اتفاقات السلام في السودان والنفق المظلم


عنوان الندوة: اتفاقات السلام في السودان والنفق المظلم
المتحدثون: أ/ علي محمود حسنين  و الفريق سليمان صندل حقار والمعقب نصر الدين كوشيب
.ادار الندوة الاستاذ عبده حماد

ملخص الندوة التي نظمتها جمعية معا

بدأ مدير الندوة بالترحيب بالسادة الضيوف والتعريف بمنظمة معا ومنتدى معا الذي يهتم دائما بالشأن  السوداني وقضاياه الساخنة. ثم وقف الجميع دقيقة حداد علي روح المرحوم الحاج مضوي قبل البدء في تقديم الضيوف.
بدأ الاستاذ علي محمود حسنين حديثه بالاشارة الي ان المجتمع الدولي يتحمل الوزر الاكبر فيما تصل اليه الاتفاقات السلام بين الحكومة والاطراف الاخرى، وذلك لان المجتمع الدولي يستهل عملية تجزئة الحلول.
ان مشكلة السودان مشكلة واحدة، ولكن تتفاوت درجاتها، وان الاتفاقات التي ابرمت كلها تتحدث عن قسمة السلطة والثروة، وتهميش المركز للاطراف، فاي حل لا تاخذ هذه الامور في الاعتبار تعد حلا ناقصا.
المتفاوضون يعلمون ان القضية واحدة، وظللنا نسعى ونطالب بتوحيد المناير لايجاد حل شامل وجامع ولكن هذا لم يؤخذ به لا من جانب الحكومة ولا من جانب الاطراف الاخرى.
واشار ايضا الي ان الحكومة حريصة علي تعدد المنابر وابرام الاتقافات معها، ولكنها بذات القدر حريصة علي نفضها والخروج عليها.
وفال ايضا ان اتفاقية نيفاشا هي الاتفاقية الوحيدة التي وجدت حظا من التنفيذ ولكن ظلت قضاياها الرئيسية تراوح مكانها مثل قضية ابيي وقضية ترسيم الحدود وقضية التعداد السكاني ومسألة الامن في الجنوب.
اما اتفاقية ابوجا فلم تكن حظها من التنفيذ كبيرا الا فيما يتعلق بقسمة المناصب الدستورية، كذلك الحال في اتفاقية الشرق والقاهرة، والاخيرة هذه علي الرغم من انها لا تمثل اقليما بعينها , وكانت بصورة جامعة بعض الشئ الا انها لم تكن سوي مجرد مقال سرعان ما وجد حظه من النسيان.
واشار الي ان الانقاذ جاءت وهي حريصة علي ان تبقى في السلطة ولو علي اشلاء الشعب السوداني, وهذا الامر لم يكن سرا، فجاءوا ليكونوا في السلطة فقط وباي ثمن، وليس لخدمة المواطنين، وكان هذا هدفهم عندما وقعوا الاتفاقات مع الحركات، فهي توقع اتفاقا سرعان ما تلتف عليه وتفرغها من مضمونها وتحاول تشجيع الجانب القبيح في الموقعين وذلك باغداق المال عليهم وحصرهم في مكاسبهم الشخصية.

الانتخابات:

واشار ايضا الي ان هناك من يرى ان الشريكين يستطيعان ان يفعلا في اتفاقية نيفاشا ما يريدان، ولكن هذا غير صحيح، لان المادة 225 تنص علي ان كل بنود الاتفاقية تكون جزءا من الدستور، وبالتالي فان اي تعديل في البنود المتعلقة بالانتخابات تعد تعديلا غير دستوريا، لان اي تعديل في هذه البنود يتطلب تعديلا  في الدستور، وهذا ما لم يتم حتى الان,
فامادة 217 نصت علي ان الفترة الانتقالية مدتها لا تتجاوز الاربع سنوات، وهذا ابتداءا من يوم 9/7/2005، اذن تنتهي هذه المدة في 9/7/2009م وبالتالي تفقد هذه الحكومة شرعيتها المستمدة من اتفاقية نيفاشا والتي بموجبها اعطي الرئيس الحالي ان يكون رئيس السودان ورئيس الحركة الشعبية نائبه الاول ورئيس حكومة الجنوب لحين اجراء الانتخابات (المادة 65) فبعد هذه المدة لم يعد الرئيس رئيسا.
وفيما يتعلق بتحديد موعد الاتنتخابات يرى ان ذلك منصوص عليه في الدستور وليس من حق المفوضية التدخل في ذلك، ولكن من حقها تاجيل الموعد، حيث نجد ان المادة 55 تنص علي انه يمكن تاجيل موعد انتخاب رئيس الجمهورية لمدة لا تتجاوز 60 يوما من موعده المحدد، وجاءت المادة 27 من قانون الانتخابات لتفصل ذلك فنصت علي انه اذا تعذر قيام انتخاب رئيس الجمهورية ونائبيه والولاة فانه يجوز للمفوضية تاجيل الانتخابات لمدة لا تتجاوز 60 يوما وذلك في حالتين فقط  وهما (حدوث انهيار عام في البلد او تم اعلان حالة طوارئ) مع العلم ان هذا التاجيل لا تشمل البرلمانات الولائية.
المفوضية تجاوزت الدستور وحددت موعد للانتخابات في فبراير 2010م وبرروا ذلك بان الاحصاء لم يقدم اليهم نتائجه في الوقت المناسب وبعدها توهموا ان هذا الموعد لا يمكن ان يقام فيه الانتخابات فأجلوها الي ابريل 2010م.
كل هذا تسويف واختراقات واضحة للدستور وذلك لان المفوضية مامورة من قبل المؤتمر الوطني واجهزتها الامنية، وجاءت لتفصل الانتخابات علي مقاس الموتمر الوطني.
واشار الي ان المعالجة التي كانت يمكن ان تتم هي ان يجتمع البرلمان لتعديل بنودا في الدستور ولكن المشكلة الان ان البرلمان في اجازة حتى اكتوبر القادم، لذلك فهو يرى انه بعد 9/7/2009م يحدث فراغ دستوري في الدولة حيث لا رئيس للدولة ولا ولاة ولا برلمان، وكل شئ بعد هذا التاريخ يعتبر باطل والسلطة التى تاتي تكون سلطة انقلابية يسري فيها كل ما يسري علي الانظمة الانقلابية.
مجمل القول ان الحكومة ليس في نيتها الانتخابات منذ البداية، وذلك لان الاتفاقية نصت علي ان يتم وضع قانون الانتخابات خلال ستة اشهر من تاريخ التوقيع علي الاتفاقية ولكن الذي حدث هو انه تم وضع القانون بعد اكثر من سنتين، كذلك الاتفاقية نصت علي ان تشكل مفوضية الانتخابات بعد شهر واحد من اجازة الدستور، ولكن في الواقع لم تشكل هذه المفوضية الا في نهاية 2008م، وكذلك الامر في موضوع الاحصاء السكاني حيث نصت الاتفاقية علي اجراء الاحصاء في مدة لا تتجاوز السنتين، ولكن الواقع ان الاحصاء بدأ في ابريل 2008م واعلن نتائجه في 2009م وتم رفضها من قبل كل القوى السياسية عدا المؤتمر الوطني.

المحكمة الجنائية الدولية:

في هذا الموضوع قال الاستاذ علي محمود ان هناك تصور خاطئ يدعمة الاخوة العرب يجعل المحكمة وكانما صمم مخصوصا لمحاكمة البشير ودليلهم علي ذلك الجرائم في غزة، وان هذه المحكمة تكيل بمكيالين، ونسوا انهم في قمة الكويت طالبوا بمحاكمة المسئولين الاسرائيليين وفي ذات الوقت وقفوا وساندوا البشير، اليس هذا كيل بمكيالين؟ وقال ان العرب اذا امعنوا النظر في الموضوع لوجدوا ان الفرق هو ان اسرائيل تضرب فيمن تصفهم باعدائها والسودان تضرب مواطنيها كان المفترض اصلا ان تحميهم.
وتطرق ايضا الي ان القرار 1593 الصادر من مجلس الامن والذي بموجبه تم احالة قضية الانتهاكات في دارفور الي المحكمة، وبالتالي فان السودان ملزم بتنفيذ هذا القرار بصفته عضوا في الامم المتحدة، كذلك يجب ان لا ننسى ان اتفاقية ابوجا نصت علي ان الحكومة السودانية ملزمة بكل القرارات الدولية المتعلقة بانتهاكات حقوق الانسان في دارفور، وان القرار 1593 صدر في مارس 2005م وتم التوقيع علي ابوجا في مايو 2006م.
كذلك اشار الي خطأ تلك التصورات التي تري ان البشير اول رئيس يوجه  اليه الاتهام وهو في السلطة وضرب مثلا لذلك بميلوسوفيتش وشارلس تايلور، كذلك دحض فكرة ان هذه المحكمة لا تطارد الا الافارقة حيث اشار الي ان اغلب الحالات جاءت بدعوة من هذه الحكومات الافريقية.
وفي موضوع الحصانة قال ان القانون الدولي لا يعترف بالحصانات، وان مبدا محاسبة المسئول او الحاكم مبدأ اسلامي طبقه الرسول (ص) في نفسه. وفي مسالة السيادة الوطنية اشار الي انه حدث تغير كبير في مفهوم السيادة الوطنية حيث كانت السيادة للحكام ولكن الان اصبح السيادة للشعوب، وكذلك اشار الي ان ان محاكمة مرتكبي جرائم الحرب في دارفور هو المدخل الاساسي لتحقيق السلام في دارفور، وليس لزعزعة الاستقرار كما يتوهم البعض.
كذلك رد علي الذين يقولون بتسييس المحكمة، فقال ان قضاة هذه المحكمة من اكفأ القضاة في العالم، واذا كان مجلس الامن مؤسسة سياسية فانه باحالة الملف الي المحكمة لا تستطيع التدخل في قرارات المحكمة مرة اخرى.
كذلك في رده علي الذين يتخوفون من حدوث فراغ دستوري بالقبض علي الرئيس، اشار الي انه اذا مات الرئيس او حدث له اي مكروه فان يشكل مجلس من ثلاثة اشخاص وهم رئيس البرلمان ونائبي الرئيس لحكم السودان وفي خلال 14 يوما يختار المؤتمر الوطني مرشحه للرئاسة، وهذا ما تم عندما توفى الدكتور جون قرنق، حيث تم اختيار سلفا في الموعد المحدد وتم تجاوز الامر.
شكرا

الفريق سليمان صندل:

اشار صندل في حديثه الي ان غالبية الاتفاقات التي ابرمت في السودان كانت في الفترات الدكتاتورية مثل اتفاقية اديس اببا، واتفاقية الخرطوم للسلام، واتفاقية نيفاشا.
واشارالي ان المؤتمر الوطني اختبرت مدى صمود الحركة الشعبية باكرا وذلك عندما تجاذبا في لمن تؤول وزارتي الطاقة والمالية وانحنت الحركة لذلك فالحكومة جعلت منها مطية.
في اتفاقية ابوجا نجد ان الموقع الرئيسي (مني اركو مناوي) تم تحييده تماما واصبح الان القائمين بالامر هم مؤتمر وطني، وهذا ينطبق علي اتفاقية الشرق والقاهرة.كما اشار ايضا الي ان الاستمرار في السلطة هو هدف استراتيجي لكل الدكتاتوريات، فعندما تشتد المقاومة الوطنية وتكاد ان تصل الي غايتها تحاول الدكتاتورية ان تلحق نفسها وتاتي لتوقع اتفاقا لكسب الوقت، وهذا ما حدث في اتفاقية اديس اببا عندما تم محاصرة نظام نميري فاضطر لتوقيع الاتفاقية وسرعان ما انقلب عليها بعد ان استقوى  بالقوى السياسية الاخرى آنذاك، وكذلك الحال في نيفاشا، فنلاحظ مدي الحصار الذي تعرض له النظام قبل نيفاشا.
عمر الانظمة في الشمال لم تضع السلام كخطة استراتيجية، ولكن تلجأ له عند الضرورة، فهي تتخذ الاتفاقيات كخيار تاكتيكي.
وفي موضوع الضمانات اشار الي ان معظم الاتفاقات تسقط لعدم وجود ضمانات كافية لتنفيذها، حيث اصبحت الضمانات الدولية غير كافية بل ان الحكومة لا تلقي لها بالا، لكن الحركة الشعبية اتخذت لنفسها ضمانات ذاتية وهي حق تقرير المصير والجيش، وهذا اكبر ضمان لاستمرار الاتفاقات. وهذا ما نسعى اليه في اي اتفاق قادم.
واشار ايضا الي ان السلام خيار استراتيجي للحركة، وانها ما حملت السلاح الا مضطرة، فاينما وجدنا منبرا للسلام ذهبنا اليه، كذلك اشار الي ان وجه القصور في نيفاشا انها لم تحل كل قضايا السودان، ونحن لا نريد ان نكرر ذلك، فلابد من حل شامل ونحن نطالب بتقاسم السلطة والثروة وليس تقسيم.
كذلك قال ان التجربة الشمالية في السلطة خمسين عاما والبلد لا يزال في حالة احتراب وتمزق، وكل الشعب اصبح مهمش، لذلك لابد ان يكون الرئيس القادم للسودان من الجنوب او الغرب.
واشار ايضا الي انه لكي يكون هناك سلام شامل ومستدام لا بد من قيام مؤتمر اقاليم السودان، لان الشعب السودان لم يكن يوما جزءا من الدستور، ولكي يشتركوا في صياغة الدستور لابد من قيام مؤتمر اقاليم السودان للتقرير في كيفية ادارة السودان.
السلطة الحقيقية لدي الجماهير المهمشة ولكن اخذت منها بقوة السلاح، لذلك لا بد من عودة السلطة للشعب وهم الذين يحددوا نصيب المركز في خيراتهم وليس العكس.
كذلك في موضوع السيادة الوطنية قال ان السيادة للشعب، والرئيس يمارس سلطاته بالقدر الممنوح له من الشعب.
كما اشار الي ان الاتفاق السياسي مع حزب الامة هو بداية لتوحيد رؤئ القوى السياسية.
واشار الي ان الذي يحكم السودان الان هو القوات المسلحة، وان الصراع تحسم دائما لصالح القوة، وان الحرية لا تعطي بالمجان، واخيرا دعا الجميع لحمل السلاح والنضال من اجل التحرر والانعتاق.
وفي التعقيب لم يتحدث الاستاذ نصر الدين كثيرا نسبة لضيق الوقت حيث اختصر علي بعض الردود مبينا وجه نظر الحركة الشعبية في بعض الامور.
واستطاع الاستاذ عبده حماد ادارة الندوة باقتدار ووزع الفرص في المداخلات لكل القوى السياسية والاعلاميين الذين حضروا علي الرغم من ضيق الزمن.

وشكرا
اعلام حركة العدل والمساواة
مكتب القاهرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *