البشير على خطى صدام حسين في حماقاته مع دولة الجنوب !!
بقلم/ شريف ذهب
بعد توقيع اتفاقية نيفاشا التي منحت الجنوب حق تقرير المصير كانت كافة الدلائل تشير إلي أن الأمر سينتهي بانفصال الجنوب ، وكانت القيادة السياسية لحزب المؤتمر الوطني الحاكم واعية لهذه الحقيقة التي كانوا يتمنونها وعملوا لأجلها حتى تخلو لهم الساحة لحكم الشمال منفردين ظانين بأنّ العلاقة مع دولة الجنوب الوليدة ستمضي على ما يرام في مسارها السياسي والاقتصادي بما يحفظ لهم استقرار اقتصادي آمن مدعوم بمبالغ مالية طائلة كانت ستأتي مكافأة من المجتمع الدولي نظير الخدمة الجليلة التي قدموها بتسهيل انفصال الجنوب ، هذا بجانب نسبة مقدرة من عائدات نفط الجنوب حسب التقديرات الخاطئة التي تم البناء عليها وصارت فيما بعد موضع خلاف حاد بين الدولتين انتهى بالمشهد الذي نعايشه هذه الأيام وما ترتب عليه من أزمة اقتصادية طاحنة في الشمال هزّ كيان الدولة وبات يؤرق مضاجع النظام كونه أحد أهم دعائم اندلاع ثورة شعبية عارمة في أية لحظة .
هذا الوضع قاد النظام في الخرطوم للتفكير جدياً في خطة بديلة لإعادة احتلال الجنوب والاستحواذ على ثروتها النفطية ، وتم وضع سيناريوهات عديدة لتنفيذ هذا المخطط ، منها الغزو المباشر وإعادة الضم إلي الشمال كما فعل صدام حسين مع الكويت تحت مزاعم انه يشكل جزء تاريخي من البلاد وبات يشكل مهدداً لأمنه الوطني . ويبدأ فصول هذا السيناريو بدخول القوات السودانية لدولة الجنوب واحتلال مدنها الرئيسة بما فيها العاصمة جوبا ثم يقوم البشير بتنصيب حكومة عميلة موالية يترأسها أحد أبناء الجنوب على نسق ما فعل صدام حسين بتنصيب العقيد الكويتي ( علاء ) كحاكم للكويت عقب الاحتلال مباشرة ، ويعلم الجميع كيف انتهت تلك المغامرة في خواتيمها .
أما الخطة الثانية فتبدو أكثر تمويهاً ودهاءً من الأولى ، حيث تم التخطيط لها لتبدو كأنها نزاع داخلي في دولة الجنوب لا علاقة للخرطوم بها ، وتنبني فصول هذه الخطة على القيام بعمليات اغتيال سياسي لبعض القيادات الفاعلة في الجنوب مثل القائد ( باقان أموم ) الأمين العام للحركة الشعبية تحت ستار تصفية الرموز المتهمة بالفساد ؟! و ذلك بغرض خلق فوضى عارمة في دولة الجنوب يتلوها انقلاب عسكري من عناصر معدة سلفاَ من الخرطوم تقوم بتسلم مقاليد السلطة في الجنوب ، وقد بدأ الترويج لهذا المخطط عبر بعض الصحف الموالية للنظام في الخرطوم وبخاصة صحيفة الانتباهة لسان حال عمر البشير .
وحسب معلوماتنا أنّ دولة الجنوب مدركة وواعية بتفاصيل هذا المخطط ووضعت كافة التدابير للتصدي لها .
والسؤال الذي لا يزال يطرح نفسه هو : هل فعلاً ستجرؤ حكومة الخرطوم على القيام بارتكاب حماقة بهذا المستوى مع دولة الجنوب وفق السيناريوهات التي وردت ؟ الجواب لدى الكثيرين ربما يكون ( نعم ) ، حيث كافة القرائن تشير إلي ذلك ، فسلوك النظام على الأرض وتصريحات قادته جميعها تمضي في ذلك الاتجاه ، ونأخذ منها المعلومات التي نشرتها بعض المواقع الالكترونية السودانية عن لقاء البشير بقادة الجيش وتنويرهم بخطته لإعادة احتلال الجنوب وردود الجيش عليها ، ثم تصريحاته العلنية المتكررة في مناسبات عديدة بإمكانية اندلاع حرب وشيكة مع دولة الجوب وأحدثها تلك التي أدلى بها لقناة الجزيرة الفضائية إبان زيارته الأخيرة للدوحة ، نضيف إليها التهديدات الخطيرة المنسوبة لنائبه الثاني الحاج آدم يوسف عن إمكانية استعادة الجنوب مجدداً لحظيرة الوطن .
وإذا وضعنا في الاعتبار الزاوية الحرجة التي حشر النظام نفسه فيها ، حيث مجابه بالداخل بضغوط اقتصادية حرجة وتذمر حاد من المواطنين جراء التردي المعيشي والفساد الإداري لرموز النظام ، وفي الميدان العسكري مجابه بحصار مطبق من قوات الجبهة الثورية السودانية المتحدة ، ومع الحماقة المفرطة المعروف بها القيادة العليا لهذا النظام والذي يقابله دهاء كبير لدى الطرف الآخر ، فمن غير المستبعد أن يبتدر البشير بهجوم عسكري على دولة الجنوب لتمضي الأوضاع بين الدولتين على نحو ما صارت عليها بين العراق والكويت بأن تقوم دولة الجنوب بطلب المساندة العسكرية ممن تشاء من دول العالم للرد على غزو أجنبي مباشر ، وهنا لا مجال للمقارنة بالوضع في سوريا أو حتى ليبيا من قبل ، لأن الوضع هناك يعد نزاعاً داخلياً بينما هنا اعتداء على دولة ذات سيادة عضو في الأمم المتحدة من دولة أخرى ، ولا مجال لفيتو روسي أو صيني .
[email protected]