المؤتمر (الوطني) و dirty game..!!.
خالد أبواحمد [email protected]
صباح كل يوم تشرق فيه الشمس تتكشف المزيد من مخازي وفضائح الحزب الحاكم في السودان والذي يتشدق بالوطنية وبالدفاع عن الدين..لكن واقع الحال ومضابط الشرطة، والجامعات، ودار المايقوما، ونيابة جرائم المال العام، وأرض المعارك في دارفور وقبلها في جنوب السودان..كلها تُكذب إدعاءات هذا الحزب الشيطاني.
ليس غريباً البتة أن أكون ضمن ممن تستهدفهم آليات الحزب الحاكم، وليس غريباً أن يتآمر هذا الحزب الخّرب على الذين يًعروُن مواقفه ويكشفون سوءاته ومخازيه وفضائحه التي تزكم الأنوف، فقبل أيام كشف الحزب عن جانب من وجهه القبيح إذ اتصل بي مسؤول الاعلام الالكتروني بالحزب الحاكم منتحلاً شخصية سوداني يعمل في جهة رسمية وبرتبة مقدم تحدث معي حديثاً طويلاً ولمدة 50 دقيقة وكأي سوداني تحدثت معه بطيبة قلب وروح سودانية ورحابة صدر، ولم أكن أتصور ان المتصل يعد في مؤامرة على شخصي، ولا سيما وانني أتلقى العديد من الاتصالات في اليوم الواحد من سودانيين من شتى أنحاء العالم، ولم أربط حينها بالمعلومة التي وصلتني قبل شهر تقول أن المذكور كان يبحث عمن كان يعمل معي سابقاً للحصول على المزيد من المعلومات، وقد ذكرت ذلك في منبر سودانيزاونلاين قبل فترة.
ومن ضمن ما تحدثنا عنه الأجيال التي مرت على الحركة الاسلامية والتي قدمت الغالي والرخيص في سبيل الفكرة التي تم بموجبها تأسيس (المؤتمر الوطني) ليكون حزباً جامعاً بمعنى الكلمة لكل أبناء السودان، وليس كما يحدث الآن والحزب أصبح مرتعاً للعنصرية والجهوية وزرع الكراهية بين أبناء الوطن الواحد، وبالحرف الواحد قلت له ” انا دواخلي مؤتمر وطني بالأسس الأولى للتأسيس” فلم أكره قبيلة في السودان ولم أزرع الكراهية والعنصرية ويكفي أن مقالاتي عن قضية دارفور وتجاوزات النظام فيها، كانت هي الأكثر تفاعلاً بين القراء، وثم جاءت سيرة الراحلين من الفدائيين الذين باعوا أرواحهم رخيصة في سبيل المشروع الذي آمنا به جميعاً..وفي تلك اللحظة بكيت متذكراً عدداً كبيراً منهم.
وفي اليوم الثالث لهذا الاتصال بدأ مسؤول الاعلام الالكتروني في الحزب الحاكم يهيئ القراء في منبر سودانيزاونلاين على ما اسماه (فضيحة لخالد ابواحمد تسكته للأبد)، ولم أعر المسألة اهتماماً بل العكس قلت في نفسي إذا بث تسجيل المكالمة سيفضح النظام وبشكل خاص مستشار الرئيس للشؤون الأمنية الفريق صلاح عبدالله (قوش) فقد ذكرت فيه حادثة خبرني بها شخص هو الذي فعلها بتعليمات من المستشار الأمني، ومن ضمن ما قلته له “أنا مستعد للوقوف أمام أي محكمة دولية للإدلاء بشهادتي في هذه القضية” وأكدت له أنه ليس لدي ما أخاف عليه..!!.
وفي اليوم الرابع للاتصال الهاتفي قام مسؤول الاعلام الالكتروني بالحزب الحاكم بإنزال جزء من التسجيل الهاتفي في 4 دقائق فقط بعنوان (خالد ابواحمد يبكي ليرجع للمؤتمر الوطني)، وحتى هذه الدقائق بتر منها كلمات في سياق الحديث بحيث يسمعها المتلقي كالتالي” انا في دواخلي مؤتمر وطني”..ثم يكررها مرات عديدة .. وهي مسألة غاية في البساطة والهدف واضح والمتمثل في القتل المعنوي للكاتب خالد ابواحمد..
وفي جانب آخر من الشريط قام بدبلجة كلام كثير، وبما هو داخل منظومة الدولة يمتلك الكثير من المعلومات عن عملي السابق داخل النظام، وقام بمحاكاة طريقة كلامي بإيراد الكثير من المعلومات التي لا يمكن أن تصدر مني بأي حال من الأحوال، ومن هنا يأتي السؤال الموضوعي والمنطقي..لماذا استهداف خالد ابواحمد ومحاولة قتله معنوياً..؟.. وماذا فعل خالد ابواحمد حتى يستهدف كل هذا الإستهداف..؟؟.
الحقيقة التي أفتخر بها وأعتز أيما إعتزاز..
أعارض بفكري وبكتاباتي مُستقلاً عن أي كيان سياسي أو ديني..وقد أعلنت كثيراً كفري بكل دعوة إسلاموية، والحمدلله قد وهبني سبحانه وتعالى قناعة بأن ما أقوم به عمل كبير للغاية وأرى تأثيره في الناس بالاتصالات من السودان..ومن الخارج ومن شتى أصقاع الأرض..كتاباتي أثرت داخل النظام تأثيراً كبيراً للغاية خاصة وسط المتدينين والسابقين في العمل الاسلامي، والتي كشفت فيها الكثير من الامور التي ما كان لأحد أن يعرفها مثل:
Ø مشاركة أطفال جيش الرب اليوغندي إلى جنب الجيش في معارك (الامطار الغزيرة) ديسمبر 1995م.
Ø وجود جوزيف كوني رئيس جيش الرب بالخرطوم.
Ø كشف أملاك زوجة الرئيس وداد بابكر في كل من دبي وماليزيا.
Ø فساد بنك النيلين وشركة الخرطوم للتجارة والملاحة.
Ø تجاوزات الجيش السوداني في المعارك بجنوب السودان (قتل الأسرى).
Ø فساد مؤسسات النظام – ساحات الفداء- وديوان الزكاة- الخدمة الالزامية.
Ø الأساليب التي استخدمها النظام في دمار البلد.
Ø توجيه الاتهام للنظام في مقتل د. جون قرنق.
Ø تعذيب الزميل أباذر علي الأمين ياسين..حيث نشرت صورة تعذيبه من قبل زبانية النظام ووزعتها على مستوى العالم وكانت أكبر ضربة للنظام الحاكم تأتي من شخصي الضعيف.
ليس هذا فحسب بل كنت الصحفي الوحيد (الاسلامي الحركي) السابق الذي ضربت في وتر محاولة اغتيال الرئيس المصري محمد حسني مبارك في أديس أبابا، وذلك عبر صفحتي في الفيس بوك وعلى موقع سودانيزاونلاين وعلى مدونتي الخاصة، كذلك كشفت للقراء الكرام الكثير والكثير من أساليب الفساد في دواوين الخدمة المدنية وداخل دهاليز (التنظيم).
ومن جانبي كنت ولا زلت متيقناً بأن النظام سيستهدفني يوماً ما..وإن لم يستهدفني كنت سأقف عن الكتابة، أو أقوم بتغيير إستراتيجية معارضتي خاصة وانني انطلق من رسالة بالغة العمق لشعوري بالذنب بسبب عملي في النظام وقد كررت هذه العبارة كثيراً، لذا أحسب أنني حامل رسالة سيسألني عنها الله سبحانه وتعالى يوم القيامة وهي أن أكشف للأجيال الحالية وللأجيال الآتية من رحم الغيب مخازي الحركة (الاسلامية) التي يمثلها الحزب الحاكم الآن التي قدمت أسوأ نموذج حكم في تاريخ السودان الحديث بل في العالم قاطبة.
وبكل فخر أكرر عبارة قالها لي أحد الأخوة القُراء قبل فترة “إنت الوحيد من ناس الحركة وقفت بقوة ضد النظام.. وانت الوحيد الذي يكتب بشكل متواصل..معرياً النظام..وكاشفاً بالتفاصيل كل ممارساته ..وانت الذي فتحت الباب للإسلاميين الآخرين كي يكشفوا المزيد من خفايا الأحداث التي أدت إلى ما وصل إليه الحال في السودان، ولم يسبقك عليها أحد..وأنا أشهد على ذلك”.
فشل كل المؤامرات
شخصي الضعيف هو الوحيد من (الإسلاميين) السابقين يقوم بتعرية النظام..وعلى القارئ الكريم أن يتمعن في أسماء الكُتاب في الشأن السوداني بالداخل والخارج هل يجد منها من يقف هذه الوقفة القوية،وعندما فشلوا في استدراجي بدأوا في حياكة المؤامرت، وهنا أحيط القارئ الكريم علماً بأن الاجهزة الأمنية السودانية وأجهزة المؤتمر (الوطني) جربت معي كل السُبل والوسائل والحمدلله استوعبتها تماماً مثل أن يدخل عليّ شخص في (الماسنجر) في شكل فتاة وتذكر انها معجبة بي وبصوري المنشورة على صفحتى على الانترنيت، وتتبادل معي الحديث حول السودان ثم تطلب ممارسة الفجور صوتياً من طرف واحد من جانبي.. وذلك للإيقاع بي، وعمل تسجيل تم توزيعه على الملأ، فأنا أعلم التحديات التي تجابهني وما يحيط بي من مهددات..فكل المحاولات لم تتوقف يوماً واحداً وبطرق شتى وبأسماء شتى، ومنها الاتصالات الهاتفية دون أن يظهر رقم المتصل وأسمع فيها كل الألفاظ البذيئة والنابئة والتي لا تصدر إلا من لاعبي الـ dirty game ليس من جهاز الكي جي بي الروسي ولا السي آي أي الامريكي لكن من جهاز الأمن السوداني..!!.
هذا خلافاً للرسائل البريدية التي كان يهددني فيها أشخاص إن واصلت في الحديث عن محاولة اغتيال مبارك في مصر، والكتابة عن فساد النظام..وبطبيعة الحال تأتي بأسماء وهمية…ولست مستغرب طريقة الأمن السوداني في اصطياد الخصوم بهذه الطريقة ..فهي مدرسة المؤتمر (الوطني) التي يشتم قادتها كل يوم الشعب السوداني ومن يعارضهم، وعندما شعروا بأن المسألة أصبحت تُهدد وجودهم في السلطة أصبحوا يمارسون معنا dirty game بواسطة أصحاب العاهات النفسية والفاقد التربوي ومتربي المواخير، ومن الطبيعي أن الانسان السوي المُرتبي في بيت سوداني وأرضعته أم سودانية لا يمكن باي حال من الأحوال العمل في مجال هكذا، هذه الممارسات لم ولن توقفني عن أداء رسالتي، وفي هذه النقطة أذكر الكلمة المعبرة التي قالها أستاذنا محمد موسى جبارة في مقاله الآخير بعنوان (السجمانين) المنشور بصحيفة (سودانايل) الالكترونية “الإعتقاد بأن هناك خلاف في السلوك والأخلاق بين الإسلاميين إعتقاد خاطئ… تطابق السلوك الشاذ والنزق هو ما جمع بين هؤلاء القوم في تنظيم واحد قبل أن توحد بينهم قبلة محمد…وقد أثبتت تقارير الفساد والإفساد التي ينشرها المراجع العام كل سنة وتتستر عليها قمة هرم الدولة، صدق مقولة “إن الطيور على أشكالها تقع”.
فما تم معي الأسبوع الماضي بواسطة مسؤول الاعلام الالكتروني بالحزب الحاكم لا يخرج عن وصف العبارة المذكورة، فإن السلوك الشاذ جعل هذا المعتوه يفرح ويطير من الفرح مبتهجاً بأن سجل معي حديثاً هاتفياً ليستخدمه في قتلي معنوياً لكن هيهات وهيهات فخالد أبواحمد ليس أفضل من د.علي فضل ولا أفضل من الشهيد أبوبكر الراسخ، ولا أفضل من ضحايا دارفور الـ 300 ألف حتى ولو كانوا 10آلاف فقط، وخالد أبواحمد ليس أفضل من ضباط 28 رمضان الذين قتلوا بدم بارد، وإلى هذه اللحظة لم تُسلم أسرهم جثثهم ولا أغراضهم ولا أي معلومات تخصهم وما إذا كانوا قد دُفنوا حسب التقاليد المعروفة أم دفنوا وهم أحياء في حفرة كبيرة..بينما يكرر قادة الحزب الهِرم السيمفونية المشروخة “أبداً لن نتخلى عن الشريعة الإسلامية” يتاجرون بالدين كما يتاجرونبأموالهم وبسياراتهم وبيوتهم في دبي وماليزيا..!!.
فخالد أبواحمد لا ينظر لنفسه خارج سياق جرائم النظام ضد الشعب السوداني..فما أجمل أن يكون الانسان متصالحاً مع نفسه، وقريباً من وجدان الشعب، مرتاح الضمير..فأين لمنسوبي المؤتمر (الوطني) وقادة الناظم التصالح مع النفس..وأين لهم راحة الضمير.. وقد ظلموا الناس وهتكوا العروض وأكلوا أموال الناس بالباطل وبنوا بها القصور في كافوري ومشروع النخلة في دبي..!!.
وأكرر قول أحد الذين تعلمنا منهم..
“تصالحت مع ذاتي وتخطيت كل آهاتي.. أصبح كل همي أن أتزين بخير صفاتي قبل أن أتزين بثوب زاهي أخفي وراءه عيوب ذاتي”.
والسؤال المهم..
بعد كل هذا الصمود والوقفة القوية ضد النظام لعشر سنوات مضت وبعد 105 مقال.. وبت أرى انهيار النظام وهو يترنح ..أبكي لأرجع للحزب الحاكم..؟؟..
مالكم كيف تحكمون..؟!.
سأستمر في مسيرتي مهما كلفني ذلك مُنتصباً بقلمي وقلبي الزاخر بالايمان وبالقضية التي خرجت من أجلها..ومعي ربي سيهدين..وفي قناعتي أن قلمي أشد على النظام من التكويمات الحزبية وبيانات الشجب والاستنكار.
وبالله التوفيق..
29 اكتوبر 2010م.
خالد عبدالله- ابواحمد
صحفي وكاتب سيناريو