أزمة حوض النيل حتى إشعار آخر

بعد مفاوضات ماراثونية استمرت أربعة أيام، أرجأ وزراء الموارد المائية بدول حوض النيل التفاوض حول تعديل الاتفاقية الإطارية لمبادرة حوض النيل ستة أشهر وإفساح المجال للتشاور فيما بين دولهم حول نقاط الخلاف المتمثلة في شروط الموافقة المسبقة لدولتي المصب على أي تعديل للاتفاقية والأمن المائي والحقوق التاريخية لمصر والسودان في مياه نهر النيل.
وجاءت هذه الموافقة من قبل وزراء الموارد المائية لدول المنبع السبع بناء على اقتراح تقدم به الوفد السوداني تضمن إرجاء حسم الخلاف لمدة ستة أشهر وتشكيل لجنة فنية لدراسة النقاط الخلافية، وصولا إلى صياغة اتفاق موحد يحظى بموافقة دول الحوض التسع.
وشهد الاجتماع الوزاري لدول الحوض شدا وجذبا عكس حالة التوتر التي تسيطر على مواقف الدول بشأن اقتراحات تعديل الاتفاقية الإطارية بعد تهديدات دول المنبع بالتوقيع بشكل منفرد على اتفاق إطاري لإعادة تقسيم مياه النيل.
وتزعمت كينيا وأوغندا وتنزانيا الدول المطالبة بإعادة النظر في اتفاقيتي 1929 التي وقعت إبان الاستعمار البريطاني للمنطقة، واتفاقية 1959 التي وقعت بين مصر والسودان لتنظيم الاستفادة من موارد النهر، حيث ترى هذه الدول أنها غير ملزمة بهذه الاتفاقيات لأنها تمت في الحقبة الاستعمارية.
ووفق مسؤولي البلدين فإن صلابة الموقفين المصري والسوداني (دولتا المصب) والتنسيق المحكم فيما بينهما قادا إلى إحداث تراجع في مواقف دول المنبع وقبولها ترحيل الأزمة ستة أشهر إضافية وإفساح المجال للتفاوض عبر اللجان الفنية والخبراء المتخصصين للوصول إلى صياغة توفيقية.
أياد إسرائيلية
وقال وزير الري السوداني كمال علي محمد إن بلاده تنسق مع الجانب المصري بصورة كبيرة وتدعو إلى ترسيخ التعاون بين دول الحوض في مجالات استخدام المياه طبقا لقواعد القانون الدولي وفق قاعدة “الاستخدام المتكافئ” للمياه دون إيقاع أي ضرر بدول أعالي النهر.
وقال للجزيرة نت إن “أيادي إسرائيلية وراء تشدد مواقف بعض الدول حيث تعبث إسرائيل بالأمن المائي لأسباب خاصة بسياستها التوسعية”، مشيرا إلى أن السودان يسعى إلى جعل حوض النيل ساحة سلام بدلا من التوتر، وهو ما يجعل ترسيخ التعاون بين دول الحوض أمرا ملحا لقطع الطريق أمام أي محاولات للتدخلات الأجنبية في شؤون دول الحوض.
الإدارة الجماعية
وبدوره أشاد وزير الري المصري محمد نصر علام بالتعاون بين مصر والسودان والتناغم في مواقفهما من القضايا الخلافية، وهو ما أنتج هذه الصيغة التوفيقية.
وقال نصر علام للجزيرة نت “إنني أجتمع مع الوفد السوداني أكثر من اجتماعاتي مع الوفد المصري، وطالما استمر هذا التنسيق بين البلدين فلا يمكن لأحد أن يفرض حلولا تتناقض مع الحقوق التاريخية للبلدين في مياه النيل”.
وترى القاهرة أن الحل الأمثل للخروج من هذه الإشكالية هو استحداث موارد جديدة للمياه وإقامة مشروعات مائية لسد حاجة هذه الدول، وهو ما يعرف بمبادرة حوض النيل حيث تشير الدراسات إلى أن نسبة المياه المهدرة تصل إلى 95%، وهو ما يؤكد أن تعظيم الاستفادة من مياه النهر وتقليل نسبة المياه المهدرة سوف يلبيان احتياجات دول الحوض التسع وينهي الخلافات.
وتطرح مصر والسودان رؤية تستند إلى إقرار مبدأ الشراكة وتطبيق حزمة من المشروعات التنموية وفق ما يسمى الاستخدام العادل لمياه النيل، بطريقة لا تؤثر على حصة مصر من النهر البالغة نحو 55 مليار متر مكعب وحصة السودان البالغة 18 مليار متر مكعب، وترسيخ فكرة الحوض الموحد عبر الإدارة الجماعية لموارد النهر لضمان تنمية أفضل لهذه الموارد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *