الخطاب الكارثة
هل كشف عن حجم (الورطة ) التي تجابه الطاقم الجديد ؟
الخرطوم : احمد عمر خوجلي
الحراك السياسي واسع النطاق الذي سبق واعقب خطاب الرئيس السابق مساء الاثنين الماضي وملأ الدنيا وشغل الناس يمكن اعتباره علامة اضافية تمكن الباحثين عن تفسير لمجريات الاوضاع في هذا الوعاء الجامع المسمى بحزب المؤتمر الوطني و طريقا مناسبا للتعرف على خفايا ما يعتمل في (بطنه ) الغريقة .
ولعل التأكيدات الظانة حول شكل ومنسوب من اشكال الصراع ومناسيبه بين الرؤى او الاجيال او الاسلوب يكون احد هذه الفوائد من الحراك الاخير باعتبار ان صراع الطاقم الجديد الذي دانت له امور الدولة والحزب وأمسك بزمام الأمور يسعى إثبات جدارته وقدرته على فعل شيء يخرج بالبلاد من أزماتها الماثلة وما فيها من مخاطر محدقة في مقابل الحرس القديم الذي جرب حظه مرارا وتكرارا حتى قدم باكورة انتاجه في الاختراق الكبير الذي أحدثه في اتجاه العلاقات مع الأحزاب المختلفة بعد قدرته على مجرد جمع الدكتور الترابي والصادق وأبناء الميرغني ومنصور خالد وزعيم حزب مؤتمر البجة على صعيد واحد وفي قاعة واحدة.. وهذا الأمر من حيث المبدأ يعتبر فتحا عجزت عنه المجموعة السابقة طوال السنوات السابقة باعتبار أن التجمعات السابقة كان يطغى عليها الشكل الثنائي.
وأمر إثبات الجدارة وإن القيادة الجديدة التي صارت تقود الحزب والدولة الآن تحت رعاية وإشراف الرئيس البشير أنها تستطيع تقديم أفكار جديدة وفتح أفق جديد يفتح للأزمة السودانية دربا للحل وكان حصاد عينتها الأولى هذا الجمع الغفير لكن الخلاف والنقد العارم الذي قابل به الراي العام داخل الحزب الخطاب ومنتوجه الاعلامي والسياسي جعل الحرس الجديد يسرع في محاولة تعديل الموقف بأثر رجعي والبحث عن مبررات لعسر الهضم الذي منع قطاعات واسعة من الشعب السوداني وقواه السياسية من قبوله وهذا الامر أثبته الدكتور غندور عندما جمع الصحافة في لقاء جديد امس الاول ربما لانقاذ ما يمكن انقاذه والمطالبة بدعم اعلامي سريع مع تأكييده ان للرئيس عمر البشير خطاب جديد بعد عودته من اديس ابابا ليعود في اليوم التالي لنفي ما قيل بالاسم من خطاب جديد ويوقف الحملة الشاملة التي كادت تفرغ اولى محاولات الطاقم الجديد لفعل شي يترجم به مقولة ( الجديد شديد ).
وهذا الأمر يجعل الطاقم الجديد بين مطرقتين أولاهما الحرس القديم الذي لا يصدق أن هؤلاء الجدد يمكن أن يفعلوا شيئا ذا بال وينتظرونهم أن يصلوا إلى الطريق المسدود وماداموا قد تواروا وابتعدوا من مطبخ السياسات في المؤتمر الوطني واصبحوا من المتفرجين ليس الا ..
والنجاح في عبور الطاقم الجديد لمراقي النجاح مرهون أولا إلى الطريقة التي حدثت بها عملية التغيير وما دار في دهاليز الحزب الكبير وهذا الأمر لا بد أن يقترن أيضا بالطريقة التي سيدير بها الطاقم الجديد ملفاته ومدى نجاحه في الاستحواذ على رضا ومعاونة الحرس القديم.
والمطرقة الثانية فهي الكيانات المعارضة الأخرى بكل المسافات التي تفصلها عن المؤتمر الوطني فالمهر الذي يتطلبه رضاها وانخراطها في الحوار والتفاوض والشراكة أيضا يتفاوت مقابله بحسب مسافة اقتراب كل فصيل من الطاولة لكن الحد الادنى من المهر الذي يطلبه هو نفسه مسألة خلافية أطلت برأسها داخل الحزب الحاكم نفسه.
أما القوى السياسية الأخرى بكل مكوناتها فالذي يضمنها ويطمئنها أكثر هو انضباط عملية الحوار بتوقيت زمني وإطار مؤسسي كما قال السيد الصادق المهدي مساء أمس الاول في برنامج الزميل أحمد البلال الطيب (في الواجهة) بل انه ذهب اكثر من ذلك عندما قال (ان جهة ما نزعت الدسم من خطاب الرئيس ) او اسراع زعيم المؤتمر الشعبي حسن الترابي الالتقاء بزعماء حركة الاصلاح الآن ) بقيادة غازي صلاح الدين ويكون تصريح المهدي عن الدسم المنزوع واستعراض الترابي لقدرته التواصيلية مع مجموعات الخارجين من الوطني – ومن معهم – محاولة لتعويض الدسم المنزوع عن خطاب الرئيس والمقابل التعويضي للكسب والزخم الاعلامي الذي منحوه للوطني وزينو به محفله من حيث المبدأ دون النتائج .
ويصبح بذلك ان اهم نتيجة من نتائج الحوار الاخير هي اماكنية توصل التحليلات الى ان خطاب الرئيس اوضح حجم المأذق والورطة التي دخل فيها الطاقم الجديد بحزب المؤتمر الوطني من جهة تيارات الداخل بما فيها من حرس قديم ومن جهة المعارضة على اختلاف مسافاتها ونظرتها للنظام ومستقبله والتي نفسها ستيعد وضع اولوياتها هلى هدى الغموض والارتباك الذي حدث في جبهة الوطني بسبب الخطاب وما سبقه وماتبعه من حراك وهذا يبرهن عليه مطالبة الشيوعي السوداني عبر بيان نشره أمس (الاربعاء ) القوى التي لبت دعوة البشير أن تعيد قراءتها للواقع الذي يعاني منه الوطن، ويعيشه الشعب في ضوء الحلول المبتسرة التي قدمها خطابه .
[email protected]