القائد خميس ابكر يحجز مقعده الى جانب السلطان تاج الدين ، والجنينة لن تنكسر بموت القائد/ شاكر عبدالرسول

بالامس يوم الاربعاء الموافق ١٤يونيو من عام ٢٠٢٣ ، غادر الحياة بكل هدوء و ثبات ، حاكم ولاية غرب دارفور القائد خميس ابكر ، تاركا وراءه جرحا ينزف في قلب كل ادمي .
القائد خميس كغير العادة استطاع ان يوثق بنفسه جزءا مهما من نهايات حياته كقائد و بطل في مكالمة لا تتعدى دقيقتين مع قناة الحدث ، وهي فرصة قد لا تتوفر لكل بني البشر خصوصا القادة .
خميس ابكر لخص الوضع بدقة متناهية في زمن وجيز وهو في قلب المعركة ، كانه متسابق مع الزمن .
المدينة محاصرة ما يقارب شهرين متتالين ، لا دخول ولا خروج ، المدينة تصحى و تنام على اصوات الرصاص ،في الليل تنام الاطفال والنساء على اصوات الدانات ، اذا كانت الاصوات من الاتجاه الشمالي الناس تهرب الى الناحية الجنوبية والعكس صحيح .
المرضى والجرحى و نقص الادوية ، والمواد الغذائية ، والجثث المنتشرة في الشوارع ، بلغت عددها اكثر من الفين ، وهو عدد تعادل اضعاف مضاعفة عن عدد القتلى في اي بقعة من ارض الوطن .
الحامية العسكرية او الفرقة ١٥ مشاه كانت على مسافة ٧ كيلومترات من الاحداث ، وكانت ملتزمة بالبقاء ومراقبة الماساة من البعد .
اتصل بالقائد الفريق عبدالفتاح البرهان، رئيس الجمهورية ، لكن النتيجة بلا جدوى .
اتصل بحاكم الاقليم ،مني اركو مناوي ، النتيجة بلا نتيجة .
ناشد المجتمع الدولي ، لا احد يسمع صوته.
لقد مر جده السلطان تاج الدين قبل مئة سنة بموقف يشبه موقفه، ومن خلاله استطاع السلطان ان يشرحً لشعبه عن الاوضاع ومآلاتها، وهو موقف سطره الشاعر الفيتوري في قصيدته بعنوان مقتل السلطان تاج الدين .
ومضى السلطان يقول لنا …
ولبحرالدين …
هذا زمن الشدة يا اخواني…
هذا زمن الاحزان …
سيموت كثير منا …
وستشهد هذي الوديان …
حزنا لم تشهده من قبل ولا من بعد …
بعد ساعة من التوصيف الدقيق للمشهد الماساوي ، شاهد العالم اجمع القائد خميس ابكر وهو اسير ، حتى في ظروف الاسر وهو كان في ملبسه و مشيته يجسد صورة القائد الثابت .كل العالم شاهد وهو دخل الى مبنى مركز قوات الدعم السريع في الجنينة، ومن خلفه يظهر اللواء عبدالرحمن جمعة بارك الله قائد قوات الدعم السريع في غرب دارفور ، وحرسه الشخصي ، و كل الاشخاص الذين كانوا في المكان معروفين فردا فردا ، من اكبر رتبة حتى اصغر جندي ، و ستطالهم يد العدالة ان طال الزمن ام قصر .
بعد الاسر وضع القائد خميس بين خيارات فيها الابتزاز والاهانة فاختار بما يليق بمثله وهي الشهادة .
لقد مر جده السلطان تاج الدين قبل مئة سنة بموقف الخيارات فاختار الاصعب .
الحربة مهما طالت / لن تهزم المدفع
لن تهزمهم يا تاج الدين/ بسلاح كزمانك مسكين
وكان رده كالصاعقة
عار ما قلت / وعار ان نستمع اليك
خذ الدرب الاخر / يا بحرالدين اعده للدرب الاخر.
اليوم للاسف نسمع من الاوغاد
اشياء لا يقبله العقل مثل ، خميس هو من قام بتوزيع السلاح لاهله ، هو من قام بتاجيج الفتنة ، من اين له بالسلاح حتى يوزعه لاهله العزل ؟ هل خميس لديه مفاتيح مخازن الحامية العسكرية ؟
خميس قاتل بامكانيات متواضعة جدا اكثر من شهرين ، وكان كل مرة يصد هجوما تلو هجوم .
قدم قوات التحالف السوداني الذي يراسه ارتالا من الشهداء ،كما ان حرسه الشخصى استشهدوا جميعا بما فيهم شقيقه .
التحية الى اولئك الابطال الشرفاء ، التحية الى شعب دار مساليت بمختلف قبائلهم على هذ الصمود الكبير .
إن موقف الصمود الذي ابداه القائد خميس ابكر وشعبه ستظل مصدر الهام لكل المستضعفين والمعذبين في الارض ، ذلك الموقف يؤكد للجميع بان بقليل من التكاتف والصمود فان المعادلة ستتغير باذن الله لصالح الضعفاء و المستضعفين .
رحل خميس ابكر حاجزا مقعده الى جانب جده السلطان تاج الدين ، ومثله بجدارة يستحق ذلك الشرف ، غادر القائد لكن الحقيقة الثابتة عبر التاريخ بان الجنينة لن تنكسر بموت القائد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *