكنه من المبكر التكهن بما إذا كانت النساء سوف يتمكنّ من الحصول على المزيد من حقوقهن. وأضافت: «ما زال الطريق طويلا».
إن السيدات المصريات يتعرضن للتحرش الجنسي بدرجة كبيرة ويتلقين نظرات شبقة ومعاكسات هاتفية، وهو ما لا يمكن أن يمنعه أي قانون. وقد أوضح مسح أجراه المركز المصري لحقوق المرأة عام 2008 أن 83 في المائة من السيدات المصريات و98 في المائة من السيدات الأجنبيات يتعرضن للتحرش الجنسي.
ورغم تعرض لارا لوغان، المراسلة التلفزيونة الأميركية، للضرب والاعتداء الجنسي أثناء الفوضى التي أثارها مؤيدو مبارك ضد الأميركيين والصحافيين في ميدان التحرير، يظل هذا الاعتداء استثناء. وتقول السيدات المصريات اللائي كن في ميدان التحرير إن التعامل معهن كان في غاية التسامح والرقي، وهو ما لم يكن يتوقعنه. وقد دهشت الكثير من السيدات من هذا الأمر. تقول مروة: «من الأمور التي أثارت دهشتي الشعور بالأمان. لقد قضيت ليلتي هناك مع أنماط مختلفة من البشر، وكان ميدان التحرير أكثر أمانا للنساء من أي مكان آخر». وتقول مروة، المحامية البالغة من العمر 30 عاما، إنها تشعر بقدر أكبر من الثقة الآن أثناء توجهها إلى عملها، وإن هذا القدر من التسامح ما زال مستمرا وينبغي أن يظل كذلك، مشيرة إلى تخوفها من أن يتبدد مع نشوة الانتصار. وتوضح قائلة: «لقد كنا شركاء على قدم المساواة في هذه الثورة، ولهذا نلنا الاحترام. الآن علينا استغلال هذه اللحظة قدر المستطاع لضمان مشاركة المرأة في الحياة السياسية وانخراطها في تنمية الأحزاب السياسية والحركات العمالية».
جاء عادل حسن إلى ميدان التحرير يوم أول من أمس، الجمعة، من أجل الاحتفال بالثورة مع آلاف من المواطنين الآخرين، ويقول إن المرأة لها وضع تحسد عليه بالفعل، وإن الأحكام المسبقة من جانب الغرب لا تعني أنها في حاجة إلى تغيير. وأضاف حسن، وهو مدرس رياضيات: «أكد الإسلام على احترام دور المرأة قبل أي ثقافة أخرى، فقبل الإسلام كانت النساء تباع وتشترى. ولكن لا يمكن المساواة بين المرأة والرجل، فالمرأة كائن ضعيف».
تحدثت زوجته سماح، التي كانت تحمل العلم المصري وترتدي نقابا أسود يغطي وجهها إلا الجزء البسيط من عينيها، قائلة: «آمل أن يستطيع الشباب تكوين دولة ديمقراطية». وأضافت، بينما كانت تصور الميدان بهاتفها الجوال: «سيلعب الرجال والنساء دورا هاما في الانتخابات».
ودخلت في الحوار ابنتهما سارة، التي تبلغ من العمر 15 عاما، ولم يكن يبدو منها سوى وجهها ويديها، وكانت ترتدي ملابس سوداء أيضا. قالت: «نريد مقاعد في البرلمان للشباب. الرجال والنساء. ستلعب المرأة دورا هاما في المجتمع بعد أن شاركت في ثورة 25 يناير (كانون الثاني)». ولم يعارضها حسن، الذي أحضر عائلته من منزلهم الذي يقع على بعد 50 ميلا في منطقة السادس من أكتوبر. وأضافت سارة: «المرأة ليست قوية من الناحية البدنية مثل الرجل، ولكن لديها سمات عاطفية ليست لديه. يمكن أن يحمل الرجل شخصا مصابا إلى المستشفى، ولكن المرأة تستطيع أن ترعاه حتى يسترد عافيته». وقالت إن حياتها ستكون مختلفة عن حياة والديها، وأشارت: «سوف ندعو من أجل تغيير دور المرأة، ومن أجل تحسين تعليمنا. هذه هي دولتنا، وسوف نبنيها بسواعدنا».
وفي مكان آخر داخل الميدان، كانت نهى وجيه (31 عاما)، التي لا تغطي شعرها بحجاب، تعطي معلومات عن مجموعات متطوعة ومجموعات أهلية. وقالت: «كانت المرأة سلبية. لقد منحنا ذلك نوعا من التمكين. والآن يمكننا تحقيق أحلامنا، الأمر يقف علينا حاليا».
* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»