ما انفكت تلك الصورة الهزلية للرئيس السوداني البشير تطل علي مخيلتي بكل مساخة مذ ثلاث سنوات ، في مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي المقام في العام 2015
حينما اعتلي الرؤساء العرب المنصة وبكل سخاء تبرعوا بأموال نقدية كمساهمة من دولهم في دفع عجلة الاقتصاد المصري ، وما ان حان دور رئيسنا حتي نفض بعض رؤساء الدول العربية عباءاتهم وولوا الأدبار خارج قاعة المؤتمر -ولهم عذرهم في ذلك – . فبعد أن حمد الله وأثنــــــــــي عليه قال “حاتم زمانه وأسد العرب والعجم ” البشير : ” للأسف أنا لا أملك المال لأتبرع به لشعب مصر الشقيق ول
كن أمتلك أراضي زراعية واسعة ، لذلك أنا اتبرع لجارتنا ب1000،000 فدان زراعي “
وكأن تلكم الأفدنة ملك لحبوبته وأبيه !!
لا أدري هل أوفي بوعوده تلك أم مرت كأخواتها من التصريحات النابعة من فقاقيع حماسه اللا مدروس .
** عمدت حكومة البشير فور تسنمها سرج السودان إلي الجود بكل ما من شأنه المساهمة في تعزيز إطالة بقاءها في السلطة وبيع ما يمكن وما لا يمكن بيعها ، إبتداءً من المؤسسات الخدمية وحتي التعليمية ، مروراً بأجزاء شاسعة من تراب الوطن إما بيعا أو إهداءا أو التخلي عنها تجابنا أو وضعها كرهينة ديون لا علم للشعب السوداني بماهيتها وأوجه صرفها ، بل لم يسلم من كرم الحكومة حتي إنسان السودان الذي بات سلعة تباع وتشتري لأغراض مختلفة في أسواق النخاسة في بلدان عربية مختلفة ، كإعادة إنتاج جديد لاتفاقية (البقط )التأريخية الظالمة .
** يعد أحد أسباب اشتعال الحرب العالمية الثانية طمع النازية في الحصول على أكبر قدر ممكن من مساحات الأرض لاستغلالها في الزراعة والصناعات وغيرها ، فأبيدت وهجرت في سبيلها الملايين حتي تهنأ شعوب النازية وحلفاؤها بتلكم المساحات الواسعة ، وبغض النظر عن مشروعية تلك الأنظمة من عدمها فإن مراميهم هذه تؤكد لنا غلاء الأرض وتقديمها حتي علي النفس والدم ، بينما نجد أن حكومة المؤتمر الوطني تشوط عكس هذه النظرية في الوقت الذى تحذو حذو النظام النازي في جوانب البطش والقمع والتنكيل بشعبها واتخاذ العنصرية والسامية منهجاً لتبرير وحشيتها ضد ملاك الأراضي الأصليين .
فبفضلها استوطنت الملايين من عربان دول غرب إفريقيا في ثلثي المساحات المحروقة بدارفور كمستوطنين جدد .
وامتلكت الصين مئات الآلاف من الأفدنة الزراعية الخصبة ، وصار للقطر قطرا بالسودان تفوق مساحتها ،
وسيطرت الإمارات علي مشاريع استثمارية تفوق خيال المواطن السوداني ،
ولإيران قبلها مساحات كبيرة للتصنيع النووي الذي تري طهران في مخلفات تصنيعها داخل إيران هلاكا للحرث والنسل ، وما مصنع يرموك النووية إلا واحدة من صغار الأماكن لهم داخل السودان وحتي اليوم ، كما أن للروس نصيب الأسد من مساحات التعدين .
كل ذلك دون أية حسابات استثمارية واضحة تعود بفوائدها إلي جيب الوطن -لا المؤتمر الوطني – .
** ومما زاد النار ” عويشا” قدوم حفيد سارق التراب و الرقيق والعاج وريش النعام محمد علي باشا ” أردوغان” الأسبوع الماضي لينقب جراح الشعب السوداني الذي يعد الآن العدة ليحتفل بعيد الخلاص من بقاياهم – كما يعتقدون – ، وقد كافئته حكومتنا -كما توقعت – بميناء سواكن التي تعد إحدي شرايين السودان المتدفقة علي قلتها .
فما المقابل بعد كل تلك الاغداقات والاهداءات الساذجة
وهل لا تزال كل أجزاءه لنا وطن ..ونباهي به ونفتخر !!
وهل يا تري إهداء جزء من تراب الوطن غباء أم كرم !! ؟