اتفاق دارفور وليد تحول إقليمي

اتفاق دارفور وليد تحول إقليمي
الجزيرة نت


قالت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية إن توقيع اتفاق سلام مبدئي بالعاصمة القطرية الدوحة الثلاثاء الماضي بين الحكومة السودانية وأقوى حركات التمرد في دارفور جاء تتويجا لتحول طرأ على الأحوال السياسية الإقليمية.
ويرى مراقبون للأوضاع في السودان أن من شأن تلك التحولات أن تساعد في وضع حد للصراع الملتهب في دارفور, لكن الشكوك لا تزال تساور الكثيرين منهم, على حد تعبير مدير مكتب الصحيفة الأميركية لشؤون شرق أفريقيا في نيروبي جيفري جيتلمان.

يقول المراقبون إن ما من اتفاقيات سابقة في السودان أحدثت كبير تغيير في الأوضاع هناك سواء اتفاق سلام دارفور في مايو/أيار 2006 أو اتفاقية سلام شرق السودان في وقت لاحق من العام نفسه أو وقف إطلاق النار الأحادي الجانب الذي أعلنته الحكومة السودانية في مدينة سرت الليبية في 2007.
ولا تزال دارفور –كما يشير جيتلمان في تقريره من العاصمة الكينية- بؤرة للمليشيات المتجولة وموطنا لقرى محروقة وثلاثة ملايين نازح تقريبا.
ولعل ما خفف من حدة الصراع هناك –برأي الكاتب- هو الانقسامات وسط المتمردين وحالة الإجهاد المحض وليس اتفاقيات السلام السابقة.

ويمضي التقرير ليزعم أن السودان مقبل الآن على مرحلة يكتنفها الغموض الشديد, وأن أحد العوامل التي تضفي شكوكا على الاتفاق الأخير -الذي يدعو لوقف مؤقت لإطلاق النار والإفراج عن السجناء ويتيح المجال للمتمردين الدارفوريين لتقلد مناصب حكومية- يكمن في توقيته.
ذلك أن من المفترض أن تُجرى في السودان في غضون أقل من شهرين أول انتخابات حرة منذ عقود, وأن للرئيس عمر حسن البشير من الأسباب ما يدعوه للقلق.
فبلاده أصابها الإرهاق من التمرّدات في السنوات الأخيرة في الجنوب والشرق والغرب. وأموال النفط, التي ظلت توفر دعما للاقتصاد وأسهمت في استمالة العديد من الأعداء, قد تنقص إذا انفصل الجنوب.

تحول نوعي
يقول إبراهيم ميرغني –عميد إحدى الكليات بجامعة الزعيم الأزهري في السودان- إنه ليس باستطاعة الحكومة الفوز في الانتخابات القادمة من غير دارفور فعدد الدوائر الانتخابية فيها كبير, وقد نالت الحكومة الآن ما كانت تصبو إليه وهي “جمهور الناخبين”.

ولا تتوانى الحكومة عن الإقرار بالمكاسب التي ستجنيها من الاتفاقية الأخيرة في صناديق الاقتراع.
وفي إشارة منه لحزب المؤتمر الوطني الذي يتزعمه البشير, قال كبير مستشاريه غازي صلاح الدين “إذا كانت هذه الاتفاقية ستحسن من فرص المؤتمر الوطني في الانتخابات فهي تستحق (ما بُذل فيها من جهد)”.
لكنه مضى إلى القول إن ما أحدث الفارق هذه المرة هو “التحول النوعي في العلاقات السودانية التشادية التي أتاحت لإنجمينا لعب دور بناء في إقناع حركة العدل والمساواة”.

وتصف الصحيفة الحركة بأنها أكثر جماعات التمرد صلابة وطموحا وتوحدا من بين كل حركات التمرد غير المنظمة في دارفور, ولهذا السبب فسيمثل إلقاؤها السلاح إذا ما حدث اختراقا كبيرا.
غير أن حركة العدل والمساواة ذات التوجه الإسلامي ليست هي فصيل التمرد الأكثر شعبية, فهذه الصفة ربما تنطبق على جيش تحرير السودان بزعامة عبد الواحد محمد نور المقيم في فرنسا والذي وصف الاتفاق الإطاري بأنه ضرب من “الطقوس الاحتفالية”.

فلسفة واحدة
ويزعم الكاتب أن معظم المجموعات السياسية في السودان, مثل متمردي الجنوب السابقين (الحركة الشعبية لتحرير السودان), لا تثق في حركة العدل والمساواة.
ويرى أن عدم الثقة هذه تعود في جزء منها لتاريخ زعيم الحركة خليل إبراهيم إبان الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب.
وطبقا لعدد من الأكاديميين فإن إبراهيم تزعم مليشيا حكومية في تسعينيات القرن الماضي أحرقت قرى جنوبية وقتلت المدنيين وساقت الأطفال رقيقا.

وتنقل نيويورك تايمز عن جون دوكو من حكومة جنوب السودان القول إن كلا من العدل والمساواة والمؤتمر الوطني لديهما نفس الفلسفة, وكلاهما من الأصوليين.
ووصف دوكو الاتفاق الإطاري بين الطرفين بأنه لا يعدو أن يكون جمعا لشمل أصدقاء, وأن الاختلاف الحقيقي الوحيد بين المتمردين والحكومة يكمن في أيهما قادر على العمل على إنفاذ الأجندة الإسلامية أفضل من الآخر.
على أن المسؤول الجنوبي أبدى قلقه من أن تتمكن حركة العدل والمساواة من إقناع البشير بتأجيل الانتخابات العامة, وهو إذا ما حدث سيفضي بدوره إلى تأجيل الاستفتاء على مصير الجنوب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *