خصصنا حلقة هذا الأسبوع من برنامج جسور للحديث عن عواقب انفصال جنوب السودان، واستضفنا الناشط السوداني، مكي الدخري أحد أبناء إقليم كردفان، وبارود حسن سبيل مسئول مكتب حركة العدل والمساواة في هولندا.
من جهته يرى مكي الدخري إن استخدام مصطلح جنوب السودان في مواجهة شمال السودان غير دقيق، لأنه يوحي بأن الجنوب ضد كل الشمال، في حين ليست هناك مشاكل بين الجنوبيين وسكان دارفور أو كردفان مثلا، كما أن الجنوب ليس ضد الشرق ولا أقصى الشمال، ويؤكد بأن أهل الجنوب لجئوا إلى حمل السلاح بسبب مظالم الحكومة المركزية، كما يرى بأن الصراع ليس فقط بين أهل الجنوب والحكومات المركزية المتعاقبة، وإنما هو صراع بين الأخيرة وكل المهمشين في السودان، ولكن الجنوب كان الصوت الأعلى، ولهذا انطلقت منه المقاومة لمواجهة هذه المظالم.
لغم أبيي
أما بخصوص مستقبل العلاقة بين الشمال والجنوب بعد انفصاله، فيؤكد الدخري بأن العلاقات لن تكون سلمية، فالحقائق على الأرض تؤكد ذلك أيضا، وأكثر الألغام خطورة وفقا للدخري هو حزب المؤتمر الوطني الحاكم في الخرطوم، الذي لا يمكن التعايش معه، ويتنبأ الدخري بأن عدة مشاكل أخرى ستنفجر لها علاقة بالحدود، مثل منطقة أبيي، والنزاع بين قبيلتي المسيرية ودنكا نقوك، بالإضافة إلى ما يسمى بالمشورة الشعبية في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، ويرى الدخرى أن المشورة الشعبية مصطلح غامض لم يسبق استخدامه، ولا يمكن تحديده بشكل قانوني، مثل مصطلح الحكم الذاتي مثلا.
لغم المسيرية والدنكا
بارود حسن سبيل يرى أن منطقة أبيي ستكون أول الألغام التي ستنفجر بين الشمال والجنوب، وذلك لأنه تضم أكبر احتياطي للنفط في السودان، وأيضا بسبب تداخل قبائل الجنوب والشمال فيها، فقد تعودت قبائل المسيرية أن ترحل في كل موسم عندما يبدأ الجفاف في الشمال إلى منطقة أبيي، وكانت قبيلة الدنكا تسمح لهم بالمرور ورعي قطعانهم هناك، ويصلون في رحلتهم هذه إلى منطقة بحر العرب في عمق الجنوب، ولكن في المستقبل سيعبر المسيرية الحدود الدولية بحثا عن الكلأ، فإذا منعوا من العبور سيتضررون كثير، وستموت قطعانهم، وبالتالي فسيرفعون السلاح حتما، بالرغم من أن القبيلتين تعودتا على هذه الرحلة السنوية، وكانت لهما آلية قبلية لحل النزاعات، وخاصة زمن ناظر المسيرية بابو نمر، وناظر الدنكا دنق ماجوك.
لغم جنوب كردفان
كما يشير بارود حسن سبيل إلى منطقة أخرى جنوب كردفان بين الشمال والجنوب تنتج كميات من النفط، ورشحها لتكون لغما آخرا بعد أبيي ونفطها ومراعيها، ويقترح أن تلجأ الدولتان القديمة والجديدة إلى محكمة العدل الدولية لفض النزاع، وحقنا للدماء، وهو ما يؤكد عليه أيضا مكي الدخري فإذا لم يتدخل المجتمع الدولي بين الكيانين السودانيين فسينفجر الوضع حتما، خاصة وأن معظم مشاكل السودان حلت خارج الحدود.
لغم النفط
ويؤكد الدخري أن الجنوب ليس لديه طريق آخر لتصدير نفطه إلا عبر الشمال، لوجود أنابيب جاهزة، والتي ستكلف الكثير جدا إذا رأى الجنوبيون أن يصدروا نفطهم عبر أوغندا وكينيا، وما ستعانيه الدولة الجديدة يشبه إلى حد كبير ما عانته تيمور الشرقية بعد انفصالها عن اندونيسيا، والتي استغرقت بعض الوقت حتى تمكنت من الوقوف على ساقيها.
لغم ولاية النيل الأزرق
يرى مكي الدخري أن ولاية النيل الأزرق التي تتميز بتنوع عرقي وديني، إذا اختارت بعد المشورة الشعبية أن تنضم للجنوب، فسينتقل هذا التنوع العرقي والديني إلى الدولة الجديدة، وهكذا ستجد نفسها في ورطة جديدة، خاصة وأن التنوع العرقي بين قبائل جنوب السودان قد يكون الدافع لحرب أهلية بينها، ويتوقع الدخري أن تنضم ولاية النيل الأزرق للدولة الجديدة في الجنوب، لأن معظم سكانها شاركوا في الحرب مع الجنوب، وتم استثنائهم في اتفاقية نيفاشا، وخصوهم ببرتوكول خاص هي وولاية جنوب كردفان، كما توجد قوات مسلحة بقيادة الجنرال مالك عقار في النيل الأزرق، وأخرى بقيادة الجنرال عبد العزيز حلو في جنوب كردفان، وإذا تحرك هذان الجنرالان بقواتهما في أي لحظة، ولأي أسباب فستنفجر الحرب مرة أخرى بين الشمال والجنوب. يذكر أن ولاية النيل الأزرق تابعة للشمال، ولم تمنح وفقا لاتفاقية نيفاشا حق تقرير المصير، مثل جنوب السودان، كما أن الجنوب لا يطالب بها، ولكن إذا نشبت حرب بين الجنوب والشمال مرة أخرى فقد تؤدي إلى تغيير أشياء كثيرة على الأرض.
يمكنكم الاستماع لكامل الحلقة على الرابط الصوتي أدناه:
تقرير: عمر الكدي-إذاعة هولندا العالمية-