إتفاق جديد يلوح في أفق أبوجا الخليج

إتفاق جديد يلوح في أفق أبوجا الخليج

يبدوا إن شيئاً جديداً قد بدأ يلوح في سماء الدوحة هذه الأيام وهو الأنباء عن قرب التوصل لإتفاق بين الحكومة السودانية وحركة العدل والمساواة السودانية و إن كانت التفاصيل غامضة إلى هذه اللحظة, ولكن ثمة شكوك كثيرة تحوم حول هذا الموضوع.
حركة العدل والمساواة هي الحركة الأكثر تنظيماً سياسياً عسكرياً بضمها الكثير من الخبراء و المستشارين ذو الخبرة و القادة العسكريين الدهاة و قاعدة عريضة من شعب دارفور تتركز جلها في المنطقة الحدودية شمال مدينة الجنينة و بعض المناطق المتفرقة في كردفان و دارفور.
تتمتع الحركة بسمعة طيبة و سط أبناء دارفور وشرق تشاد و ذلك للإنضباط الكبير و التنظيم الجيد الذي أبداه مقاتلو الحركة وزعمائها والذي إنعكس إيجاباً لدى الأهالي في المنطقة ؛ قليلاً جداً المرات التي إحتكت فيها عناصر من الحركة و الأهالي في المنطقة عكس بعض الحركات الأخرى التي يفر المواطنون منها إلي حاميات الجيش السوداني و مخيمات النزوح التي تدار بواسطة حكومة الجنجويد و المجتمع الدولي.
و إذا صحت هذه الأخبار عن قرب التوقيع على أي نوع من الإتفاقات مع نظام الخرطوم  فهي قد تكون من الإتفاقات التي سوف تلحق بأبوجا و طرابلس ومما لا شك فيه فإن مجموعة العدل و المساواة بقوتها العسكرية و السياسية  قد تكون قدمت خدمة
كبيرة لنظام الخرطوم الذي بدأ منذ الآن الترويج لهذا الإتفاق  و إهداءه للرئيس البشير الملاحق قضائياً دولياً و محلياً من قادة
الأحزاب الذين بعد صمت طويل صاروا يتحدثون عن ضلوع الإنقاذ في مشاكل الإقليم لإستمالة الناخب ذو الأصل الدارفوري في العاصمة والجزيرة وغيرها في السودان وخارج السودان.
لقد عاد الموقعون من أبوجا بالمركز الرابع في هرم السلطة في السودان ظاهرياً و لكن بالفعل حوَل دهاقنة الإنقاذ المسؤول الرابع إلى موظف بسيط في مكتب مليئ بالقهوة و السجائر والملفات الفارغة من إشكال الجوديات والإشكالات المتعلقة ببناء المساجد و الخلاوي في الإقليم أما ملفات الإقليم الإستراتيجية وعلى قول مني نفسه فإنه لا يمسك بطرقة “ورقة” واحدة منها.
تمكن دهاقنة الإنقاذ من تحويل القوة العسكرية لفصيل مني مناوي إلى قوة هزيلة ضعيفة مفككة لا حول لها و لا قوة و بذا نجحت خطتهم في   تحييد القوة   العسكرية الضاربة إلى لا شيئ , عاد مني إلى الخرطوم و إلى هذه الحظة لم يتمكن من تقديم أي برنامج سياسي يخاطب عقول الناس و تطلعاتهم ، لم تتحول حركته إلى حزب سياسي و ذلك لإفتقار الحزب لعامل التأثير على مجريات الأمور بمعزل عن القوة العسكرية التي فقدها تماماً, حوَل الموقعون على أبوجا أنفسهم لخصوم لأهل القضية في المعسكرات وذلك لعدم إشراكهم في مجريات المحادثات والوعود الخاوية التي لم يتحقق منها شيئاً و احداً، إلتف الإنقاذيون على
الإتفاق و قتلوه قليلاً قليلاً إلى أن صار في مؤخرة الذاكرة الدارفورية التي لم تجن من هذا الإتفاق إلا البلبة و إطالة الأزمة و تبخر الآمال بحلول السلام في الإقليم.
منذ إتفاق أبوجا تضاعف عدد المستجلبين من خارج الإقليم و إحلالهم مكان الذين شردوا و قٌتلوا وتم البناء هؤلاء الأجانب بمال إعادة إعمار دارفور, تحولت دارفور في بعض مناطقها إلى واحات تعج بالغرباء ذو اليد و اللسان , وتم إحتلال معظم القري و المزارع والفرقان الخصبة و إجلاء سكان الإقليم الأصليين من الأودية الخصبة  و المناطق الإستراتيجية .
لا يخفى على قادة العدل و المساواة مهارات الإنقاذيين في الإلتفاف على الإتفاقات والتلاعب بالنصوص و تفسير الإتفاقات وفق ما
يرونه هم  و لا يخفي علينا كذلك شيطنة الإنقاذ في تبديد التهم و الشكوك حولهم و تفويت فرص الهجوم المباشر الدولي عليهم, ولا يخفي كذلك على الناس مقت هؤلاء الجلابة لإنسان دارفور والمناطق الإخرى خارج إقليم الشمال و بعض مناطق الوسط والسعي بكل الحيل و الأفاعيل من تمركز السلطة و مراكز القوة في أيدي فئتهم وكما قال غلام الدين إسحاق والي نهر النيل “سيبقى التفوق نيلياً” و علينا إثبات العكس.
ما يخيفني من مثل هكذا إتفاق هو إلى أي مدي لا يؤثر مثل هذا الإتفاق في تضامن أبناء دارفور وترابطهم؟ هل سيشكل الإتفاق أي نوع من تقديم الجديد النافع لأبناء دارفور أم سيكون الإتفاق مجرد إتفاق لا يبلغ تأثيره أبعد من الحدود وجبل مون و غيرها من المناطق التي خرج منها المقاتلون المنضمون للحركة؟ هل سيخرج مثل هذا الإتفاق المرتقب الناس في معسكرات خسار مريسة
، كلما، أبوشوك ، كبكابية زالنجي ، كاس  ، كلما ، الرياض، كريندنغ، كتم وغيرها مستبشرين ومهللين أم سيكون  كمن وَقع في  بلد آخر ؛ تعود العدل و المساواة  بقوتها وساستها إلى السلم أما الناس في معسكرات النازحين و اللجوء سوف يبقون في أماكنهم و ينددون بالإتفاق لحين الفرج ؟.
هل سوف ينزع هذا الإتفاق المزمع السلاح من أيدي الجانجويد؟ كيف وماهي الضمانات؟ هل سيتمكن الناس من إستعادة ممتلكاتهم و مزارعهم وجناينهم التي صارت مرابط للجانجويد وخيولهم ؟
هل يتمن الذين طَردوا من أراضيهم من العودة إليها وبناء منازلهم من جديد؟ هل يتمكن الناس من القصاص للذين قتلوا و شَردوا وإَنتهكت كرامتهم أم سيتعاملون مع هذا وفق قاعدة عفا الله عما سلف؟
هل ستتمكن العدل و المساوة من إنفاذ برامجها ومخاطبة مشكلات كثيرة ظهرت في الكتاب الأسود أم ستؤجلها إلى أن يشاء الله؟ الله أعلم.
هل سيشكل الإتفاق المزمع فصيلاً جديداً منشقاً رافضاً للإتفاق ؟ وهل ستتعزز مكانة عبدالواحد وسط المعسكرات والمدن بإعتباره رمز للممانعة و الرفض أم ستبرز شخصيات أخرى لقيادة المقاومة في الإقليم؟
أما نحن عباد الله الضعفاء فنعتقد و بأمانة أنه لو لم يتم تضمين فقرة في الإتفاق تسمح بتسليح كل من هو قادر على حمل السلاح في دارفور من مزارعين و عمال و تجار و طلاب و شياب وعطالة  في المعسكرات خصوصاً و وفي دارفور عموماً فإنه لا يمكن تحقيق أي سلام في الإقليم؛ لا يمكن أن يكون شعب أسيراً لشعب آخر يقتله وقت شاء و يشرده وقت شاء و يذبحه و يظلمه كما أراد، قضيتنا في دارفور باقية ما دام نظام الخرطوم باقياً و إن طال أمده.
كي تُحل مشكلة دارفور فلابد لهذه المشكلة أن تنضج و تستوي .

عبدالعزيز عبداللة
كورك, آيرلندا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *