الباشبوزوق ؟

الحلقة الخامسة ( 5 – 8 )

ثروت قاسم

1- سد النهضة الاثيوبي ؟

في يوليو 2017 ، تبدأ اثيوبيا في ملئ خزان النهضة مع بداية فيضان النيل الازرق . من المحتمل ان يكون فيضان النيل الازرق هذه السنة شحيحاً ودون المتوسط ، الامر الذي سوف يقلل من حجم التخزين خلف السد العالي ، مع تداعيات ذلك على الامن المائي لمصر .

صارت مصر تنظر للسودان كخصم لها وكحليف لاثيوبيا في موضوع مياه النيل ، فلذلك دعت وزير خارجية اثيوبيا يوم الاربعاء الماضي 19 ابريل 2017 لزيارة القاهرة لبحث الموضوع معه ثنائياً ، وبدون مشاركة السودان ، في تدابر لاتفاقية مبادئ تشغيل سد النهضة التاريخية ، التي وقعها السيسي وديسالين والبشير في الخرطوم يوم الاثنين 23 مار

س 2015 .

في يوم الخميس 20 ابريل 2017 ، عقد وزير الخارجية المصري السيد سامح شكري مشاورات في الخرطوم مع وزير الخارجية السوداني البروف ابراهيم غندور ، وقابل الرئيس البشير ، وكان الامر المهم بالنسبة للجانب المصري بدء اثيوبيا ملئ خزان النهضة ، وبالنسبة للجانب السوداني عدة امور منها مثلث حلايب .

لم يصل الجانبان السوداني والمصري الى تفاهمات حول معظم الامور المطروحة للمشاورات ، والدليل على ذلك ان البروف غندور ارسل وكيل وزارة الخارجية لوداع الوزير المصري في المطار ، ولم يحضر شخصياً لوداعه ، الامر الذي يشئ بإستمرار التوتر بين البلدين .

في المؤتمر الصحفي الذي عقده وزيرا الخارجية الاثيوبي والمصري في القاهرة يوم الاربعاء 19 ابريل ، ربما تكون قد لاحظت ان الوزير الاثيوبي كان يؤكد ان الشعب الاثيوبي والحكومة الاثيوبية سوف تلتزمان بتنفيذ اتفاق الخرطوم الثلاثي ، بينما كان اتلوزير المصري يؤكد ان الرئيس عبدالفتاح السيسي سوف يلتزم بتنفيذ الاتفاق .

مرجعية الوزير الاثيوبي هي الحكومة والشعب الاثيوبي ، ومرجعية الوزير المصري هي الرئيس السيسي .
ربما كان من المفيد في هذا السياق ، التذكير بحكاية تؤكد مؤسسة الفرعون في مصر .

2- حكاية ؟

يحكي الدكتور الجزولي دفع الله , رئيس وزراء حكومة إنتفاضة ابريل 1985 , بانه زار القاهرة في ديسمبر 1985 في محاولة لتطبيع العلاقات بين البلدين بعد حادثة احراق جماهير الإنتفاضة العلم المصري في شوارع الخرطوم ، لوقوف الرئيس حسني مبارك ونظامه مع السفاح نميري وضد انتفاضة الشعب السوداني !

أصطحبه قرينه الدكتور عاطف صدقي , رئيس وزراء مصر , لمقابلة الرئيس مبارك . وكم كانت دهشة الدكتور الجزولي دفع الله كبيرة , عندما احضر الحاجب كرسيأ للدكتور عاطف , وضعه أمام الباب المؤدي الي مكتب الرئيس مبارك .

دعا الدكتور عاطف ضيفه الدكتور الجزولي للدخول منفردأ لمقابلة الرئيس مبارك ؟ مشي الدكتور الجزولي لوحده الي داخل مكتب الرئيس مبارك , تاركاً الدكتور عاطف صدقي , رئيس وزراء جمهورية مصر العربية , جالسأ علي كرسي خارج باب مكتب الرئيس مبارك ؟ مستعداً للدخول اذا طلب منه الرئيس مبارك ذلك ؟ والا فسوف يبقي جالسأ الي ان ينتهي الدكتور الجزولي دفع الله من محادثاته مع الرئيس مبارك ؟

لن يستطيع رئيس وزراء جمهورية مصر العربية مبارحة كرسيه حتي الي بيت الراحة ؟

فتأمل ؟؟؟

هذه هي ثقافة القوم مع الفرعون الذي لا يريهم إلا ما يرى . ولهذا السبب ثاروا ضد الرئيس المنتخب الدكتور مرسي في يوم الاربعاء 3 يوليو 2013 ، الرئيس الذي لا يريهم إلا ما يروا !

3- كيف إسترقت مصر بلاد السودان ؟

في هذه المقالة ( كيف إسترقت مصر بلاد السودان ؟ ) من 8 حلقات ، نحاول استعراض بعض المحطات المهمة في العلاقة الازلية التي ربطت وتربط دولتي وشعبي مصر والسودان منذ فجر التاريخ وحتى يوم الدين هذا .

نواصل في هذه الحلقة الخامسة من المقالة ، وفي النقاط ادناه ، إستعراض سيرة ومسيرة تعامل الانظمة المصرية مع السودان ، على مر العصور .

تاسعاً :

+ في العام 1821 استولي الباشا محمد علي ، بقوة السلاح ، علي بلاد السودان ، وهزم دولة الفونج السنارية ! أقامت الخديوية حكماً طاغوتياً ، آليته الباشبوزوق لقهر السودانيين . الباشبوزوق هم جنود أميون ، قد تم غسل ادمغتهم ليصبحوا روبوات ناطقة ، وسيوف مسلولة ، وبنادق ضاربة ، لا تعرف غير التنكيل والقمع والقتل بدم بارد .

جسدت المقولة الشعبية ( مية في حفرة ، ولا ريال في طلبة ) طغيان نظام الباشبوزوق الاستبدادي . بمعنى ان يقبل السودانيون الموت والدفن 100 منهم في حفرة في مكافحة نظام الباشبوزوق ، ولا يعملون كعمال في هذا النظام مقابل يومية مقدارها ريال في اليوم للنفر الواحد . وكان الريال وقتها مبلغاً باذخاً يسيل له لعاب الكل !

عاشراًً :

دعنا نأخذ حملتا الدفتردار كمثال يوضح همجية ووحشية نظام الباشبوزوق والخديوية السابقة .

في مساء الاربعاء 22 اكتوبر 1823 ، حرق المك نمر في شندي اسماعيل باشا ، ابن الباشا محمد علي ، وهازم الدولة السنارية .
بعد مقتل اسماعيل باشا ، صار صهر الباشا محمد علي ، محمد بك الدفتردار ، حكمدار السودان ، أي الحاكم العام .

بدأ الدفتردار حملته للانتقام ليس فقط من المك نمر ، قاتل اسماعيل باشا ، بل من كل السودانيين ، بدون فرز .

حرق باشبوزوق الدفتردار مدن شندي والمتمة والحلفايا والعيلفون وجزيرة توتي ومعظم القرى على الشريط النيلي ، بمن فيها من الناس ، وما فيها من الحرث والنسل . صارت هذه المدن والقرى بلقعاً ينقع فيها البوم . من كان حسن الحظ ، فقد اخذه باشبوزوق الدفتردار كاسير حرب لقرية ودعروق جنوب العاصمة وقتها وادمدني ، حيث ماتوا كلهم جميعهم ، من سؤ معاملة الباشبوزوق الوحشية .

مثلت حملتا الدفتردار ابادات جماعية ، وجرائم ضد الانسانية ، وجرائم حرب بلغة ومفاهيم اليوم .

احد عشر :

استمر الحكم الخديوي الباشبوزوقي الطاغوتي للسودان حوالى 64 سنة ، وحتى دخول الامام الاكبر عليه السلام الخرطوم في يوم الاثنين 26 يناير 1885 .

يشير الناس لهذه الفترة بالتركية السابقة ، اي السابقة للمهدية . وهي في الحقيقة الخديوية السابقة وليست التركية السابقة ، لان الولاية الحقيقية في مصر خلال هذه الفترة كانت للخديوي في القاهرة ، وليست للخليفة العثماني في استانبول . ثم ان مصر ومنذ معركة التل الكبير في يوم الاربعاء 13 سبتمبر 1882 ، وهزيمة عرابي ، وإحتلال بريطانيا لمصر ، صارت مصر تابعة لبريطانيا وليس للخليفة العثماني في استانبول .

وقعت مصر تحت الاحتلال البريطاني حوالي سنتين واربع شهور قبل فتح الخرطوم في يناير 1885 .

بعد اسبوعين من معركة التل الكبير واحتلال بريطانيا لمصر ، وفي يوم الاربعاء 27 سبتمبر 1882 ، وبأوامر من الخديوي توفيق ، غادرت حملة هكس باشا الدويم في طريقها لشيكان ، وما أدراك ما شيكان .

إذن هي الخديوية السابقة وليست التركية السابقة . ولكن اهلنا في السودان كانوا يطلقون صفة ( الترك ) على كل من هو احمر او ابيض ؟

اثنا عشر :

حكم الرئيس محمد نجيب مصر كرئيس وزراء ثم رئيس جمهورية لمدة 20 شهرا ، من سبتمبر 1952 وحتى ابريل 1954 ، حين تم اقصائه وتحديد اقامته الجبرية واذلاله لمدة 30 سنة وحتى وفاته في اغسطس 1984.

لا تجد اي ذكر للرئيس محمد نجيب في كتب التاريخ المصرية ، واذا سالت عنه رجل الشارع في مصر ، حالياً ، فسوف يكون الرد :

محمد نجيب ؟ من هو ؟

هل تصدق ان الافلام المصرية التي ظهرت في الخمسينيات ، وتحمل صورة الرئيس ( وقتها ) محمد نجيب معلقة في مكاتب الدولة ، هل تصدق ان هذه الافلام قد تمت دبلجتها لتختفي صورة محمد نجيب ؟

تم مسح فترة حكم محمد نجيب ، وشخصه ، من الذاكرة الجمعية المصرية ، ويؤكد لك اهل النظر ، دون ان يطرف لهم جفن ، بان اول رئيس جمهورية بعد الملك فاروق كان جمال عبدالناصر .

هل تعرف السبب ؟

ربما لان محمد نجيب كانت امه سودانية !

Facebook page :
https://m.facebook.com/tharwat.gasim
Email:
[email protected]

نواصل في الحلقة السادسة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *