البشير: حياته ونهايته انتكاسة للمجتمع الدولي/ شاكر عبدالرسول

منذ ان احال مجلس الامن الدولي ملف اقليم دارفور الى المحكمة الجنائية الدولية , وبدأ المدعي العام للمحكمة بممارسة نشاطه بمهنية واستخلص بتوجيه اصابع اتهام الى مجموعة محددة من السودانيين ياتي في مقدمتهم الرئيس عمر البشير , بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية . كان أمل الضحايا واسر ضحايا الحرب بان يفعل المحكمة الجنائية والمجتمع الدولي المستحيل لجلب البشير الى العدالة  الا ان ذلك لم يحدث , وشرع البشير يتحدى المجتمع الدولي ويعلن امام انظار العالم بان مجلس الامن والمحكمة الجنائية وكل من يقف خلفه تحت جزمته . و يسافر بحرية مطلقة , وفي كل سفرة يغادر فيه البشير الخرطوم يقبض اسر ضحايا الحرب انفاسهم ويرنوا ابصارهم نحو المجتمع الدولي عسى ولعل ان يفعل شيئا ما للقبض عليه , لكن النتيجة كانت قبض الريح. اذا كان مجلس الامن الدولي بنى حيثياته يومذاك على ان عدد القتلى في الاقليم  حوالي 300  الف شخص والبشير  اعترف ب 10 الاف. اليوم ذلك العدد قد ازداد اضعافا  يعنى ان المجتمع الدولي قد ساهم بشكل غير مباشر على استمرارية الجرائم بدلا ان يجتهد على ايقافه . فمثلا في منطقة هشابة قُتل فيها قبل شهرين اكثر من 200 شخص بدم بارد, وذلك على مرمى حجر من مقر قوات الاتحاد الافريقي للاسف لم نسمع اي ادانة رسمية او لجنة مستقلة لتقصي الحقائق زار المنطقة,  بل قامت قوات البشير بحرق الجثث وطمس المقابر الجماعية  تحت انظار المجتمع الدولي.والمحزن ايضا بان  الاصوات التي كانت تدعوا  بالقبض على البشير وتمثيله للعدالة قد بدات تنخفض, واليوم الكثير من الدوائراخذت تنشغل في من الذي يخلفه في الرئاسة كل ذلك على خلفية الاخبار المتواترة عن تدهور حالته الصحية. لو غادر البشير الحياة وهو في هذا الحال يعني ان الخرطوم سيتحول الى مهرجان ضخم  , ويحضر مراسم تشيعه رؤساء دول مثل مصر وليبيا وتتحول الشوارع والجامعات والمراكز الثقافية باسمه , واسوأ من ذلك يتحول مقبرة الديكتاتور الى مزار يذبح فيه الذبائح ويتبرك به اشخاص من امثال الطيب مصطفى واسحق فضل الله. لكي لا يشاهد اسر ضحايا الحرب الفصل الثاني من المأساة مطلوب من السيدة فاتو بنسودا بالاسراع الى ايجاد سند قانوني يسمح للمدعي العام للمحكمة الجنائية بان يطلب من الدول بتسليم جثامين القادة المطلوبين لدفنهم في مقبرة خاصة خلف اسوار احدى سجون المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي او اروشا.عمل كهذا يحفظ ماء وجه المحكمة الجنائية ويطيب خواطر اسر ضحايا الحرب, ويعيد ثقة الضعفاء والمتعطشين للعدالة في المجتمع الدولي. ان حياته كديكتاتور استلم السلطة باتفاق مخادع مع حسن الترابي ,   وفي العشرية الاولى من حكمة استطاع ان ينقلب عليه وينفرد في الامر ويتمكن من السلطة . وفي العشرية الثانية يفصل جزءا من وطنه تحت انغام الموسيقى والرقص و من دون ادنى احساس بالندم او المسئولية , وبعد اقل من عام يحتفل بتحرير بئر نفطي من ذلك الجزء المنفصل ويعلق النياشين والاوسمة في صدور ضباط قيل بانهم شاركوا في ملحمة التحرير , وبعد بضعة اشهر يتهم اولئك الضباط بالتامر عليه ويزجهم خلف القضبان . انه فعلا حالة نادرة في عصرنا وصدق المفكر العربي عزمي بشارة عندما وصفه بظاهرة صوتية نادرة  واليوم الصوت  نفسه في طريقه الى الاختفاء. ان حياته والحديث عن نهايته يمثلان عن انتكاسة واخفاق واضح لجهود المجتمع الدولي نحو تحقيق العدالة والسلام , وخيبة امل كبير لاسر ضحايا الحرب والمتضررين من نظامه في اى بقعة من ارض الوطن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *