الذكري الثالث عشر لميلاد حركة/جيش تحرير السودان أغسطس 2014
الحركة تحقق مكاسب سياسية في الخارج.. وصمود وتقدم ميداني في الداخل
اَلة القتل النظامية لم ترحم المدنيين المختبئين داخل قراهم وفي الملاجئ
أراضي المحررة: احمد قارديا خميس
أعوام مجبول بالدماء ورائحة الموت والرصاص وبغبار الدمار وعويل الثكالي وأنين الأطفال, عاشه السودان طوال الثلاث عشر من عمر حركة/جيش تحرير السودان التي انطلقت شرارتها في أول أغسطس 2001. صحيح أن حركة/جيش تحرير السودان, شعبيا وسياسيا وعسكريا, تمكنت من الصمود في وجه اَلة القتل النظامية التي لم ترحم مدافع دباباتها وطائراتها الحربية المدنيين المختبئين داخل قراهم وفي الملاجئ, أو الواقفين في طوابير طويلة للحصول علي ملوة الذرة أو الواقفين علي مصادر المياه, لكن حجم الدمار بات هائلا والخسائر البشرية عدا عن المادية أكبر من القدرة علي التصور.
وأذا كانت حركة/جيش تحريرالسودان قد خطت خلال هذا الأعوام خطوات كبري, علي أكثر من مستوي, سواء علي صعيد توحيد صفوفها السياسية وقياداتها العسكرية اَخيرا بالتزامن مع انشقاقات سياسية وعسكرية ودبلوماسية هزت عرش النظام السوداني, غداة توسع رقعة القتال ووصول فصائل الحركات المسلحة المتمردة الي أعتاب المدن واستهداف مفاصل حساسة في النظام السوداني. وهي دفعت ثمن ذلك أكثر من نصف مليون قتيل ومئات معتقل, عدا عن اَلاف المخفيين القسريين واجمالي لاجئين الي دول الجوار بلغ وفق منظمات الاغاثية والحقوقية نحو مليون لاجئ وأكثر من سبعة ملايين نازح داخلي, إلا أن النظام السوداني لا يزال صامدا ولا يتواني عن استخدام كل ما أوتي من أساليب وأسلحة, بما فيها صواريخ” ايرانية وصينية وروسية” والأسلحة الفتاكة, وفق ما يؤكده جميع تقارير الميدانية وناشطون سودانيون اخيرا, من دون أن يردعه رادع. في موازاة ذلك, لا يزال المجتمع الدولي عاجزا عن وقف سفك دماء السودانيين. مبادرات تلو الأخري, رفضها الرئيس السوداني عمر البشير, ورأت فيها المعارضة مهدا اضافية لنظامه. وفيما تتمسك الأخيرة باصرارها علي رفض أي حل لا يتضمن حل سياسي شامل أو رحيل الرئيس السوداني ونظامه ومحاكمة من سبب في ابادة الشعب السوداني, لم تقدم المبادرات المقدمة من المجتمع الدولي والاطراف المعنية, واحد تلو الاَخري, اي مخرج جدي بسبب مواقف النظام السلبية.
في مراجعة مختصرة لاحداث عام منصرم بنسبة لحركة/جيش تحرير السودان, يمكن القول انه عام المخاض العسير لولادة حرية يأمل السودانيون ان تكون قريبة, مع قناعتهم المتزايدة بان سقوط النظام السوداني بات وشيكا, مستندين في ذلك الي معطيات عدة, ليس أولها ما تبرهنه الوقائع الميدانية ولا اَخرها اعتراف أبرز حلفاء البشير الاقليميين والدوليين بالجبهة الثورية السودانية بعد ان كانوا في مرحلة سابقة ينكرون وجودها اصلا. في المقابل, يواصل النظام السوداني حربه ضد المدنيين. ولم ينفك النظام كما المعارضة عن التفاؤل بنهاية قريبة, لا يعلم أحد متي ستكتب سطورها.
ميدانيا, تمكنت حركة التحرير مع بقية فصائل المقاومة من اثبات صمودها الشعبي والعسكري, حيث تحدي اَلاف السودانيين سنواتا مدفعية الدبابات النظامية وغارات طائرات” الانتوف وميغ وسوخوي…” الحربية وعربدة الجنجويد بالنزول الي الشوارع والسير في مظاهرات, مطالبين باسقاط النظام السوداني. لم يرد النظام السوداني بدك البلدات والقري السودانية فحسب, بل بارتكاب المجازر التي امست خبرا روتينيا في يوميات الشعب السوداني. وأبرز هذه المجازر في هذا العام, تلك التي وقعت في قري جنوب دارفور وشمال دارفور في شهر يناير وفبرايرومارس المنصرم عندما تسبب مليشيات اجنبية ما يسمي ب” قوات الدعم السريع”, بمقتل أكثر من 377 شخصا, ووقعت مجازر عدة في قري جبال النوبة في جنوب كردفان, وقال ميدانيون وناشطون ان عناصر امنية والجنجويد هاجموا القري وقامو بتصفية عائلات باكملها كما حصلت في دارفور.
هذه المجازر غيض من فيض مجازر شهدتها مناطق سودانية عدة خلال ست شهور مضت. ويقول بشارة مناقو, أمين الشباب والطلاب لحركة/جيش تحرير السودان( مناوي), بعد تهنئة الرفاق بمناسبة مرور العام الثالث عشر من ميلاد الحركة, ان” انجازات الثورة الميدانية كان ثمنها باهظا, لأن قتل شخص او عشرة او مائة يعد مجزرة”. ويشدد مناقو علي ان” النظام السوداني, عوض ان يصون الشعب السوداني تفنن في أساليب قتله خلال هذا العام, فاستخدم الطيران الحربي براميل( تي إم تي) المتفجرة وصواريخ( ايرانية) وصولا الي السلاح الفتاكة”. مشيرا الي أن المناطق السودانية وان باتت مدمرة خاصة في دارفور وكردفان والنيل الازرق بنسبة 70% لكن 90% منها محرر.
عسكريا, خاضت حركة/جيش تحرير السودان بمؤازاة قوات المقاومة معارك عدة في دارفور وكردفان. وتمكن من أن ينهك القوي النظامية والمليشيات, التي وان كانت لا تزال متماسكة, إلا أنها ووقف ما يؤكده ناشطون سودانيون وعسكريون مرارا وتكرارا تقاتل “مجبرة ” وب”معنويات منهارة” ولهذا السبب دائما الهزيمة من نصيب مليشيات النظام.
ورغم امكانيات حركة التحرير المتواضعة, لكنها تمكنت من تحقيق انجازات عدة والتصدي للطائرات ومدفعية الدبابات, معلنا تحريرمناطق عدة والسيطرة علي مواقع استراتيجية عدا عن دمار واسقاط طائرات النظام الحربية مرات عدة.
ورغم حراك المعارضة المسلحة, من خلال “الجبهة الثورية السودانية”, والمشاركة في لقاءات ومؤتمرات عدة استضافتها كل من اروشا واديس وباريس وجنيف… وشاركت فيها أبرز الدول الافريقية والغربية والامم المتحدة والاتحاد الافريقي, لكنها لم تنجح في الحصول علي أكثر من وعود ومساعدات اغاثية لا تذكر. ومع نعي مبادرات الدوحة وانجمينا والاتحاد الافريقي لحل أزمة السودان, لم يتمكن المجتمع الدولي والاقليمي من تقديم مخرج عملي.. هكذا دائما الاتحاد الافريقي في موقع فشل.
حقوقيا, نجد ان البيانات العالية النبرة التي صدرت عن منظمات حقوقية دولية وقفت الي جانب الشعب السوداني المباد ونددت باجرام النظام السوداني. وكانت منظمات عدة, علي غرار منظمة العفو الدولية و” هيومان رايتس ووتش”, اضافة الي لجان حقوقية وانسانية تابعة للامم المتحدة والاتحاد الاوروبي, قد نشرت تقارير أكدت فيها ارتكاب النظام السوداني جرائم ترقي الي حد اعتبارها” جرائم ضد الانسانية”, حتي أصدرت محكمة دولية في لاهاي امر قيض علي رأس النظام واَخرون.
بمرور ثالث عشر عاما, قد مرت الحركة بمحطات كثيرة ومثيرة اخفاقا ونجاحا علي المستوي السياسي والعسكري, وقدمت ابطالها تضحيات جسيمة ونضالات ناصعة ورسموا خارطة الثورة والنضال بدمائهم الغالية وما زالت لم ولن تتوقف ما رسموهم. ومن هنا نحي شهداءنا الكرام وهم أعظم مننا وعاجل الشفاء لجرحانا..