وزير الدولة بالخارجية السودانية لـ «الشرق الأوسط»: نأمل أن يحترق ياسر عرمان وينتهي أمره
علي كرتي: الأحزاب التقليدية فقدت الحس السوداني الشعبي.. وأزمة الحزب الحاكم الداخلية دليل عافية
بثينة عبد الرحمن
وصف علي أحمد كرتي، وزير الدولة بوزارة الخارجية السودانية، أحزاب المعارضة التقليدية السودانية بأنها فقدت الحس الشعبي السوداني، بسبب تباعد قادتها عن قواعدهم، ما أفقدهم القدرة على التوجه. وقال إن هذه الأحزاب ما كانت تتوقع أن تلتزم الحكومة بما اتفقت عليه في اتفاقية «نيفاشا» للسلام بين الشمال والجنوب، خاصة فيما يتعلق بالانتخابات، «ففوجئت بها كحقيقة يلزمها أن تتعامل معها». واصفا الخلافات التي نشبت داخل حزب المؤتمر الوطني الحاكم، بسبب اختيار المرشحين للمجالس والولاة التي شهدتها أكثر من ولاية، بأنها دليل عافية، قائلا إن المؤتمر لا يحجر على عضويته وإن الاختيار يتم في العلن وفي جلسات مفتوحة يعلم خباياها الجميع. مطالبا بقية الأحزاب أن تحذو هذا الحذو.
من جانب آخر، نفى علي كرتي في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط»، في العاصمة النمساوية فيينا، أن يكون حزب المؤتمر الوطني قد وجه سرا بتأييد لام أكول السياسي المنشق عن الحركة الشعبية لتحرير السودان، الشريك الثاني في الحكم، الذي ترشح لمنصب رئيس حكومة الجنوب، في مواجهة زعيم الحركة النائب الأول للرئيس السوداني سلفا كير، مبينا أن الانتخابات ستتم بشفافية وسط مراقبة دولية وإقليمية بالإضافة لمراقبي الأحزاب المتنافسة ما يجعل تزويرها أمرا غير ممكن. ورحب كرتي بفوز أي منافس للرئيس عمر البشير في الانتخابات الرئاسية المقرة في أبريل (نيسان) المقبل، ما دامت أنها جرت بنزاهة وشفافية ومن دون تدخلات من قوى خارجية لفرض إرادتها بتمويلات مالية لبعض المرشحين أو بدعمهم إعلاميا. في سياق آخر، برر علي كرتي رغبة المؤتمر الوطني في الاستمرار في حكم الشعب السوداني لسنوات أكثر من تلك التي قضاها في الحكم (20 عاما)، برغبته في مواصلة تنفيذ برامج لم يقدر على تنفيذها سواه من القوى التي حكمت البلاد من قبل. موضحا أنهم يسعون لإكمال تنفيذ مشروعات تنموية واقتصادية وسياسية من ضمنها الحصول على حقوق المستضعفين في العالم الثالث في مواقع هامة بمنظمة الأمم المتحدة وإصلاح مؤسساتها. كما برر كرتي موجة الكراهية للنظام السوداني في الخارج، خاصة في الغرب، بالغيرة والحسد، مشيرا أيضا إلى «التغذية المستمرة لمنظمات ودول ومجموعات ضد توجهنا الإسلامي». ويعتبر مراقبون للوضع السوداني، أن كرتي هو الوزير الفعلي للخارجية السودانية، بسبب الاختلافات الدائمة بين حزب المؤتمر الوطني وشريكه في الحكم الحركة الشعبية التي ينتمي إليها وزير الخارجية دينق ألور. ويوصف ألور بأنه صقر من صقور الحركة. وتؤكد مصادر موثوقة أن الوزير كرتي أو «مولانا» كما ينادونه، من أقرب المسؤولين للرئاسة كما أنه من أكثر قادة المؤتمر الوطني شعبية وتواصلا وقدرة على الحركة في هدوء بعيدا عن الأضواء. وكان الوزير كرتي قد تنقل كثيرا ما بين موقع مهم وآخر أكثر أهمية بما في ذلك قيادة قوات الدفاع الشعبي (الميليشيا التي تتبع النظام).
* دخلت المعركة الانتخابية مرحلة التنفيذ الفعلي وعلى الرغم من ذلك لا يلمس الشارع استعدادات جدية من قبل الأحزاب السياسية بما في ذلك المؤتمر الوطني، وكل ما هناك اتهامات متبادلة وانشقاقات.. ما تعليقكم؟
– لم تكن الأحزاب تصدق لفترة طويلة أن ما يقوله المؤتمر الوطني أو الحركة الشعبية (حزبا الحكومة) سيكون أمرا جديا، وكانت تمني نفسها بأن تتأخر إجراءات الانتخابات، لذلك فإنها لم تستعد. وقد ضعفت استعدادات الأحزاب منذ فترة طويلة كما تشرذمت وانقسمت فضعفت مقدرتها على لملمة أطرافها وفقدت القوة على السيطرة على عضويتها. ولو نظرنا للأحزاب الكبيرة ينجد أن قيادتها قد فقدت القوة على التحكم والقيادة، وبالتالي فقد فات عليها الوقت لأن تكون قيادة موحدة بمقدورها أن تقرر في شأن أحزابها. إن هذه القيادات تعاني، خاصة، لطول غيابها خارج السودان، وحتى التي ظلت بالداخل فقد كانت زاهدة في الاتصال بقواعدها ولو تلفونيا، ولذلك فإنها لن تعود لما كانت عليه قبل 1989 (تاريخ قيام الانقلاب العسكري الذي أطاح بالحكم الديمقراطي) لقد فقد قادة الأحزاب حسهم السوداني الذي يجعلهم يتواصلون مع قواعدهم. «إنهم لا يقدمون حتى واجب العزاء في مأتم وبكيات أقرب قواعدهم».
* وماذا عن حزبكم المؤتمر الوطني وما ينشر عن معاناته من انقسامات تطاله بدوره، وماذا عن أزماته بسبب اختلافات حول اختيار مرشحين لحكم الولايات التي تحولت لما يعد تصفية حسابات وخروج عن قرارات القيادة؟
– ما يحدث هو دليل عافية، لأن هناك 3 درجات من الاختيار داخل جسم المؤتمر الوطني قبل أن يتم الاتفاق في النهاية على مرشح واحد. وهذه عملية تعكس تمرينا قويا جدا لو نظرنا له إيجابيا لوجدناه تدريب لنفسه وللقوى السياسية من حوله لكيفية اختيار المرشحين. تمرين يتم في الهواء الطلق في جلسات مفتوحة للعامة. وإن دل ذلك على شيء إنما يدل على أن حزب المؤتمر الوطني واثق من نفسه وواثق من العملية الانتخابية.
لا أريد أن أتحدث بلغة التحدي وإنما أرغب في أن تستوعب الأحزاب التجربة؛ إذ لا نعلم كيف تختار مرشحيها وكيف يتم الترشيح. وما يدور داخل حزبنا يجب أن ينظر له كممارسة للديمقراطية والشورى وكعمل علني. ولهذا السبب، فإن ظهرت بعض الخلافات فمبدأ التشاور نفسه يتم التشاور حولها لمعالجتها وليعلم الجميع أن المؤتمر الوطني لم يكبت أعضاءه، وأنه يفتح باب الحوار الذي يتم علنا وصولا لتوافق. إنها تجربة ديمقراطية مشرقة من حزب واثق من نفسه يقدمها في الهواء الطلق.
* سبب من أسباب تعثر الحملات الانتخابية يعود أساسا لمحاولات الحكومة التعسفية ضد الممارسة الديمقراطية.. فماذا كان يضر الحكومة لو سمحت، مثلا، بخروج مسيرة أو مظاهرة رغبت الأحزاب في تسييرها؟
– ما تم بشأن المظاهرة التي تشيرين إليها هو أمر غريب؛ إذ كيف يتسنى أن يخرج نواب في مظاهرة يأتون بها للمجلس الوطني (البرلمان) الذين هم أعضاء ممثلون فيه وفي داخله يسمح لهم بالحديث. أن تخرج رموز من المجلس ذاته ليتظاهروا وليطالبوا مع آخرين من الشارع، فهذا ما لا نعتبره ديمقراطية. هل يستطيع نواب من الكونغرس الأميركي أو مجلس العموم البريطاني أن يأتوا لمجالسهم ليطالبوا بما لم يفلحوا فيه بالداخل. وعلى كل، فإن أولئك لم يتم منعهم بتعسف ولم يتأذ أحد أو يضار.
وإن كان بعض رموز الحركة قد أعيتهم الحيلة بأن يحصلوا على أشياء من داخل المجلس الوطني فقد كان بإمكانهم العودة للمؤتمر الوطني شريكهم في الحكم والحديث معه تماما كما سبق أن عادوا من قبل وتم التواصل من دون غوغاء. وما تلك المحاولات للتشويش إلا محاولات للتجريح وليس للتوافق، وكلما عادوا للمؤتمر الوطني، وجدوا توافقا. انظري لما فعلوه عندما حاولوا إدخال قوى دولية فلم يحصلوا على شيء إلا بعدما عادوا لشريكهم.
* كيف سيضمن الشعب نزاهة الانتخابات ومن سيسمح له بمراقبتها؟
– مفوضية الانتخابات مفوضية مستقلة تم تكوينها وفق اتفاقية السلام وبالتالي فهي الجهة الأولى، ثانيا القضاة، ثالثا لكل الأحزاب المشاركة مراقبون، رابعا هناك مراقبون دوليون «بالآلاف» ولا أتوقع أن يحدث خلل ويمكن أن يحضروا مبكرا. هناك ترتيبات، وهناك جهات ومنظمات لها خبرة ودراية وحرص، والأبواب مفتوحة أمام الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية والاتحاد الأفريقي والمؤتمر الإسلامي وغيرهم، إلا إذا حاولت جهات بعينها الدخول لتحوير العملية.
* تطال المؤتمر الوطني اتهامات باستغلال الموارد الحكومية انتخابيا.. من ذلك عربات حكومية عليها صور الرئيس عمر حسن أحمد البشير؟
– صورة الرئيس ألصقت على العربات كافة لكنها لم تلصق في فترة الترشيح وليست دليلا على كونها حملة انتخابية. وما تم كان عملا قوميا إبان اتهامه من قبل المحكمة الدولية ولا يستطيع أحد أن يتهمنا بأننا استخدمنا وسيلة حكومية في الدعاية الانتخابية.
* هل تصورتم سيناريوهات ما قد يعقب نتيجة الانتخابات بفوز الرئيس واتهامكم بالتزوير، خاصة أن الاتهامات ظلت تطال العملية الانتخابية قبل مولدها، ومن ذلك احتجت الحركة الشعبية ضد نتائج الإحصاء السكاني وتوزيع الدوائر الجغرافية، بل هناك اتهامات بعدم حياد المفوضية؟
– كيف تحتج الحركة على نتيجة الإحصاء والحركة قد وقعت عليها بنفسها..! لقد وقع على نتيجة الإحصاء رئيس الحركة. وقد تم الإحصاء وفق عملية دولية قامت بها مفوضية مستقلة وقومية. والسؤال يجب أن يكون: كيف تعود الحركة وتنقض قوميتها؟ أما مفوضية الانتخابات فرئيسها من الجنوب (القضائي المعروف ابيل الير). هذه أصوات ضد نجاح المؤتمر الوطني في الانتخابات وتهدف لتهيئة الأجواء لتقول إن الانتخابات تم تزويرها، ومن يرد التبرير لنفسه لعدم إمكانيته الوصول للحكم فالأمر متاح له. إن العالم يعرف كيف تدار الانتخابات. وكما أشرت فهناك رقابة ومراقبون، وبالتالي فإن من يطلقون هذه الافتراءات إنما يسعون لتسهيل تبرير فشلهم.
* هل تعانون من هاجس أن يعود الصادق المهدي، «إمام الأنصار» ورئيس حزب الأمة القومي، آخر رئيس حكومة منتخبة كرئيس للديمقراطية الثالثة؟ – لو فاز بكل هذه الرقابة فمرحبا به، بل ومرحبا بياسر عرمان (مرشح الحركة ضد البشير) لو فاز.
* في رأيكم من هو أقوى المرشحين لمنصب رئاسة الجمهورية وعددهم 10؛ ما بين رئيس حزب، ومستقل، ضد الرئيس البشير؟
– على الساحة السودانية لن يكون هناك – إن شاء الله – تهديد.
* ماذا يعني ذلك، هل تتوقعون تدخلا خارجيا؟
– سيناريوهات التاريخ القريب والبعيد تشير إلى كيف يمكن لقوى دولية معادية أن تهيئ لبعض الأسماء التي لا إمكانية لها لأن تفوز، موارد مالية وإعلامية، لكن بعض الشعوب وفي مقدمتها الشعب السوداني تعرف من الذي يكابد معها، ومن الذي قدم لها الخير ومن هو الأحرص على مصلحتها.
* الشعب السوداني يعرف كذلك أنكم انقلبتم عسكريا ضد حكم ديمقراطي لم تتركوا له خيارا؟
– في فترة لم تتجاوز أربع سنوات أقال الصادق المهدي ثلاث حكومات فيما كانت للصادق خيارات بأن يحافظ على أمن البلاد وقوت المواطن وحقوقه، فماذا فعل هو وغيره من الأحزاب..؟ لقد كانت الخزينة فارغة، وعلى الرغم من ذلك قبلنا التحدي ووفرنا للشعب ما كان يفتقده واستطعنا أن نستخرج خيرات البلاد لصالح مواطنيها ولاستعادة إرادتها، فيما لم تستطع تلك الأحزاب حماية البلاد من الهاوية والمجاعات.
* هل من تعليق على حادث محاولة قذف الرئيس بحذاء؟
– لا أعتقد أن هذا الأمر يتطلب النظر إليه باعتباره قضية ضد الرئيس. تلك حالة عابرة لا علاقة لها بالسياسة.
* عدم تقديم المؤتمر الوطني لمرشح ضد رئيس الحركة الشعبية، النائب الأول لرئيس الجمهورية سلفا كير لمنصب رئيس حكومة الجنوب فسره كثيرون بأنه محاولة لإحراج الحركة حتى تسحب مرشحها ضد مرشح المؤتمر الوطني الرئيس البشير لمنصب رئاسة الجمهورية.. ما قولكم؟
– ليست هناك نية كهذه. وكل ما حدث هو أن المؤتمر الوطني اتفق مع سلفا كير على دعمه، وقناعتنا ألا نفتح في جنوب السودان باب تنافس. إن ما جرى من قبلنا هو التزام، في حين لم تعلن الحركة مطلقا دعم مرشح المؤتمر الوطني.
* هل من تعليق على ترشيح الحركة لياسر عرمان لمنصب رئيس الجمهورية؟
– هو محاولة لإظهار الوفاء للمجهودات الكبيرة التي قام بها خاصة الملاسنات والإساءات التي يوجهها للمؤتمر الوطني. وفي تقديرنا هو نوع من المكافأة لما يقوم به، وبالقطع فإن عرمان لن يستطيع أن يكون بديلا عن سلفا كير.. ونأمل أن يحترق وينتهي أمره.
* ماذا عما يقال عن تأييدكم سرا للمنشق عن الحركة وحليفكم الدكتور لام أكول الذي أعلن ترشحه ضد سلفا كير لرئاسة حكومة الجنوب.. وماذا عن قرار صدر لقواعدكم في الجنوب بالتصويت له؟
– ليس هناك قرار بهذا ولو كان هناك قرار فإن المؤتمر الوطني سياسته واضحة وهي إعلان أي أمر، خاصة أن هذه أمور لا يمكن إخفاؤها. كيف لنا أن نتحدث سرا لأعداد هائلة وأن نوجهها للتصويت. هذه مجرد توهمات يراد بها إضعاف الموقف الذي وقفه المؤتمر الوطني تأييدا لترشيح سلفا كير.
* ما رأيكم حول إعلان بعض الحركات المتمردة في إقليم دارفور تعليق الحوار مع المؤتمر الوطني لما بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات؟
– إن تأجيل مثل هذا الأمر لما بعد الانتخابات لا يوحي بالمسؤولية. وكان الأفضل للحركات مع الإرادة المتوفرة من جانب الحكومة أن تستمر في الحوار حتى ولو لم يكتمل. إن التهرب من هذه المسألة هو محاولة لجرجرة الأرجل. وفي تقديري لن تحصل هذه الحركات على أية مفاجأة، ونأمل ألا يكون الأمر مطروحا وأن يفتح الباب لاتفاق سلام. واضح أن قادة هذه الحركات أصبحوا يتمتعون بمواقع مراسمية وعيش كريم في فنادق، وتحولهم إلى أشخاص عاديين يعيشون حياة عادية في السودان سيفقدهم الكثير من هذه المزايا، ولو كان قتالهم من أجل قضايا فالحكومة قد فتحت لهم أبوابها لحل هذا القضايا، فما الذي يمنع لولا تحولها إلى سياسة. يمكن لهذه الحركات أن تحصل على ميزة سياسية بالاتفاق مع الحكومة بخوض الانتخابات منفردة أو متحالفة مع قوى أخرى.
* هل هذه دعوة لهم للانضمام لأحزاب الحكومة أم ماذا؟
– الأنسب أن يبرموا اتفاق سلام من أجل شعبهم ولصالح أهلهم وأن يدخلوا في العملية السياسية مع أي طرف وأن يروا الواقع السياسي القادم.
* هل تقرر من سيكون له حق المشاركة في الاستفتاء 2011 لتقرير مصير الجنوب؟
– أهل الجنوب والمقيمون في الشمال من الجنوبيين بعد 1956.
* وكيف سيتم تمييز من هو الجنوبي من غيره من السودانيين عموما؟ وكيف ستفصلون وتتأكدون من موعد الإقامة بالشمال في ظل ما نعلمه من ضعف وسائل التوثيق بالبلاد؟! – هل من الصعب ذلك؟!!.. الجنوبي مميز ولا يمكن الاختلاف عليه. وسيتم استخدام وثائق يمكن الاتفاق عليها؛ إما بشهادات محلية أو شهادات سكن أو شهادة الجيران أو أي دليل آخر مما يتوفر. إن المسألة ليس بالعسيرة.
* لقد حكمتم 21 عاما فلماذا ترغبون في الاستمرار.. ما الذي يمكن أن تقدموه؟
– حرصا على استمرار منهج أول أساسياته استقلال البلاد واستقلال قرارها وعدم تبعيتها لأي كان واستقلال مواردها. منهجنا الأساسي الحفاظ على المواطن وعيشه الكريم وفق ما يرتضيه على منهج مستقيم. لدينا خصوصية التوجه الإسلامي. لا نفرضها على أحد لكننا نعتقد أنها الأنسب لشعب غالبيته مسلم من دون إجبار. وحسب التوافق الوطني فالأغلبية لها حق. وحماية هذا الحق يقتضي أن نحافظ على استقرار البلاد وللمواطن الحق في تقرير حياته. لا تزال هناك قضايا وخدمات لتوفير مزيد من الصحة والعلاج والتعليم وتوفير إمكانات يمكن أن تساعد الإنسان على حياة أفضل. الكثير أيضا مطلوب للإفادة من موارد البلاد معدنيا وزراعيا، والكثير مطلوب من أجل التعاون إقليميا وفي كل المحيطات الإسلامية والأفريقية، والكثير مطلوب للحصول عبر منهج الاستقلال على حقوقنا وحقوق المستضعفين في العالم الثالث في مواقع مهمة في الأمم المتحدة، وإصلاح مؤسساتها لصالح مجاميع من سكان العالم ممنوعين الآن من أن يكون لهم دور. نريد أن نتعاون مع كل الخيرين دوليا..
* لماذا أنتم بالذات، هذه الأعمال يمكن أن تقوم بها قوى جديدة وبأسلوب مختلف، فلماذا لا تتيحون لها فرصة؟
– يمكن لأي مجموعة من الناس أن تقول المبادئ ذاتها ولأي حزب أن يتبنى المبادئ ذاتها، لكننا نعلم أن هذه المبادئ تحتاج إلى جلد وعزيمة وصراحة مع المواطن، ونعتقد أن المؤتمر الوطني وقيادته التي قامت على الإنقاذ هي الأجدر بأن تكون قيمة على هذه الأهداف دون غيرها. إن العزائم هي التي تقود الشعوب إلى مصالحها وليس الانزواء خلف الأهواء والرضا بالقليل المتاح لأن القليل المتاح مع المتغيرات لن يكون متاحا.
أما عن فرص التغيير والتجديد، فإن القيادات التي تم ترشيحها لم يكن لها ظهور في الفترة الماضية. ثانيا وفي تقديري أن استمرارية المناهج هو استمرار لمنهج الاستقلال والمحافظة على عزة البلاد وشعبها الذي قام عليه الإنقاذ.
* ماذا عن الاعتقاد السائد أن ابتعاد الرئيس البشير هو الحل الذي سينقذ السودان ويخرجه من دوائر الاتهامات الدولية والمقاطعات؟
– إذا كانت المحكمة الدولية لن ترتاح إلا بعدم ترشيح الرئيس البشير أو سقوطه فمرحبا بكل ما يمكن أن يترتب على ذلك لكونها اتهامات جائرة وباطلة اعترفت ببطلانها جهات وقانونيون من داخل دوائر المحكمة نفسها.
* سؤال أخير؛ ما تفسيركم لحالة الكراهية والبغض لحزبكم ولحكمكم داخليا ودوليا على الرغم مما تفضلتم بشرحه مما ترونه مزايا تتميزون بها؟ – هناك شيء من الحسد ومن الغيرة وإحساس الآخرين بالفشل. أضف إلى ذلك التغذية المستمرة لمنظمات ودول ومجموعات ضد توجهنا. ولعدم قبول دول تقوم على مبدأ الهيمنة لأي مجموعة تدعو للاستقلال والتحررية خاصة الخالية من اليسارية. في تقديرنا كل هذا يمكن أن يجلب العداء. ولا يهمنا ذلك طالما كانت النية خالصة لله سبحانه وتعالى. وما دام أن الشعب السوداني مؤمن بأن هذه المجموعة تقوده لمصلحة السودان فلن تهمنا هذه الكراهية التي تجد ترويجا.
الشرق الأوسط