هل توفرالان كل عوامل الثوره لكي يثور الشعب السوداني؟
بقلم :محمد داؤد [email protected]
افصح لعزمك مبتغاه وادهض اباطيل الطغاه
دع دورك في دورك واخرج من الطاعه في ساعة الغضب
قل ما تشأ كن ما تقل
الدوله هي عبارة عن مؤسسات وفقا لاخر تعريف في قاموس السياسه العالميه اي ان المؤسسات هي التي تشكل الدوله وليس الشعب والارض وحكومه فقط كما يراها جماعات الاسلام السياسي ‘ واذا نظرنا الي الدوله السودانيه نجدها فانه لايوجد فيها مؤسسات حقيقيه نسبة لتداخل السلطات فيما بينها حتي اصبح واحد منا لا يستطيع التمييز بين المؤسسه والاشخاص الذين يقومون بادارة شؤون المؤسسه ‘ وهذا التشابك ادي الي عدم وجود مؤسسات حقيقيه تشبه مؤسسا الدوله الحديثه وهذا الخلط بين المؤسسات والاشخاص مقصود من قبل حكومة المركز حتي يسطيع الاسخاص الذين يديرون تلك المؤسسات من خدمه اغراضهم الشخصيه واغرض المركز حتي اصبح واحد مننا لايستطيع التفريق بين مؤسسات الدوله ومؤسسات المؤتمر الوطني مما ادي انتشار الفساد الاداري والمالي والمحسوبيه .
وبما ان الثوره هي اعلي درجات الوعي والاحساس بالوجود والمصير الذي يدفع الانسان للخروج عن المألوف عنه للبحث عن حلول للمشاكل التي يتعرض لها في حياته السياسيه والاجتماعيه والثقافيه ‘ سوي كان ذلك الثوره سلميه اوعسكريه فانه من الضروري بان يصاحبه الوعي بالوجود والمصير ‘ حتي لو استطاع تغيير النظام الذي ثار ضده فانه لا يمكن ان يحافظ علي هذا النظام الجديد بدون الوعي ‘ اما اذا غاب عن الثورة الوعي بالوجود والمصير فانه لايمكن بان نسميته بالثوره باي شكل من الاشكال ؛ بل فانه يمكن تسميته باحتجاج او اهتياج تزول مع زوال السبب الذي احتج الناس من اجله ولا يؤدي الي تغيير حقيقي في النظام السائد سوي تغيير الاشخاص الموجودين علي راس النظام ‘ لذا اري ما يحدث الان في اقليم دارفور من قبل ما يدعون بثوار ما هي احتجاج علي وضع معين اي ليس من اجندتها تغيير النظام بل الحصول علي مخصصات ماليه ومناسب في المركز ‘ وهذا يتبن من خلال الاتفاقيات الهزيله التي وقعت ما بين مايدعون بانهم ثوار وحكومة المركز (المؤتمر الوطني ) ابتداءا من اتفاقيه ابوجا الي اخر اتفاقيه وقعت في يوليو الماضي في العاصمه القطريه الدوحه ‘ وهذا الاتفاقيات الهزيله تمثل حجر عثره امام الثوره لانه تضعف المقاومه مع المركز الذي لا يتاثر باي صراع يدور في اطرافه .
ان عملية التغيير يحتاج الي جهد فكري وسياسي وثقافي عميق ‘ لان مصطلح التغيير ضد الثابت لذا يجب تكسير كل الثوابت الذي بناها المركز ويعتبرها ثوابت وطنيه ؛ بحيث يكون لا ثابت الاالمتغير ‘ بما ان هذا التكسير يشمل كل المؤسسات الايدولوجيه الذي بناها المركزعبر التاريخ فان هذا يحتاج الي فكر سياسي عقلاني قادر علي استيعاب كل مكونات المجتمع السوداني دون النظر الي اديانهم واعراقهم وثقافاتهم ‘ بل جعل المواطنه هي اساس للحقوق والواجبات وليس القبيلة او الدين الذي جعلها المركز هي اساس الموطنة في الدوله السودانيه ‘ لذا اري ان فكرة السودان الجديد قادر علي استيعاب كل هذه التقاطعات الاجتماعيه والثقافيه ‘ ولكن هذه الفكره يواجه بعض التحديات جراء ما تقوم بها المركز من تشوييه للفكره لان قيام الدوله علي هذا الاساس يمثل تهديدا لمصالح المركز الايدولوجيه ؛ لذا يقوم المركز بتشويه للفكره عن طريق شحن بعض صفات المركز في الفكره عن طريق اجهزة التجهيل الذي اغتصبها من الدوله ‘ وهذا ايضا يمثل تحدي امام قيام الثوره بمعناه الحقيقي .
الاحزاب السياسيه في السودان تاريخا ارتبطت بالطائفيه والافكار السياسيه التي تجاوزعنها الزمن الذي لا يمكن تطبيقه في المجتمع السوداني ‘ بما ان هذا الاتجاهين هما دعامتين رئيسيتين للمركز الاسلامو عروبي فيما يتعلق في كيفيه ادارة الدوله وتوجهها الايدولوجي ؛ لذا فان هذين الاتجاهين سوف يعارض اي ثوره يقوم بها قوي الهامش علي اساس الوعي ؛ لان هذه الثوره سوف تهدد وجودهم السياسي والطائفي ‘ خاصة الاحزاب الطائفيه لانها ليس لها اي فكر سياسي بل يعتمدون علي المريدين والاتباع وليس لهم اي بزنامج سياسي محدد ، لذا فان اي ثوره يقوم بها قوي الهامش يمثل تهديدا لهم ولمصالحهم الايدولجيه والدليل علي ذلك مشاركة الحزب الاتحادي الديموقراطي الاصل وحزب الامه القومي عبر نجلي السيدين كمستشاري لعمر البشير ‘ هنا يتضح لنا الصراع طبيعة الصراع في السوادن من خلا توحد اهل المركز ضد قوي الهامش في بوابة القصر الجمهوري ،لذا فان وعي تلك الاتباع والمريدين من خلال الثوره يعني خروجهم من طاعة السيد الذي يملك الحق الهي في شؤونهم الحياتيه ‘ علي ذلك يحرص السيدين كل الحرص بان لا يقوم ثوره يقودها ابناء الهامش السوداني ‘ وهذا الجانب ايضا يمثل تحدي اخر في قيام الثوره الحقيقيه في السودان .
الثوره السودانيه لابد تقدم برناماجا يقوم علي دراسه واقعيه للواقع السوداني مستلهما تراثه وللفكر الانساني مهتديا بتجاربه ومنجزاته المعرفيه الامرالذي يستوجب مساهمة كافة المواطنين الشرفاء بجهدهم وفكرهم الوطني لتحقيق هذا البرنامج الذي يقوم علي مبادئ الحريه والعدل والسلام ومن ثم التقدم بثبات للحاق بركب الشعوب المتقدمه (ثورة السودانيه) .
بناءا عليه فان اي مواطن سوداني ينبغي بان يشارك في هذه الثوره القادمه من اجل كرامته ومن ثم الكرامه الانسانيه للشعب السوداني وبالتالي المساهمه في بناء مجتمع معافي خالي من الامراض الاجتماعيه والسياسيه والاقتصاديه لتاسيس دوله المؤسسات الذي يسوده قيم الديموقراطيه والحكم الراشد واحترام حقوق الانسان .