يا صحافي السودان , قليل من “الانتباهة” لما يكتب الدخلاء علي مهنتكم قبل ان يمسهم السوء جراء ” شيئ من اشتات” ما يكتبون.
ليس بمستغربا البتة ان تنحط لغة الصحافة في عهد الانقاذ لان كل ما في عهد هذا النظام , الذي جاء بكذبة , والتي هي من اكثر الصفات انحطاطا, قد وصل دركا سحيقا من الانحطاط بدءا من الخطاب السياسي من شاكلة “يلحس كوعو ” و “يرعي بقيدو” و” نقطع اوصالهم” ومرورا بانحطاط الاخلاق المتمثل في اباحة زواج الايثار وانتهاءا بنشر الكراهية بين شعوب وقبائل البلاد بتاليب شياطين النس ممن لا اصل ولافصل لهم ليذيقوا ضحاياهم صنوفا من التعذيب وهتك الاعراض في بيوت الاشباح و”في ساحات الفداء ” في دارفور الي ان ابلغهم فداحة جرائمهم هذه محكمة الجنايات الدولية في لاهية في سابقة لا نظير لها في التاريخ البشري. فالصحافة ليست باستثناء من موجة الانحطاط هذه , خاصة اذا ولج بابها اناس ما كانوا ليلتفت اليهم احد لعدم تمتعهم باي مؤهل فصاروا بين ليلة وضحاها “صحفيون” بل واصحاب جرائد وصحف تمتلئ كل صباح بكل ما هو نتن وكريه مثل” صراخ المستجدة فوق حفرة الدخان “!!, حتي اشبهها البعض بانها مجاري الصرف الصحي للصحافة السودانية تفيض نتانة ,لا يرتادها ولايرتع فيها الا الذباب .
هؤلاء الدخلاء علي الصحافة فشلوا في ما ولوهم عليه , زورا وبهتانا , من مواقع اعلامية وزارية كانت او نقلا لما يدور “في ساحات الفداء” علي شاشات التلفاز , فلجاوا الي الكتابة ظنا منهم بانه عمل هين ولا يحتاج الا الي قلم وشيئ من مخيخ وحماية من النظام ومقص رقيبه, ففاجؤوا الوسط الصحفي القح والقراء باسلوب صحفي هو اقرب الي توثيق جلسات النسوان منه الي الصحافة لما به من قطيعة ونميمة كما جاء في مقال المدعو اسحق حسن فضل الله بتاريخ الخميس 28 يناير 2010 كان بعنوان ” رطانة الخرطوم ” . “اشتات ” حيث يقول:( ديبى يصنع اركو مناوى ..
ومناوى كان يعمل “كومسنجى ” لشاحنات السيد آدم تقوى التى تستورد بضائع من ليبيا … وكانت للسيد اركو مناوى عربة مشهورة يتنقل بها “تانكر) انتهي كلامه.!!واضاف في جزء اخر من مقاله الركيك والمقزز هذا , كسابقاتها من مقالات,اضاف بانه قد “توٌنس ” مع اللواء التجانى آدم الطاهر وكان موضوع “الونسة” هو ايضا السيد منى اركو مناوى !! مؤكدا بذلك ان فهمه للصحافة لا يعدو ان يكون ” قطيعة” مثل مجالس الحريم اللتي فاتهن الرجال في عهد الانقاذ في الغيبة والنميمة كم ياكل لحم اخيه ميتا.
ونحن هنا ليس بصدد الدفاع عن مني اركوي , فهو حوله رجال اشاوس يعرفهم كاتب المقال جيدا ويدرك تمام الادراك انهم ان ارادوا تلقينه درسا في ادب الخطاب لما وقف في طريقهم كل مليشيات ساحات الفداء المنتهية عهدهم , ولكننا نود الوقوف قليلا عند تهكمه وازدرائه لمهنة الكومسنجي ( الكموسنجي هو من يجلب المسافرين للمركبات ) والتي زعم انها مهنته سابقا . فالناس ينفرون ويبغضون من يحتقر مهن الاخرين خاصة ان كانت مهن صغيرة وهامشية , لان احتقار الاهرين هو نوع من الكبر ولا يدخل الجنة من بقلبه ذرة من كبر كما جاء في الحديث الشريف. ام ان دعاة الاسلام والتوجه الحضاري قد نسوا الاحاديث ان هم اصلا قد علموه من قبل.
وما لمهنة الكومسنجي ؟ اليست هي مهنة اشرف من ان يقتات امثالك علي لحوم الاموات من الناس قطيعة ونميمة؟ الا يعلم هذا الدخيل علي الصحافة بان هناك من العظماء من كانوا يمتهنون مهنا شريفة وان صغرت او هانت؟ فبعض الانبياء كانوا رعاة غنم كخاتم الانبياء عليه افضل الصلاة والتسليم , و نبي الله نوح كان نجاراً وداود كان يعمل حدادا , عليهم السلام. والامام ابو حنيفة كان بعمل في تجارة الخز حتي اصبح ثريا وعالما صاحب مذهب هو احد المذاهب الاربعة لاكثر من مليار مسلم . ولكن هيهات هيهات لمن شغلته الدنيا والسلطة والتكالب علي جمع المال الحرام , ومن انقلبت شعاراته من “هي لله هي لله لا للسلطة ولا للجاه” الي عكس ذلك, هيهات لمثل هؤلاء ان يتذكروا هذا وهم يحتقرون الناس ومهنهم؟! ولعلنا قد شطحنا قليلا بتوقعنا الخير من هؤلاء لانه من يسفك دماء الابرياء من النساء والاطفال ويهتك اعراض الرجال قبل النساء في بيوت الاشباح و”في ساحات الفداء” وياكل اموال الناس بالباطل في بدعة “شاركوني ” لكل من اراد الاستثمار في السودان ,من يفعل ذلك لا ينبغي ان نطلب منه كف لسانه وهو الذي لم يكف يده وسلاحه عن اذي الناس.
وان كانت الامثلة لعظماء الانبياء لا تحرك من هجر العمل بتعاليم الدين الحنيف وتثنيه عن احتقار الاهرين ومهنهم , فاننا نسوق اليهم امثلة معاصرة لاناس كانوا في مهن متواضعة ولكنها شريفة , ثم صاروا ملء السمع والبصر كفاءة وفي تنافس شريف ,لا كذبا وغشا وخيانة وسوء مكر.
*ليندون جونسون (1963-1969) عمل جامعا للقمامة (زبالاً) ضمن مهن متعددة اخرى مثل ملمع احذية وغا سل صحون ومشغل مصعد وبوابا وعامل مطبعة وعامل بناء وجامع فواكه وواضع افخاخ صيد وعامل مزرعة قبل ان يفتحها الله عليه ويصبح رئيسا للولايات المتحدة .
ولم يكن جونسون الوحيد الذي عمل بمهنة بواب فقد عمل فيها رئيس امريكي آخر هو الرئيس العشرين جيمس غارفيلد (1881-1881) و عمل كذلك في مهن اخرى مثل مشغل قارب ونجارا ومدرسا، وحظت مهنة غاسل صحون بثلاثة رؤساء امريكيين هم الى جانب جونسون جيرالد فورد ورونالد ريغان.
وقد يصعب تصديق ان يكون رئيس امريكي سابق قد عمل عارض أزياء لكن هذا هو تماما ما فعله الرئيس جيرالد فورد الذي شغل بدوره مهنا متعددة اخرى مثل فراش وطاه (طباخ) وغاسل صحون وعامل حدائق ومدرب كرة قدم امريكية ومدرب ملاكمة ومحام.
أما الرئيس ريغان فهو من اشهر الرؤساء العصاميين الذين استهلوا طريقهم من تحت السلم لا أوله حيث عمل في صباه وشبابه مناد في السيرك وعامل بناء وغاسل صحون ومنقذ شواطىء ومدرب سباحة ومذيعا قبل ان يصبح ممثلا من الدرجة الثانية ثم لاحقا رئيسا واحدا من أشهر الرؤساء في تاريخ بلاده.
ومن المهن الغريبة الاخرى التي شغلها الرؤساء السابقون مهنة خياط التي حظيت برئيسين هما الرئيس الـ(13) ميلارد فيلمور (1850-1853) والرئيس الـ(17) اندرو جونسون . و الرئيس الـ(31) هربرت هوفر (1929 – 1933)عمل في صباه عاملا في مصبغة (غسال) وموزع جرائد وفراش مكتب قبل ان يعمل بمهنة مساح جغرافي ثم مهندس مناجم ولاحقا وزيرا للتجارة.
كما عمل الرئيس الـ(37) ريتشارد نيكسون (1969-1974) حطابا فيما عمل الرئيس الثامن مارتن فان بورن (1837-1841) عامل توصيل طلبات ثم نادلا في حانة كما سبق للرئيس الـ(18) اوليسس غرانت (1869-1877) العمل بمهنة سائس خيول.
و نذكًر الحادبين علي الصحافة النظيفة والبناءة والمسؤولة بان ينتبهوا لما يبثه امثال هؤلاء المحسوبون علي مهنتهم من سموم وكراهية وعنصرية قبل ان يتخطي احدهم الخطوط الحمراء ويشطح كما شطح احدهم من قبل§ حين تناول عِرض قبيلة عريقة من قبائل دارفور فدفع حياته ثمنا لذلك, ولا يسلم الشرف الرفيع حتي يُراق علي جوانبه الدم .
واخيرانقول لامثال هؤلاء الممتلئة صدورهم حقدا علي المهمشين ان موتوا بغيظكم”فالكموسنجي” هو في القصر غصبا عنكم وانتهي زمانكم ليبدا زمان جديد ولكل زمان رجال.
محمد احمد معاذ
[email protected]