السودان «ما زال يدرس» جرائم دارفور لكنه لم يقدّم أي متهم للمحاكمة
الخرطوم – النور أحمد النور ؛ نيويورك – «الحياة»
لاجئو دارفور يقولون إنهم سيقاطعون الانتخابات السودانية
أقر الخبير المستقل لحقوق الإنسان في السودان القاضي التنزاني محمد شاندي بحدوث تطورات ايجابية في أوضاع حقوق الإنسان أبرزها الإصلاحات الدستورية والتشريعية، لكنه أبدى قلقه من استمرار الاعتقال والاحتجاز التعسفيين وسريان أحكام قوانين الأمن الوطني، والإجراءات الجنائية، كما انتقد حال الطوارئ المفروضة في دارفور واعتبرها عقبة أمام الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في نيسان (ابريل) المقبل. وجاء ذلك في وقت انتقد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أطرافاً لم يسمها بعدم الانخراط البناء في سلام دارفور. وأعلن الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر في جوبا عاصمة الجنوب أمس، ان من المرجح ان يواجه الرئيس عمر البشير دورة إعادة أمام أحد منافسيه في الانتخابات الرئاسية. وقال كارتر (أ ف ب)، مؤسس مركز كارتر الذي يراقب الانتخابات، انه يعتقد انه يوجد «احتمال كبير» ان تجرى دورة ثانية من الانتخابات الرئاسية.
وقال القاضي شاندي في مؤتمر صحافي أمس بعد زيارة للبلاد استمرت 17 يوماً شملت الخرطوم ودارفور وجنوب السودان إن المدعي الخاص بدارفور الذي عيّنته الحكومة السودانية يُحقق في 120 قضية تتعلق بانتهاكات وجرائم حرب وقعت في الإقليم لكنه «لم يقدم منها حتى الآن ولا واحدة إلى المحاكم الخاصة»، موضحاً انه استفسر مدعي دارفور عن وضع هذه التحقيقات والملاحقات القضائية في شأنها لكنه رد عليه بأن التحقيقات لا تزال جارية ولم يتم توجيه اتهام إلى أحد أو تقديم أحد إلى المحاكمة. وأعرب شاندي عن قلقه ازاء استمرار تطبيق قانون الطوارئ وحماية السلامة العامة الذي يمنح حكّام الولايات سلطات تقديريّة واسعة للتوقيف والاعتقال من دون أي معالجة قضائية فعالة، وقال إن معتقلين في سجون ولاية شمال دارفور أبلغوه أنهم رهن الاحتجاز منذ الثاني من آب (أغسطس) من العام الماضي من دون توجيه اتهامات إليهم بارتكاب جريمة أو إتاحة الفرصة لهم للمثول أمام محاكم للدفاع عن أنفسهم.
ولفت القاضي التنزاني إلى وجود تقارير تفيد بحدوث حالات انتهاك لحقوق الإنسان بما في ذلك الاعتقال والاحتجاز التعسفيان، من قبل جهاز الأمن الوطني باعتباره الجهة المسؤولة الرئيسة. وطالب بتعديل هذه القوانين وجعلها منسجمة مع اتفاق السلام الشامل والدستور القومي الانتقالي.
من جهة أخرى، قالت السلطات في ولاية شمال كردفان في غرب السودان أمس إن اكثر من مئة مواطن أصيبوا بحال هستيرية وهذيان و «ضحك متواصل» بسبب تناولهم قمحاً ملوّثاً. وقال وزير الصحة في ولاية شمال كردفان عبدالحميد منصور في مؤتمر صحافي في مدينة الأبيض عاصمة الولاية إن 104 مواطنين أصيبوا بحال هستيرية وهذيان و «ضحك متواصل»، وإن نتائج الفحص المعملي أثبتت انهم تناولوا قمحاً ملوّثاً بسموم فطرية بسبب سوء التخزين، مشيراً إلى أن القمح تسرب من إقليم دارفور المجاور لإقليم كردفان.
إلى ذلك، أثار تقرير ناقشه مجلس الوزراء في جلسة أمس برئاسة الرئيس عمر البشير عن خطة الحكومة الاستراتيجية في السنوات الثلاث الماضية جدلاً واسعاً في المجلس، ووجّه وزراء انتقادات حادة للتقرير واعتبروه «مضللاً وكاذباً ورسم صورة وردية عن الأوضاع في البلاد».
وطرح الأمين العام للمجلس القومي للتخطيط الاستراتيجي تاج السر محجوب تقريراً عن تنفيذ خطة «الاستراتيجية القومية الشاملة» التي تبنتها الدولة في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، في جلسة بثّها التلفزيون والإذاعة الرسميين على الهواء. وقال إن البلاد حققت طفرات في المجالات المحددة ووصفها بأنها انجازات غير مسبوقة. لكن وزير الدولة للخارجية علي كرتي انتقد التقرير في شدة ووصفه بأنه «مضلل» و «لا يعكس الواقع» وأنه «رسم صورة كاذبة كأن البلاد صارت (من) الدول العظمى» وطالب البشير بعدم اقراره.
كما انتقد وزيرا الإرشاد أزهري التجاني والشباب والرياضة محمد يوسف عبدالله التقرير. وقال التجاني إنه أغفل الجانب الديني ولم يشر اليه، ورأى عبدالله ان التقرير أهمل انتشار البطالة في وسط الشباب وتفشي الفقر.
وقال صحافيون حضروا الجلسة لـ «الحياة» إن مسؤولين طلبوا منهم عدم نشر اخبار عن الانتقادات التي وجهها وزراء الى التقرير باعتبارهم لم يطلعوا على التقرير قبل طرحه.لكن مجلس الوزراء أقر التقرير ووجه البشير بالمضي قدماً نحو إحداث تطور إيجابي في السودان على رغم العقبات والحصار الذي تواجهه البلاد.
وفي نيويورك («الحياة») أكد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن «العائق الأكثر خطورة» لتحقيق سلام مستدام في دارفور لا يزال «يتمثل في فشل بعض الأطراف في الانخراط البنّاء في عملية السلام».
وأكد الأمين العام في تقريره إلى مجلس الأمن عن عملية الاتحاد الافريقي والأمم المتحدة في دارفور انه لا يزال قلقاً بسبب «التقارير التي تفيد بوقوع قتال بين قوات حكومة السودان والجماعات المسلحة في دارفور». وأضاف أن قوات الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي وثّقت هجمات شنتها قوات حكومية على قرى قرب المالحة (شمال دارفور) في 25 تشرين الثاني (نوفمبر) 2009، وكذلك صدامات بين حكومة السودان وقوات «حركة العدل والمساواة» في صليعة (غرب دارفور) في الفترة من 2 إلى 8 كانون الثاني (يناير) 2010. وأشار إلى أن هذه العمليات العسكرية تقوّض «الجهود المبذولة من أجل التوصل إلى حل سياسي للنزاع». وحض «جميع الأطراف على وقف المواجهات المسلحة والانخراط جدياً في مناقشات موضوعية وجامعة».