حسن اسحق
هناك تحولات كثيرة حدثت بشأن وجود القوات الدولية (اليوناميد) في اقليم دارفور الملتهب بالصراع منذ اكثر من 10 اعوام، وهذه التغيرات التي حدثت ستلقي بظلالها علي المشهد العام الانساني والسياسي والاقتصادي ثم الاجتماعي علي ارض الواقع، وما انتجه هذا النزاع المسلح بين الحكومة في الخرطوم والحركات حاملة السلاح ضدها، ولكن الحدث الذي اشعل هذا القرار الحكومي بشأن مغادرة اليوناميد الموجودة علي الاقليم الغربي بقرار من مجلس الامن الدولي قبل 7 سنوات، هو حادثة الاغتصاب الجماعي في منطقة تابت بولاية شمال دارفور في نهاية اكتوبر الماضي، والحكومة هي الطرف الاول المتهم في ذلك، رغم انكار التهم جملة وتفصيلا من قبلها، والمطالبة المتكررة للمنظمات الدولية والدول الغربية والمنظمات السودانية بفتح تحقيق حول الاغتصاب الجماعي، وفي اول الامر رفضت الحكومة لليوناميد بالذهاب الي تابت ، واذنت لها بذلك بعد مرور اكثر من اسبوع واقعة الاغتصاب ، وجاء التقرير لافراد القوة الدولية بعد الذهاب الي تابت، انها لم تجد اي دليل يشير الي الاغتصاب الجماعي…
فقرار اليوناميد اغضب الكثيرين، وجعلها تصنف علي انها تقف في الصف الحكومي، وتكتب ماتريده حكومة الخرطوم فقط، وجعل قرارها بتبرأة الحكومة ان يصفها احد قادة الحركات انها العوبة في يد حكومة المؤتمر الوطني فقط، وبعدها تطالب الامين العام للامم المتحدة بفتح تحقيق ثاني، لكن رد الحكومة جاء قاسيا، باغلاق مكتب حقوق الانسان التابع لليوناميد في الخرطوم، وطالب وزير الدولة بالخارجية عبدالله الازرق بخروج متدرج لليوناميد من دارفور، واتهمها بارتكاب جرائم اغتصاب واستغلال جنسي للفتيات في المعسكرات التي تقع تحت سيطرة القوات الدولية. فالوجود الدولي الي قارب ال7 سنوات، بعدما كانت في السابق قوات الاتحاد الافريقي قبل دمجها بعناصر اخري تحت مسمي الهجين ، مر اكثر من عقد، وهذا الوجود الدولي فشل في ان يحمي المدنيين من هجمات مليشيات الجنجويد القوات الموالية للحكومة، وهي نفسها تتعرض لهجوم من القوات التابعة للحكومة، وراح العشرات من الجنود الافارقة. فحدث تابت المؤلم ومجزرة حمادة بولاية جنوب دارفور، اثبتت ان القوات الموالية للحكومة لا تأبه حتي للقوات الدولية الموجودة علي الارض، مالم يتم التفويض الكامل لها، ويعطيها حق الدفاع عن المدنيين، وستستغل الحكومة هذا الوضع الاستثنائي المتعلق بالمشاهدة فقط لهذه القوة الدولية العاجز عن الهمة التي جاءت من اجلها…
فحديث رئيس الجمهورية الاخير بشأن مغادرة اليوناميد لدارفور، هو بداية لتكرار الابادة الجماعية 2003 والتي لم تنتهي تفاصيلها الي الان، وصفه لها بانه عبء امني علي السودان، وانها باتت عاجزة عن حماية نفسها، واكد ان اليوناميد جاءت تحمي التمرد، وهذه القول سبقه اليه وزير الدولة بالخارجية عبدالله الازرق بشأن مغادرة الاقليم الغربي بالتدرج، واتهم الوزير جهات لم يسمها بانها تقف وراء الشائعات حول الاغتصاب الجماعي في تابت،وان المنطقة بها مشاريع تنمية والعودة الطوعية، وهناك من يحاول ان يحرك بركة المياه الراكدة، وهل الاوضاع الامنية وصلت الي الاستقرار الكامل كي تطلب الحكومة منها المغادرة،يعتقد الكثيرون مبرر الرئاسة حول عجز اليوناميد عن حماية نفسها، وانها تساعد التمرد، هذا قول لا يصدق اطلاقا، ولاتسنده وقائع، اذا كانت عاجزة عن حماية نفسها، كيف لها ان تقدم مساعدات وحماية للحركات الثورية حاملة السلاح في وجه الحكومة..
وحديث الناطقة السابقة باسم اليوناميد في دارفور دكتورة عائشة البصري عن اخفاقات اليوناميد في دارفور، وعجزها عن نقل الحقائق الي مجلس الامن الدولي ، وسعيها المتواصل الي اخفاء جرائم الحكومة في المنطقة، وكل مقالاتها ركزت عن تغاضي اليوناميد عن الكثير من الافعال المنتهكة من قبل المليشيات في فترة وجودها مع البعثة الدولية في الاقليم الغربي، ووجهت اتهامات الي قادة اليوناميد بالتستر وارضاء الحكومة السودانية، وحتي في اخر لقاء مع راديو دبنقا الشهر الماضي عن احداث تابت جددت اتهامها لليوناميد بالتستر عن جرائم الحكومة في تابت..
كل المؤشرات الدولية تجاه الخرطوم في زمن النظام الاسلامي فيه نوع من التجاهل ، رغم القرارات الدولية من قبل مجلس الامن الصادرة ضد الخرطوم ، الا ان كل قرارات مجلس الامن الدولي لم تلتزم بها الحكومية، وهذه القرارات اذا لم تلحقها قرارات صارمة واعطاء صلاحيات واسعة للقوات الدولية حتي تستطيع الدفاع عن من جاء من اجلهم، وهذا ما يعطي كل المجموعات التابعة للحكومة ان تشن غارات الي القوات الدولية وتختطف الكثيرين منهم، وبعد محادثات يتم اطلاق سراح الجنود الدوليين، وكل هذه الافعال تنفذها جهات معلومة للحكومة، وهذا الموقف الاخير للحكومة حول مغادرة القوات الدولية، هي تكرار لنفس للقتل من جديد، وتكرار جرائم 2003 من جديد، وعلي المجتمع الدولي ان يفوض هذه القوات بصلاحيات اوسع بدلا من الاستجابة يمكنها حماية المدنيين العزل من هجمات المليشيات المتكررة، ومطالبة الحكومة بوقف اجرامها، يجب علي المجتمع الدولي من الحكومة ان توقف قتلها واغتصابها، وكانت الخطابات السابقة قبل دخول القوات الدولية ترفض حتي التفكير في الدخول اليها، وبعد ازعاج شديد للسودانيين حول الرفض مقاومة قرار الاممي، وفي النهاية رضحت للقرار، وقبلت به، والي الان موجودة ..
[email protected]