بقلم : أحمد قارديا خميس
[email protected]
غادر رئيس السلطة الاقليمية لدارفور د. التجاني السيسي الاربعاء 8يناير2014م الي العاصمة القطرية (الدوحة) يرافقه رئيس مكتب متابعة تنفيذ اتفاقية سلام دارفور د. أمين حسن عمر، في زيارة تستغرق خمسة ايام . وتأتي الزيارة في اطار متابعة سير وثيقة الدوحة للسلام مع المسؤولين القطريين في ظل تطورات الاحداث التي يشهدها الاقليم خاصة المعارك الطاحنة بين الجبهة الثورية السودانية ومليشيات النظام من جهة , والقتال الدائر بين القبائل من جهة أخري. و رعت دولة القطر محادثات سلام بين المؤتمر الوطني والحركة المسمي بالتحرير والعدالة بدارفور , أسفرت عن توقيع اتفاق بين الطرفين في 14يوليو 2011م .
صحيح أن الحيرة في كيفية تنفيذ اتفاقية سلام دارفور(الدوحة) هي جزء من لعبة وقت والتي يراهن عليها نظام المؤتمر الوطني , وحلفاءه , وكل من يريد التلكؤ في معالجة الازمة السودانية بدارفور , لكنها أيضا , أي عملية التلكؤ في تنفيذها رسالة تذكير لموقعيها لخطورة وصعوبة القادم في دارفور والسودان .
اليوم أعلنت دولة قطر أنها ستقوم بتبليغ الدول المانحة بتنفيذ ما وعدوهم من الاموال لمشاريع التنمية بدارفور, برغم أن معظم هذه الدول أو جلها لم تفي بما إلتزموا به. مازالت الازمة بدارفور قائمة , وجاء اعلان الدوحة عن تكفله بجزء من هذه الاموال مع التذكير بصعوبة ذلك, خصوصا أن عملية التنمية خطرة , سواء من داخل دارفور أو من خارجها لان الاوضاع في السودان مضطربة.. وأن عملية التنمية تتطلب جهدا ووقتا , مما يعني مزيدا من الوقت. حسنا هذا كله فقط لجمع الاموال لتنفيذ مشاريع التنمية بدارفور, وبموافقة عمر البشير نفسه, وبدعم دولي, إذن ماذا عن معالجة اثار جرائم المؤتمر الوطني الاخري, الان, وبعد رحيل عمر البشير نفسه .!!.
ماذا عن معالجة جرائم الابادة الجماعية والجرائم ضد الانسانية وجرائم الحرب التي حلت بدارفور؟. وماذا عن الارهابين والمرتزقة؟. وماذا عن العنف والدمارعموما؟. وماذا عن ملايين المشردين الدارفوريين في الداخل والخارج؟. ماذا عن مستقبل اطفال دارفور وما حل في حق النساء؟ وماذا عن النسيج الدافوري المدّمر تماما بفعل جرائم المؤتمر الوطني؟ من سيعالج كل ذلك؟. وكيف؟!!. وكم من الوقت سيستغرق كل ذلك طالما جمع الاموال من المانحين تُكِّلف كل هذا الوقت والجهد ومازالت مجهولة الميقات؟ ماذا عن حل الأزمة السودانية, لأن كل المعارضة السودانية سواء كانت الاحزاب السياسية أو المعارضة المسلحة أصبحت تنادي بسقوط النظام, هل دارفور طفلا غير شرعي للسودان؟ هذه ليست أسئلة عاطفية , خصوصا بالنسبة للساسة البراغماتية في السودان او المحيط الاقليمي او الدولي, بل هي أسئلة ملحة, لأن كل هذه التساؤلات لا تتعلق فقط بمصير دارفور والدارفوريين, فتأثير ما حدث ويحدث منعكس علي كل السودان, وكل جيران السودان, خصوصا ونحن أمام صراع قبلي مرتفع في دارفور غير مسبوق, مما يهدد بموجة عنف وتشرزم, مقبلة ستشكل غذاء للتطرف القبلي مما سيشكل تهديدا للجميع في السودان.
الأشكالية الخطيرة في أزمة الدارفورية اليوم، أنه كلما تأخر الحل تزايدت صعوبة معالجة تبعات جرائم المؤتمر الوطني ليس علي دارفور والدارفوريين فقط, بل علي السودان ككل, خصوصا أن المؤشرات كلها تشير الي تآكل نظام المؤتمر الوطني. ومهما قيل ويقال, من بعض أتباعه أو حلفائه, الا أن الواقع يقول ان كل شئ ينهار في السودان اليوم. وعليه فاذا كان المجتمع الاقليمي والدولي , وتحديدا القطريين يشعرون بالحيرة في كيفية التعامل مع اتفاقية سلام دارفور, فمن باب أولي أن يفكر الجميع الآن في تداعيات ما يحدث في السودان اليوم, وصعوبة معالجته غدا, ومدي ضرره علي المنطقة ككل, مما يقول لنا كل يوم يمضي بلا حلول حقيقية هو أزمة مقبلة أشد تعقيدا وخطرا علي الجميع. وهذا ما يجب التنبه له جيدا الآن , فانهيار كل شئ في السودان لن يكون تأثيره سهلا لا علي تشاد ولا جنوب السودان ولا افريقيا الوسطي, وأخرين بالطبع, وكل المنطقة, فالسودان ليست الصومال بل ستكون أسوا بكثير.